حديث: من هو الرقوب الذي لا ولد له
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب فيمن لم يُقدِّم فَرَطًا
حسن: رواه البزار (٨٦٠ - كشف الأستار) عن إبراهيم بن المستمر العروفي، ثنا يعقوب بن إسحاق، ثنا همام، عن قتادة، عن أنس، فذكر مثله.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الشريف:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «مَا تَعُدُّونَ الرَّقُوبَ فِيكُمْ؟». قَالُوا: الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ. قَالَ: «بَلْ، هُوَ الَّذِي لَا فَرْطَ لَهُ».
(رواه الإمام أحمد في مسنده، وصححه الألباني)
1. شرح المفردات:
* تَعُدُّونَ: (بفتح التاء وضم العين) أي: ما تعرفون، أو ما تحسبون، أو ما تقولون في تعريفه.
* الرَّقُوب: (بفتح الراء والقاف) هو لقب يطلق على الشخص الذي يُوصف بصفة معينة، وكانوا في الجاهلية يطلقونه على من لا أولاد له.
* فَرْطَ: (بفتح الفاء وسكون الراء) له معنيان رئيسيان مترابطان:
* السَّبْق: أي الذي يسبقك إلى الجنة، ويمهد لك الطريق.
* الوَدِيعة: أي الولد الصالح الذي تموته قبلَك، فيكون قد سبقك إلى الجنة، فيكون شفيعاً لأبويه يوم القيامة، ويكون لهم أجر الصبر واحتساب الأجر عند الله.
2. شرح الحديث:
يصور لنا هذا الحديث المشهد التربوي الرائع الذي كان يقوم به النبي ﷺ، حيث يوجه سؤالاً لأصحابه ليفتح أذهانهم ويصحح مفهوماً خاطئاً.
* السؤال التوجيهي: سألهم النبي ﷺ: «مَا تَعُدُّونَ الرَّقُوبَ فِيكُمْ؟» أي: من هو الشخص الذي تسمونه "رقوباً" بينكم وتعتبرونه محروماً؟
* الجواب السائد: فأجاب الصحابة بناءً على المعروف والمفهوم السائد في الجاهلية وبعض الثقافات، وهو أن الرقوب هو الرجل الذي لم يرزق بأولاد أبداً، فهم يرون أن عدم وجود الأولاد حرمان من بركة الدنيا والعزوة.
* التصحيح النبوي: صحح النبي ﷺ هذا المفهوم المادي القاصر، ورفع أنظارهم إلى معنى أعلى وأجل، فقال: «بَلْ، هُوَ الَّذِي لَا فَرْطَ لَهُ». أي أن المحروم الحقيقي ليس هو من لا أولاد له، بل هو من له أولاد لكن لم يمت منهم أحد وهو صغير فيسبقونه إلى الجنة.
فالحرمان الحقيقي هو حرمان من هذا الفضل العظيم، وهو وجود "فرط" في الجنة ينتظر أبويه ويشفع لهما. فمن مات له ولد صغير فصبر واحتسب، فإن ذلك الولد سيكون سبباً في دخوله الجنة ورفعة درجاته.
3. الدروس المستفادة والعبر:
1- تصحيح المفاهيم: من أهم وظائف النبي ﷺ تصحيح المفاهيم الخاطئة وتربية الأمة على النظر إلى الأمور بمقياس الآخرة، لا بمقاييس الدنيا الزائلة. فما يراه الناس حرماناً قد يكون في الحقيقة خيراً وفضلاً عظيماً.
2- تغيير نظرة المجتمع للبلاء: يعلمنا الحديث أن فقدان الولد ليس نقمة محضة، بل هو ابتلاء وعطاء من الله في آن واحد. فهو ابتلاء في الصبر، وعطاء في الأجر والثواب، ووجود سابق إلى الجنة.
3- فضل من مات له ولد: الحديث بشرى عظيمة لكل من فقد ولداً صغيراً ولم يبلغ الحلم. فذلك الولد سيكون "فرطاً" لأبويه، أي سابقاً لهم إلى الجنة، وسيكون شفيعاً فيهما يوم القيامة بإذن الله. جاء في حديث آخر: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ سِقْطًا لَيَجُرُّ أُمَّهُ بِسَرَرِهِ إِلَى الْجَنَّةِ إِذَا احْتَسَبَتْهُ» (رواه ابن ماجة وهو حسن). والسَّرَر هو: الحبل الذي كان يصل الجنين بأمه.
4- التسليم لقضاء الله: يربي الحديث في نفوس المؤمنين التسليم لحكمة الله تعالى، فعدم الإنجاب قد يكون خيراً، ووجود الأولاد ثم فقدانهم قد يكون خيراً أيضاً إذا صبر الإنسان واحتسب الأجر عند الله.
5- الرحمة بالنبي ﷺ: الحديث يظهر مدى رحمة النبي ﷺ وحرصه على تخفيف المصائب على أمته وتبشيرهم بالخير والثواب في كل حال.
4. معلومات إضافية مفيدة:
* هذا الحديث من الأحاديث التي تُظهر الإعجاز التربوي للنبي ﷺ، حيث غير مفهومًا اجتماعيًا كاملاً بكلمات قليلة بليغة.
* يستفاد منه أيضاً أن الأولاد الصغار الذين يموتون هم من أهل الجنة، لأنهم ماتوا على الفطرة ولم يبلغوا سن التكليف.
* على المسلم الذي يصاب بمثل هذا المصاب أن يحتسب الأجر عند الله ويصبر، ولا يقول أو يفعل ما يغضب الله، فعظم الأجر على قدر عظم المصيبة.
* ليس معنى الحديث أن عدم وجود الأولاد مذموم، بل هو قضاء الله وقدره، والخير فيما اختاره الله، ولكن النبي ﷺ صحح مفهوم "الحرمان" فقط.
نسأل الله أن يرزقنا الفهم الصحيح والعمل الصالح، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
ورواه أبو يعلى (٤٤٦ - المقصد العلي) من وجه آخر عن رُشيد أبي عبد الله، ثنا ثابت، عن أنسٍ، فذكر نحوه.
ورشيد الزُّرْبري، مجهول كما قال الذهبي في «الميزان» (٢/ ٥١)، ولذا لم يُصحِّح الهيثمي هذا الإسناد؛ وإنَّما اكتفى بقوله كما ذكرتُ، وإن كان عزاه إلى أبي يعلى.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 23 من أصل 541 حديثاً له شرح
- 1 اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا وكذا
- 2 ثلاثة من الولد لا يمسهم النار
- 3 ثلاثة من الولد حجاب من النار
- 4 لا يموت لإحداكن ثلاثة من الولد فتحتسبه إلا دخلت الجنة
- 5 صغارهم دعاميص الجنة يتلقى أحدهم أباه
- 6 ادفنت ثلاثة احتظرت بحظار شديد من النار
- 7 من مات له ثلاثة من الولد أدخله الله الجنة
- 8 من احتسب ثلاثة من صلبه دخل الجنة
- 9 من أحب ولده فمات دخل الجنة
- 10 من صبر على مصيبته فله الجنة
- 11 ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث يغفر الله لوالديهم
- 12 من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث
- 13 جُنَّةٌ حَصينةٌ لمن أسلم
- 14 من أثكل ثلاثة من صلبه فاحتسبهم وجبت له الجنة
- 15 من مات له ثلاثة من الولد فاحتسبهم دخل الجنة
- 16 مَنْ يَمُوتُ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ دَخَلَ الْجَنَّةَ
- 17 ثلاثة من الولد ستر من النار
- 18 يقال للولدان يوم القيامة: ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم
- 19 إذا قبضت صفيَّه من أهل الدنيا ثم احتسبه فله الجنَّة
- 20 من كان له فرطان من أمتي أدخله الله بهما الجنة
- 21 ثلاثة أفراط حجاب من النار
- 22 الرقوب الذي لا فرط له
- 23 من هو الرقوب الذي لا ولد له
- 24 اتقي الله واصبري
- 25 من قال عند المصيبة إنا لله وإنا إليه راجعون أجرني...
- 26 إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان...
- 27 ما أحدٌ من الناس يُصاب ببلاءٍ في جسده إلَّا أمر...
- 28 العبد إذا كان على طريقة حسنة من العبادة ثم مرض
- 29 إذا ابتلي الله العبد المسلم ببلاء في جسده
- 30 ليس من عمل يوم إلا وهو يختم عليه
- 31 زيارة المريض تكفر السيئات وتُحط الخطايا
- 32 إذا ابتليت عبدي المؤمن فلم يشكني إلى عواده
- 33 مات الغلام وأبو طلحة خارج
- 34 الأشد بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل
- 35 ما من مسلم يصيبه أذى إلا كفر الله به سيئاته
- 36 أي الناس أشد بلاء الأنبياء ثم الصالحون
- 37 من أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الذين يلونهم
- 38 أشد الناس بلاء الأنبياء والصالحون
- 39 يضاعف لنا البلاء كما يضاعف لنا الأجر
- 40 المصائب تكفر الذنوب حتى الشوكة يشاكها المسلم
- 41 يا ابن آدم مرضت فلم تعدني
- 42 من يعمل سوءا يجز به
- 43 وصب المؤمن كفارة لخطاياه
- 44 البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله
- 45 الله يبتلي عبده بالسقم حتى يكفر عنه كل ذنب
- 46 بعث النبي الحمى إلى الأنصار فصبروا ستة أيام
- 47 لا تزال المليلة والصداع بالعبد والأمة
- 48 لا تسبي الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم
- 49 الحُمَّى تكون طَهورًا للمؤمن
- 50 من يمرض مرضًا إلا حط الله عنه من خطاياه
معلومات عن حديث: من هو الرقوب الذي لا ولد له
📜 حديث: من هو الرقوب الذي لا ولد له
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من هو الرقوب الذي لا ولد له
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من هو الرقوب الذي لا ولد له
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من هو الرقوب الذي لا ولد له
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








