حديث: مات الغلام وأبو طلحة خارج

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب مَن لم يُظهِر حزنَه عند المصيبة

عن أنس بن مالك، قال: اشتكى ابن لأبي طلحة، قال: فمات وأبو طلحة خارجٌ. فلمَّا رأت امرأته أنَّه قد مات هيَّأت شيئًا، ونحَّته في جانب البيت. فلمَّا جاء أبو طلحة قال: كيفَ الغلام؟ قالت: قد هدأت نفسُه، وأرجو أن يكون قد استراح.
وظنَّ أبو طلحة أنَّها صادقة، قال: فبات، فلمَّا أصبح اغتسل. فلمَّا أراد أن يخرجَ أعلمته أنَّه قد ماتَ! فصلَّي مع النبي ﷺ، ثمَّ أخبر النبيَّ ﷺ بما كان منهما. فقال رسول الله ﷺ: «لعلَّ الله أن يُبارك لكما في ليلتكما». قال سفيان: فقال رجل من الأنصار: فرأيتُ لهما تسعة أولادٍ كلُّهم قد قرأ القرآن.

متفق عليه: رواه البخاري في الجنائز (١٣٠١) عن بشر بن الحكم، حدَّثنا سفيان بن عيينة، أخبرنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أنَّه سمع أنسًا فذكره.

عن أنس بن مالك، قال: اشتكى ابن لأبي طلحة، قال: فمات وأبو طلحة خارجٌ. فلمَّا رأت امرأته أنَّه قد مات هيَّأت شيئًا، ونحَّته في جانب البيت. فلمَّا جاء أبو طلحة قال: كيفَ الغلام؟ قالت: قد هدأت نفسُه، وأرجو أن يكون قد استراح.
وظنَّ أبو طلحة أنَّها صادقة، قال: فبات، فلمَّا أصبح اغتسل. فلمَّا أراد أن يخرجَ أعلمته أنَّه قد ماتَ! فصلَّي مع النبي ﷺ، ثمَّ أخبر النبيَّ ﷺ بما كان منهما. فقال رسول الله ﷺ: «لعلَّ الله أن يُبارك لكما في ليلتكما». قال سفيان: فقال رجل من الأنصار: فرأيتُ لهما تسعة أولادٍ كلُّهم قد قرأ القرآن.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من الأحاديث التي تُظهر أدب الصحابة رضي الله عنهم مع الله تعالى ورسوله ﷺ، وصبرهم واحتسابهم عند المصائب، وثقتهم بوعد الله تعالى وفضله. وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا بإذن الله.

الحديث بلفظه:


عن أنس بن مالك، قال: اشتكى ابن لأبي طلحة، قال: فمات وأبو طلحة خارجٌ. فلمَّا رأت امرأته أنَّه قد مات هيَّأت شيئًا، ونحَّته في جانب البيت. فلمَّا جاء أبو طلحة قال: كيفَ الغلام؟ قالت: قد هدأت نفسُه، وأرجو أن يكون قد استراح. وظنَّ أبو طلحة أنَّها صادقة، قال: فبات، فلمَّا أصبح اغتسل. فلمَّا أراد أن يخرجَ أعلمته أنَّه قد ماتَ! فصلَّي مع النبي ﷺ، ثمَّ أخبر النبيَّ ﷺ بما كان منهما. فقال رسول الله ﷺ: «لعلَّ الله أن يُبارك لكما في ليلتكما». قال سفيان: فقال رجل من الأنصار: فرأيتُ لهما تسعة أولادٍ كلُّهم قد قرأ القرآن.


1. شرح المفردات:


● اشتكى: مرض.
● هيأت شيئًا: هيأت له كفنًا وأعدت ما يلزم لتجهيزه.
● نحَّته في جانب البيت: وضعته في ناحية من البيت.
● هدأت نفسه: سكنت نفسه ومات، ولكنها عبرت بعبارة لطيفة.
● استراح: استراح من مرضه.
● يُبارك: ينزل البركة والخير الكثير.
● قرأ القرآن: حفظوه وعلموه وعملوا به.


2. شرح الحديث:


كان لأبي طلحة وامرأته أم سليم رضي الله عنهما ابنٌ مريض، فمات هذا الابن وأبو طلحة غير موجود في البيت. فلما رأت أم سليم أن الابن قد مات، لم تُظهر الحزن أو الجزع، بل هيأت أمره (أي كفنته) ووضعته في جانب البيت. وعندما عاد أبو طلحة سأل عن ابنه، فقالت له زوجته بأدب وحكمة: "قد هدأت نفسه، وأرجو أن يكون قد استراح"، ففهم أبو طلحة أن الابن قد استراح من مرضه، ولكن لم يخطر بباله أنه مات، فظن أنها تصدق في ذلك.
بات أبو طلحة تلك الليلة مطمئنًا، وعندما أصبح اغتسل وتهيأ للخروج، فأخبرته زوجته أن الابن قد مات. فلم يغضب أو يعاتب، بل ذهب إلى النبي ﷺ وصلى معه، ثم أخبره بما حدث منهما: كيف أن زوجته أخبرته بخبر موت الابن بهذه الطريقة الهادئة، وكيف أنه لم يعلم إلا بعد أن بات واغتسل.
فدعا لهما النبي ﷺ بقوله: «لعلَّ الله أن يُبارك لكما في ليلتكما». أي بسبب صبركما وحسن تعاملكما مع هذه المصيبة، وثباتكما ورضاكما بقضاء الله، فإن الله قد يمنحكما بركة في تلك الليلة.
ثم ذكر الراوي (سفيان) أن رجلاً من الأنصار قال: "فرأيتُ لهما تسعة أولادٍ كلُّهم قد قرأ القرآن"، أي أن الله قد بارك لهما في ذريتهما بعد ذلك، فكان لهما أولاد صالحون حافظون للقرآن عاملون به.


3. الدروس المستفادة:


● الصبر والاحتساب عند المصيبة: فقد صبرت أم سليم وأبو طلحة رضي الله عنهما على موت ابنهما، ولم يجزعا أو يظهرا شيئًا يكره.
● الحكمة في التعبير: استخدمت أم سليم تعبيرًا لطيفًا عند إخبار زوجها، مما يدل على أدبها وحكمتها.
● ثقة الصحابة بالله ورسوله: لم يعاتب أبو طلحة زوجته، بل ذهب إلى النبي ﷺ ليخبره بما حدث، ثقةً منه بأن ما فعلته كان خيرًا.
● بركة الطاعة والصبر: بسبب صبرهما وحسن تعبدهما في تلك الليلة، دعا لهما النبي ﷺ بالبركة، فتحققت البركة في ذريتهما.
● فضل الدعاء النبوي: دعاء النبي ﷺ مستجاب، وقد تحققت البركة في ذرية أبي طلحة وأم سليم.
● التربية على القرآن: أن أولادهما حفظوا القرآن وعملوا به، مما يدل على أهمية تربية الأبناء على القرآن والعلم الشرعي.


4. معلومات إضافية:


- أبو طلحة هو زيد بن سهل الأنصاري رضي الله عنه، من كبار الصحابة.
- أم سليم هي والدة أنس بن مالك رضي الله عنها، وهي من النساء الصالحات.
- هذا الحديث رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، مما يدل على صحته وقوته.
- القصة تدل على أن الصبر على المصيبة والرضا بقضاء الله يؤتي ثماره في الدنيا قبل الآخرة.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الصبر والاحتساب، وأن يبارك في ذرياتنا كما بارك لأبي طلحة وأم سليم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الجنائز (١٣٠١) عن بشر بن الحكم، حدَّثنا سفيان بن عيينة، أخبرنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أنَّه سمع أنسًا فذكره.
ورواه مسلم في فضائل الصّحابة (٢١٤٤) من طريق بهز، ثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس بن مالك، قال: «مات ابن لأبي طلحة من أمِّ سُلَيم، فقالت لأهلها: لا تُحدِّثوا أبا طلحة بابنه حتَّى أكون أنا أُحدِّثه. قال: فجاء، فقرَّبت إليه عَشاءً. فأكل وشرب. فقال: ثمَّ تصنَّعت له أحسن ما كان تصنَّعُ قبل ذلك، فوقع بها. فلمَّا رأت أنَّه قد شبع وأصاب منها، قالت: يا أبا طلحة! أرأيتَ لو أنَّ قومًا أعاروا عاريتهم أهل بيتٍ، فطلبوا عاريتهم، ألهم أن يمنعوهم؟ قال: لا. قالت: فاحتسب ابنك. قال: فغضب، وقال: تركتني تلطَّختُ ثمَّ أخبرتني بابني؟ ! فانطلق حتَّى أتي رسول الله ﷺ، فأخبره بما كان. فقال رسول الله ﷺ: «بارك الله لكما في غابر ليلتكما». فذكر الحديثَ وفيه قصَّة تحنيك الأبن لأم سُليم.
ورواه أبو داود الطيالسيّ في مسنده (٢١٦٨)، عن سليمان بن المغيرة، وحماد بن سلمة،
وجعفر بن سليمان، كلهم عن ثابت، عن أنس، وساق بهذا الإسناد قصة أم سليم بشيءٍ من
التفصيل، وها أنا أسوقها بكاملها لاشتمالها على فوائد كثيرةٍ، قال: قال مالكٌ أبو أنسٍ لامرأته أم
سليم -وهي أم أنس-: إنَّ هذا الرجل -يعني النبي ﷺ يُحرِّم الخمرَ، فانطلَق حتَّى أتى الشامَ
فهلك هناك، فجاء أبو طلحة، فخطب أمَّ سُليم، فكلَّمها في ذلك، فقالت: يا أبا طلحة! ما مثلكَ
يُردُّ، ولكنَّكَ امروءٌ كافرٌ، وأنا امرأةٌ مسلِمة، لا يصلُح لي أن أتزوَّجَك. فقال: ما ذاكِ دهركِ.
قالت: وما دهري؟ قال: الصفراء والبيضاء. قالت: فإني لا أُريد صفراءَ ولا بيضاءَ، أُريدُ منكَ
الإسلامَ. قال: فمن لي بذلك؟ قالت: لك بذلك رسول الله ﷺ. فانطلق أبو طلحة يُريدُ النبيَّ ﷺ،
ورسولُ الله ﷺ جالسٌ في أصحابه، فلمَّا رآه قال: «جاءكم أبو طلحة، غُرَّة الإسلامِ بينَ عينيه».
فجاء، فأخبر النبيَّ ﷺ بما قالت أمُّ سُليم، فتزوَّجها على ذلك. قال ثابتٌ: فما بلغنا أنَّ مهرًا كان أعظم منه، إنَّها رضيت الإسلامَ مهرًا، فتزوَّجها، وكانت امرأةً مليحة العينين، فيها صغر، فكانت معه حتَّى وُلِد له بُنَيٌّ، وكان يُحبُّه أبو طلحة حبًّا شديدًا، ومرِض الصبيُّ، وتواضعَ أبو طلحة لمرضه، أو تضعضعَ له، فانطلق أبو طلحة إلى النبي ﷺ، ومات الصبيُّ، فقالت أم سليم: لا ينعينَّ إلى أبي طلحة أحدٌ ابنه، حتَّى أكون أنا الذي أنعاء له. فهيَّأت الصبيَّ ووضعته، وجاء أبو طلحة من عند رسول الله ﷺ حتَّي دخل عليها، فقال: كيف ابني؟ فقالت: يا أبا طلحة! ما كان منذ اشتكي
أسكن منه الساعة. قال: فلله الحمد. فأتته بعَشائه فأصاب منه، ثمَّ قامت فتطيَّبت وتعرَّضت له، فأصاب منها، فلمَّا علِمت أنَّه طعم وأصابَ منها، قالت: يا أبا طلحة! أرأيتَ لو أنَّ قومًا أعاروا قومًا عاريةً لهم، فسألوهم إيَّاها، أكان لهم أن يمنعوهم؟ فقال: لا. قالت: فإنَّ الله عز وجل كان أعارك ابنك عاريهً ثمَّ قبضه إليه، فاحتسب ابنَك، واصبر. فغضب، ثمَّ قال: تركتيني حتَّى إذا وقعتُ بما وقعتُ به نعيتِ إليَّ ابني؟ ! ثمَّ غدا على رسول الله ﷺ، فأخبره فقال رسول الله ﷺ: «بارك الله لكما في غابر ليلتكما. فتلقَّت من ذلك الحملَ، وكانت أم سليم تسافر مع النبي ﷺ، تخرج معه إذا خرج، وتدخل معه إذا دخل، فقال رسول الله ﷺ: «إذا ولدت فأتوني بالصبي».
فأخذها الطلق ليلةَ قربهم من المدينة، فقالت: اللَّهم إني كنتُ أدخل إذا دخل نبيك، وأخرج إذا
خرج نبيُّك، وقد حضر هذا الأمر، فولَدت غلامًا، وقالت لابنها أنسٍ: انطلقْ بالصبي إلى رسول الله
ﷺ، فأخذ أنسٌ الصبيَّ فانطلق به إلى النبي ﷺ، وهو يسم إبلًا أو غنمًا، فلمَّا نظر إليه قال لأنسٍ:
«أولدت بنت مِلحانَ؟». قال: نعم. فألقى ما في يده، فتناولَ الصبيَّ، فقال: «ائتوني بتمراتٍ عجوةٍ». فأخذ النبي ﷺ التمرَ، فجعل يُحنِّكُ الصبيَّ، وجعلَ الصبيُّ يتلمَّظ، فقال: «انظروا إلى حُبِّ الأنصار التمرَ». فحنَّكه رسول الله ﷺ، وسمَّاه عبد الله.
قال ثابتٌ: وكانَ يُعدُّ من خيارِ المسلمينَ. ولعل الزيادات التي في هذه القصة ليست من سليمان بن المغيرة؛ لأن السياق الذي ساقه مسلم والإمام أحمد (١٣٠٢٦) عنه، ليس فيه هذه الزيادات، وإليه أشار الطيالسي في قوله: وحدثنا شيخ سمعه من النضر بن أنس، وقد دخلت حديث بعضهم في بعض، قال مالك أبو أنس لامرأته، فذكر القصة. وهذا الشيخ المجهول لا يضر؛ لأنَّ أبا داود أسنده عن غيره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 33 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: مات الغلام وأبو طلحة خارج

  • 📜 حديث: مات الغلام وأبو طلحة خارج

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: مات الغلام وأبو طلحة خارج

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: مات الغلام وأبو طلحة خارج

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: مات الغلام وأبو طلحة خارج

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب