المؤمنون القاعدون غير أولي الضرر لا يستوون

حديث: المؤمنون القاعدون غير أولي الضرر لا يستوون

عن ابن عباس في قول الله عز وجل: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ وقال: هم قوم كانوا على عهد رسول الله ﷺ لا يغزون معه لأسقام، وأمراض، وأوجاع، وآخرون أصحاء لا يغزون معه، وكان المرضى في عذر من الأصحاء».

صحيح: رواه الطبراني في الكبير (١٢/ ١٦٥)، والبيهقي (٩/ ٢٤) كلاهما من طرق عن أبي عقيل الدورقي (هو بشير بن عقبة الناجي)، عن أبي نضرة، (هو المنذر بن مالك العبدي) عن ابن عباس، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن ابن عباس في قول الله ﷿: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ وقال: هم قوم كانوا على عهد رسول الله ﷺ لا يغزون معه لأسقام، وأمراض، وأوجاع، وآخرون أصحاء لا يغزون معه، وكان المرضى في عذر من الأصحاء».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الأثر المروي عن الصحابي الجليل حبر الأمة وترجمان القرآن، عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، يفسر لنا قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} [النساء: 95].
وفيما يلي الشرح الوافي لهذا الأثر:

1. شرح المفردات:

● الْقَاعِدُونَ: هم الذين يتخلفون عن الجهاد في سبيل الله.
● غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ: أي الذين ليس لهم عذر مقبول.
● الضَّرَرِ: العذر المانع من الخروج للجهاد، وهو هنا المرَض.
● أُولِي الضَّرَرِ: أصحاب الأعذار الشرعية.
● يَغْزُونَ: يخرجون للقتال في سبيل الله.
● أسْقَام، أمراض، أوجاع: ألفاظ متقاربة المعنى تدل على أنواع الضعف والمرض التي تمنع من القدرة على القتال.
● في عُذْرٍ مِنَ الأصِحَّاء: أي أن المرضى كانوا معذورين شرعاً في تخلفهم، بخلاف الأصحاء المتخلفين بلا عذر.

2. شرح الأثر ومعناه الإجمالي:

يخبرنا ابن عباس رضي الله عنهما عن واقع حدث في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث صنف الناس تجاه الغزو إلى ثلاثة أقسام:
1- المجاهدون: الذين يخرجون بنفوسهم وأموالهم للقتال في سبيل الله، وهم أعلى المراتب.
2- القاعدون بعذر (أولو الضرر): وهم مرضى المؤمنين، أصحاب الأسقام والأمراض التي تمنعهم من الخروج، فهؤلاء معذورون شرعاً، ولهم أجرٌ عظيم وإن لم يبلغوا درجة المجاهدين.
3- القاعدون بغير عذر: وهم الأصحاء القادرون على الجهاد ولكنهم يتخلفون عنه تكاسلاً أو تهاوناً بغير سبب شرعي.
فالآية والأثر يقرران مبدأً عظيماً وهو: أن الناس لا يستوون في الدرجات والأجور؛ فدرجة المجاهدين أعلى من درجة القاعدين، والقاعدون بعذر أعلى مرتبةً من القاعدين بغير عذر.

3. الدروس المستفادة والعبر:

● تفاضل الأعمال والدرجات عند الله: فالعمل الصالح ليس سواءً، والأجر على قدر المشقة والنفع، والجهاد ذروة سنام الإسلام.
● مراعاة الأعذار الشرعية: فالشريعة الإسلامية سمحة، لا تكلف نفساً إلا وسعها، والمرض عذرٌ مقبول يرفع الإثم عن المتخلف.
● ذم التخلف عن الجهاد بغير عذر: حيث أن المتخلفين بغير عذر كانوا موضع تأنيب وتوبيخ، لأنهم قعدوا مع وجود القدرة.
● الحث على بذل الغالي والنفيس في سبيل الله: فالمجاهد يبذل أغلى ما عنده (نفسه وماله) لرفع كلمة الله.
● أن التفاضل بين الناس يكون بتقوى الله وبذل الجهد في طاعته، وليس بالأنساب أو الأموال.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذه الآية نزلت في سياق غزوة تبوك، التي كانت في ظروف صعبة من شدة الحر وبعد المسافة وقلة الزاد، فظهر فيها المؤمن الصادق من المنافق.
- الفقهاء استنبطوا من هذه الآية والأحاديث الأخرى أن الجهاد فرض كفاية على المسلمين، إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، لكنه فرض عين على كل قادر إذا حضر الصف واقترب العدو.
- الأعذار المبيحة للتخلف عن الجهاد ليست مقصورة على المرض، بل تشمل أيضاً الضعف الكبير، والديون التي لا يستطيع أداءها إلا بالحضور، وحاجة الأهل الذين لا يوجد من يكفيهم، وغير ذلك من الأعذار الشرعية.
نسأل الله أن يعيننا على طاعته، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطبراني في الكبير (١٢/ ١٦٥)، والبيهقي (٩/ ٢٤) كلاهما من طرق عن أبي عقيل الدورقي (هو بشير بن عقبة الناجي)، عن أبي نضرة، (هو المنذر بن مالك العبدي) عن ابن عباس، فذكره. وإسناده صحيح.
وقال الهيثمي: رواه الطبراني من طريقين، ورجال أحدهما ثقات. مجمع الزوائد (٧/ ٩).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 90 من أصل 424 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: المؤمنون القاعدون غير أولي الضرر لا يستوون

📜 حديث: المؤمنون القاعدون غير أولي الضرر لا يستوون

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: المؤمنون القاعدون غير أولي الضرر لا يستوون

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: المؤمنون القاعدون غير أولي الضرر لا يستوون

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: المؤمنون القاعدون غير أولي الضرر لا يستوون

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية