من توطن المسجد للصلاة والذكر تبشبش الله له

حديث: من توطن المسجد للصلاة والذكر تبشبش الله له

عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «ما توطَّنَ رجل مسلم المساجد للصلاة والذكر، إلا تبشبش الله له كما يتبشبش أهل الغائب بغائبِهم إذا قدم عليهم».

صحيح: رواه ابن ماجه (٨٠٠) قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يفتح علينا أبواب فهم سنن نبيه ﷺ. هذا حديث عظيم في فضل الملازمة للمساجد وانتظار الصلاة، وسأشرحه لك على النحو التالي:
### أولاً. تخريج الحديث ومصدره
هذا الحديث رواه الإمام ابن ماجه في سننه، والإمام أحمد في مسنده، وغيرهم. وهو حديث صحيح بشواهده، وحسنه عدد من أهل العلم.
### ثانياً. شرح المفردات
● تَوَطَّنَ: التَّوطُّن يعني الإقامة والاستقرار والملازمة. وأصله من "الوطن" وهو مكان إقامة الإنسان. فمعنى "توطن المساجد" أي جعلها مكان إقامته ودوامه، وملازمتها، وانتظار الصلاة فيها.
● المساجد: جمع مسجد، وهو مكان السجود والعبادة.
● لِلصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ: أي لأداء الصلوات المفروضة، وللنوافل، ولذكر الله تعالى من تسبيح وتهليل وتكبير وتلاوة للقرآن.
● تَبَشْبَشَ: البَشَاشَة والبِشْر هما طلاقة الوجه والسرور. و"تبشبش" صيغة مبالغة تدل على شدة الفرح والسرور والابتهاج.
● أَهْلُ الْغَائِبِ: أي أهل الشخص المسافر الغائب عنهم.
● بِغَائِبِهِمْ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ: أي بالشخص نفسه عندما يعود من سفره ويقدم عليهم، فيستقبلونه بوجه طلق وفرح شديد.
### ثالثاً. المعنى الإجمالي للحديث
يخبرنا النبي ﷺ أن الرجل المسلم إذا جعل المساجد مكاناً له يقيم فيه، يتردد عليه باستمرار لأداء الصلوات وذكر الله، فإن الله تعالى يفرح بعبده هذا فرحاً شديداً، يشبه فرح أهل الغائب (المسافر) عندما يعود إليهم سالماً، فيستقبلونه بوجوه مشرقة وقلوب مليئة بالبهجة والسرور.
### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- عظم فضل ملازمة المساجد وانتظار الصلاة: الحديث يظهر المكانة العظيمة لمن يجعل المسجد مركزاً لحياته، يترقب أوقات الصلاة ويشتاق إليها.
2- وصول العبد إلى درجة المحبة عند الله: فرح الله تعالى بعبده هو أعلى درجات القرب والمحبة، وهو تشبيه لتفهيمنا عظم هذه المنزلة، مع العلم أن فرح الله لا يشبه فرح المخلوقين.
3- بيان رحمة الله ولطفه بعباده: أن الله يكرم عباده القليل من طاعتهم بإحسانه الجزيل، ويقابل عملهم الضعيف بقبوله وفرحه، مما يدل على سعة فضله وكرمه.
4- الحث على الإكثار من ذكر الله في المساجد: لم يقتصر الحديث على الصلاة فقط، بل عمّ الذكر، مما يشمل كل قربى يتقرب بها العبد إلى ربه في بيته.
5- تشبيه المعنوي بالمحسوس: شبه النبي ﷺ فرح الله بعبده بفرح أهل الغائب بقادمهم ليقرب المعنى إلى أذهاننا، فكما أنهم يفرحون فرحاً عظيماً بقدوم من يحبون، فالله أفرح بعبده التائب القانت.

خامساً:

معلومات إضافية مفيدة
● منزلة انتظار الصلاة: يعد انتظار الصلاة في المسجد من العبادات العظيمة، وقد قال النبي ﷺ: «لا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا دَامَ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ».
● الترغيب في الجلوس في المسجد: ليس المقصود التخلي عن مسؤوليات الحياة، ولكن المقصود استغلال الأوقات التي يمكن فيها الجلوس في المسجد للذكر وانتظار الصلاة، كبعد صلاة الفجر، أو قبل صلاة المغرب، وغيرها.
● هذا الفرح من الله تعالى: هو صفة من صفات الله الثابتة له كما يليق بجلاله، لا تشبه فرح المخلوقين، فهو فرح حقيقي لكنه لا يماثل فرح البشر.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل المساجد، ومن الذين يفرحون ربهم بطاعتهم، وأن يتقبل منا صالح الأعمال.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجه (٨٠٠) قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة فذكره. وإسناده صحيح.
وصحَّح إسناده البوصيري في الزوائد.
وصحّحه أيضًا ابن خزيمة (١٥٠٣)، وابن حبان (١٦٠٧)، والحاكم (١/ ٢١٣) وقال: صحيح على شرط الشيخين، رووه جميعًا من طريق ابن أبي ذئب به مثله.
وخالفه الليث بن سعد، فقال حدثني سعيد المقبري، عن أبي عبيدة، عن سعيد بن يسار أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسولُ الله ﷺ: «لا يتوضأ أحد فيحسن وضوءه، ويُسْبِغه، ثم يأتي المسجد لا يريد إلا الصلاة فيه إلا تبشبش الله به كما يتبشبش أهل الغائب بطلعته».
رواه الإمام أحمد (٨٠٦٥) عن هاشم، وابن خزيمة (١٤٩١) عن شعيب، كلاهما عن الليث به مثله. فإن أبا عبيدة مجهول وقد جهّله الدارقطني وغيره، إلا أن الإسناد ثابت بِدُونِه كما تقدم.
وأقام هذا الإسناد الحارث بن أبي أسامة «بغية الباحث» (١٢٨) فقال: حدثنا أبو النضر، ثنا الليث (وهو ابن سعد) حدثني المقبري، عن سعيد بن يسار أنه سمع أبا هريرة يقول؛ فذكر الحديث مثله، فرجع الإسناد إلى المقبري، عن سعيد بدون واسطة أبي عبيدة.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 12 من أصل 126 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من توطن المسجد للصلاة والذكر تبشبش الله له

📜 حديث: من توطن المسجد للصلاة والذكر تبشبش الله له

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من توطن المسجد للصلاة والذكر تبشبش الله له

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من توطن المسجد للصلاة والذكر تبشبش الله له

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من توطن المسجد للصلاة والذكر تبشبش الله له

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية