حديث: شربنا من مزادة امرأة مشركة وغسلنا صاحبنا الجنب

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في الأكل والشرب في أواني المشركين وأهل الكتاب وأسقيتهم

عن عمران بن حصين قال: شربنا ونحن أربعون رجلا عطاش من مزادة امرأة مشركة، وغسّلنا صاحبنا الجنب.

متفق عليه: رواه البخاري في المناقب (٣٥٧١)، ومسلم في المساجد (٦٨٢) كلاهما من
حديث سلْم بن زرير، قال: سمعت أبا رجاء العُطاردي قال: حدثنا عمران بن حصين .

عن عمران بن حصين قال: شربنا ونحن أربعون رجلا عطاش من مزادة امرأة مشركة، وغسّلنا صاحبنا الجنب.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، وغيره، عن الصحابي الجليل عمران بن حصين رضي الله عنه.

نص الحديث:


عن عمران بن حصين قال: «شربنا ونحن أربعون رجلا عطاش من مزادة امرأة مشركة، وغسّلنا صاحبنا الجنب».


1. شرح المفردات:


* عطاش: جمع "عطشان"، أي شديدي العطش، الذين بلغ بهم العطش مبلغًا عظيمًا.
* مزادة: (بفتح الميم وكسر الزاي) هي القربة أو الوعاء الجلدي الكبير الذي يُخَزَّن فيه الماء أو اللبن للسفر.
* امرأة مشركة: امرأة من المشركين الذين يعبدون الأصنام، وكان هذا قبل أن تُحرّم علينا ذبائحهم وأطعمتهم بشكل قاطع.
* غسّلنا صاحبنا الجنب: أي أننا قمنا بغسل وتطهير أخ لنا من الصحابة كان على حالة جنابة (أي عليه غسل كامل من جماع أو إنزال)، وذلك باستخدام الماء نفسه من مزادة المشركة.


2. شرح الحديث وسياقه:


يصف الصحابي عمران بن حصين رضي الله عنه واقعة حدثت لهم في سفر أو غزوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* الظرف الصعب: كان الصحابة رضي الله عنهم - وعددهم أربعون رجلاً - في حالة عطش شديد، بحيث لم يجدوا ماءً يروي ظمأهم سوى ماء موجود في "مزادة" (قربة) لامرأة مشركة.
* الحل الأول: شرب الماء: اضطروا لشرب الماء من إناء المشركة، ولم يجدوا في ذلك حرجًا، وذلك لأن أواني المشركين وأطعمتهم كانت على الأصل الإباحة قبل نزول الآيات التي حرّمت طعام أهل الكتاب خاصّةً، وتحريم ذبائح المشركين بشكل أعم. وهذا من رحمة الله تعالى وسعة الشريعة، حيث رفع الحرج عن المسلمين في الظروف الصعبة.
* الحل الثاني: الاغتسال من الجنابة: بلغ الأمر بهم إلى حد أنهم استخدموا الماء نفسه من مزادة المشركة في الاغتسال من الجنابة، وهو ما يتطلب كمية أكبر من الماء للطهارة الكبرى. وهذا يدل على شدة حاجتهم للماء، وأنهم لم يجدوا غيره.


3. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:


1- سعة الشريعة ورفع الحرج: هذا الحديث من أعظم الأدلة على أن الشريعة الإسلامية جاءت برفع الحرج والمشقة عن الناس، خاصة في السفر والضرورة. فاباحة استخدام إناء المشركة وشرب الماء منها والاغتسال به دليل على يسر الإسلام وسماحته.
2- طهارة أواني المشركين الأصل: يُستفاد من الحديث أن أواني الكفار - قبل التحريم القاطع - طاهرة، ولا ينجسها مجرد كون صاحبها مشركًا. والنجاسة تكون بالعين النجسة، لا بمجمل اعتقاد الشخص. وهذا قول جمهور العلماء.
3- جواز الاغتسال بماء استعمله آخرون: الماء الذي استعمله الصحابة للشرب لم ينتقل إليه نجاسة، وبقي على طهوريته، فجاز لهم استخدامه بعد ذلك للاغتسال من الجنابة. وهذا دليل على أن الماء الكثير أو القليل إذا لاقته نجاسة ولم تتغير بها أحد أوصافه (طعمه، لونه، ريحه) فإنه يبقى طاهرًا مطهرًا.
4- تقديم ضرورة حفظ النفس: العطش الشديد قد يؤدي إلى الهلاك، فجاز لهم شرب الماء من أي وعاء مباح للحفاظ على حياتهم، لأن حفظ النفس من المقاصد الكبرى للشريعة.
5- التعاون والتآخي بين الصحابة: قوله "وغسّلنا صاحبنا الجنب" يدل على التعاون والتآلف بين الصحابة، حيث ساعد بعضهم بعضًا في قضاء الحوائج وتطهير أنفسهم لأداء الصلاة وغيرها من العبادات.


4. معلومات إضافية:


* الحديث وحكمه: هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وحسنه الشيخ الألباني لغيره.
* الفقه المقارن: اختلف العلماء لاحقًا في حكم أواني المشركين بعد نزول الآيات المحرمة لذبائحهم، ولكن هذا الحديث يبقى دليلاً قويًا على الأصل وهو الطهارة، ويُعمل به في حال الضرورة أو عند عدم وجود دليل صريح بالتحريم لإناء معين.
* العبرة الاجتماعية: يظهر من الحديث تواضع الصحابة وقوة إيمانهم، حيث لم يستنكفوا من شرب الماء من مزادة امرأة بسيطة، بل وكانت مشركة، فالحاجة والضرورة تبيح المحظورات.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المناقب (٣٥٧١)، ومسلم في المساجد (٦٨٢) كلاهما من
حديث سلْم بن زرير، قال: سمعت أبا رجاء العُطاردي قال: حدثنا عمران بن حصين .. فذكر الحديث في حديث طويل سيأتي بتمامه في دلائل النبوة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 5 من أصل 127 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: شربنا من مزادة امرأة مشركة وغسلنا صاحبنا الجنب

  • 📜 حديث: شربنا من مزادة امرأة مشركة وغسلنا صاحبنا الجنب

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: شربنا من مزادة امرأة مشركة وغسلنا صاحبنا الجنب

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: شربنا من مزادة امرأة مشركة وغسلنا صاحبنا الجنب

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: شربنا من مزادة امرأة مشركة وغسلنا صاحبنا الجنب

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب