حديث: اليوم يوم يعظم الله فيه الكعبة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

يوم الفتح يوم تعظيم الكعبة

عن عروة بن الزُّبير لما قال سعد بن عبادة لأبي سفيان: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الكعبة. فقال النَّبِيّ ﷺ: «كذب سعد، ولكن هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة، ويوم تكسى فيه الكعبة».

صحيح: رواه البخاريّ في المغازي (٤٢٨٠) عن عبيد بن إسماعيل حَدَّثَنَا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، قال: فذكره في حديث طويل.

عن عروة بن الزُّبير لما قال سعد بن عبادة لأبي سفيان: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الكعبة. فقال النَّبِيّ ﷺ: «كذب سعد، ولكن هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة، ويوم تكسى فيه الكعبة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقرأ. هذا الحديث العظيم ورد في فتح مكة، وهو حدث عظيم في تاريخ الإسلام، وله دلالات عميقة في أخلاق النبي ﷺ وهديه في التعامل حتى مع أعدائه.

أولاً. شرح المفردات:


● عروة بن الزبير: هو أحد فقهاء المدينة السبعة من التابعين، وهو ابن أسماء بنت أبي بكر الصديق، وأخو عبد الله بن الزبير.
● سعد بن عبادة: هو زعيم الخزرج ورئيس الأنصار، صحابي جليل.
● أبو سفيان: هو صخر بن حرب، كان من زعماء قريش وأعداء الإسلام، ثم أسلم قبل فتح مكة بفترة قصيرة.
● يوم الملحمة: الملحمة هي الحرب الشديدة والقتال والذبح. فقوله "يوم الملحمة" يعني اليوم الذي سيُسفك فيه الكثير من الدماء.
● تستحل الكعبة: أي تُنتهك حرمتها، وتُسفك الدماء فيها، وهو أمر كان العرب يعظّمونه جدًا قبل الإسلام.

ثانياً. شرح الحديث:


السياق التاريخي:
يقع هذا الحديث في يوم فتح مكة، عندما دخل النبي ﷺ وجيش المسلمين مكة منتصرين بدون قتال يذكر. كان أبو سفيان، الذي كان قد أسلم حديثًا، يمشي مع النبي ﷺ. فمر به سعد بن عبادة -وكان يحمل في نفسه غلاً على قريش لما فعلوه بالمسلمين- فقال له: "اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الكعبة"، أي اليوم سننتقم ونسفك الدماء حتى داخل الحرم.
رد النبي ﷺ:
فور سماع النبي ﷺ لهذه الكلمات، وبّخ القائل ونفى ذلك نفياً قاطعاً، حتى لو كان من كبار الصحابة، قائلاً: «كذب سعد». وهذا ليس اتهاماً لسعد بالكذب في الدين، بل هو رد قوي على قوله غير الصحيح الذي لا يتفق مع رحمة الإسلام وسماحته. ثم صحح النبي ﷺ المفهوم بقوله: «ولكن هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة، ويوم تكسى فيه الكعبة».
● «يوم يعظم الله فيه الكعبة»: أي أن الله تعالى سيعلي شأن بيته ويصونه من أن تُسفك فيه الدماء، ويجعله مكاناً للعبادة والتوحيد الخالص، لا للقتال والانتقام.
● «ويوم تكسى فيه الكعبة»: إشارة إلى أن هذا اليوم هو بداية العناية والاهتمام بزينة البيت وتكريمه، وهو ما تحقق بعد الفتح، حيث أصبح المسلمون يكسون الكعبة بأفضل الثياب.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- الرحمة والسماحة جوهر الإسلام: يوضح الموقف أن الإسلام لم يأت للانتقام، بل جاء رحمة للعالمين. فمع القدرة على الانتقام ممن آذوا المسلمين سنوات طويلة، اختار النبي ﷺ العفو والرحمة، وقال قولته المشهورة: "اذهبوا فأنتم الطلقاء".
2- الحق فوق الأشخاص: النبي ﷺ لم يسكت على خطأ سعد بن عبادة لمكانته بين الأنصار، بل صححه علناً للحفاظ على المبدأ وتوضيح المنهج الصحيح للأمة.
3- حرمة الدماء وعظمة البيت الحرام: أكد النبي ﷺ على حرمة مكة وأنها لا تُسفك فيها الدماء، حتى في أحرج الظروف وأقوى لحظات الانتصار.
4- الفرق بين الجاهلية والإسلام: كلام سعد -رضي الله عنه- يعكس بقايا من عقلية الجاهلية القائمة على الثأر والحمية القبلية، بينما جاء النبي ﷺ ليربي الأمة على مبادئ الرحمة والعدل والتسامح، حتى مع الأعداء.
5- التصحيح اللطيف للصحابة: يعلمنا النبي ﷺ كيف نصحح أخطاء الآخرين، بلغة حازمة في التصحيح (كذب سعد) لكنها تحمل في طياتها التوجيه والتعليم (ولكن هذا يوم...).

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من أصح الكتب بعد كتاب الله.
- يعتبر فتح مكة هو الفتح الأعظم الذي أعز الله به دينه ورسوله، ودخل الناس بعده في دين الله أفواجاً.
- موقف سعد بن عبادة هذا لا ينقص من قدره، فهو صحابي جليل وشهيد بدر، ولكنه показывает أن الصحابة بشر يخطئون ويصيبون، وأن النبي ﷺ كان موجوداً ليهذب تلك الأخطاء ويبني الأمة على أسس سليمة.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يعظم حرماته، ويقتدي بنبيه في رحمته وحكمته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في المغازي (٤٢٨٠) عن عبيد بن إسماعيل حَدَّثَنَا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، قال: فذكره في حديث طويل.
وقوله: «كذب» أي أخطأ.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 654 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اليوم يوم يعظم الله فيه الكعبة

  • 📜 حديث: اليوم يوم يعظم الله فيه الكعبة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: اليوم يوم يعظم الله فيه الكعبة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: اليوم يوم يعظم الله فيه الكعبة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: اليوم يوم يعظم الله فيه الكعبة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب