حديث: «ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار»

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في بناء مسجد رسول الله ﷺ-

عن عكرمة قال: قال لي ابن عباس ولابنه علي: انطلِقا إلى أبي سعيد فاسمعا من حديثه. فانطلقنا فإذا هو في حائط يُصْلِحه، فأخذ رداءه فاحتبي. ثم أنشأ يُحدثنا حتى أتي على ذكر بناء المسجد فقال: كنا نحمل لَبِنَةً لَبِنَةً وعمارٌ لَبِنَتَين بين فرآه النبي ﷺ فينفُضُ الترابُ عنه. ويقول: «ويحَ عمارٍ تقتلُه الفِئةُ البَاغيةُ يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار». قال: يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن.

صحيح: رواه البخاري في الصلاة (٤٤٧) عن مسدد، عن عبد العزيز بن مختار قال: حدثنا خالد الحذاء، عن عكرمة فذكر مثله، ورواه أيضًا في الجهاد والسير (٢٨١٢)، عن إبراهيم بن موسى، أخبرنا عبد الوهاب، حدثنا خالد به وفيه: «وكان مسح عن رأسه الغُبار، وقال: ويح عمار
تقتلُه الفئة الباغِية، عمار يدعوهم إلى الله، ويدعونه إلى النار».

عن عكرمة قال: قال لي ابن عباس ولابنه علي: انطلِقا إلى أبي سعيد فاسمعا من حديثه. فانطلقنا فإذا هو في حائط يُصْلِحه، فأخذ رداءه فاحتبي. ثم أنشأ يُحدثنا حتى أتي على ذكر بناء المسجد فقال: كنا نحمل لَبِنَةً لَبِنَةً وعمارٌ لَبِنَتَين بين فرآه النبي ﷺ فينفُضُ الترابُ عنه. ويقول: «ويحَ عمارٍ تقتلُه الفِئةُ البَاغيةُ يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار». قال: يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا مستندًا إلى كلام أهل العلم المعتمدين لدى أهل السنة والجماعة، مع بيان مفرداته ودروسه المستفادة.

الحديث:


عن عكرمة قال: قال لي ابن عباس ولابنه علي: انطلِقا إلى أبي سعيد فاسمعا من حديثه. فانطلقنا فإذا هو في حائط يُصْلِحه، فأخذ رداءه فاحتبي. ثم أنشأ يُحدثنا حتى أتي على ذكر بناء المسجد فقال: كنا نحمل لَبِنَةً لَبِنَةً وعمارٌ لَبِنَتَين بين فرآه النبي ﷺ فينفُضُ الترابُ عنه. ويقول: «ويحَ عمارٍ تقتلُه الفِئةُ البَاغيةُ يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار». قال: يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن.


1. شرح المفردات:


● حائط: بستان أو حديقة من النخيل أو الأشجار.
● يُصْلِحه: يقوم بإصلاحه أو العناية به.
● فاحتبي: جلس على أليتيه ورفع ركبتيه ولف رداءه حوله، وهي هيئة الجلوس للاستراحة أو الاستعداد للحديث.
● لَبِنَةً: قالب من الطين المُجَفَّف يستخدم في البناء.
● ينفُضُ التراب عنه: يمسح التراب عن جسده برفقٍ وعناية.
● ويح عمار: كلمة تفيد التحسر والشفقة، كأن يقال: ويلٌ له أو حزنه.
● الفئة الباغية: الجماعة الظالمة المعتدية التي تخرج على الحق وتتجبر.
● يدعوهم إلى الجنة: أي يدعوهم إلى طريق الحق والطاعة الذي يؤدي إلى الجنة.
● ويدعونه إلى النار: أي يدعونه إلى الباطل والضلال الذي يؤدي إلى النار.
● أعوذ بالله من الفتن: أستجير بالله وأتحصن به من الفتن والشرور.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يبدأ الحديث بقصة روائية حيث يطلب ابن عباس -رضي الله عنهما- من تلميذه عكرمة وابنه علي أن يذهبا إلى أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- ليسمعا منه الحديث. فيجداه في بستان يصلحه، فيجلس ويبدأ يحدثهما حتى وصل إلى ذكر قصة بناء المسجد النبوي.
فيذكر أبو سعيد أن الصحابة كانوا ينقلون اللبن لبنةً لبنةً في بناء المسجد، أما عمار بن ياسر -رضي الله عنه- فكان ينقل لبنتين لبنتين، مما يدل على غيرته وإيمانه وقوة تحمله. فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم ينفض التراب عنه برفقٍ ويحنو عليه، قال مقولته المشهورة التي تُنبئ بمستقبل عمار، وهي أنه سيقتله فئة باغية (ظالمة معتدية) وهو يدعوهم إلى الجنة بالحق والعدل، وهم يدعونه إلى النار بالباطل والعدوان. فكان رد عمار أن استعاذ بالله من الفتن.


3. الدروس المستفادة من الحديث:


1- فضل عمار بن ياسر: الحديث يظهر فضل عمار -رضي الله عنه- وغيره من الصحابة في خدمة الإسلام وبناء المساجد، مما يدل على صدق إيمانهم وعملهم الصالح.
2- الصبر على الطاعة والاجتهاد في العمل: اجتهاد عمار في حمل لبنتين يدل على غيرته وحبه للعمل الصالح، وهو درس في الاجتهاد في الخير والإيثار.
3- العناية النبوية بأصحابه: حرص النبي صلى الله عليه وسلم على صحابته وشفقته عليهم، كما في نفضه التراب عن عمار ودعائه له.
4- العلامات النبوية والغيبيات: الحديث من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم حيث أخبر عن حادثة ستقع في المستقبل، وقد تحققت بمقتل عمار -رضي الله عنه- في معركة صفين على يد جيش معاوية -رضي الله عنه-، وكان عمار في جيش الإمام علي -رضي الله عنه- الداعي إلى الحق.
5- التحذير من الفتن والاستعاذة منها: استعاذة عمار بالله من الفتن تذكرنا بخطورة الفتن والحروب الأهلية، وأن الواجب على المسلم أن يلجأ إلى الله ويحذر من الوقوع فيها.
6- التمسك بالحق وعدم الانحراف: الحديث يوضح أن الفئة الباغية هي التي تدعو إلى الباطل، وأن المسلم يجب أن يكون مع الحق حتى لو كلفه ذلك حياته.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهو من الأحاديث الصحيحة.
- قتل عمار -رضي الله عنه- في معركة صفين سنة 37 هـ، وكان عمره آنذاك ثلاثًا وتسعين سنة، مما يدل على تحقق نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم.
- العلماء يستدلون بهذا الحديث على أن معاوية ومن معه لم يكونوا على الحق المطلق في تلك الحرب، بل كانت فئة باغية خرجت على الإمام الشرعي آنذاك وهو علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-.
- الحديث يدعو إلى الوحدة واجتناب الفتن، والتمسك بالسنة والجماعة، وعدم الخروج على الحكام المسلمين إلا بالضوابط الشرعية.

أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يحفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الصلاة (٤٤٧) عن مسدد، عن عبد العزيز بن مختار قال: حدثنا خالد الحذاء، عن عكرمة فذكر مثله، ورواه أيضًا في الجهاد والسير (٢٨١٢)، عن إبراهيم بن موسى، أخبرنا عبد الوهاب، حدثنا خالد به وفيه: «وكان مسح عن رأسه الغُبار، وقال: ويح عمار
تقتلُه الفئة الباغِية، عمار يدعوهم إلى الله، ويدعونه إلى النار».
ولكن رواه مسلم في الفتن (٢٩١٥) من وجه آخر عن أبي نضرة، يحدث عن أبي سعيد الخدري وفيه قال لعمار، حين جعل يحفِر الخندق، وجعل يمسح رأسه ويقول: «بُؤْسَ ابنِ سُميةَ تقتلك فئةٌ باغيةٌ».
فجعل البيهقي في «الدلائل» (٢/ ٥٤٩) ذكر الخندق في رواية أبي نضرة وهما، أو كان قالها عند بناء المسجد، وقالها يوم الخندق.
قال الأعظمي: يأتي تفصيل ذلك في كتاب فضائل الصحابة، ولا يمنع أن يكون القول الثاني هو الصحيح فقد ثبت عن عدد من الصّحابة أنه قاله أيضًا يوم الخندق.
والمستشهد هنا وهو التعاون على بناء مسجد رسول الله ﷺ. فكان عمار رضي الله عنه ممن ضعَّف جهدَه في بناء مسجد رسول الله ﷺ فكان ينقل لَبِنتين لَبِنتين. وغيره كان ينتقل لبنةً لبنةً.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 33 من أصل 126 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: «ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار»

  • 📜 حديث: «ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار»

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: «ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار»

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: «ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار»

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: «ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار»

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب