حديث: من قال عند المصيبة إنا لله وإنا إليه راجعون أجرني فيها وأعقبني خيرًا
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما يُقال عند المصيبة
قالت أم سلمة: فلمَّا توفي أبو سلمة، قلتُ ذلك. ثمَّ قلت: ومن خير من أبي سلمة؟ . فأعقبها الله رسولَ الله ﷺ فتزوَّجها.
وفي رواية: «ما من مسلم تُصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله به: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلِف لي خيرًا منها، إلَّا خلف الله له خيرًا منها».
قالت: فلمَّا مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة؟ أوّل بيتٍ هاجر إلى رسول الله ﷺ، ثمَّ إنِّي قلتها، فأخلف الله لي رسولَ الله ﷺ.
قالت: أرسل إليَّ رسول الله ﷺ حاطب بن أبي بلتعة يخطبني له. فقلتُ: إنَّ لي بنتًا وأنا غيور. فقال: «أمَّا ابنتها؛ فندعو الله أن يُغنيها عنها، وأدعو الله أن يذهب بالغيرة».
صحيح: رواه مالك في الجنائز (٤٢) عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن أم سلمة زوج النبي ﷺ، فذكرته.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث الصبر والاحتساب عند المصائب، رواه الإمام مسلم في صحيحه وغيره، وفيه دروس وعبر عظيمة.
أولاً. شرح المفردات:
● مصيبة: كل ما يصيب الإنسان من ضرر في نفسه أو ماله أو أهله.
● أجرني في مصيبتي: أي عوضني عليها أجرًا وثوابًا.
● أعقبني خيرًا منها: أي ائتني بخير يعقب هذه المصيبة في الدنيا والآخرة.
● أخلف لي خيرًا منها: بمعنى أعطني بدلاً خيرًا مما فقدت.
ثانيًا. شرح الحديث:
يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المسلم إذا أصابته مصيبة، فصبر واحتسب، وقال ما أمره الله به من الاسترجاع (إنا لله وإنا إليه راجعون) ثم دعا بهذا الدعاء: "اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرًا منها"؛ فإن الله سيستجيب له، ويعطيه الأجر على مصيبته، ويخلف عليه خيرًا مما فقده في الدنيا أو الآخرة أو فيهما معًا.
وقصة أم سلمة رضي الله عنها توضح هذا المعنى، حيث أنها عندما توفي زوجها أبو سلمة، قالت هذا الدعاء مع الاسترجاع، ثم تساءلت في نفسها: من يمكن أن يكون خيرًا من أبي سلمة؟ فهو من السابقين إلى الإسلام، وأول من هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة، وكان صاحبًا كريمًا. ولكنها مع ذلك وثقت بوعد الله ورسوله، فاستجاب الله دعاءها، وخلف عليها خيرًا من أبي سلمة، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه، فتزوجها وصارت من أمهات المؤمنين.
ثالثًا. الدروس المستفادة:
1- فضل الصبر والاحتساب عند المصيبة: وذلك بقول "إنا لله وإنا إليه راجعون" مع الدعاء المأثور.
2- الثقة بوعد الله: فالله لا يخلف الميعاد، وقد وعد بالخلف والعوض لمن صبر واحتسب.
3- أن الخلف قد يكون في الدنيا والآخرة: فالله يعوض الصابر خيرًا مما فقد، إما في الدنيا بأن يعطيه أفضل مما فقد، أو في الآخرة بالأجر والثواب، أو بهما معًا.
4- قدرة الله تعالى على كل شيء: فمن يتصور أن أحدًا يمكن أن يكون خيرًا من أبي سلمة؟ ولكن الله قادر على أن يعطي ما هو خير منه، وقد أعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
5- الاستسلام لقضاء الله والرضا به: فمهما بلغت المصيبة، فإن الخيرة فيما يختاره الله تعالى.
رابعًا. معلومات إضافية:
● الاسترجاع (إنا لله وإنا إليه راجعون): هو ذكر شرعه الله عند المصائب، وهو إقرار بالعبودية لله، والإيمان بالبعث والجزاء.
● الدعاء بعد الاسترجاع: سنة نبوية، يجمع بين الصبر والدعاء بالعوض والخلف.
● قصة أم سلمة: من أبلغ الأمثلة على تحقيق هذا الوعد النبوي في الواقع.
فالحديث يحثنا على الصبر والاحتساب، ويرغبنا في هذا الدعاء العظيم، لنجني ثماره في الدنيا والآخرة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
والرواية الثانية رواها مسلم في الجنائز (٩١٨) من طرق عن إسماعيل بن جعفر، قال: أخبرني سعد بن سعيد، عن عمر بن كثير بن أفلح، عن ابن سفينة، عن أم سلمة، فذكرت مثله.
وقد رُوي عن أبي سلمة أنَّه سمع النبي ﷺ يقول: «ما من مسلم يُصاب بمصيبةٍ فيفزع إلى ما أمر الله به من قوله: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ اللَّهم عندك احتسبتُ مصيبتي، فأجرني فيها، وعَوِّضني منها، إلَّا آجره الله عليها، وعاضه خيرًا منها».
رواه ابن ماجه (١٥٩٨) عن أبي بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أنبأنا عبد الملك بن قدامة الجمحي، عن أبيه، عن عمر بن أبي سلمة، عن أمِّه أمّ سلمة، عن أبي سلمة، فذكر مثله.
وعبد الملك بن قدامة ضعيف، وأبوه قدامة «مقبول» لأنَّه توبع، ولكن وقع فيه اضطراب، وهو ما
رواه الترمذي (٣٥١١) وأحمد (١٦٣٤٣) كلاهما من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن عمر بن سلمة، عن أمه أم سلمة، عن أبي سلمة، أنَّ رسول الله ﷺ قال: «إذا أصاب أحدكم مصيبة فليقل: اللَّهم عندك احتسبتُ مصيبتي، فأجرني فيها، وأبدلني منها خيرًا». فلمَّا احتضر أبو سلمة قال: اللَّهم اخلف في أهلي خيرًا منِّي، فلمَّا قُبض قالت أم سلمة: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ عند الله أحتسبتُ مصيبتي؛ فأجرني فيها.
قال الترمذي: «هذا حديث غريب من هذا الوجه، ورُوي هذا الحديث من غير هذا الوجه عن أم سلمة. وأبو سلمة اسمه: عبد الله بن عبد الأسد».
ورواه الإمام أحمد مختصرًا إلَّا أنَّه زاد فيه بين ثابت وعمر بن أبي سلمة - ابن عمر بن أبي سلمة، وكذلك رواه أيضًا النسائي في «عمل اليوم والليلة» (١٠٧٢).
وابن عمر بن أبي سلمة اسمه: محمد. ذكره الحافظ في التقريب وقال فيه: «مقبول» أي حيث يتابع، وإلَّا فليِّن الحديث.
ورواه أيضًا الإمام أحمد (١٦٣٤٤) من وجه آخر عن المطلب عن أم سلمة، قالت: أتاني أبو مسلمة يومًا من عند رسول الله ﷺ، فقال: لقد سمعت من رسول الله قولًا فسُررتُ به، قال: «لا يُصيب أحدًا من المسلمين مصيبةٌ فيسترجع عند مصيبته، ثمَّ يقول: اللَّهم أجرني في مصيبتي، وأخلِف لي خيرًا منها، إلَّا فُعل ذلك به». قالت أم سلمة: فحفظت ذلك منه، فلمَّا توفي أبو سلمة استرجعتُ، وقلت: اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلِف لي خيرًا منه. ثمَّ رجعتُ إلى نفسي، قلت: مِن أين لي خيرٌ من أبي سلمة؟ ! فلمَّا انقضت عدَّتي استأذن عليَّ رسول الله ﷺ وأنا أدبُغُ إهابًا لي، فغسلت يدي من القَرَظ، وأذنتُ له، فوضعتُ له وِسادةَ أَدَم حشوها ليفٌ، فقعد عليها، فخطبني إلى نفسي، فلمَّا فرغ من مقالته، قلتُ: يا رسول الله! ما بي أن لا تكون بك الرغبة فيَّ، ولكنِّي امرأةٌ فيَّ غيرةٌ شديدةٌ، فأخاف أن ترى منِّي شيئًا يُعذِّبني الله به، وأنا امرأةٌ قد دخلتُ في السنِّ، وأنا ذاتُ عِيالٍ. فقال: «أمَّا ما ذكرتِ مِنَ الغيرة؛ فسوف يُذهبها الله -عَزَّوَجَلَّ- منكِ، وأمَّا ما ذكرتِ من السنِّ؛ فقد أصابني مثلُ الذي أصابكِ، وأمَّا ما ذكرت من العيالِ؛ فإنَّما عِيالُكِ عِيالي». قالت: فقد أسلمتُ لرسول الله ﷺ. فتزوَّجها رسول الله ﷺ، فقالت أمُّ سلمة: فقد أبدلني الله بأبي سلمة خيرًا منه؛ رسولَ الله ﷺ.
