كلوا أو أطعموا فإنه حلال ولكن ليس من طعامي

حديث: كلوا أو أطعموا فإنه حلال ولكن ليس من طعامي

عن توبة العنبري قال: قال لي الشعبي: أرأيت حديث الحسن، عن النبي ﷺ، وقاعدت ابن عمر قريبا من سنتين أو سنة ونصف، فلم أسمعه يحدث عن النبي ﷺ غير هذا، قال: كان ناسٌ من أصحاب النبي ﷺ فيهم سعدٌ، فذهبوا يأكلون من لحم فنادتهم امرأة من بعض أزواج النبي ﷺ: إنه لحم ضبّ، فأمسكوا، فقال رسول الله ﷺ: «كلوا أو أطعموا - فإنه حلال» أو قال: لا بأس به، شكَّ فيه - ولكن ليس من طعامي».

متفق عليه: رواه البخاري في أخبار الآحاد (٧٢٦٧)، ومسلم في الصيد والذبائح (١٩٤٤) كلاهما من طريق محمد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن توبة العنبري قال فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

الحديث بلفظه:

1. شرح المفردات:

● توبة العنبري: راوي الحديث، ثقة من التابعين.
● الشعبي: هو عامر بن شراحيل الشعبي، إمام جليل من كبار التابعين.
● قاعدت ابن عمر: أي جالسته وصرت من ملازميه.
● لحم ضبّ: الضب هو حيوان بري معروف في الصحراء، يشبه الوزغ (البرص) لكنه أكبر حجمًا.
● أمسكوا: توقفوا عن الأكل.
● شكَّ فيه: أي أن الراوي شك في اللفظ هل هو "فإنه حلال" أو "لا بأس به".

2. شرح الحديث:

القصة الأولى (سند الحديث):
يخبرنا توبة العنبري أن الإمام الشعبي -وهو من أئمة التابعين- قال له: إنه جالس الصحابي الجليل عبدالله بن عمر رضي الله عنهما将近 سنتين أو أكثر، فلم يسمعه يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا هذا الحديث الواحد. وهذا يدل على:
- عظمة قدر ابن عمر وعلمه، وكان يتحرى في رواية الحديث.
- أن هذا الحديث كان من الأحاديث النادرة التي يرويها.
القصة الثانية (متن الحديث):
يحكي لنا ابن عمر رضي الله عنهما أن مجموعة من الصحابة -من بينهم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه- كانوا يأكلون من لحم، فظنوه لحمًا عاديًا، فنادتهم إحدى أمهات المؤمنين (زوجات النبي صلى الله عليه وسلم) وأخبرتهم أن هذا اللحم هو لحم "ضب". فلمّا سمعوا ذلك توقفوا عن الأكل فورًا، لأنهم ظنوا أنه حرام، أو لأنه كان مما يستقذر عند العرب.
فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرهم بأنه حلال وأمرهم بأكلها أو إطعامها (أي التصدق بها) للفقراء إن لم يرغبوا في أكلها. ثم بين صلى الله عليه وسلم سبب امتناعه الشخصي عن أكله بقوله: "ولكن ليس من طعامي"، أي أن النبي لا يأكله لا لأنه حرام، ولكن لأنه ليس من طعامه الذي يعتاده أو يحبه.

3. الدروس المستفادة منه:

1- حِلُّ أكل لحم الضب: هذا الحديث دليل على إباحة أكل لحم الضب، وهو قول جمهور العلماء من أهل السنة والجماعة.
2- التنبيه على الخطأ برفق: حيث نبهت أم المؤمنين الصحابة على أن اللحم هو لحم ضب، دون أن تثير فتنة أو تشنيع.
3- التبيين الشرعي من العالم: عندما توقف الصحابة عن الأكل، بين لهم النبي صلى الله عليه وسلم الحكم الشرعي بوضوح.
4- أنكر النبي صلى الله عليه وسلم عليهم توقفهم عن الأكل؛ لأنه حلال، فلو كان حرامًا لأنكر عليهم الأكل من الأصل.
5- التفريق بين الحلال والطيب: فالنبي صلى الله عليه وسلم بين أن الضب حلال، لكنه ليس من طعامه، أي أنه لا يستطيبه ولا يحبه. وهذا يدل على أن الإنسان قد يمتنع عن شيء حلال لعدم محبته أو استطابته له، دون أن يحرمه على غيره.
6- الورع والتثبت في الرواية: حيث إن ابن عمر رضي الله عنهما لم يكثر من رواية الحديث مع كونه صاحب صحبة طويلة للنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا من ورعه ودقته.

4. معلومات إضافية مفيدة:

● حكم أكل الضب: ذهب جمهور العلماء (الشافعية والمالكية والحنابلة) إلى جواز أكل الضب، واستدلوا بهذا الحديث وغيره.
● سبب امتناع النبي عن أكله: قال العلماء: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يأكل الضب لا لحرمته، ولكن لأنه لم يكن من طعام أهل مكة (بلاد الحرم) فلم يعتده، أو لأنه كان يستقذره.
● الفرق بين الضب وغيره من الحشرات: الضب من الحلال بخلاف الوزغ (البرص) الذي ورد النهي عن قتله في بعض الأحاديث، مما يدل على تحريم أكله.
وبهذا يتضح لنا أن هذا الحديث من الأحاديث المهمة التي تبين سماحة الإسلام ووضوح أحكامه، كما تبين أدب الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم وحرصهم على متابعته في كل صغيرة وكبيرة.
والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في أخبار الآحاد (٧٢٦٧)، ومسلم في الصيد والذبائح (١٩٤٤) كلاهما من طريق محمد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن توبة العنبري قال فذكره. واللفظ للبخاري.
وأما مسلم فأحال به على رواية معاذ العنبري، عن شعبة به، بمثله إلا أنه ليس فيه الشك،
ولفظه: «كلوا فإنه حلالٌ، ولكنه ليس من طعامي».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 34 من أصل 127 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كلوا أو أطعموا فإنه حلال ولكن ليس من طعامي

📜 حديث: كلوا أو أطعموا فإنه حلال ولكن ليس من طعامي

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كلوا أو أطعموا فإنه حلال ولكن ليس من طعامي

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كلوا أو أطعموا فإنه حلال ولكن ليس من طعامي

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كلوا أو أطعموا فإنه حلال ولكن ليس من طعامي

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية