حديث: لما قدم رسول الله مكة كان قيس في مقدمته
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب صرف النَّبِيّ ﷺ قيس بن سعد من الموضع الذي هو فيه
حسن: رواه البزّار - كشف الأستار (١٨١٩) عن محمد بن المثنى، ثنا محمد بن عبد الله، حَدَّثَنِي أبي، عن ثمامة، عن أنس فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث صحيح، وفيه دروس وعبر عظيمة. سأشرحه لك جزءًا جزءًا بإذن الله.
أولاً: شرح المفردات:
● لما قدم رسول الله ﷺ مكة: أي حين دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فاتحًا لها في العام الثامن للهجرة، في ما عرف بفتح مكة.
● كان قيس في مقدمته: "قيس" هو ابن سعد بن عبادة رضي الله عنهما. و"مقدمته" تعني طليعة الجيش أو المقدمة، أي كان في الصفوف الأمامية للجيش الإسلامي.
● فكلم سعد (يعني أباه) رسول الله ﷺ: أي أن سعد بن عبادة -وهو والد قيس، وكان من كبار الأنصار وأمرائهم- تحدث إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
● أن يصرفه عن الموضع الذي هو فيه: أي أن يطلب من النبي أن يُبعد ابنه قيسًا عن موقع المقدمة الأمامي.
● مخافة أن يقدم على شيء: خوفًا من أن يندفع ابنه في حماسه للقتال ويقع في أمر يعصي الله فيه، أو يقتل من هُدِّدَ بالأمان، أو يتسرع قبل أن يأذن له النبي صلى الله عليه وسلم.
● فصرفه عن ذلك: فاستجاب النبي صلى الله عليه وسلم لطلب سعد وأمر بتحويل قيس من المقدمة إلى موقع آخر.
ثانيًا: شرح الحديث:
يصور لنا هذا الموقف المؤثر جانبًا من جوانب حكمة النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته بأصحابه، وحسن تربيته لهم.
كان الجيش الإسلامي يدخل مكة منتصرًا بعد سنوات من الظلم والاضطهاد الذي لاقاه المسلمون من قريش. وكانت المشاعر متوترة، والحماسة للانتقام عالية لدى بعض المسلمين، خاصة الشباب الذين عانوا من اضطهاد قريش.
في هذا الجو، يخاف الأب الحنون، سعد بن عبادة، على ابنه الشاب قيس من أن تدفعه حماسته وانفعالاته في لحظة تاريخية حاسمة إلى فعل شيء غير محسوب العواقب، كأن يعتدي على أحد ممن قد يشملهم عفو النبي العام، أو يتصرف دون أمر، فيقع في إثم.
فما كان من هذا الأب الحكيم إلا أن يلجأ إلى قائد الأمة ونبيها صلى الله عليه وسلم، ليس طلبًا للترقية أو منصب لابنه، بل طلبًا لسلامته دينًا ونفسًا. وفي هذا دليل على حرص الصحابة على طاعة الله ورسوله وتجنب معصيتهما، حتى في خضم المعارك.
فاستجاب النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الطلب النابع من الورع والخوف من الله، وأمر بإبعاد قيس عن موقع الخطر الذي يخاف أبوه منه عليه. وهذا من رحمة النبي صلى الله عليه وسلم وتلطفه بأصحابه، واستماعه لمخاوفهم ومشاعرهم.
ثالثًا: الدروس المستفادة والعبر:
1- بركة الطاعة والورع: حرص سعد على أن يكون ابنه في مكان يبعده عن مواقع الشبهات والمعاصي، حتى في زمن الحرب والجهاد. وهذا من تمام التقوى والورع.
2- حكمة القيادة النبوية: النبي صلى الله عليه وسلم لم يستخف بطلب الأب، بل قدر مشاعره الأبوية ومخاوفه الشرعية، واستجاب له، مما يظهر مرونته وحكمته في القيادة.
3- الجمع بين الحماسة والانضباط الشرعي: الإسلام لا يقتل الحماسة، بل ينظمها ويوجهها في الإطار الشرعي. فالحماسة في الجهاد مطلوبة، ولكن ضمن أوامر القائد وحدود الله.
4- مشروعية سعي الوالد في مصلحة ولده: ليس فقط في أمور الدنيا، بل وفي أمور الدين والآخرة، كأن يبعده عن مواطن الفتنة والمعصية.
5- الأهمية القصوى لنية العمل: الخوف كان من أن "يقدم على شيء"، أي على فعل له عواقب غير محمودة. فالعبرة ليست فقط بالفعل نفسه، ولكن بنية صاحبه وما قد يؤول إليه.
رابعًا: معلومات إضافية:
- هذا الحديث يظهر في سياق فتح مكة، الذي كان حدثًا عظيمًا تجلت فيه أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وصبره وعفوه، حين قال لقريش: "اذهبوا فأنتم الطلقاء".
- سعد بن عبادة رضي الله عنه هو الذي كان حامل راية الأنصار في ذلك الفتح.
- هذا الموقف يعلمنا أن الشجاعة الحقيقية هي التي تقترن بالتقوى والانضباط بأمر القائد، وليست التهور والعصبية.
أسأل الله أن يرزقنا الفقه في دينه، والاقتداء بنبيه صلى الله عليه وسلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل ثمامة وهو ابن عبد الله بن أنس بن مالك حسن الحديث. وهو من رجال الصَّحيح.
وقد أشار الهيثميّ في «المجمع» (٦/ ١٧٥) فقال: رجاله رجال الصَّحيح.
وقال الحافظ في الفتح (٨/ ٩): إسناده على شرط البخاريّ.
وذكر أصحاب السير أن الراية كانت أولا بيد سعد بن عبادة، فأُخذتْ منه وأُعطيتْ ابنه قيس، ثمّ أُخذتْ منه على طلب أبيه، وأُعطيتْ الزُّبير بن العوام.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 655 من أصل 1279 حديثاً له شرح
- 630 صيام المسافر في رمضان ونهي النبي عن المشقة
- 631 أمركم رسول الله ﷺ بالجهاز
- 632 لعل الله اطلع على من شهد بدرا، قال: اعملوا ما...
- 633 يا حاطب أفعلت؟
- 634 كتب حاطب بن أبي بلتعة كتابًا إلى أهل مكة
- 635 من اطلع الله عليه من أهل بدر فقال اعملوا ما...
- 636 كتاب حاطب إلى كفار قريش
- 637 خروج النبي في رمضان إلى مكة مع عشرة آلاف
- 638 من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه...
- 639 أمرنا رسول الله ﷺ بالفطر في السفر
- 640 خروج أبي سفيان لطلب خبر رسول الله ﷺ عام الفتح
- 641 المحيا محياكم، والممات مماتكم
- 642 قلتم: أما الرجل فقد أخذته رأفة بعشيرته ورغبة في قريته،...
- 643 من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق عليه...
- 644 ابن عباس: أبو سفيان وعبد الله بن أبي أمية يطلبان...
- 645 اهجوا قريشًا فإنه أشد عليها من رشق بالنبل
- 646 منزلنا إن شاء الله إذا فتح الله الخيف
- 647 لا يرث المؤمن الكافر ولا يرث الكافر المؤمن
- 648 دخل النبي ﷺ عام الفتح من كداء.
- 649 اقتلوه إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة
- 650 دخل النبي مكة يوم الفتح وعليه عمامة سوداء
- 651 عليه عمامة سوداء
- 652 دخل النبي مكة ولواؤه أبيض وعليه عمامة سوداء
- 653 رسول الله ﷺ يقرأ سورة الفتح ويرجع فيها
- 654 اليوم يوم يعظم الله فيه الكعبة
- 655 لما قدم رسول الله مكة كان قيس في مقدمته
- 656 النبي ﷺ يطوف على بعير ويستلم الركن بمحجن
- 657 رسول الله ﷺ يدخل الكعبة ويكسر حمامة العيدان
- 658 النبي ﷺ يطعن الأصنام حول الكعبة ويقول جاء الحق وزهق...
- 659 أمر النبي بإخراج الآلهة من البيت ودخل فكبر في نواحيه
- 660 الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة
- 661 فأمر بها رسول الله ﷺ فكبّت كلها لوجوهها
- 662 لما كان يوم حنين التقى هوازن
- 663 المهاجرون والأنصار أولياء بعضهم لبعض إلى يوم القيامة
- 664 لا يقتل قرشي صبرًا بعد هذا اليوم
- 665 لا تغزى هذه بعد اليوم إلى يوم القيامة
- 666 لا حلف في الإسلام، وأيما حلف كان في الجاهلية لم...
- 667 يجير على المسلمين أدناهم، ويرد على المسلمين أقصاهم
- 668 كفوا السلاح إلا خزاعة عن بني بكر
- 669 لا إله إلا الله وحده نصر عبده وهزم الأحزاب وحده
- 670 إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ
- 671 إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض
- 672 عنوان الحديث: إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها...
- 673 بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام حرام
- 674 يؤمكم أكثركم قرآنًا
- 675 على الإسلام والجهاد والخير
- 676 النبي يبايع الناس على الإسلام والشهادة يوم الفتح
- 677 ما مسّ رسول الله ﷺ بيده امرأة قطّ
- 678 بيعة النساء
- 679 بيعة النساء على عدم الشرك والسرقة والزنا
معلومات عن حديث: لما قدم رسول الله مكة كان قيس في مقدمته
📜 حديث: لما قدم رسول الله مكة كان قيس في مقدمته
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لما قدم رسول الله مكة كان قيس في مقدمته
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لما قدم رسول الله مكة كان قيس في مقدمته
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لما قدم رسول الله مكة كان قيس في مقدمته
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