والمطلب هو: ابن عبد الله بن حنطب، روايته عن الصحابة مرسلة إلَّا أنس بن مالك ومن في طبقته.
وأظنُّ لوجود هذا الاختلاف لم يصحح الترمذي حديثَ أبي سلمة، وإنَّما أشار إلى أنَّ الحديثَ رُوي من غير هذا الوجه عن أمِّ سلمة؛ لأنَّ الصحيح الثابت أنَّ هذا الحديثَ من مسند أمِّ سلمة كما مضي. والله أعلم.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 25 من أصل 541 حديثاً له شرح
- 1 اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا وكذا
- 2 ثلاثة من الولد لا يمسهم النار
- 3 ثلاثة من الولد حجاب من النار
- 4 لا يموت لإحداكن ثلاثة من الولد فتحتسبه إلا دخلت الجنة
- 5 صغارهم دعاميص الجنة يتلقى أحدهم أباه
- 6 ادفنت ثلاثة احتظرت بحظار شديد من النار
- 7 من مات له ثلاثة من الولد أدخله الله الجنة
- 8 من احتسب ثلاثة من صلبه دخل الجنة
- 9 من أحب ولده فمات دخل الجنة
- 10 من صبر على مصيبته فله الجنة
- 11 ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث يغفر الله لوالديهم
- 12 من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث
- 13 جُنَّةٌ حَصينةٌ لمن أسلم
- 14 من أثكل ثلاثة من صلبه فاحتسبهم وجبت له الجنة
- 15 من مات له ثلاثة من الولد فاحتسبهم دخل الجنة
- 16 مَنْ يَمُوتُ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ دَخَلَ الْجَنَّةَ
- 17 ثلاثة من الولد ستر من النار
- 18 يقال للولدان يوم القيامة: ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم
- 19 إذا قبضت صفيَّه من أهل الدنيا ثم احتسبه فله الجنَّة
- 20 من كان له فرطان من أمتي أدخله الله بهما الجنة
- 21 ثلاثة أفراط حجاب من النار
- 22 الرقوب الذي لا فرط له
- 23 من هو الرقوب الذي لا ولد له
- 24 اتقي الله واصبري
- 25 من قال عند المصيبة إنا لله وإنا إليه راجعون أجرني...
- 26 إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان...
- 27 ما أحدٌ من الناس يُصاب ببلاءٍ في جسده إلَّا أمر...
- 28 العبد إذا كان على طريقة حسنة من العبادة ثم مرض
- 29 إذا ابتلي الله العبد المسلم ببلاء في جسده
- 30 ليس من عمل يوم إلا وهو يختم عليه
- 31 زيارة المريض تكفر السيئات وتُحط الخطايا
- 32 إذا ابتليت عبدي المؤمن فلم يشكني إلى عواده
- 33 مات الغلام وأبو طلحة خارج
- 34 الأشد بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل
- 35 ما من مسلم يصيبه أذى إلا كفر الله به سيئاته
- 36 أي الناس أشد بلاء الأنبياء ثم الصالحون
- 37 من أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الذين يلونهم
- 38 أشد الناس بلاء الأنبياء والصالحون
- 39 يضاعف لنا البلاء كما يضاعف لنا الأجر
- 40 المصائب تكفر الذنوب حتى الشوكة يشاكها المسلم
- 41 يا ابن آدم مرضت فلم تعدني
- 42 من يعمل سوءا يجز به
- 43 وصب المؤمن كفارة لخطاياه
- 44 البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله
- 45 الله يبتلي عبده بالسقم حتى يكفر عنه كل ذنب
- 46 بعث النبي الحمى إلى الأنصار فصبروا ستة أيام
- 47 لا تزال المليلة والصداع بالعبد والأمة
- 48 لا تسبي الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم
- 49 الحُمَّى تكون طَهورًا للمؤمن
- 50 من يمرض مرضًا إلا حط الله عنه من خطاياه
معلومات عن حديث: من قال عند المصيبة إنا لله وإنا إليه راجعون أجرني فيها وأعقبني خيرًا
📜 حديث: من قال عند المصيبة إنا لله وإنا إليه راجعون أجرني فيها وأعقبني خيرًا
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من قال عند المصيبة إنا لله وإنا إليه راجعون أجرني فيها وأعقبني خيرًا
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من قال عند المصيبة إنا لله وإنا إليه راجعون أجرني فيها وأعقبني خيرًا
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من قال عند المصيبة إنا لله وإنا إليه راجعون أجرني فيها وأعقبني خيرًا
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








