ارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما

حديث: ارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما

عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: أقبل رجلٌ إلى نبي الله ﷺ فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد، أبتغي الأجر من الله، قال: «فهل من والديك أحد حي؟» قال: نعم، بل كلاهما. قال: «فتبتغى الأجر من الله؟» قال: نعم. قال: «فارجعْ إلى والديك، فأحسِنْ صحبتهما».

صحيح: رواه مسلم في البر والصلة والآداب (٢٤٤٩: ٦) عن سعيد بن منصور، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، أن ناعما مولى أم سلمة حدثه أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال .

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يجعلنا وإياك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يوضح فيه مكانة بر الوالدين وعلو منزلته في الإسلام، حتى أنه يقدم على أعظم العبادات وأجلها.

الحديث بلفظ آخر:

عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد، فقال: «أحيّ والداك؟» قال: نعم. قال: «ففيهما فجاهد».
رواه البخاري (3004) ومسلم (2549).

1. شرح المفردات:

● أبايعك: أُعاهدك وأُقيم معك عقد البيعة على الطاعة.
● على الهجرة: على مفارقة دار الكفر إلى دار الإسلام، أو مفارقة ما نهى الله عنه.
● والجهاد: القتال في سبيل الله لإعلاء كلمته.
● أبتغي: أطلب وأرغب.
● فارجع إلى والديك: عد إليهما واقرَب منهما.
● أحسن صحبتهما: أَطِعهما وارع حقوقهما، وعاشرهما بالمعروف والإكرام.

2. شرح الحديث:

يخبر الصحابي الجليل عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يبايعه على الهجرة من داره وبلده إلى المدينة ليكون مع المسلمين، وعلى الجهاد في سبيل الله، طالبًا الأجر والثواب من الله تعالى.
فوجهه النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما هو أفضل وأعظم أجرًا في ذلك الموقف، وهو بر الوالدين، وسأله عن وجود والديه ليعلم هل مجال للبر موجود أم لا، فلما أخبره الرجل بأن كليهما أحياء، أكد عليه النبي صلى الله عليه وسلم طلبه للأجر ثم أرشده إلى أن أفضل ما يطلب به الأجر في هذه الحالة هو الرجوع إلى والديه والإحسان في صحبتهما ومعاملتهما.
وفي رواية البخاري: «ففيهما فجاهد»، أي اجعل جهادك وعبادتك في خدمتهما وبرهما، فهذا جهادك الآن.
فقدَّم النبي صلى الله عليه وسلم بر الوالدين على الهجرة والجهاد، مع أن الهجرة والجهاد من أعظم الأعمال، لكن بر الوالدين في هذه الحالة آكد وأولى، لأنه حق عيني متعين، بينما الجهاد فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين.

3. الدروس المستفادة والعبر:

1- علو منزلة بر الوالدين: حيث قدَّمه النبي صلى الله عليه وسلم على الجهاد في سبيل الله، الذي هو ذروة سنام الإسلام.
2- مراعاة الأولويات في الطاعة: فالعبد المسلم ينبغي له أن ينظر في الأعمال الصالحة ويقدم الأهم فالمهم، وقد يكون العمل الصالح المتعلق بحقوق العباد وآكدها –كحق الوالدين– أولى من غيره في بعض الأحوال.
3- أن بر الوالدين جهاد في سبيل الله: فقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم جهادًا، بل وأمر الرجل أن يجاهد فيهما، مما يدل على أن الإحسان إليهما والقيام بحقهما من أعظم القربات.
4- حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في التربية والتعليم: حيث وجه السائل إلى ما هو أنفع له وأعظم أجرًا، مع أنه جاء يطلب فضيلة الهجرة والجهاد.
5- أن طاعة الوالدين والإحسان إليهما لا ينقطع بحال الحياة: بل هو مستمر ما داما على قيد الحياة، وهو من أفضل الأعمال عند الله تعالى.
6- أن سؤال الإنسان عن حال والديه دليل على اهتمام الشريعة بهذا الحق العظيم.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث أصل عظيم في تقديم بر الوالدين على الجهاد التطوعي (النفل)، أما إذا كان الجهاد فرض عين (إذا حضر الصف واقتتل الناس وتعين على كل مسلم) فلا يتقدم عليه بر الوالدين.
- يستفاد من الحديث أن رضا الله في رضا الوالدين، وسخطه في سخطهما.
- ينبغي للدعاة والمعلمين أن يوجهوا الناس إلى الأعمال المناسبة لأحوالهم، والتي فيها تحقيق لمصالحهم العاجلة والآجلة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
نسأل الله تعالى أن يعيننا على بر آبائنا وأمهاتنا، وأن يرزقنا رضاه ورضاهم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في البر والصلة والآداب (٢٤٤٩: ٦) عن سعيد بن منصور، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، أن ناعما مولى أم سلمة حدثه أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال .. فذكره.
ورواه أبو داود (٢٥٢٨)، والبخاري في الأدب المفرد (١٣)، والنسائي في الكبرى (٨٦٤٣)، وأحمد (٦٨٦٩) والحاكم (٤/ ١٥٢) من طرق عن سفيان الثوري - والنسائي (٤١٦٣) من طريق حماد بن زيد - كلاهما عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو قال: جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: جئت أبايعك على الهجرة وتركت أبواي يبكيان، قال: «ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما». وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
وهو كما قال. وعطاء بن السائب اختلط لكن سمع منه سفيان الثوري وحماد بن زيد قبل الاختلاط.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 111 من أصل 424 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما

📜 حديث: ارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية