حديث: لما صوّر الله آدم في الجنة تركه ما شاء الله أن يتركه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في أخبار آدم ﵇

عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ قال: «لما صوّر الله آدم في الجنة تركه ما شاء الله أن يتركه، فجعل إبليس يُطيف به ينظر ما هو؟ فلما رآه أجوف عرف أنه خُلق خلقا لا يتمالك».

صحيح: رواه مسلم في البر والصلة (٢٦١١) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا يونس بن محمد، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس .

عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ قال: «لما صوّر الله آدم في الجنة تركه ما شاء الله أن يتركه، فجعل إبليس يُطيف به ينظر ما هو؟ فلما رآه أجوف عرف أنه خُلق خلقا لا يتمالك».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين.
هذا حديث عظيم رواه الإمام مسلم في صحيحه، وفيه إطلالة على قصة بداية الخليقة ونشأة العداوة بين الإنسان وإبليس. وإليك الشرح المفصل:


1. شرح المفردات:


● صوّر الله آدم في الجنة: أي خلقه وأبدع هيئته وصورته في أحسن تقويم، وكان ذلك في الجنة قبل نزوله إلى الأرض.
● تركه ما شاء الله أن يتركه: أي بقي آدم -عليه السلام- على تلك الحالة من غير روح لفترة من الزمن شاءها الله تعالى، إما ليتم خلقه أو لحكمة يعلمها الله.
● يطيف به: يدور حوله ويتفحصه ويترصد به.
● أجوف: أي فيه فراغ من الداخل، والمقصود أن له جوفاً (بطنًا) يأكل ويشرب، على عكس الملائكة الذين خلقوا من نور ولا يأكلون ولا يشربون.
● خلقاً لا يتمالك: أي مخلوقاً ضعيفاً، تغلبه شهوته وضعفه، لا يستطيع أن يملك نفسه تماماً عن الهوى والرغبات.


2. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن لحظة حاسمة في تاريخ الخليقة، وهي بعد أن خلق الله تعالى آدم عليه السلام وصوره في الجنة، ولكن قبل أن ينفخ فيه الروح. فتركه على تلك الحالة (جسداً بلا روح) لمدة من الزمن.
وفي هذه الأثناء، كان إبليس -لعنه الله- يتجسس على هذا المخلوق الجديد، يدور حوله ويتأمله محاولاً فهم طبيعته ومكانته. فلما رأى أنه "أجوف"، أي له بطن ومعدة، استنتج أن هذا المخلوق له حاجات مادية (كالطعام والشراب) وغريزة، وبالتالي فهو ليس ملكاً خالصاً كالملائكة، بل هو مخلوق فيه weakness (ضعف) وشهوة.
فقال في نفسه: "هذا خلق لا يتمالك"، أي أن طبيعته هذه ستجعله عرضة للخطيئة والضعف، وسيصعب عليه أن يسيطر على رغباته تمام السيطرة. ومن هنا توهم إبليس أنه قادر على إغواء هذا المخلوق وإضلاله، وزرع هذا الاعتقاد في نفسه الذي كان منبع تكبره وامتناعه عن السجود لآدم لاحقاً.


3. الدروس المستفادة منه:


1- بداية العداوة الأزلية: يبين الحديث كيف نشأت العداوة بين بني آدم وإبليس منذ اللحظة الأولى، وأنها عداوة قائمة على الحسد والتكبر والاستكبار عن طاعة الله.
2- ضعف الطبيعة البشرية: الإنسان مفطور على الضعف، وهذا الضعف ليس عيباً في ذاته، ولكنه اختبار من الله تعالى. فقدرة الإنسان على مقاومة الشهوات وإخضاعها لطاعة الله هي معيار التقوى والكرامة.
3- علم الله المحيط وحكمته: خلق آدم بهذه الصورة (الأجوف) كان لحكمة عظيمة، وهي أن يكون أهلاً لتحمل الأمانة والعبادة والاستخلاف في الأرض، وذلك من خلال جهاده لنفسه وهواه.
4- لا تؤتي المعصية من قوة المعصي بل من ضعف العاصي: استنتاج إبليس كان صحيحاً من ناحية أن الإنسان قابل للوقوع في المعصية، ولكنه أخطأ في ظنه أنه قادر على التغلب على إرادة الإنسان المؤمن الذي يعتصم بالله.
5- الحذر من عدوالله إبليس: الحديث يذكرنا بأن عدونا يتربص بنا، ويدور حول نقاط ضعفنا (أجوافنا) ليتسلل منها، فلا ينبغي الغفلة عن حربه المستمرة.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث جزء من قصة خلق آدم عليه السلام التي وردت مجزأة في عدة أحاديث صحيحة.
- يستفاد من الحديث أن إبليس كان موجوداً في الجنة قبل آدم، وكان من الجن أو من الملائكة على خلاف بين العلماء، وأصح الأقوال أنه كان من الجن فأدركته الملائكة بعلمهم وعبد الله معهم فاختلط بهم.
- قوله "لا يتمالك" هو إشارة إلى أن نقطة weakness (الضعف) في الإنسان هي منفذ إبليس الرئيسي إليه، مما يؤكد على أهمية مجاهدة النفس والهوى.
أسأل الله أن يجعلنا من العارفين بضعفهم المستعينين بربهم، المعتصمين بحبله المتين من كيد الشيطان ووساوسه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في البر والصلة (٢٦١١) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا يونس بن محمد، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس .. فذكره.
ومعنى «لا يتمالك». لا يملك نفسه لأنه يحتاج إلى الطعام والشراب وقضاء الشهوات.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 7 من أصل 185 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لما صوّر الله آدم في الجنة تركه ما شاء الله أن يتركه

  • 📜 حديث: لما صوّر الله آدم في الجنة تركه ما شاء الله أن يتركه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لما صوّر الله آدم في الجنة تركه ما شاء الله أن يتركه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لما صوّر الله آدم في الجنة تركه ما شاء الله أن يتركه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لما صوّر الله آدم في الجنة تركه ما شاء الله أن يتركه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب