حديث: دعاء زيارة المقبرة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء من الأدعية لأصحاب القبور والاستغفار لأهل البقيع

عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ خرج إلى المقبرة فقال: «السلام عليكم دارَ قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون».

صحيح: رواه مالك في الطهارة (٢٨) عن العلاء بن عبد الرحمن، ومن طريقه مسلم (٢٤٩) في حديث طويل مضى في الطّهارة، باب فضل الوضوء والغرّ المحجلين من آثار الوضوء.

عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ خرج إلى المقبرة فقال: «السلام عليكم دارَ قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث النبي ﷺ الذي يرشدنا إلى أدب الزيارة والسلام على أهل القبور، ويذكرنا بحقيقة الدنيا والآخرة.

الحديث بلفظه:


عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ خرج إلى المقبرة فقال: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ».
(رواه مسلم في صحيحه)


الشرح التفصيلي:



# 1. شرح المفردات:


● خَرَجَ إِلَى الْمَقْبَرَةِ: ذهب إلى مدفن الموتى.
● السَّلَامُ عَلَيْكُمْ: تحية الإسلام الدعائية، وهي طلب السلامة من كل آفة.
● دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ: أي يا دار قوم مؤمنين. والدار هنا تُطلق على المكان الذي يسكنه القوم، والمقصود بها القبور التي يسكنها المؤمنون.
● وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ: أي وإنا سنلحق بكم بعد الموت، إن شاء الله. واللحوق: الوصول والمجيء بعد الغيبة.

# 2. شرح الحديث:


في هذا الحديث يروي الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ زار المقبرة وسلم على أهلها تحية وتذكيرًا. وهذا الفعل النبوي الكريم يحمل معاني عميقة:
● السلام على الموتى: شرع النبي ﷺ للمسلمين أن يسلموا على أهل القبور عندما يزوروها، وذلك لأن الموتى يسمعون السلام ويرد عليهم الملائكة، كما ورد في أحاديث أخرى. وهو إظهار للرابطة الإيمانية التي لا تنقطع بالموت.
● نداء الدار لا الأموات: قال: «دار قوم مؤمنين» ولم يقل "يا قوم مؤمنين"، وهذا من أدب الخطاب مع الموتى، حيث يخاطب مكانهم لا أشخاصهم مباشرة، وفيه أيضًا تذكير بحال الدار التي صارت لهم.
● التعزية والموعظة: في قوله «وإنا إن شاء الله بكم لاحقون» تذكير قوي بحقيقة الموت وأنه مصير كل حي. وهو ليس تهديدًا، بل وعظ وتأكيد على حتمية المصير، مما يرقق القلب ويذكر بالآخرة.
● التفاؤل وربط الأمر بالمشيئة: بقوله «إن شاء الله» يعلمنا النبي ﷺ أدب التوكل على الله والتعلق بمشيئته في كل أمر، حتى في الحديث عن الموت الذي هو أمر محتوم.

# 3. الدروس المستفادة منه:


● مشروعية زيارة القبور: زيارة القبور سنة نبوية لها أثر عظيم في تذكير الآخرة وترقيق القلب.
● السلام على أهل القبور: يستحب للمسلم إذا مر بالمقبرة أن يسلم على أهلها ويدعو لهم.
● التذكير بالآخرة: الحديث يذكرنا بحقيقة الموت وأننا سنلحق بمن سبقنا، فيجب الاستعداد بالعمل الصالح.
● الأدب في الخطاب: النبي ﷺ علمنا كيف نخاطب الموتى بأدب واحترام.
● التفاؤل وذكر المشيئة: يجب أن نربط كل наших أحاديث المستقبل بمشيئة الله تعالى.

# 4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث يدخل في باب "ذكر الموت والاستعداد له".
- يستحب عند زيارة القبور أن يقال بعد السلام: "يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، إنّا إن شاء الله بكم للاحقون".
- زيارة القبور للرجال سنة مستحبة للاعتبار، أما النساء فاختلف العلماء في جواز زيارتهن؛ والأحوط لهن عدم الزيارة إلا للضرورة وبشروط.

أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يذكرون الموت فيستعدون له، وأن يلحقنا بالصالحين في دار كرامته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الطهارة (٢٨) عن العلاء بن عبد الرحمن، ومن طريقه مسلم (٢٤٩) في حديث طويل مضى في الطّهارة، باب فضل الوضوء والغرّ المحجلين من آثار الوضوء.
قال الخطابي في معالم السنن: «فيه من العلم أن السلام على الموتَى كهو على الأحياء في تقديم الدعاء على الاسم، ولا يقدم الاسم على الدعاء كما تفعله العامة، وكذلك هو في كل دعاء الخير كقوله تعالى: ﴿رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ [هود: ٧٣] وكقوله عز وجل: ﴿سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ﴾ [الصافات: ١٣٠] وقال في خلاف ذلك: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ﴾ [ص: ٧٨] فقدم الاسم على الدعاء، وفيه أنه سمي المقابر دارًا، فدل على أن اسم النار قد يقع من جهة اللغة على الربع العامر المسكون، وعلى الخراب غير المأهول كقول الشاعر:
يا دار مَيّة بالعلياء فالسند
ثم قال:
أقْوات وطال عليها سالف الأمد
وأما قوله: «وإنا إن شاء الله بكم لاحقون» فقد قيل إن ذلك ليس على معنى الاستثناء الذي يدخل الكلام لشكّ وارتياب، ولكنه عادةُ المتكلِم يُحسِّن بذلك كلامه ويُزينه، كما يقول الرجل
لصاحبه: «إنك إن أحسنتَ إليّ شكرتك إن شاء الله، وإن ائتمنتني لم أخنك إن شاء الله«في نحو ذلك من الكلام، وهو لا يريد به الشك في كلامه. وقد قبل: أنه دخل المقبرة، ومعه قوم مؤمنون محققون بالإيمان، والآخرون يظن بهم النفاق، فكان استثناؤه منصرفًا إليهم دون المؤمنين، فمعناه اللحوق بهم في الإيمان، وقيل إن الاستثناء إنما وقع في استصحاب الإيمان إلى الموت لا في نفس الموت» انتهى كلامه.
وقد رُوي عن أبي مُويهبة مولى رسول الله ﷺ الاستغفار لأهل بقيع، قال: بعثني رسولُ الله ﷺ من جوف الليل، فقال: «يا أبا مُوَيْهِبة!، إنّي قد أُمرتُ أن أستغفِرَ لأهلِ البقيعِ، فانطلقْ معي» فانطلقتُ معه، فلما وقف بين أظهرهم، قال: «السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا أهل المقابر!، ليَهْنِ لكم ما أَصْبَحْتُم فيه مِمَّا أَصْبَحَ فِيهِ الناسُ، لَو تَعْلَمُونَ ما نَجَّاكُمُ اللهُ مِنْهُ، أَقبَلَتِ الفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يَتْبَعُ أَوَّلَهَا آخِرُها، الآخرَةُ شَرٌّ مِنَ الأولَى»، قال: ثم أقبل عليّ، فقال: «يا أبا مُوَيْهِبة! إني قد أوتيتُ مَفاتيحَ خَزائن الدُّنْيا والخُلْدَ فيها ثُمَّ الجَنَّةَ، وخُيِّرْتُ بينَ ذلك وبَيْنَ لِقَاءِ رَبِّي عز وجل والجنة» قال: قلتُ: بأبي وأمِّي، فخُذْ مفاتيح الدنيا والخُلد فيها، ثم الجنة، قال: «لا والله يا أبا مُويْهِبة!، لقد اخْتَرْتُ لِقَاءَ رَبِّي والجَنَّة» ثم استغفَرَ لأهل البقيع، ثم انصرف، فبُدئَ رسولُ الله ﷺ في وجعه الذي قبضه الله عز وجل فيه حين أصبح.
رواه الإمام أحمد (١٥٩٩٦، ١٥٩٩٧) من وجهين: أحدهما: من طريق يعلى بن عبيد، عن عبيد بن جبير، عن أبي مُوَيهِبة مولى رسول الله ﷺ، والوجه الثاني: من طريق عبد الله بن عمر العبلي، قال: حدثني عبيد بن جبير مولى الحكم بن أبي العاص، عن عبد الله بن عمرو، عن أبي مُوَيهِبة واللفظ للطريق الثاني.
وفي الإسنادين عبيد بن جبير لم يوثقه أحد، ذكره ابن حبان في «الثقات»، فهو «مقبول» حسب تعريف ابن حجر، إلا أنه لم يترجم له في «التقريب»، لأنه من رجال «التعجيل» وفي الإسنادين أيضًا بعض المجاهيل.
وأما قول الحاكم (٣/ ٥٥ - ٥٦): «صحيح على شرط مسلم» فهو ليس كما قال، فإن عبد الله بن عمر العبلي ليس من رجال مسلم، لعله وقع له وهم فظن أنه عبيد الله بن عمر بن حفص فقال ما قال. والصحيح أنه عبد الله بن عمر العبلي كما في المصادر الأخرى.
وأما ما رُوي عن ابن عباس قال: مرَّ رسول الله ﷺ بقبور المدينة، فأقبل عليهم بوجهه فقال: «السلام عليكم يا أهل القبور! يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر» فهو ضعيف.
رواه الترمذي (١٠٥٣) عن أبي كريب، حدثنا محمد بن الصلت، عن أبي كدينة، عن قابوس ابن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس فذكره.
قال الترمذي: «حسن غريب، وأبو كدينة اسمه يحيى بن المهلب، وأبو ظبيان اسمه حصين بن
جندب» انتهى.
وقاموس أبو ظبيان تكلم فيه جمهور أهل العلم فقال الإمام أحمد: «ليس بذاك»، وقال النسائي: «ليس بالقوي ضعيف»، وقال ابن سعد: «فيه ضعف ولا يحتج به»، وقال ابن حبان: «كان رديء الحفظ ينفرد عن أبيه بما لا أصل له».
قال الأعظمي: ولعل قوله: «فأقبل عليهم بوجهه» مما انفرد به، وليس له أصل، لأن من المستحب أن يتوجه إلى القبلة عند الدعاء.
وكذلك ما رُوي عن بشير بن الخصاصية قال: أتيتُ رسول الله ﷺ فلحقته بالبقيع، فسمعتُه يقول: «السلام على أهل الديار من المؤمنين» فانقطع شِسْعِي فقال لي: «أتَعِسَ قدمُك؟» قلت: يا رسول الله! طالت عُزوبتي، ونأيْتُ عن دار قومي، فقال: «يا بشير! ألا تحمدِ الله الذي أخذ بناصيتِك للإسلام من بين ربيعة، قوم يَرَون أن لولاهم لائُتَفَكَتِ الأرضُ بمن عليها» فهو منكر.
رواه الطبراني في «الأوسط» (٢٨٧٠) واللفظ منه، وفي «الكبير» (٢/ ٣٣) عن إبراهيم بن هاشم البغوي، وعبيد العجلي، قالا: حدثنا الصلت بن مسعود الجحدري، ثنا عقبة بن المغيرة الشيباني، قال: ثنا إسحاق بن أبي إسحاق الثياني، عن أبيه، عن بشير بن الخصاصية فذكره.
قال الطبراني في «الأوسط»: لم يرو هذا الحديث عن أبي إسحاق إلا ابنه، تفرد به عقبة، ولا يُروى عن بشير إلا بهذا الإسناد.
قال الأعظمي: عقبة بن المغيرة وشيخه إسحاق بن أبي إسحاق ترجمهما البخاري، وابن أبي حاتم ولم يقولا فيهما شيئًا، فهما في عداد المجهولين، ولذا لا يحتمل تفردهما، وفي بعض لفظ الحديث نكارة.
وأما قول الهيثمي في «المجمع» (٣/ ٦٠): «رواه الطبراني في: الكبير و الأوسط,ورجاله ثقات» فهو اعتمادًا على ذكر ابن حبان عقبة وإسحاق في «الثقات».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 538 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: دعاء زيارة المقبرة

  • 📜 حديث: دعاء زيارة المقبرة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: دعاء زيارة المقبرة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: دعاء زيارة المقبرة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: دعاء زيارة المقبرة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب