الضب أمة مسخت من بني إسرائيل

حديث: الضب أمة مسخت من بني إسرائيل

عن سمرة بن جندب، قال: أتى نبي الله ﷺ أعرابي وهو يخطب، فقطع عليه خطبته، فقال: يا رسول الله، كيف تقول في الضب؟ قال: «أمة مُسخت من بني إسرائيل فلا أدري أي الدواب مُسخت».

حسن: رواه الإمام أحمد (٢٠٢٠٩، ٢٠٢٤٠)، والبزار (كشف الأستار ١٢١٦)، والطبراني في الكبير (٦٧٨٨، ٦٧٩٠) كلهم من طريق أبي عوانة، ثنا عبد الملك بن عمير، عن حصين، عن سمرة بن جندب، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 5495) ومسلم في صحيحه (رقم 1949) عن الصحابي الجليل سمرة بن جندب رضي الله عنه.

أولاً. شرح المفردات:

● الأعرابي: هو ساكن البادية من العرب، وكان معروفاً بجلافته وعدم مراعاة الآداب أحياناً.
● يخطب: أي يلقي الخطبة على الناس، وكان النبي ﷺ يخطب يوم الجمعة.
● فقطَع عليه خطبته: أي قاطعه أثناء كلامه وسؤاله.
● الضب: حيوان معروف من الزواحف، يعيش في الصحراء، يشبه الوزغ (البرص) لكنه أكبر حجماً.
● أمَّة مُسخت: جماعة من الناس غُيِّر خلقهم.
● بني إسرائيل: هم قوم نبي الله موسى عليه السلام.
● الدواب: جمع دابة، وهي كل ما يدب على الأرض من الحيوانات.

ثانياً. شرح الحديث:

يحدثنا الصحابي سمرة بن جندب رضي الله عنه عن موقف حصل مع النبي ﷺ، حيث جاءه أعرابي وهو يخطب على المنبر يوم الجمعة، فقاطعه في خطبته وسأله عن حكم أكل الضب، فأجابه النبي ﷺ بأنه كان أمة من بني إسرائيل مسخت، ثم قال ﷺ: "فلا أدري أي الدواب مسخت"، وهذا ليس جهلاً من النبي ﷺ -حاشاه- بل هو جهل نسبي لبيان أن هذا ليس من الأمور المهمة في الدين التي يجب أن يتعلمها المسلم، وإنما المقصود بيان حكمه.
والحديث يدل على أن الضب كان محرماً على بني إسرائيل بسبب معصية ارتكبوها فمسخهم الله تعالى، وأما في شريعتنا فقد أبيح أكل الضب، كما في الأحاديث الصحيحة الأخرى التي تدل على أن النبي ﷺ لم يأكله لكنه لم ينه عنه، بل سكت عن أكله، والسكوت في مثل هذا المقام يدل على الإباحة.

ثالثاً. الدروس المستفادة:

1- التأدب مع العلماء وعدم مقاطعتهم: فالأعرابي قاطع النبي ﷺ في خطبته، وهذا فعل غير لائق، فينبغي للطالب أن يتحلى بالأدب مع معلمه، وينتظر حتى ينتهي من كلامه.
2- حلم النبي ﷺ وصبره: حيث لم يغضب من مقاطعة الأعرابي، بل أجابه على سؤاله.
3- أن المسخ حقيقة وقعت للأمم السابقة: كما أخبر الله تعالى في القرآن عن مسخ قوم into قردة وخنازير.
4- ترك التعمق في الأمور التي لا طائل من ورائها: حيث لم يبين النبي ﷺ أي الدواب مسخت بالضبط، لأن هذا لا فائدة منه في الدين.
5- أن الأصل في الأطعمة الإباحة ما لم يرد دليل بالتحريم: والضب لم يرد تحريمه في شريعتنا.
6- تفاضل العلوم: فبعض العلوم أهم من بعض، والعلماء يوجهون طلابهم إلى ما هو أهم وأنفع.

رابعاً. معلومات إضافية:

- ورد في روايات أخرى أن النبي ﷺ لم يأكل الضب، لكنه لم ينه عنه، بل قال: «إِنَّهُ لَيْسَ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ» رواه البخاري ومسلم، أي أنه ليس من طعام قومه فلم يعتد عليه، فهذا يدل على أن الحكم الإباحة مع الكراهة للبعض.
- استنبط العلماء من هذا الحديث جواز سؤال العالم أثناء خطبته إذا كان السؤال مهمًا، لكن بشرط الأدب وعدم الإكثار من ذلك.
- الحديث من معجزات النبي ﷺ، حيث أخبر عن شيء غيبي من أخبار الأمم السابقة.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا.
والله تعالى أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (٢٠٢٠٩، ٢٠٢٤٠)، والبزار (كشف الأستار ١٢١٦)، والطبراني في الكبير (٦٧٨٨، ٦٧٩٠) كلهم من طريق أبي عوانة، ثنا عبد الملك بن عمير، عن حصين، عن سمرة بن جندب، فذكره.
وقد وقع اختلاف في نسبة حصين هذا، فنسب عند أحمد في الموضع الأول إلى قبيلته ولم يسم أبوه، فقال: «رجل من بني فزارة»، ونسب إلى أبيه دون قبيلته في الموضع الثاني، وكذا عند الطبراني في الموضع الأول فقال: «حصين بن قبيصة».
وجاء عند البزار، والموضع الثاني عند الطبراني: «حصين بن أبي الحر» وهذا الأخير بروي عنه عبد الملك بن عمير، وهو ثقة، وثقه أبو حاتم وغيره، ولكن جاء منسوبا في مصادر ترجمته: «التميمي العنبري» واسم أبيه مالك بن الخشخاش.
فالأقرب أنه حصين بن قبيصة، وجاء في ترجمته أنه فزاري من أهل الكوفة، وهذا دون الذي قبله في الشهرة والثقة، بل لم يوثقه إلا العجلي وذكره ابن حبان في الثقات، وقد روى عنه ثلاثة فهو حسن الحديث ما لم يأت بمنكر، وقد وثقه الحافظ في التقريب وجعله في الطبقة الثانية وهم كبار التابعين. والحاصل أن الخلاف المذكور لا يؤثر لأنه متردد بين ثقة وصدوق، فالإسناد على أقل الأحوال حسن.
وقوله: «مسخت» قال ذلك النبي ﷺ في أول الأمر فتوقف عن أكله وكذلك أصحابه.
ثم أُعلم النبي ﷺ بأن الممسوخ لا نسل له كما رواه مسلم في القدر (٢٦٦٣: ٣٣) من حديث ابن مسعود، وفيه: قال: قال رجل يا رسول الله، القرَدة والخنازيرُ هي مما مُسخَ؟ فقال النبي ﷺ: «إن الله عز وجل لم يُهلك قوما أو يعذّب قومًا فجعل لهم نسلا، وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك».
فأجاز أكله، ولكنه ﷺ لم يأكله لأنه ليس من طعام قومه، ومن لم يتعود على أكل شيء لا يستطيبه، وإليكم أحاديث جواز أكل الضب وعدم تحريمه.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 30 من أصل 127 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الضب أمة مسخت من بني إسرائيل

📜 حديث: الضب أمة مسخت من بني إسرائيل

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: الضب أمة مسخت من بني إسرائيل

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: الضب أمة مسخت من بني إسرائيل

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: الضب أمة مسخت من بني إسرائيل

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية