حديث: وصايا النبي ﷺ لقادة الجيوش والأمراء

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الدعوة إلى الإسلام قبل القتال

عن بريدة بن الحصيب قال: كان رسول الله ﷺ إذا أمر أميرًا على جيش أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرًا، ثم قال: «اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدًا، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال، فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين. فإن هم أبوا فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم، وإذا حاصرت أهل حصن
فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم أن تُخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا؟».

صحيح: رواه مسلم في الجهاد والسير (١٧٣١: ٢، ٣) من طريق سفيان (هو الثوري)، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه .

عن بريدة بن الحصيب قال: كان رسول الله ﷺ إذا أمر أميرًا على جيش أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرًا، ثم قال: «اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدًا، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال، فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين. فإن هم أبوا فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم، وإذا حاصرت أهل حصن
فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم أن تُخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا؟».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإني أشرح هذا الحديث الشريف شرحًا وافيًا مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة، مع بيان فوائده وعظاته.
### الحديث ومصدره
هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب الجهاد والسير، وهو من الأحاديث العظيمة التي بينت منهج الإسلام في التعامل مع الأعداء في حال الحرب، وآداب الجهاد، ومراعاة العدل والإنسانية حتى في ساحة القتال.

شرح المفردات:


● أميرًا على جيش أو سرية: قائدًا على مجموعة من الجنود سواء كانوا كثيرين (جيش) أو قلة (سرية).
● أوصاه في خاصته: نصحه سرًا ومنفردًا.
● تقوى الله: الخوف من الله تعالى ومراقبته في السر والعلن.
● ولا تغلوا: لا تخونوا في الغنائم ولا تأخذوا منها شيئًا بغير حق.
● ولا تغدروا: لا تخونوا العهد ولا تنقضوا العهد مع العدو.
● ولا تمثلوا: لا تمثلوا بالقتلى ولا تقطعوا أعضاءهم.
● ولا تقتلوا وليدًا: لا تقتلوا الأطفال والصبيان.
● ادعهم إلى ثلاث خصال: اعرض عليهم ثلاثة خيارات.
● دار المهاجرين: المدينة المنورة، دار الإسلام.
● كأعراب المسلمين: مثل البدو المسلمين الذين ليس لهم نصيب في الغنائم إلا إذا جاهدوا.
● الجزية: مال يؤخذ من أهل الذمة مقابل حمايتهم وتركهم أحرارًا في دينهم.
● ذمة الله وذمة نبيه: عهد الله وعهد رسوله، وهو أعلى أنواع العهود.
● أن تخفروا: أن تنقضوا العهد وتخونوه.
● تنزلهم على حكم الله: تحكم فيهم بحكم الله.

شرح الحديث:


يبدأ الحديث بأن النبي ﷺ كان إذا ولّى قائدًا على جيش أو سرية، فإنه يوصيه في خاصته (سرًا) بتقوى الله، وأن يحسن إلى من معه من المسلمين، ثم يوجهه إلى آداب الجهاد وأحكامه.
1- البدء بتقوى الله والإحساس للمسلمين: هذا يدل على أن القائد يجب أن يكون قدوة في تقواه وإحسانه، لأن ذلك أساس النصر.
2- التسمية والنية: «اغزوا باسم الله في سبيل الله» أي ابدؤوا جهادكم باسم الله، واجعلوا نيتكم خالصة لوجهه تعالى، وفي سبيله.
3- الهدف من القتال: «قاتلوا من كفر بالله» أي قاتلوا الكفار الذين يحاربون الإسلام ويعتدون على المسلمين.
4- التحذير من الآثام:
- «ولا تغلوا»: لا تخونوا في الغنائم، فلا يأخذ أحد شيئًا دون إذن.
- «ولا تغدروا»: لا تنقضوا العهود مع الأعداء، فالإسلام يحترم العهود.
- «ولا تمثلوا»: لا تمثلوا بالقتلى، فلا تقطعوا الأطراف أو تشوهوا الجثث، فهذا منافٍ للرحمة الإسلامية.
- «ولا تقتلوا وليدًا»: لا تقتلوا الأطفال، فهم غير مسئولين عن حرب الكفار.
5- مراحل الدعوة قبل القتال: هذا من أعظم ما في الحديث، حيث يأمر النبي ﷺ بعدم البدء بالقتال حتى تدعو العدو إلى الإسلام أو قبول الجزية، وهذا من رحمة الإسلام وعدله.
● المرحلة الأولى: ادعهم إلى الإسلام، فإن قبلوه فاقبل منهم وكف عنهم.
● المرحلة الثانية: إن أبوا الإسلام، فادعهم إلى الانتقال إلى دار الإسلام (المدينة)، وأخبرهم أن لهم حقوق المهاجرين وعليهم واجباتهم.
● المرحلة الثالثة: إن أبوا الانتقال، فأخبرهم أنهم سيكونون كالأعراب المسلمين، ليس لهم نصيب في الغنائم إلا إذا جاهدوا.
● المرحلة الرابعة: إن أبوا كل ذلك، فادعهم إلى دفع الجزية (وهي مال يؤخذ من غير المسلمين مقابل حمايتهم وتركهم أحرارًا في دينهم)، فإن قبلوا فاقبل منهم.
● المرحلة الخامسة: إن أبوا كل هذه الخيارات، فاستعن بالله وقاتلهم، لأنهم أصروا على العدوان.
6- أمان الحصون والعهود:
- إذا حاصرت حصنًا وأراد أهله أن تعطيهم عهد الله وعهد رسوله (أي أعلى أنواع العهود)، فلا تفعل، بل أعطهم عهدك وعهد أصحابك، لأن نقض عهدك أهون من نقض عهد الله ورسوله.
- وإذا أرادوا أن تنزلهم على حكم الله، فلا تفعل، بل انزلهم على حكمك، لأنك لا تدري هل ستصيب حكم الله فيهم أم لا؟ وهذا من باب الاحتياط لدين الله.

الدروس المستفادة:


1- تقوى الله أساس النصر: فالنصر من الله تعالى، وهو لا ينصر إلا من اتقاه.
2- الرحمة حتى في الحرب: الإسلام يحرم قتل الأطفال والتمثيل بالقتلى، ويحترم العهود.
3- الدعوة قبل القتال: لا يبدأ القتال إلا بعد عرض خيارات السلام والدعوة إلى الإسلام أو الجزية.
4- العدل مع غير المسلمين: فمن قبل الجزية فإنه يعيش في أمان وحماية المسلمين.
5- الحكمة في التعامل مع الأعداء: كالاحتياط في إعطاء العهود والحكم، حتى لا ينقض عهد الله أو يحكم بغير علم.

فوائد إضافية:


- هذا الحديث يدل على سماحة الإسلام وعدله، حتى مع الأعداء.
- فيه بيان أن الجهاد في الإسلام ليس للتوسع أو العدوان، بل للدفاع ونشر دعوة الإسلام.
- فيه تأكيد على أن القائد يجب أن يكون رحيمًا بعدل، شجاعًا بحكمة.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الجهاد والسير (١٧٣١: ٢، ٣) من طريق سفيان (هو الثوري)، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه .. فذكره.
ثم أشار مسلم عقبه إلى أن هذا الحديث رواه النعمان بن مقرن، عن النبي ﷺ نحوه.
وروي عن أبي البختري أن سلمان حاصر قصرا من قصور فارس فقال لأصحابه: دعوني حتى أفعل ما رأيت رسول الله ﷺ يفعل، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إني امرؤ منكم وإن الله رزقني الإسلام، وقد ترون طاعة العرب، فإن أنتم أسلمتم وهاجرتم إلينا فأنتم بمنزلتنا، يجري عليكم ما يجري علينا، وإن أنتم أسلمتم وأقمتم في دياركم فأنتم بمنزلة الأعراب يجري لكم ما يجري لهم ويجري عليكم ما يجري عليهم، فإن أبيتم وأقررتم بالجزية فلكم ما لأهل الجزية وعليكم ما على أهل الجزية، عرض عليهم ذلك ثلاثة أيام ثم قال لأصحابه: انهدوا إليهم ففتحها.
رواه الترمذي (١٥٤٨) من طريق أبي عوانة - وأحمد (٢٣٧٢٦) من طريق إسرائيل - و(٢٣٧٣٤) من طريق حماد بن سلمة - كلهم عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري (هو سعيد بن فيروز الطائي) .. فذكره. والسياق لحماد بن سلمة.
وقال الترمذي: «حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث عطاء بن السائب، وسمعت محمدًا يقول: أبو البختري لم يدرك سلمان؟ لأنه لم يدرك عليا وسلمان مات قبل علي».
قال الأعظمي: وعلى هذا فإسناده منقطع.
وعطاء بن السائب اختلط، ولكن حماد بن سلمة سمع منه قبل الاختلاط.
وقوله: «فنهد إليهم» أي نهض إليهم.
وكان ذلك في السنة السادسة عشر، وقد بعث عمر بن الخطاب سعد بن أبي وقاص لغزو كسرى، فلم يبق من غربي دجلة إلى أرض العرب أحد من الفلاحين إلا تحت الجزية والخراج، وامتنع نهر شهر من سعد أشد الامتناع، فبعث إليهم سعد سلمان الفارسي، فدعاهم إلى الله عز وجل، أو الجزية أو المقاتلة، فأبوا إلا المقاتلة. انظر: البداية والنهاية (٧/ ٦٣).
وفي الباب عن ابن عباس قال: «ما قاتل رسول الله ﷺ قوما قط إلا دعاهم».
رواه أحمد (٢١٠٥)، وعبد بن حميد (٦٩٧)، والدارمي (٢٤٨٨) والحاكم (١/ ١٥)، والبيهقي (٩/ ١٠٧) من طرق عن سفيان الثوري، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن أبيه، عن ابن عباس ..
فذكره.
وقال الحاكم «هذا حديث صحيح من حديث الثوري، ولم يخرجاه، وقد احتج مسلم بأبي نجيح والد عبد الله، واسمه يسار، وهو من موالي المكيين».
قلت ظاهر إسناده كذلك لكن ذكر الدارمي عقب الحديث أن سفيان لم يسمع من ابن أبي نجيح هذا الحديث.
وقال أحمد بن حنبل: حدثنا عبد الرحمن (هو ابن مهدي) قال: سألت سفيان عن حديث ابن أبي نجيح، عن أبيه: ما قاتل النبي ﷺ قوما فقال: أشك فيه. حكاه عبد الله بن أحمد عن أبيه في العلل (٣/ ٧٤).
وقد تابعه الحجاج بن أرطاة عن ابن أبي نجيح به، أخرجه أحمد (٢٠٥٣)، الحجاج بن أرطاة وهو مدلس وقد عنعن. وللحديث طرق أخرى لا تخلو من مقال.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 129 من أصل 424 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: وصايا النبي ﷺ لقادة الجيوش والأمراء

  • 📜 حديث: وصايا النبي ﷺ لقادة الجيوش والأمراء

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: وصايا النبي ﷺ لقادة الجيوش والأمراء

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: وصايا النبي ﷺ لقادة الجيوش والأمراء

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: وصايا النبي ﷺ لقادة الجيوش والأمراء

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب