حديث: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب لا يجب الجهاد إلا إذا استنفر الإمام

عن عائشة قالت: سئل رسول الله ﷺ عن الهجرة؟ فقال: «لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا».

صحيح: رواه مسلم في الإمارة (١٨٦٤: ٨٦) عن محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، من عطاء، عن عائشة .

عن عائشة قالت: سئل رسول الله ﷺ عن الهجرة؟ فقال: «لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

الحديث:


عن عائشة رضي الله عنها قالت: سُئل رسول الله ﷺ عن الهجرة؟ فقال: «لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا».
[رواه البخاري (رقم 2783) ومسلم (رقم 1353)]


أولاً. شرح المفردات:


* الهجرة: في أصلها اللغوي: الترك. وشرعًا: هي ترك دار الكفر والانتقال إلى دار الإسلام خوفًا من الفتنة، وطلبًا لمرضاة الله.
* الفتح: المقصود هنا فتح مكة، كما هو رأي جمهور العلماء. وقد سُمي فتحًا لأن الله تعالى فتح به قلوب الناس للإسلام، وفتح به مكة، وكان نصرًا عظيمًا ومفصليًا في تاريخ الدعوة الإسلامية.
* استنفرتم: طلب منكم الإمام أو القائد الخروج للجهاد.
* فانفروا: انهضوا واخرجوا للجهاد مسرعين.


ثانيًا. شرح الحديث:


يُبيّن النبي ﷺ في هذا الحديث حكمًا شرعيًا مهمًا مرتبطًا بمرحلة تاريخية فارقة، وهي بعد فتح مكة.
1- "لا هجرة بعد الفتح":
* المقصود هنا انقطاع هجرة المكان الخاصة، وهي الهجرة من مكة إلى المدينة. وذلك لأن مكة بعد فتحها صارت دار إسلام، فلم يعد هناك معنى للهجرة منها، إذ الهجرة تكون من دار الكفر إلى دار الإسلام. فصار المسلمون في مكة كإخوانهم في المدينة، جميعهم في دار واحدة للإسلام.
* هذا الحكم خاص بهجرة مكة، أما البلاد الأخرى التي لم تفتح بعد وظلت دار كفر، فتبقى الهجرة منها واجبة على من يقدر عليها ولا يستطيع إظهار دينه.
* قال أهل العلم: "مَعْنَاهُ لا هِجْرَةَ مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ فَتْحِهَا لأَنَّهَا صَارَتْ دَارَ إسْلامٍ".
2- "ولكن جهاد ونية":
* بيّن النبي ﷺ أن انقطاع هذا النوع من الهجرة لا يعني انقطاع العمل الصالح والاجتهاد في الطاعة، بل هناك ما هو باقٍ ومطلوب.
* الجهاد: وهو بذل الجهد في سبيل الله بأنواعه المختلفة، سواء كان جهادًا بالقتال ضد الأعداء، أو جهادًا بالنفس والمال واللسان، أو جهادًا للنفس والهوى.
* النية: وهي قصد العمل لوجه الله تعالى وإخلاصه له. فبقاء النية الصالحة والإخلاص هو روح جميع الأعمال، وهو هجرة قلبية دائمة، يهاجر بها المسلم من المعصية إلى الطاعة، ومن حب الدنيا إلى حب الآخرة.
3- "وإذا استنفرتم فانفروا":
* هذا تأكيد على فريضة الجهاد التي بقيت قائمة. فإذا دعا الإمام أو القائد المسلمون للخروج للجهاد للدفاع عن دار الإسلام أو لنصرة المستضعفين، وجب على من يستطيع النفور (أي المسارعة والخروج) وعدم التخلف إلا بعذر شرعي.
* فيه إظهار لوجوب طاعة ولي الأمر في الخروج للجهاد عندما يدعو إليه.


ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- مرونة التشريع الإسلامي: الشريعة الإسلامية تأتي بأحكام تتناسب مع ظروف الناس وواقعهم. فحكم الهجرة تغير باختلاف الظرف المكاني والزماني، فما كان واجبًا أصبح غير مطلوب لزوال سببه.
2- استمرارية الطاعة: انقطاع سبب عبادة لا يعني انقطاع الطاعة بشكل عام، بل تتحول الهمة والاجتهاد إلى أبواب أخرى من الخير والطاعة باقية، كالجهاد والنية الصالحة.
3- أهمية النية: النية هي أساس العمل وقوامه. فحتى بعد انقطاع الهجرة، تبقى هجرة القلب بالنية الخالصة لله تعالى، وهي التي تعظم بها الأجور وتحيا بها القلوب.
4- وجوب الجهاد والنصرة: بيان وجوب استجابة نداء الجهاد عند الحاجة إليه، ووجوب نصر الدين وإعلاء كلمة الله.
5- طاعة ولي الأمر: في الأمر "إذا استنفرتم فانفروا" تأكيد على وجوب طاعة ولي الأمر في المعروف، وخاصة في أمور الجهاد التي تتعلق بمصالح الأمة العليا.


رابعًا. معلومات إضافية:


* بعض العلماء كالإمام الشافعي رحمه الله يرى أن "الفتح" المقصود في الحديث هو فتح مكة، بينما يرى آخرون أنه قد يعم كل فتح يحصل للمسلمين يجعل الدار دار إسلام.
* الهجرة بمعناها العام (هجرة المعاصي والذنوب) باقية إلى قيام الساعة، كما في الحديث: «وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ».
* هذا الحديث يدل على أن الجهاد باقٍ إلى قيام الساعة، وهو ذروة سنام الإسلام.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الإمارة (١٨٦٤: ٨٦) عن محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، من عطاء، عن عائشة .. فذكرته.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 82 من أصل 424 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية

  • 📜 حديث: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب