أكثرهم للموت ذكرًا وأحسن له استعدادًا

حديث: أكثرهم للموت ذكرًا وأحسن له استعدادًا

عن عطاء بن أبي رباح قال: كنا مع ابن عمر بمنى فجاءه فتى من أهل البصرة
يسأله عن شيء فقال: سأخبرك عن ذلك كنت عند رسول الله ﷺ عاشر عشرة في مسجد رسول الله أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود، ومعاذ، وحذيفة، وأبو سعيد الخدري ورجل آخر سماه وأنا، فجاءه فتى من الأنصار فسلم على رسول الله ﷺ ثم جلس فقال: يا رسول الله أي المؤمنين أفضل؟ قال: «أحسنُهم خلقا» قال: فأي المؤمنين أكيس؟ قال: «أكثرهم للموت ذكرًا، وأحسن له استعدادًا قبل أن ينزل بهم»، أو قال به: «أولئك الأكياس».
ثم سكت الفتى وأقبل علينا النبي ﷺ فقال: «لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم. ولا نقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين، وشدة المؤنة، وجور السلطان عليهم. ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا. ولن ينقضوا عهد الله ورسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم، وأخذوا بعض ما كان في أيديهم. وإذا لم يحكم أئمتهم بكتاب الله جعل الله بأسهم بينهم».
قال: ثم أمر عبد الرحمن بن عوف أن يتجهز لسرية أمّره عليها، فأصبح قد اعتم بعمامة كرابيس سوداء، فدعاه النبي ﷺ، فنقضها، فعممه وأرسل من خلفه أربع أصابع أو نحوها، ثم قال: «هكذا يا ابن عوف فاعتم، فإنه أعرف وأحسن»، ثم أمر بلالا، أن يرفع إليه اللواء، فحمد الله، ثم قال: «اغزوا جميعا في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، لا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا، فهذا عهد الله وسنة نبيكم فيكم».

حسن: رواه البزار (٦١٧٥)، والطبراني في الأوسط (٤٦٦٨)، والحاكم (٤/ ٥٤٠) كلهم من طرق عن أبي الجماهر محمد بن عثمان الدمشقي: حدثنا الهيثم بن حميد: حدثني حفص بن غيلان، عن عطاء بن أبي رباح .

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم جامع، رواه الإمام أحمد في مسنده، وفيه فوائد عظيمة ودروس قيمة، سأشرحه لكم جزءًا جزءًا بإذن الله.

أولًا:

شرح المفردات:
● أكيس: الأكثر حكمة وعقلًا.
● الكرابيس: نوع من الثياب الخشنة.
● لا تغلوا: لا تخونوا في الغنائم.
● لا تغدروا: لا تخونوا العهود.
● لا تمثلوا: لا تمثلوا بالقتلى بعد قتلهم.
● وليدًا: الطفل الصغير.

ثانيًا. شرح الحديث:

يبدأ الحديث بقصة سؤال الفتى الأنصاري النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل المؤمنين وأكيسهم، فيجيب النبي صلى الله عليه وسلم بأن:
1- أفضل المؤمنين: أحسنهم خلقًا، مما يدل على عظم مكانة حسن الخلق في الإسلام.
2- أكيس المؤمنين: أكثرهم ذكرًا للموت وأحسن استعدادًا له، وهذا يحث على الاستعداد للآخرة والتذكير بالموت.
ثم ينتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى تحذير الأمة من الذنوب وعواقبها، فيذكر:
● إظهار الفاحشة: يؤدي إلى انتشار الأمراض والطواعين التي لم تكن معروفة.
● نقص المكيال والميزان: يؤدي إلى القحط وشدة المؤنة وجور السلطان.
● منع الزكاة: يؤدي إلى منع المطر من السماء.
● نقض عهد الله ورسوله: يؤدي إلى تسلط الأعداء وأخذ ما في أيديهم.
● عدم الحكم بكتاب الله: يؤدي إلى انتشار الفوضى والصراعات بين الناس.
ثم يذكر قصة تأمير عبد الرحمن بن عوف على سرية، ويوجهه النبي صلى الله عليه وسلم إلى كيفية الاعتمام بشكل لائق، مما يدل على اهتمام الإسلام بالمظهر الحسن.
وأخيرًا، يوجه النبي صلى الله عليه وسلم الجيش بوصايا عظيمة في الجهاد، منها:
- القتال في سبيل الله.
- عدم الغلول أو الغدر.
- عدم التمثيل بالقتلى.
- عدم قتل الأطفال.

ثالثًا. الدروس المستفادة:

1- حسن الخلق: هو معيار التفاضل بين المؤمنين.
2- ذكر الموت: من علامات العقل والحكمة.
3 الذنوب وعواقبها: كل ذنب له عقوبة في الدنيا قبل الآخرة.
4- العدل في المعاملات: من أسباب استقرار المجتمع.
5- أهمية الزكاة: فيها بركة للأمة وسبب لنزول المطر.
6- الوفاء بالعهود: من أسباب النصر والحماية من الأعداء.
7- الحكم بشرع الله: فيه حفظ للأمة من الفرقة والصراع.
8- الاهتمام بالمظهر: دون إسراف أو خيلاء.
9- آداب الجهاد: يجب الالتزام بالأخلاق حتى في الحرب.

رابعًا. معلومات إضافية:

- هذا الحديث يجمع بين التوجيه الفردي والجماعي، بين الأخلاق والعبادات والمعاملات.
- فيه تحذير من الذنوب التي تؤدي إلى هلاك الأمم.
- الوصايا الأخيرة في الجهاد تدل على رحمة الإسلام حتى في أشد الظروف.
أسأل الله أن يجعلنا من أحسن الناس خلقًا، وأكثرهم ذكرًا للموت، وأحسنهم استعدادًا له، وأن يحفظنا من الذنوب وعواقبها، وأن يوفقنا لطاعته واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البزار (٦١٧٥)، والطبراني في الأوسط (٤٦٦٨)، والحاكم (٤/ ٥٤٠) كلهم من طرق عن أبي الجماهر محمد بن عثمان الدمشقي: حدثنا الهيثم بن حميد: حدثني حفص بن غيلان، عن عطاء بن أبي رباح .. فذكره.
وإسناده حسن من أجل الهيثم بن حميد وحفص بن غيلان.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 120 من أصل 424 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أكثرهم للموت ذكرًا وأحسن له استعدادًا

📜 حديث: أكثرهم للموت ذكرًا وأحسن له استعدادًا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أكثرهم للموت ذكرًا وأحسن له استعدادًا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أكثرهم للموت ذكرًا وأحسن له استعدادًا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أكثرهم للموت ذكرًا وأحسن له استعدادًا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية