اذهبوا فخلوا سبيله فإنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا

حديث: اذهبوا فخلوا سبيله فإنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا

عن أوس بن أبي أوس الثقفي قال: إنا لقعود عند رسول الله ﷺ في الصفة، وهو يقص علينا، ويذكّرنا، إذ جاء رجل فسارّه فقال: «اذهبوا فاقتلوه»، قال: فلما ولى الرجل دعاه رسول الله ﷺ قال: «أيشهد أن لا إله إلا الله؟» قال الرجل: نعم، يا رسول الله، فقال: «اذهبوا فخلّوا سبيله، فإنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، فإذا فعلوا ذلك حرمت علي دماؤهم وأموالهم إلا بحقها».

صحيح: رواه النسائي (٣٩٨٣)، وابن ماجه (٣٩٢٩)، وأحمد (١٦١٦٣) - والسياق له - كلهم من حديث عبد الله بن بكر السهمي حدثنا حاتم بن أبي صغيرة، عن النعمان بن سالم، أن عمرو بن أوس أخبره، أن أباه أوسا أخبره .

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يوضح حرمة دم المسلم الذي نطق بالشهادتين، ويبين الأصل العظيم في حفظ الدماء والأموال في الإسلام. وسأشرحه لك جزءًا جزءًا معتمدًا على كلام أهل العلم من أهل السنة والجماعة.

الحديث بلفظ آخر واضح:

عن أوس بن أبي أوس الثقفي رضي الله عنه قال: كنا قعودًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصفة، وهو يقص علينا ويذكّرنا، إذ جاء رجل فسارّه (أي: كلمه سرًا)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اذهبوا فاقتلوه»، فلما ولى الرجل دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أيشهد أن لا إله إلا الله؟» قال الرجل: نعم، يا رسول الله، فقال: «اذهبوا فخلوا سبيله، فإنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، فإذا فعلوا ذلك حرمت علي دماؤهم وأموالهم إلا بحقها».

1. شرح المفردات:

● في الصفة: مكان في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم كان يأوي إليه فقراء الصحابة، يُعرف بأهل الصفة.
● يقص علينا: يروي علينا القصص والأخبار للعبرة والموعظة.
● يساره: يكلمه سرًا وبخفية.
● خلوا سبيله: اتركوه حرًا ولا تعتدوا عليه.
● إلا بحقها: إلا إذا ارتكب ما يبيح دمه أو ماله شرعًا، كالقتل أو الزنا للمحصن أو الردة بعد الإيمان.

2. شرح الحديث:

كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسًا مع أصحابه في مسجده يحدثهم ويعظهم، فجاءه رجل وساره بكلام خاص. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بأن يقتلوا هذا الرجل، لكنه لما هم بالانصراف دعاه النبي وسأله: "أتشهد أن لا إله إلا الله؟" فأجاب الرجل بنعم، فعدل النبي عن الأمر بقتله وأمر بإطلاق سراحه.
ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم الحكمة من ذلك بقوله: «فإنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، فإذا فعلوا ذلك حرمت علي دماؤهم وأموالهم إلا بحقها».
وهذا أصل عظيم في الإسلام: أن من نطق بالشهادتين وعمل بمقتضاهما، فإن دمه وماله يصبحان حرامًا، ولا يجوز الاعتداء عليهما إلا إذا ارتكب ما يبيح ذلك شرعًا.

3. الدروس المستفادة من الحديث:

1- عصمة الدم بالشهادتين: فمن نطق بالشهادتين وعمل بهما، فإن دمه حرام، ولا يجوز قتله إلا بحق شرعي.
2- الرحمة بالناس: فقد تراجع النبي صلى الله عليه وسلم عن الأمر بقتل الرجل عندما علم أنه يشهد أن لا إله إلا الله، وهذا من رحمته صلى الله عليه وسلم.
3- الحكمة في التعامل: فقد استفسر النبي من الرجل عن عقيدته قبل تنفيذ الحكم، ليتأكد من حاله.
4- أن الإسلام يرفع الشُّبَه: فقد ظن الصحابة أن هذا الرجل يستحق القتل لما ساره به، لكن النبي بين أن الأصل هو الحماية بالشهادتين.
5- أن هناك حقوقًا لله وحقوقًا للعباد: فالشهادتان تحفظ الدم، لكن إذا ارتكب الإنسان ما يبيح دمه (كالقصاص أو الردة) فإنه يُقتل بحق الله أو بحق العباد.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث صحيح.
- وهو من الأحاديث التي استدل بها العلماء على أن التلفظ بالشهادتين يكفي لدخول الإسلام وحماية الدم، حتى لو كان عن خوف أو تقية، ما لم يظهر منه ما يناقضها.
- ومعنى «إلا بحقها» يشمل: القصاص في القتل، والزاني المحصن، والمرتد، والمحارب لله ورسوله.
- وهذا الحديث يرد على الخوارج والمعتزلة الذين يكفرون بالمعاصي، ويستحلون دماء المسلمين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قبل شهادة هذا الرجل ولم يستفسر عن أعماله الأخرى.

فالحمد لله الذي جعل الإسلام رحمةً للناس، وحفظَ بالشهادتين الدماءَ والأموال، وصلى الله على سيدنا محمد الذي جاء بالحنيفية السمحة، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أرجو أن يكون الشرح واضحًا ومفيدًا، والله أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائي (٣٩٨٣)، وابن ماجه (٣٩٢٩)، وأحمد (١٦١٦٣) - والسياق له - كلهم من حديث عبد الله بن بكر السهمي حدثنا حاتم بن أبي صغيرة، عن النعمان بن سالم، أن عمرو بن أوس أخبره، أن أباه أوسا أخبره .. فذكره. وإسناده صحيح، وللحديث طرق أخرى وما ذكرته هو أسلمها.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 142 من أصل 424 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اذهبوا فخلوا سبيله فإنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا

📜 حديث: اذهبوا فخلوا سبيله فإنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: اذهبوا فخلوا سبيله فإنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: اذهبوا فخلوا سبيله فإنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: اذهبوا فخلوا سبيله فإنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية