حديث: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب سقوط فرض الجهاد عن أصحاب الأعذار

عن سهل بن سعد الساعدي أنه قال: رأيت مروان بن الحكم جالسا في المسجد، فأقبلت حتى جلست إلى جنبه، فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره: أن رسول الله ﷺ أملى عليه: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ﴿وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ قال: فجاءه ابن أم مكتوم وهو يملها علي، فقال: يا رسول الله، لو أستطيع الجهاد لجاهدتُ، وكان رجلا أعمى، فأنزل الله تبارك وتعالى على رسوله ﷺ، وفخذه على فخذي، فثقلت علي حتى خفت أن ترض فخذي، ثم سُرِّيَ عنه، فأنزل الله عز وجل: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ ».

صحيح: رواه البخاري في الجهاد والسير (٢٨٣٢) عن عبد العزيز بن عبد الله، حدثنا إبراهيم بن سعد الزهري، حدثني صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، عن سهل بن سعد قال .

عن سهل بن سعد الساعدي أنه قال: رأيت مروان بن الحكم جالسا في المسجد، فأقبلت حتى جلست إلى جنبه، فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره: أن رسول الله ﷺ أملى عليه: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ﴿وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ قال: فجاءه ابن أم مكتوم وهو يملها علي، فقال: يا رسول الله، لو أستطيع الجهاد لجاهدتُ، وكان رجلا أعمى، فأنزل الله ﵎ على رسوله ﷺ، وفخذه على فخذي، فثقلت علي حتى خفت أن ترض فخذي، ثم سُرِّيَ عنه، فأنزل الله ﷿: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بشرح هذا الحديث العظيم.
الحديث: رواه البخاري في صحيحه، وهو حديث صحيح متفق على صحته.
شرح المفردات:
* أملى عليه: أي ألقى عليه الآية الكريمة ليكتبها في المصحف.
* يَملها: من الإملاء، أي كان النبي ﷺ يملي الآية على زيد بن ثابت كاتب الوحي.
* ابن أم مكتوم: هو عبد الله بن أم مكتوم، رضي الله عنه، وهو صحابي جليل كان أعمى، ومن السابقين إلى الإسلام.
* فخذه على فخذي: أي أن فخذ رسول الله ﷺ كانت موضوعة على فخذ زيد بن ثابت أثناء نزول الوحي، وكانت هذه إحدى صور تكريم الله لزيد.
* فثقلت علي: أي أصبحت فخذ النبي ﷺ ثقيلة جداً على فخذ زيد، وهذا من أثر نزول الوحي وشدة هيبته وجلاله.
* حتى خفت أن ترض فخذي: "ترض" أي تكسر أو تهرس، من الرضوض، أي خاف أن تُسحق فخذه من شدة الثقل.
* ثم سُرِّيَ عنه: أي انكشف عنه ثقل الوحي وذهب، وانتهت حالة النزول.
شرح الحديث:
يحدثنا الصحابي الجليل سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه عن مشهد سمعه من مروان بن الحكم، الذي بدوره يرويه عن كاتب الوحي زيد بن ثابت رضي الله عنه.
كان زيد بن ثابت جالساً بين يدي النبي ﷺ ليكتب الوحي، وكانت فخذ النبي ﷺ على فخذه تكريماً له. وأملى عليه رسول الله ﷺ قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 95].
وفي لحظة الكتابة والإملاء هذه، دخل عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه (وهو رجل أعمى) على النبي ﷺ، وقال له بأدب وحزن: "يا رسول الله، لو أستطيع الجهاد لجاهدت". لقد أحسّ بحزن شديد لأنه بسبب عماه، وهو عذر قاهر، سيدخل في عموم "القاعدين" الذين لا يستوون مع المجاهدين، مع أن قلبه كان يشتاق للجهاد ولو استطاع لفعل.
فأراد الله تعالى أن يطمئن قلب هذا المؤمن الصادق وأمثاله من أصحاب الأعذار الشرعية، فأنزل على رسوله ﷺ – وهو في تلك الحالة – الاستثناء الإلهي: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}.
ونزل الوحي في هذه اللحظة بشدة وهيبة عظيمة، حتى إن زيداً رضي الله عنه أحسّ بثقل فخذ النبي ﷺ على فخذه ثقلاً هائلاً كاد يرضّ عظمه، فلما انقضى نزول الوحي وسُري عنه، عرف الجميع أن الله قد استثنى أصحاب الضرر (أي العذر الشرعي) من ذم القاعدين، فلا حرج عليهم ولا تفاوت بينهم وبين المجاهدين بل لهم أجرهم.
الدروس المستفادة والعبر:
1- رحمة الله تعالى وعدله: يظهر هذا الحديث عدل الله ورحمته بعباده، حيث رفع الحرج عن أصحاب الأعذار الشرعية الحقيقية، ولم يكلفهم ما لا يطيقون.
2- همة الصحابة رضي الله عنهم: يبين حرص الصحابة رضوان الله عليهم على الخير ومسارعتهم إليه، وحزنهم إذا فاتهم أجرٌ عظيم كأجر الجهاد، حتى إن الأعمى ليشتاق إليه.
3- هيبة نزول الوحي: الحديث يصف لنا جانباً من هيبة وقوة وحالة نزول الوحي على النبي ﷺ، وكيف كان يؤثر جسدياً على من يكون قريباً منه.
4- مكانة أهل الأعذار: يؤكد أن من عجز عن فعل الطاعة لعذر شرعي قاهر (كمرض، أو عمى، أو عرج، إلخ) فإنه مأجور إن شاء الله، ولا يقل فضله عن فاعلها إذا كان قلبه معلقاً بالله ومشتاقاً للخير. قال النبي ﷺ: «إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا».
5- أدب الصحابة مع النبي ﷺ: نرى أدب ابن أم مكتوم في سؤاله، حيث عبر عن حاجته بعبارة مليئة بالاحترام والشوق لطاعة الله.
6- تفاضل الأعمال والدرجات: الآية أصل في أن الأعمال تتمايز في الفضل والثواب، فالجهاد في سبيل الله من أعظم الأعمال، ولكن الله رفع الإثم عن غير المستطيع.
معلومات إضافية:
* الآية الكاملة في سورة النساء: **{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ۚ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الجهاد والسير (٢٨٣٢) عن عبد العزيز بن عبد الله، حدثنا إبراهيم بن سعد الزهري، حدثني صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، عن سهل بن سعد قال .. فذكره.
وقوله: «يملّه» بتشديد اللام من الإملال يقال: أمللتُ الكتاب، وأمليته إذا ألقيته على الكاتب ليكتبه.
وقوله: «سُرّي عنه» أي كُشفَ ..

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 87 من أصل 424 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}

  • 📜 حديث: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب