حديث: طعام عامة الرعاء

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في جواز أكل الضب

عن أبي سعيد قال: قال رجل يا رسول الله! إنا بأرض مضبّة فما تأمرنا؟ أو فما تُفتينا؟ قال: «ذُكِرَ لي أن أمة من بني إسرائيل مُسختْ» فلم يأمر، ولم ينه.
قال أبو سعيد: فلما كان بعد ذلك، قال عمر: إن الله عز وجل لينفع به غير واحد، وإنه لطعام عامة هذه الرعاء، ولو كان عندي لطعمته، إنما عافه رسول الله ﷺ.

صحيح: رواه مسلم في الصيد والذبائح (١٩٥١: ٥٠) عن محمد بن المثنى، حدّثنا ابن أبي عدي، عن داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، فذكره.

عن أبي سعيد قال: قال رجل يا رسول الله! إنا بأرض مضبّة فما تأمرنا؟ أو فما تُفتينا؟ قال: «ذُكِرَ لي أن أمة من بني إسرائيل مُسختْ» فلم يأمر، ولم ينه.
قال أبو سعيد: فلما كان بعد ذلك، قال عمر: إن الله ﷿ لينفع به غير واحد، وإنه لطعام عامة هذه الرعاء، ولو كان عندي لطعمته، إنما عافه رسول الله ﷺ.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بما ندرس من سنة نبينا الكريم.
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 5496) عن الصحابي الجليل أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وإليك الشرح الوافي له على النحو المطلوب:

1. شرح المفردات:


● بأرض مُضَبَّة: أي أرض كثيرة الضباب (وهو حيوان معروف من الزواحف، يُشبه الوزغ لكنه أكبر حجماً).
● مُسختْ: المسخ هو تحويل خلق الله من صورة إلى صورة أخرى أقبح منها، كتحويل الإنسان إلى قرد أو خنزير عقاباً له.
● لينفع به: أي لينفع بهذا الكلام أو بهذا الفهم الذي سأذكره.
● الرُّعاء: جمع راعٍ، وهم الرعاة والبدو وأهل البادية الذين يعتمدون في طعامهم على ما تجود به الأرض.

2. شرح الحديث:


● السياق والقصة: أتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن حكم أكل حيوان "الضب" الذي كثر في أرضهم، وكانوا يأكلونه، فتردد في الإذن به أو النهي عنه.
● رد النبي صلى الله عليه وسلم: لم يُجِبْه النبي صلى الله عليه وسلم مباشرةً بالأمر أو النهي، بل ذكر له قصة عظة وعبرة، فقال: «ذُكِرَ لي أن أمة من بني إسرائيل مُسختْ» أي أن قوماً من بني إسرائيل مسخهم الله تعالى بسبب ذنب اقترفوه، وقيل إنهم مسخوا ضباباً. فكان في هذا الرد تلميحاً إلى كراهة أكلها، أو على الأقل، تحذيراً من الإكثار منها أو الاعتماد عليها، دون أن يصرح بالتحريم.
● تعليق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: بعد ذلك بزمن، علق الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه على هذا الموقف النبوي بعبقرية فقهية رائعة. لقد فهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحرم الضب، ولكنه "عافه" أي كرهه طبعه الشريف ولم يستطبه، وهذا أمر شخصي متعلق بالذوق وليس تشريعاً عاماً. واستدل عمر رضي الله عليه بأنه طعام مفيد وشائع لدى عامة الرعاة والبادية، ولو كان موجوداً عنده لأكله.

3. الدروس المستفادة منه:


1- الحكمة في التعليم والفتوى: يُستفاد من رد النبي صلى الله عليه وسلم كيف كان يربي أصحابه بالتلميح والموعظة أحياناً، بدلاً من الصريح المباشر، مما يعلق المعنى في القلب ويؤثر في النفس.
2- الفقه وفهم مقاصد الأفعال: الموقف يُعدّ نموذجاً رفيعاً في فهم الصحابة رضوان الله عليهم لأقوال وأفعال النبي صلى الله عليه وسلم. فهموا أن ترك النبي لأكل الضب ليس لأنه حرام، بل لأنه لم يعتده ولم يستطبه، بينما هو حلال في الأصل. وهذا فرق جوهري بين كراهة التنزيه (التي تعود للطبع والذوق) والتحريم الشرعي.
3- مراعاة أحوال الناس: فهم عمر رضي الله عنه أن ما يعافه شخص قد يكون طعاماً طيباً ومفيداً لغيره، خاصة لأهل البادية الذين يعتمدون عليه، فلم ينه عنه بل رأى فيه منفعة.
4- أصل الأشياء الإباحة: الحديث يؤكد قاعدة أصولية مهمة وهي أن الأصل في الأطعمة الإباحة، ما لم يرد دليل صريح بالتحريم. والضب باقٍ على أصل الإباحة.

4. معلومات إضافية مفيدة:


● حكم أكل الضب: جمهور العلماء على إباحة أكل الضب، مستدلين بأحاديث أخرى صحيحة فيها إخبار بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأكله ولم يحرمه، وكذلك بأكل الصحابة له أمامه ولم ينكر عليهم.
● الفرق بين العادة والعبادة: هذا الموقف يوضح الفرق الدقيق بين ما يكون من السنة التشريعية الملزمة، وما يكون من عادات النبي صلى الله عليه وسلم الشخصية التي لا تدخل في باب التشريع.
● فقه عمر رضي الله عنه: يُظهر هذا الموقف عمق فقه سيدنا عمر وقدرته على الاستنباط، حيث فهم أن عدم الأكل ليس للتحريم، وعلل ذلك تعليلاً واقعياً ينفع الناس.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الصيد والذبائح (١٩٥١: ٥٠) عن محمد بن المثنى، حدّثنا ابن أبي عدي، عن داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 38 من أصل 127 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: طعام عامة الرعاء

  • 📜 حديث: طعام عامة الرعاء

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: طعام عامة الرعاء

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: طعام عامة الرعاء

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: طعام عامة الرعاء

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب