حديث: الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا

عن أبي موسى الأشعري قال: جاء رجل إلى النبي ﷺ، فقال: يا رسول الله، ما القتال في سبيل الله؟ فإن أحدنا يقاتل غضبا، ويقاتل حمية، فرفع إليه رأسه، قال: - وما رفع إليه رأسه إلا أنه كان قائما - فقال: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله عز وجل».
وفي رواية: «يقاتل شجاعةً، ويقاتل حمية، ويقاتل رياءً».

متفق عليه: رواه البخاري في العلم (١٢٣)، ومسلم في الإمارة (١٩٠٤: ١٥١) كلاهما من طريق جرير، عن منصور، عن أبي وائل، عن أبي موسى .

عن أبي موسى الأشعري قال: جاء رجل إلى النبي ﷺ، فقال: يا رسول الله، ما القتال في سبيل الله؟ فإن أحدنا يقاتل غضبا، ويقاتل حمية، فرفع إليه رأسه، قال: - وما رفع إليه رأسه إلا أنه كان قائما - فقال: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله ﷿».
وفي رواية: «يقاتل شجاعةً، ويقاتل حمية، ويقاتل رياءً».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن ينفعنا وإياك بالعلم النافع والعمل الصالح.
شرح الحديث:
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وهو يضع قاعدة عظيمة وميزاناً دقيقاً يميز به المسلم بين القتال الذي يثاب عليه ويعد جهاداً في سبيل الله، والقتال الذي لا ثواب فيه بل قد يأثم صاحبه.
أولاً: شرح المفردات:
* ما القتال في سبيل الله؟: استفهام عن حقيقة القتال الذي يعد جهاداً في سبيل الله وصفته.
* غضبًا: أي بسبب غضب شخصي أو انتقام لذاتي.
* حمية: الحمية هي الغيرة والانتصار للعصبية القبلية أو القومية، وهي غير الغيرة للدين.
* فرفع إليه رأسه: أشار النبي صلى الله عليه وسلم برأسه للتأكيد على أهمية الجواب وتوجيه النظر إليه.
* لتكون كلمة الله هي العليا: أي لكي يكون الدين كله لله، وتعلو شريعة الله ولا يعبد إلا الله وحده.
* شجاعة: أي يقاتل ليثبت شجاعته وبسالته الشخصية بين الناس.
* رياء: أي يقاتل ليراه الناس فيمدحوه ويقولوا عنه شجاع، لا ابتغاء وجه الله.
ثانيًا: شرح الحديث:
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن حقيقة الجهاد في سبيل الله، لأنه لاحظ أن دوافع الناس للقتال تختلف، فبعضهم قد يدخل المعركة بدوافع نفسية أو دنيوية بحتة، مثل:
* الغضب: أن يقاتل انتقاماً لنفسه أو لأهله، أو لأنه استُفِزَّ وغضب.
* الحمية والعصبية: أن يقاتل دفاعاً عن قبيلته أو عشيرته أو قومه، حتى لو كانوا على باطل.
* الشجاعة والبطولة: أن يقاتل ليثبت جرأته ويطلب السمعة والشهرة بين الناس.
* الرياء: أن يقاتل ليراه الناس فيحمدوه، لا لوجه الله تعالى.
فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم جواباً شافياً يضع الميزان الصحيح، وهو أن النية هي الفيصل في قبول العمل وعدم قبوله، وفي تمييز الجهاد في سبيل الله عن غيره من أنواع القتال. فالجهاد في سبيل الله هو الذي يكون الباعث عليه والهدف منه واحداً فقط: "أن تكون كلمة الله هي العليا"، أي إعلاء دين الله ونشر توحيده، وإزالة الشرك والطغيان، حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.
فمن قاتل بهذه النية الخالصة لله تعالى، فهو المجاهد حقاً، وهو "في سبيل الله" الذي وعد عليه بالأجر العظيم والثواب الجزيل في الدنيا والآخرة.
أما من قاتل لتلك الدوافع الدنيوية أو النفسية (غضباً، حمية، شجاعة، رياء) فقاتل لنفسه أو لقبيلته أو لسمعته، فلا يعد قتاله جهاداً في سبيل الله، وإن حصل على نتائج دنيوية كالنصر أو الغنيمة.
ثالثاً: الدروس المستفادة والعبر:
1- الإخلاص شرط لقبول العمل: يبين الحديث أن أعمال القلوب من الإخلاص والنية هي أساس قبول الأعمال الظاهرة، حتى لو كانت عظيمة كالجهاد. فبدون إخلاص النية لله، يذهب العمل هباءً.
2- ميزان الأعمال عند الله هو النية: ليس المجاهد من حمل السلاح فقط، بل من صحت نيته وكان مقصوده وجه الله تعالى.
3- ذم العصبية القبلية والقومية: الحديث يحذر من القتال بدافع "الحمية" الجاهلية، التي هي من أمر الجاهلية التي حاربها الإسلام.
4- ذم الرياء والسمعة: يحذر النبي صلى الله عليه وسلم من أن يدخل الرياء على حتى أعظم العبادات، فيحبط أجرها.
5- الهدف الأسمى للمسلمين: يجب أن يكون هم المسلم الأول هو إعلاء كلمة الله، وجعل الدين كله لله، فهذا هو الهدف الذي تستحق من أجله التضحية بالنفس والمال.
6- الحكمة من مشروعية الجهاد: بيان أن الإسلام لم يشرع القتال للتوسع أو العدوان أو القومية، بل لغاية نبيلة هي حماية الدين وإزالة الطواغيت الذين يصدون عن سبيل الله.
رابعاً: معلومات إضافية مفيدة:
* هذا الحديث أصل عظيم في "باب النية" وأنها تميز العبادات عن العادات، وتميز الجهاد عن القتال.
* "كلمة الله" في الحديث هي "لا إله إلا الله"، وهي شهادة التوحيد، وتشمل كل ما جاء به الإسلام من عقائد وأحكام.
* يجب على المجاهد أن يجاهد نفسه أولاً حتى يخلص نيته لله، ويحذر من الشيطان الذي يوسوس له بدوافع أخرى.
* فضل الجهاد في سبيل الله عظيم، وهو ذروة سنام الإسلام، ولكن هذا الفضل مرتبط بتحقيق شرطه الأساسي وهو الإخلاص لله تعالى.
نسأل الله تعالى أن يخلص نياتنا، ويصلح أعمالنا، ويجعلنا من المجاهدين في سبيله لإعلاء كلمته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في العلم (١٢٣)، ومسلم في الإمارة (١٩٠٤: ١٥١) كلاهما من طريق جرير، عن منصور، عن أبي وائل، عن أبي موسى .. فذكره.
والرواية الأخرى للبخاري في التوحيد (٧٤٥٨)، ومسلم في الإمارة (١٩٠٤: ١٥٠) كلاهما من طريق الأعمش، عن أبي وائل شقيق به.
وقد ذكر هذه الروايات الحافظ في الفتح (٦/ ٢٨) فقال: «فالحاصل من رواياتهم أن القتال يقع بسبب خمسة أشياء: طلب المغنم، وإظهار الشجاعة، والرياء، والحمية، والغضب».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 77 من أصل 424 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء

  • 📜 حديث: الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب