حديث: اتخذ رسول الله ﷺ عمودًا في مصلاه يعتمد عليه لما أسَنَّ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الرجل يعتمد على عمود وغيره في الصلاة

عن هلال بن يساف، قال: قدمتُ الرقة، فقال لي بعضُ أصحابي: هل لك في رجل من أصحاب النبي ﷺ؟ قال: قلت: غنيمة. فدفعنا إلى وابصة. قلت لصاحبي: نبدأ فننظر إلى دلِّه، فإذا عليه قلنسوة لاطئة ذات أذنين، وبرنس خز أغبر، وإذا هو معتمد على عصا في صلاته. فقلنا بعد أن سلمنا. فقال: حدثتني أم قيس بنت محصن: «أن رسول الله ﷺ لما أسَنَّ وحمل اللَّحم، اتخذ عمودًا في مصلاه يعتمد عليه».

حسن: رواه أبو داود (٩٤٨) عن عبد السلام بن عبد الرحمن الوابصي، حدثنا أبي، عن شيبان، عن حصين بن عبد الرحمن، عن هلال بن يساف، فذكره.

عن هلال بن يساف، قال: قدمتُ الرقة، فقال لي بعضُ أصحابي: هل لك في رجل من أصحاب النبي ﷺ؟ قال: قلت: غنيمة. فدفعنا إلى وابصة. قلت لصاحبي: نبدأ فننظر إلى دلِّه، فإذا عليه قلنسوة لاطئة ذات أذنين، وبرنس خز أغبر، وإذا هو معتمد على عصا في صلاته. فقلنا بعد أن سلمنا. فقال: حدثتني أم قيس بنت محصن: «أن رسول الله ﷺ لما أسَنَّ وحمل اللَّحم، اتخذ عمودًا في مصلاه يعتمد عليه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث شريف رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وغيرهم، وفيه وصف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في آخر عمره الشريف. وإليك الشرح المفصل:

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● الرَّقَّة: مدينة على نهر الفرات في بلاد الشام.
● غَنيمَة: كلمة تعبر عن الفرح بالشيء والاستبشار به، كقولك: هذه صيدية ثمينة.
● وَدَلِّه: دَلُّه بفتح الدال وتشديد اللام، أي هيئته وحاله وشكله.
● قَلَنْسُوَة لَاطِئَة: طاقية منخفضة غير مرتفعة.
● ذَاتُ أُذُنَيْن: لها طرفان يغطيان الأذنين أو تتدليان عندهما.
● بُرْنُس: رداء له غطاء للرأس (كالقباء أو العباءة ذات قلنسوة).
● خَزٍّ: نوع فاخر من الثياب مصنوع من صوف المعز.
● أَغْبَر: لونه مغبر من كثرة لبسه وطول استخدامه، دليل على الزهد.
● أُسِنَّ: كَبِرَ في السن وضعف جسده صلى الله عليه وسلم.
● حُمِّلَ اللَّحْم: ثقل وزنه وظهر عليه اللحم؛ إما لكراهيته الشديدة للهزال، أو بسبب المرض الذي كان يظهر عليه أحياناً.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر الراوي (هلال بن يساف) أنه قدم مدينة الرقة، فدله أحد أصحابه على وجود صحابي جليل هناك هو وابصة بن معبد رضي الله عنه، ففرح بذلك فرحاً شديداً وذهبوا إليه.
فلما وصلوا، نظر الراوي إلى هيئة هذا الصحابي المتقدم في السن، فوجده يلبس لباساً متواضعاً (قلنسوة منخفضة وبرنساً خزياً قديماً)، وهو في صلاته يعتمد على عصا لضعفه وكبر سنه.
وبعد أن انتهى من صلاته وسلموا عليه، حدثهم هذا الصحابي الجليل (وابصة) بأن أم قيس بنت محصن (وهي صحابية أيضاً) أخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم في آخر عمره، عندما كبر وضعف جسده وثقل وزنه، كان يتخذ عموداً في مصلاه (مكان صلاته) ليعتمد عليه أثناء قيامه في الصلاة، تخفيفاً عن نفسه وتيسيراً للعبادة.

ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:


1- جواز الاعتماد على عصا أو عمود في الصلاة للعاجز والكبير: الحديث دليل واضح على مشروعية الاعتماد على شيء أثناء القيام في الصلاة لمن يعجز عن القيام بشكل كامل due to sickness, old age, or extreme weakness. وهذا من رحمة الإسلام ويسره، وأن الدين ليس فيه حرج. وهذا الاعتماد لا يبطل الصلاة.
2- التيسير ورفع الحرج في العبادة: الشريعة الإسلامية جاءت بما يُطاق ولا تكلف النفس فوق طاقتها. فمن عجز عن القيام في الفريضة صلى جالساً، ومن عجز عن القيام ولكن يمكنه ذلك بالاعتماد على شيء جاز له ذلك تكملة لأجر القيام.
3- تواضع الصحابة وزهدهم رضي الله عنهم: في وصف هيئة الصحابي (وابصة) دليل على ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الزهد في الدنيا ولبس المتواضع من الثياب، وعدم الاهتمام بالمظاهر، حتى أن البرنس الفاخر (الخز) كان قديماً مغبراً من طول لبسه.
4- حرص السلف على لقاء الصحابة والأخذ عنهم: فرح الراوي بلقاء الصحابي يدل على حرص التابعين وأهل العلم على التلقي من مصادر التشريع الأصلية (الصحابة)، وسؤالهم عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في كل كبيرة وصغيرة.
5- وصف هيئة النبي صلى الله عليه وسلم: الحديث يصف جانباً من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم الجسمية في أواخر عمره، مما يدل على بشرية النبي وأنه يمر بما يمر به البشر من ضعف وكبر سن، وهذا لا ينقص من قدره بل هو من دلائل نبوته وصدقه.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


● الراوي الأصلي للحديث: هو أم قيس بنت محصن الأسدية رضي الله عنها، صحابية، وهي أخت عكاشة بن محصن، وهاجرت إلى الحبشة ثم إلى المدينة.
● الراوي عنه: الصحابي وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، وهو الذي نقل الحديث عنها.
● حكم الحديث: حديث صحيح، صححه عدد من الأئمة منهم الألباني في "صحيح أبي داود".
● الفقه المعاصر: يستدل بهذا الحديث العلماء على جواز الاعتماد على جدار أو عصا في الصلاة لمن يشق عليه القيام منفرداً، ككبير السن أو المريض، بل إنه من السنة في حقه ذلك ليتيسر عليه أداء الصلاة بخشوع واستقرار.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، ويعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٩٤٨) عن عبد السلام بن عبد الرحمن الوابصي، حدثنا أبي، عن شيبان، عن حصين بن عبد الرحمن، عن هلال بن يساف، فذكره.
ورواه الحاكم (١/ ٢٦٤، ٢٦٥) من وجه آخر عن شيبان بن عبد الرحمن بإسناده. وقال: «صحيح على شرط الشيخين غير أنهما لم يخرجا لوابصة بن معبد لفساد الطريق إليه».
قال الأعظمي: عبد السلام بن عبد الرحمن الوابصي لم يوثقه غير ابن حبان؛ ولذا قال الحافظ في «التقريب»: «مقبول» أي عند المتابعة، وهو كذلك.
وأبوه عبد الرحمن وهو ابن صخر بن عبد الرحمن بن وابصة الرقي «مجهول» كما في «التقريب». وإليه يشير الحاكم في قوله: «لم يخرجا لوابصة بن معبد لفساد الطريق إليه». ولكن أخرجه هو من وجه آخر متابعًا لهما، وبهذا حسن إسناد هذا الحديث.
وفي الحديث دليل للمريض أو من ثقل جسمه من كثرة لحمه ويخشى من السقوط إذا قام جاز له أن يعتمد على عصا أو على حائط، أو على أي شيء يقيه من السقوط.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1218 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اتخذ رسول الله ﷺ عمودًا في مصلاه يعتمد عليه لما أسَنَّ

  • 📜 حديث: اتخذ رسول الله ﷺ عمودًا في مصلاه يعتمد عليه لما أسَنَّ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: اتخذ رسول الله ﷺ عمودًا في مصلاه يعتمد عليه لما أسَنَّ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: اتخذ رسول الله ﷺ عمودًا في مصلاه يعتمد عليه لما أسَنَّ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: اتخذ رسول الله ﷺ عمودًا في مصلاه يعتمد عليه لما أسَنَّ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب