حديث: وصايا النبي ﷺ لقادة الجيوش والأمراء
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب الدعوة إلى الإسلام قبل القتال
فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم أن تُخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا؟».
صحيح: رواه مسلم في الجهاد والسير (١٧٣١: ٢، ٣) من طريق سفيان (هو الثوري)، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه .

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فإني أشرح هذا الحديث الشريف شرحًا وافيًا مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة، مع بيان فوائده وعظاته.
### الحديث ومصدره
هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب الجهاد والسير، وهو من الأحاديث العظيمة التي بينت منهج الإسلام في التعامل مع الأعداء في حال الحرب، وآداب الجهاد، ومراعاة العدل والإنسانية حتى في ساحة القتال.
شرح المفردات:
● أميرًا على جيش أو سرية: قائدًا على مجموعة من الجنود سواء كانوا كثيرين (جيش) أو قلة (سرية).
● أوصاه في خاصته: نصحه سرًا ومنفردًا.
● تقوى الله: الخوف من الله تعالى ومراقبته في السر والعلن.
● ولا تغلوا: لا تخونوا في الغنائم ولا تأخذوا منها شيئًا بغير حق.
● ولا تغدروا: لا تخونوا العهد ولا تنقضوا العهد مع العدو.
● ولا تمثلوا: لا تمثلوا بالقتلى ولا تقطعوا أعضاءهم.
● ولا تقتلوا وليدًا: لا تقتلوا الأطفال والصبيان.
● ادعهم إلى ثلاث خصال: اعرض عليهم ثلاثة خيارات.
● دار المهاجرين: المدينة المنورة، دار الإسلام.
● كأعراب المسلمين: مثل البدو المسلمين الذين ليس لهم نصيب في الغنائم إلا إذا جاهدوا.
● الجزية: مال يؤخذ من أهل الذمة مقابل حمايتهم وتركهم أحرارًا في دينهم.
● ذمة الله وذمة نبيه: عهد الله وعهد رسوله، وهو أعلى أنواع العهود.
● أن تخفروا: أن تنقضوا العهد وتخونوه.
● تنزلهم على حكم الله: تحكم فيهم بحكم الله.
شرح الحديث:
يبدأ الحديث بأن النبي ﷺ كان إذا ولّى قائدًا على جيش أو سرية، فإنه يوصيه في خاصته (سرًا) بتقوى الله، وأن يحسن إلى من معه من المسلمين، ثم يوجهه إلى آداب الجهاد وأحكامه.
1- البدء بتقوى الله والإحساس للمسلمين: هذا يدل على أن القائد يجب أن يكون قدوة في تقواه وإحسانه، لأن ذلك أساس النصر.
2- التسمية والنية: «اغزوا باسم الله في سبيل الله» أي ابدؤوا جهادكم باسم الله، واجعلوا نيتكم خالصة لوجهه تعالى، وفي سبيله.
3- الهدف من القتال: «قاتلوا من كفر بالله» أي قاتلوا الكفار الذين يحاربون الإسلام ويعتدون على المسلمين.
4- التحذير من الآثام:
- «ولا تغلوا»: لا تخونوا في الغنائم، فلا يأخذ أحد شيئًا دون إذن.
- «ولا تغدروا»: لا تنقضوا العهود مع الأعداء، فالإسلام يحترم العهود.
- «ولا تمثلوا»: لا تمثلوا بالقتلى، فلا تقطعوا الأطراف أو تشوهوا الجثث، فهذا منافٍ للرحمة الإسلامية.
- «ولا تقتلوا وليدًا»: لا تقتلوا الأطفال، فهم غير مسئولين عن حرب الكفار.
5- مراحل الدعوة قبل القتال: هذا من أعظم ما في الحديث، حيث يأمر النبي ﷺ بعدم البدء بالقتال حتى تدعو العدو إلى الإسلام أو قبول الجزية، وهذا من رحمة الإسلام وعدله.
● المرحلة الأولى: ادعهم إلى الإسلام، فإن قبلوه فاقبل منهم وكف عنهم.
● المرحلة الثانية: إن أبوا الإسلام، فادعهم إلى الانتقال إلى دار الإسلام (المدينة)، وأخبرهم أن لهم حقوق المهاجرين وعليهم واجباتهم.
● المرحلة الثالثة: إن أبوا الانتقال، فأخبرهم أنهم سيكونون كالأعراب المسلمين، ليس لهم نصيب في الغنائم إلا إذا جاهدوا.
● المرحلة الرابعة: إن أبوا كل ذلك، فادعهم إلى دفع الجزية (وهي مال يؤخذ من غير المسلمين مقابل حمايتهم وتركهم أحرارًا في دينهم)، فإن قبلوا فاقبل منهم.
● المرحلة الخامسة: إن أبوا كل هذه الخيارات، فاستعن بالله وقاتلهم، لأنهم أصروا على العدوان.
6- أمان الحصون والعهود:
- إذا حاصرت حصنًا وأراد أهله أن تعطيهم عهد الله وعهد رسوله (أي أعلى أنواع العهود)، فلا تفعل، بل أعطهم عهدك وعهد أصحابك، لأن نقض عهدك أهون من نقض عهد الله ورسوله.
- وإذا أرادوا أن تنزلهم على حكم الله، فلا تفعل، بل انزلهم على حكمك، لأنك لا تدري هل ستصيب حكم الله فيهم أم لا؟ وهذا من باب الاحتياط لدين الله.
الدروس المستفادة:
1- تقوى الله أساس النصر: فالنصر من الله تعالى، وهو لا ينصر إلا من اتقاه.
2- الرحمة حتى في الحرب: الإسلام يحرم قتل الأطفال والتمثيل بالقتلى، ويحترم العهود.
3- الدعوة قبل القتال: لا يبدأ القتال إلا بعد عرض خيارات السلام والدعوة إلى الإسلام أو الجزية.
4- العدل مع غير المسلمين: فمن قبل الجزية فإنه يعيش في أمان وحماية المسلمين.
5- الحكمة في التعامل مع الأعداء: كالاحتياط في إعطاء العهود والحكم، حتى لا ينقض عهد الله أو يحكم بغير علم.
فوائد إضافية:
- هذا الحديث يدل على سماحة الإسلام وعدله، حتى مع الأعداء.
- فيه بيان أن الجهاد في الإسلام ليس للتوسع أو العدوان، بل للدفاع ونشر دعوة الإسلام.
- فيه تأكيد على أن القائد يجب أن يكون رحيمًا بعدل، شجاعًا بحكمة.
تخريج الحديث
ثم أشار مسلم عقبه إلى أن هذا الحديث رواه النعمان بن مقرن، عن النبي ﷺ نحوه.
وروي عن أبي البختري أن سلمان حاصر قصرا من قصور فارس فقال لأصحابه: دعوني حتى أفعل ما رأيت رسول الله ﷺ يفعل، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إني امرؤ منكم وإن الله رزقني الإسلام، وقد ترون طاعة العرب، فإن أنتم أسلمتم وهاجرتم إلينا فأنتم بمنزلتنا، يجري عليكم ما يجري علينا، وإن أنتم أسلمتم وأقمتم في دياركم فأنتم بمنزلة الأعراب يجري لكم ما يجري لهم ويجري عليكم ما يجري عليهم، فإن أبيتم وأقررتم بالجزية فلكم ما لأهل الجزية وعليكم ما على أهل الجزية، عرض عليهم ذلك ثلاثة أيام ثم قال لأصحابه: انهدوا إليهم ففتحها.
رواه الترمذي (١٥٤٨) من طريق أبي عوانة - وأحمد (٢٣٧٢٦) من طريق إسرائيل - و(٢٣٧٣٤) من طريق حماد بن سلمة - كلهم عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري (هو سعيد بن فيروز الطائي) .. فذكره. والسياق لحماد بن سلمة.
وقال الترمذي: «حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث عطاء بن السائب، وسمعت محمدًا يقول: أبو البختري لم يدرك سلمان؟ لأنه لم يدرك عليا وسلمان مات قبل علي».
قال الأعظمي: وعلى هذا فإسناده منقطع.
وعطاء بن السائب اختلط، ولكن حماد بن سلمة سمع منه قبل الاختلاط.
وقوله: «فنهد إليهم» أي نهض إليهم.
وكان ذلك في السنة السادسة عشر، وقد بعث عمر بن الخطاب سعد بن أبي وقاص لغزو كسرى، فلم يبق من غربي دجلة إلى أرض العرب أحد من الفلاحين إلا تحت الجزية والخراج، وامتنع نهر شهر من سعد أشد الامتناع، فبعث إليهم سعد سلمان الفارسي، فدعاهم إلى الله عز وجل، أو الجزية أو المقاتلة، فأبوا إلا المقاتلة. انظر: البداية والنهاية (٧/ ٦٣).
وفي الباب عن ابن عباس قال: «ما قاتل رسول الله ﷺ قوما قط إلا دعاهم».
رواه أحمد (٢١٠٥)، وعبد بن حميد (٦٩٧)، والدارمي (٢٤٨٨) والحاكم (١/ ١٥)، والبيهقي (٩/ ١٠٧) من طرق عن سفيان الثوري، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن أبيه، عن ابن عباس ..
فذكره.
وقال الحاكم «هذا حديث صحيح من حديث الثوري، ولم يخرجاه، وقد احتج مسلم بأبي نجيح والد عبد الله، واسمه يسار، وهو من موالي المكيين».
قلت ظاهر إسناده كذلك لكن ذكر الدارمي عقب الحديث أن سفيان لم يسمع من ابن أبي نجيح هذا الحديث.
وقال أحمد بن حنبل: حدثنا عبد الرحمن (هو ابن مهدي) قال: سألت سفيان عن حديث ابن أبي نجيح، عن أبيه: ما قاتل النبي ﷺ قوما فقال: أشك فيه. حكاه عبد الله بن أحمد عن أبيه في العلل (٣/ ٧٤).
وقد تابعه الحجاج بن أرطاة عن ابن أبي نجيح به، أخرجه أحمد (٢٠٥٣)، الحجاج بن أرطاة وهو مدلس وقد عنعن. وللحديث طرق أخرى لا تخلو من مقال.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 129 من أصل 424 حديثاً له شرح
- 104 نساء الأنصار يسقين الماء ويداوين الجرحى مع النبي ﷺ في...
- 105 اللهم إني أحرم ما بين لابتيها بمثل ما حرم إبراهيم...
- 106 لا تمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا
- 107 لا تمنوا لقاء العدو فإذا لقيتموهم فاصبروا
- 108 بُعثت بجوامع الكلم ونصرت بالرعب
- 109 جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم
- 110 الجهاد في بر الوالدين: "أحي والداك؟ نعم، ففيهما فجاهد"
- 111 ارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما
- 112 الجنة تحت أقدام الأمهات
- 113 أقم على أمك يا ابن أخت
- 114 أبو طلحة لا يصوم على عهد النبي من أجل الغزو
- 115 بايعنا رسول الله على الموت
- 116 بايعناه على أن لا نفر ولم نبايعه على الموت
- 117 رفض البيعة على الموت بعد النبي
- 118 إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال
- 119 سيروا بسم الله وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله
- 120 أكثرهم للموت ذكرًا وأحسن له استعدادًا
- 121 إن تطعنوا في إمرة أسامة فقد كنتم تطعنون في إمرة...
- 122 إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر
- 123 إن الله ليؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم
- 124 استشهاد قادة المسلمين في غزوة مؤتة
- 125 إن لقيتم فلانا وفلانا فاقتلوهما
- 126 كان رسول الله ﷺ إذا شيع جيشا فبلغ عقبة الوداع...
- 127 من ضيق منزلا أو قطع طريقا فلا جهاد له
- 128 تفرقكم في الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان
- 129 وصايا النبي ﷺ لقادة الجيوش والأمراء
- 130 خيلنا خيل الله إذا فزعنا
- 131 أصاب رسول الله ﷺ جويرية بنت الحارث في غزوة بني...
- 132 لم يكن النبي يغزو في الشهر الحرام إلا أن يغزى
- 133 كان إذا لم يقاتل أول النهار انتظر حتى تهب الأرواح...
- 134 خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين
- 135 كان رسول الله ﷺ يغير إذا طلع الفجر ويستمع الأذان
- 136 أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله
- 137 فمن قال: لا إله إلا الله فقد عصم مني نفسه...
- 138 لأعطين هذه الراية رجلا يحب الله ورسوله يفتح الله على...
- 139 فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام
- 140 إذا قالوها، وصلوا صلاتنا، واستقبلوا قبلتنا، وذبحوا ذبيحتنا فقد حرمت...
- 141 فإذا قالوا: لا إله إلا الله عصموا مني دماءهم وأموالهم...
- 142 اذهبوا فخلوا سبيله فإنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا
- 143 من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من...
- 144 أشد أهل الجنة تحابا
- 145 عنوان الحديث: "تؤمن بالله واليوم الآخر وتقيم الصلاة وتعبُد...
- 146 بعثت بالسيف حتى يعبد الله لا شريك له
- 147 يا أسامة أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله؟
- 148 من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة
- 149 حرمة قتل من اعلن اسلامه بعد القتال
- 150 فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا، فجعل خالد يقتل منهم ويأسر
- 151 منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم
- 152 كنا والله إذا احمر البأس نتقي به، وإن الشجاع منا...
- 153 اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك
معلومات عن حديث: وصايا النبي ﷺ لقادة الجيوش والأمراء
📜 حديث: وصايا النبي ﷺ لقادة الجيوش والأمراء
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: وصايا النبي ﷺ لقادة الجيوش والأمراء
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: وصايا النبي ﷺ لقادة الجيوش والأمراء
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: وصايا النبي ﷺ لقادة الجيوش والأمراء
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








