قائمة السور | مواضيع القرآن الكريم مرتبة حسب الآيات :آيات القرآن الكريم مقسمة حسب كل موضوع و فئة | لقراءة سورة كاملة اختر من : فهرس القرآن | - للاستماع للقراء : القرآن الكريم mp3
آيات قرآنية عن الهداية إلى الإيمان في القرآن الكريم
✅ مواضيع القرآن الكريم
﴿أُوْلَٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾ [البقرة: 5]
أعظِم به من هدًى يناله المؤمنون المتَّقون! وكيف لا يكون كذلك وهو عطاءُ الجواد الكريم، وفضلُ المنَّان العظيم؟ وعدُ الله عبدَه المؤمنَ بالنجاح في الدنيا والفلاح في الآخرة يملأ قلبَه باليقين، ألا تشعرُ بالطُّمَأنينة تغشى روحَك وأنت تعلم عاقبةَ إيمانك؟ كيف لا يتمكَّن من الهدى ويثبُت عليه ويستعلي فيه مَن جمع صلاحَ الباطن بالإيمان، وصلاحَ الظاهر بلزوم الصالحات؟ لا يبلغ الإنسانُ رتبة الفلاح، حتى يعظُمَ حظُّه من الإيمان والصلاح. |
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ ءَأَنذَرۡتَهُمۡ أَمۡ لَمۡ تُنذِرۡهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ ﴾ [البقرة: 6]
أيها الداعية، لا تأسَ إن رغب عن دعوتك فِئام، فإنَّ أعظم الدعاة ﷺ استنكفَ عن دعوته رجالٌ وأقوام، فالهداية بيد الله وحدَه، ومَن سبق عليه الشقاء، فلا ترجُ له خيرًا ولا هَناء. |
﴿خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَعَلَىٰ سَمۡعِهِمۡۖ وَعَلَىٰٓ أَبۡصَٰرِهِمۡ غِشَٰوَةٞۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ ﴾ [البقرة: 7]
القلب محلُّ الإيمان، والسَّمع والبصر طرائقُ إليه، فتعاهد قلبَك بدوام الإقبال على الله، وأصلح تلك الطرقَ باجتناب المعاصي والآثام؛ لتنتفعَ حقًّا بهدي الكريم المنَّان. ما أشدَّ بؤسَهم! يبصرون الهاويةَ أمامهم وإليها مخذولين يسيرون، وعن طرق النجاة ينصرفون، قد حجَبوا قلوبهم عن الحقِّ فهم لا يعقلون! |
﴿فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمُۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡذِبُونَ ﴾ [البقرة: 10]
هناك خلفَ الصدور مُضغةٌ مُستخفية، إذا صلَحَت صلَحَ الجسدُ كلُّه، وإذا فسدَت فسدَ الجسدُ كلُّه، فطوبى لمَن حفظ قلبَه من علل الشبُهات، وأدران الشهَوات. الكذب والنفاق صِنوان، وحسبُ المؤمن زاجرًا له عن الكذب أن جعل الله عذابَ المنافقين مترتِّبًا عليه، ولا يزال المرء يكذبُ ويكذب حتَّى يُكتبَ عند الله كذَّابًا. |
﴿هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن يَأۡتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٖ مِّنَ ٱلۡغَمَامِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ ﴾ [البقرة: 210]
ماذا ينتظر المفسدون، الذين هم لخطُوات الشيطان متَّبعون؟! الهُدى بين أيديهم، والبيِّنات نُصبَ أعينهم، ولم يبقَ إلا قضاء الله فيهم. إلى الله وحدَه ترجع الأمور كلُّها، فيحكم فيها بعدله، ويرحم مَن يشاء بفضله، فلا تعلِّق رجاءك بغيره. |
﴿كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّـۧنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِۚ وَمَا ٱخۡتَلَفَ فِيهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۖ فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ ٱلۡحَقِّ بِإِذۡنِهِۦۗ وَٱللَّهُ يَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٍ ﴾ [البقرة: 213]
النجاة من الخلاف والخصام والبغضــاء، هدايــةٌ وتوفيــق واصطفـاء، وفضلٌ من خالق الأرض والسماء. لن تستقيمَ الحياة ويعُمَّ السلام ويُقطَعَ دابرُ الشِّقاق إلَّا بتحكيم الحقِّ الذي جاءت به الشَّرائع في كلِّ ما يختلف فيه الناس. لا يختلف اثنان على الحقِّ الواضح الجليِّ في كتاب الله تعالى إلا وفي نفسَيهما أو أحدهما بغيٌ وهوًى. إذا رُمتَ الهدايةَ إلى الصِّراط المستقيم، والنجاةَ من سبُل أهل الضلالة أجمعين، فتمسَّك بحبل الإيمان، واطلب الهُدى من الكريم المنَّان. |
﴿۞ لَّيۡسَ عَلَيۡكَ هُدَىٰهُمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۗ وَمَا تُنفِقُواْ مِنۡ خَيۡرٖ فَلِأَنفُسِكُمۡۚ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ٱبۡتِغَآءَ وَجۡهِ ٱللَّهِۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِنۡ خَيۡرٖ يُوَفَّ إِلَيۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ ﴾ [البقرة: 272]
يعلم المؤمن أنه المنتفعُ الأوَّل بما يُنفق، وأن الخير عائدٌ عليه وهو أحوجُ ما يكون إليه، فينشرح صدرُه للبذل، وتسخو يدُه بالإنفاق؛ ابتغاءَ وجه الله، إيمانًا به وثقةً بعطائه. ثقة المنفِق بوعد الله تعالى، وانتظارُه الثوابَ منه، ارتقاءٌ بالبشريَّة ومَكرُمةٌ لا ينهض بها إلا الإسلام، ولا يعرفها على حقيقتها إلا أهلُ الإيمان. أنفِق أيها المسلمُ ولا تخشَ من ذي العرش إقلالًا، فإنك إذا أعطيتَ لوجه الله محتاجًا فقد أحسنتَ عملك، ولا عليك ما كان من عمله. |
﴿وَلَا تُؤۡمِنُوٓاْ إِلَّا لِمَن تَبِعَ دِينَكُمۡ قُلۡ إِنَّ ٱلۡهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ أَن يُؤۡتَىٰٓ أَحَدٞ مِّثۡلَ مَآ أُوتِيتُمۡ أَوۡ يُحَآجُّوكُمۡ عِندَ رَبِّكُمۡۗ قُلۡ إِنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ ﴾ [آل عمران: 73]
مَن شَمِلَه الله بلطفه فأكرمه بالإسلام، وأنعم عليه بالهداية والسداد، فلن يضرَّه كيدُ الكائدين ولو كان بعضُهم لبعض ظِهريًّا. لم يزل دأبُ أعداء الدين كتمانَ الحقِّ والخير عن المسلمين، فإن أفصَحوا عن بعض الحقيقة فحين لا تكون حُجَّةً عليهم. لا تكتُمنَّ شيئًا من العلم أو الخير خشيةَ أن ينافسَك فيه أحد، فذاك من أخلاق اليهود الحاسدين. لن يمنحَك الفضلَ أحدٌ سوى الله، فهو الكريم به، العليم بمَن يستحقُّه، فارفع يديك إليه، ولا تتعلَّق بمَن لا يُغني عنك من الله شيئًا. |
﴿فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱعۡتَصَمُواْ بِهِۦ فَسَيُدۡخِلُهُمۡ فِي رَحۡمَةٖ مِّنۡهُ وَفَضۡلٖ وَيَهۡدِيهِمۡ إِلَيۡهِ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا ﴾ [النساء: 175]
يقوى إيمانُ القلب والتزامُه، ما كان بالله وحدَه اعتصامُه، فإذا اتَّكل على عقلِه، واعتمد على حَولِه، فقد نزغَت به نفسُه وشيطانُه. ألا تحبُّ أن تدخُلَ في رحمة الله وفضله؟ اجعل الإيمانَ به يدخل قلبَك، والاعتصامَ به يملأ حياتَك، تَسعَد في العاجلة والآجلة. |
﴿يَهۡدِي بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَٰنَهُۥ سُبُلَ ٱلسَّلَٰمِ وَيُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِهِۦ وَيَهۡدِيهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ﴾ [المائدة: 16]
القرآن كتابُ هداية، وسبيلُ سلامةٍ من العذاب، ولكنَّ ذلك لا يكون إلا لمَن سلك دربَ رضوان الله بالإيمان والعمل الصالح. في اتِّباع الوحي سلامٌ مع الحياة والكون، سلامٌ لا تجده البشريةُ إلا في هذا الدين ومجتمعه القائم على عقيدته وشريعته. مَن سلك سبيلَ الشريعة سلوكًا صحيحًا فقد سلِم سلامةً مطلقة في عقيدته وحياته وجزائه؛ لأن هذا المسلكَ سيؤدِّي به إلى دار السلام التي يدعو اللهُ تعالى إليها. الجاهلية بحرٌ من الظلمات المتراكمة، فيها تتلاطم أمواجُ الشبُهات والشهَوات، والأساطير والخُرافات، والحَيرة ورديءِ التصوُّرات. كانت رسالة نبيِّنا ﷺ سفينةَ النجاة التي أنقذت العالمَ الغارقَ في أوحال الجاهلية، فمَن استمرَّ عليها إلى شاطئ الآخرة ربحَ السلامةَ الدائمة. يُنجي اللهُ من المهالك، ويوضحُ أبينَ المسالك، وينفي الضلالة، ويُرشد إلى أقوم حالة، فمَن رغِبَ في هذه العَطايا الجزيلة فليطلبها في القرآن العظيم، وسُنَّةِ النبيِّ الكريم ﷺ. |
﴿۞ يَٰٓأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغۡ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَۖ وَإِن لَّمۡ تَفۡعَلۡ فَمَا بَلَّغۡتَ رِسَالَتَهُۥۚ وَٱللَّهُ يَعۡصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ﴾ [المائدة: 67]
العلم بدين الله نورٌ يضيء للناس الطريقَ المستقيم، وحاملُ هذا النور مأمورٌ بتبليغه، فإن كتمَه فإنه لم يبلِّغ رسالةَ ربِّه، وكفى بهذا ذمًّا. لله في ثنايا التكاليف ألطافٌ تعين عليها، فانظر كيف أمر الله رسولَه بالصَّدع والبلاغ، والقومُ مبغِضون له معاندون، ثم كفَلَ له العصمةَ من الناس إن قام بالتكليف، وقد فعل. فما أحرانا أن نتأسَّى بنبيِّنا في تبليغ رسالة ربِّنا، متَّكلين عليه وحدَه! يا داعيَ الحقِّ، ثِق بحُسن العاقبة إن كانت دعوتُك إليه خالصة، وعلى سبيله مستقيمة، فأنت في أمانه وكلاءته، وحفظه ورعايته، فاحفظ الله يحفَظك. حسبُك أيها الداعية البلاغُ المبين، فمَن اهتدى فلنفسه، أمَّا الكافرون الذين لا قصدَ لهم إلا اتِّباعُ أهوائهم فإن الله لا يَهديهم ولا يوفِّقهم للخير؛ لإصرارهم على الكفر وعنادهم. |
﴿وَمِنۡهُم مَّن يَسۡتَمِعُ إِلَيۡكَۖ وَجَعَلۡنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ أَكِنَّةً أَن يَفۡقَهُوهُ وَفِيٓ ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرٗاۚ وَإِن يَرَوۡاْ كُلَّ ءَايَةٖ لَّا يُؤۡمِنُواْ بِهَاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوكَ يُجَٰدِلُونَكَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّآ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ ﴾ [الأنعام: 25]
لا أشدَّ من موتِ القلب، فإذا ما خُتم على القلب ومات، صَمَّت الآذانُ عن سماع صوت الحقِّ، وعَمِيَت العيونُ عن إبصار الآيات، فلا تصلُ إليه بعد ذلك حياةٌ. العِـبرة في الاستجـابة للحقِّ لا في مجرَّد استماعه؛ فأنَّى ينفُذ الحقُّ إلى قلبٍ قد أُغلقت منافذُه، وسُدَّت مسالكُه؟! |
﴿وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيۡكَ إِعۡرَاضُهُمۡ فَإِنِ ٱسۡتَطَعۡتَ أَن تَبۡتَغِيَ نَفَقٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ أَوۡ سُلَّمٗا فِي ٱلسَّمَآءِ فَتَأۡتِيَهُم بِـَٔايَةٖۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمۡ عَلَى ٱلۡهُدَىٰۚ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ ﴾ [الأنعام: 35]
جرت سنَّةُ الله بأن لا اجتماعَ على الهدى، فلو شاء اللهُ لما كان في الدنيا إلا المهتدون، ولكنَّه قدَّر بحكمته أن يكونَ فيها العاصون، ولدعاةِ الحقِّ في هذا عِبرةٌ عند ردِّ دعوتهم. لم يكن رسولُ الله ﷺ ممَّن يجزعُ في مواطن الصبر، فتلك صفةٌ لا تليق إلا بالجاهلين، وما أبعدَ حالَه منهم! ينبغي للداعية أن يتعرَّف على سنن الله تعالى، وأن يحذر من الجهل بها، حتى لا يقع في الحرج ويكلِّف نفسه ما ليس له. |
﴿وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا صُمّٞ وَبُكۡمٞ فِي ٱلظُّلُمَٰتِۗ مَن يَشَإِ ٱللَّهُ يُضۡلِلۡهُ وَمَن يَشَأۡ يَجۡعَلۡهُ عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ﴾ [الأنعام: 39]
إذا كان يُقتصُّ لبعض الحيَوانات من بعضٍ يومَ الحشر وهي غيرُ مكلَّفة، أفلا يُقتصُّ من البشر إن عمَدوا إلى تعذيبها وهم مكلَّفون باجتناب ذلك؟! إذا تعطَّلـت طـرقُ استقبــال الحقــائق، فكيف ستُعرف أهدى الطرائق؟ فمَن ذا يستطيع هدايةَ أحدٍ لا يسمع الحقَّ ولا يتكلَّم به، وهو محاطٌ بظلماتٍ كثيفة لا يُبصرُ من خلالها نورَ الصواب؟ إنمـا جُعِلـت هـذه الحواسُّ ليهتـديَ بهـا الناس، فإن لم تُحقِّقِ الغايةَ من خلقِها، فما أشبهَ وجودَها بعدمِها! لمَّا كانت هدايةُ التوفيقِ والإلهام إلى الحقِّ ثمينةً غالية جعلَها الخالقُ بيدِه، ولم يجعلها بيدِ الخلق، فإذا أردتَّ هذا الكنزَ الثمين فاطلبه منه. يا سائرًا إلى الله على نورٍ وهدى، هنيئًا لك الطريقُ المستقيمةُ التي لا تتحيَّرُ فيها، ولا تخطئُ هدفَك إن سرتَ عليها. |
﴿قُلۡ أَنَدۡعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰٓ أَعۡقَابِنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَىٰنَا ٱللَّهُ كَٱلَّذِي ٱسۡتَهۡوَتۡهُ ٱلشَّيَٰطِينُ فِي ٱلۡأَرۡضِ حَيۡرَانَ لَهُۥٓ أَصۡحَٰبٞ يَدۡعُونَهُۥٓ إِلَى ٱلۡهُدَى ٱئۡتِنَاۗ قُلۡ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلۡهُدَىٰۖ وَأُمِرۡنَا لِنُسۡلِمَ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ﴾ [الأنعام: 71]
كلُّ معبودٍ من دون اللهِ لا يضرُّ ولا ينفع، بيد أن عبادتَه تضُرُّ ولا تنفع، فلا تتعلَّق بغير الله، فما من أحدٍ يُغنيك سواه. أيُّ راشدٍ عرَف طريقَ الحقِّ وخالطَ حبُّه قلبَه فلن يتنكَّبَه إلى غيره؛ لأنه سفينةُ النجاة التي لا يبارحُها حتى يصلَ إلى شاطئ الآخرة. يا له من مشهدٍ حيٍّ للضلالة والحَيرة التي تنتابُ مَن يشركُ بعد التوحيد، ويتوزَّعُ قلبُه بين الإله الواحد والآلهة المتعدِّدة. حين لا تَثبُت قاعدةُ الإيمان في القلب يُراوحُ صاحبُه حائرًا بين دعاةِ الدنيا وملذَّاتها، ودعاةِ الآخرة وتكاليفها، فيعيشُ في مهبِّ الحَيرة معذَّبًا، فإن رُزِق التوفيقَ مال إلى الآخرة. كلَّما فاءَ الإنسان إلى هدى اللهِ اهتدى، فإذا ما انحرفَ عنه ضلَّ وغَوى. خَلَق ربُّنا ورزقَ وأنعم ودبَّر، فكان من حقِّه أن يَستسلمَ لأمره ويَنقادَ لسلطانه كلُّ العالمين. |
﴿ذَٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهۡدِي بِهِۦ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۚ وَلَوۡ أَشۡرَكُواْ لَحَبِطَ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 88]
هدايتُك توفيقٌ من ربِّك فلا تُعجَب بنفسِك، فما فتَك بالنفس مثلُ العُجب بها. الهدى ما كان من الله وبنورِ الله، وما يزعمُه الضالُّون عن الصراط المستقيم هدايةً هو في حقيقته عَينُ الضلالة، فانقلابُ فِطَرِهم جعلَهم يحسَبون الظلامَ نورًا والنورَ ظلامًا. ما أعلى مكانةَ الأنبياء، وما أرفعَها عن أن يشوبَها شِركٌ أو يخالطَها شك! وما أحراها أن تُستحضرَ قِبلةَ اهتداء، ووِجهةَ اقتداء! |
﴿۞ وَلَوۡ أَنَّنَا نَزَّلۡنَآ إِلَيۡهِمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَحَشَرۡنَا عَلَيۡهِمۡ كُلَّ شَيۡءٖ قُبُلٗا مَّا كَانُواْ لِيُؤۡمِنُوٓاْ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ يَجۡهَلُونَ ﴾ [الأنعام: 111]
إذا سُوِّرت القلوبُ بأسوارِ الكراهية والعِناد، وجُلِّلت الجوارحُ بالضلالة والفساد، فقد تحصَّنت عن الحقِّ بحِصنٍ حَصين، فلا تُقنعُها عندئذٍ العِظاتُ ولا البراهين. على العبد أن يكونَ مقصودَه اتِّباعُ الحقِّ، وأن يطلبَه بالطرق التي بيَّنها الله، ويستعينَ ربَّه في اتِّباعه، غيرَ متَّكلٍ على نفسه ولا قوَّته. فلتسكن قلوبُ الدعاة إذا رأوا الخَلقَ غيرَ مستجيبين، فلو شاء اللهُ لهداهم أجمعين، ولكنَّ حكمته اقتضَت أن يكونوا مختلفين. |
﴿فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهۡدِيَهُۥ يَشۡرَحۡ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِۖ وَمَن يُرِدۡ أَن يُضِلَّهُۥ يَجۡعَلۡ صَدۡرَهُۥ ضَيِّقًا حَرَجٗا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي ٱلسَّمَآءِۚ كَذَٰلِكَ يَجۡعَلُ ٱللَّهُ ٱلرِّجۡسَ عَلَى ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ ﴾ [الأنعام: 125]
مَن انشرح صدرُه للإسلام، واستنار بنور الهُدى والإيمان، وأحبَّ الخير وأقبل عليه، فقد منَّ الله عليه بالتوفيق، وسلوكِ أقوم طريق. إذا ما ضاق صدرُ المرء عن قَبول الوحي، قبَض الله صدرَه عن فعل الخير، حتى لكأنه من ضِيقه يُكلَّفُ الصُّعودَ في طبقات السماء، فضِيقٌ بضِيق، والجزاءُ من جنس العمل. إنما يتفضَّل اللهُ بالتوفيق على مَن يعلم أنه يصلُح له، فسَلهُ تعالى أن يجعلَك له أهلًا. حين تخلو القلوبُ من الإيمان، تصيرُ مأوًى لكلِّ فساد وطغيان، فتَرِدُ عليها ذنوبٌ إثرَ ذنوب؛ عقوبةً من الله تعالى. |
﴿قُلۡ فَلِلَّهِ ٱلۡحُجَّةُ ٱلۡبَٰلِغَةُۖ فَلَوۡ شَآءَ لَهَدَىٰكُمۡ أَجۡمَعِينَ ﴾ [الأنعام: 149]
حُججُ الله تعالى أعلى درجاتِ الحقِّ قوَّةً ورصانة، وبيانًا ووضوحًا؛ لأنها براهينُ مَن كمُلَ في قدرته وعلمه. لا أبلغَ من حُجج هذا التشريع البديع، فمَن احتجَّ بها على وجهها ظهرت حُجَّتُه، واتضحت مَحَجَّتُه، ومَن عارضها لم تخفَ هزيمتُه. قضى الله بأن يجعلَ الهدى في قلب مَن هو صادقٌ في سعيه إليه، فإنه أنفَسُ من أن يُوضعَ في قلب مَن هو زاهدٌ فيه. |
﴿فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلضَّلَٰلَةُۚ إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُواْ ٱلشَّيَٰطِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ ﴾ [الأعراف: 30]
إذا هُديَ الإنسانُ إلى الحقِّ فذاك محضُ توفيق الله وفضله، وإن ضلَّ فبخِذلانه له لتولِّيه الشيطان، فليَشكُر في الأولى، وليَتُب في الثانية. إذا سلك الإنسانُ طريقَ الضلال استقبله الشيطانُ واحتفى به، وأراه أنه على الحقِّ المبين. |
﴿وَنَزَعۡنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنۡ غِلّٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهِمُ ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي هَدَىٰنَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهۡتَدِيَ لَوۡلَآ أَنۡ هَدَىٰنَا ٱللَّهُۖ لَقَدۡ جَآءَتۡ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلۡحَقِّۖ وَنُودُوٓاْ أَن تِلۡكُمُ ٱلۡجَنَّةُ أُورِثۡتُمُوهَا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 43]
لمَّا كانت الجنَّة لا تطيبُ إلا بصلاح الجيران، وسلامة أهلها من الأحقاد والأضغان؛ فقد غسل اللهُ صدورَهم من تلك الأدران، فدخلوها على قلب رجلٍ واحد. لا تجعل خلافَك مع أخيك في مسألةٍ اجتهادية يُفضي بك إلى الكره والبغضاء، ألا تحبُّ أن تَلقى اللهَ سليمَ الصدر طاهرَ السريرة؟! المؤمنون في الدنيا بشرٌ لا ملائكة؛ فقد يثور بينهم غيظٌ فيَكظِمونه، أو غِلٌّ فيغلبونه، فإذا بقي من ذلك شيءٌ أزاله الله قبل دخولهم الجنَّة. كم الفرقُ بين دارٍ تجري من تحتها الأنهار، ودارٍ ليس فيها إلا النار، من فوق أهلها غَواش، ومن تحتهم فِراش، فلنفرَّ منها. أهلُ الجنَّة يتواضعون لربهم، ويردُّون إليه الفضل، أما المعجَبون بأعمالهم فيَنسُبون لأنفسهم ما رُزِقُوه من الخير. يا لَسعادةِ مَن علمَ الحقَّ في الدنيا علمَ اليقين، وما أسعدَه حين يغدو ذلك له غدًا عينَ اليقين! ما أجملَ ذلك النداءَ؛ يوم ينادي المنادي بتمليككَ تلك الأرضَ الطاهرة من الجِنان؛ عطيَّةً من الله بسبب ما تفضَّل عليك من التوفيق للعمل لها! |
﴿مَن يَهۡدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلۡمُهۡتَدِيۖ وَمَن يُضۡلِلۡ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ ﴾ [الأعراف: 178]
الهدى نعمةٌ عظيمة؛ ألا تراه لم يَذكر جزاءَه بجنَّة أو فوز، بل اكتفى بالإخبار عنه بأنه مهتدٍ؛ ليعمَّ كلَّ خيرٍ ينتظر المهتدين. إذا خُذِل العبدُ فلم يعبد الله، ولم يستعِن به؛ وُكِلَ إلى حَولِه وقوَّته، وشقيَ في دنياه وآخرته، وذلك أعظمُ الخسران. |
﴿مَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُۥۚ وَيَذَرُهُمۡ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ ﴾ [الأعراف: 186]
نقِّ قلبَك يكُن موضعًا صالحًا لفضل اللهِ وهدايته؛ فإن القلوبَ المحشُوَّةَ طغيانًا حَجبَت نفسَها عن الحقِّ، فكانت مستحقَّةً لأن تُتركَ وحجابَها. |
﴿قُلۡ إِن كَانَ ءَابَآؤُكُمۡ وَأَبۡنَآؤُكُمۡ وَإِخۡوَٰنُكُمۡ وَأَزۡوَٰجُكُمۡ وَعَشِيرَتُكُمۡ وَأَمۡوَٰلٌ ٱقۡتَرَفۡتُمُوهَا وَتِجَٰرَةٞ تَخۡشَوۡنَ كَسَادَهَا وَمَسَٰكِنُ تَرۡضَوۡنَهَآ أَحَبَّ إِلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادٖ فِي سَبِيلِهِۦ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24]
مصلحة الدين لا تُقدَّم عليها أيُّ مصلحة دُنيويَّة عند التعارُض، وبذلك يُعرَف طالبُ الدنيا من طالب الآخرة. إذا تجذَّر حبُّ الله ورسوله في القلب لم يُقدِّم صاحبُه على ذلك حبَّ شيءٍ في الوجود. في شعور الحبِّ يحصُل الابتلاء، فيتبيَّن به قَدرُ المحبوب في قلب المُحبِّ؛ بذِكره له، وانشغاله به، وتوجُّهِه إليه، وانصرافِ انقياده لما يريد. ليس مطلوبًا من المسلم أن ينقطعَ عن محبوبات الدنيا الحسِّيَّة والمعنويَّة المُباحة، وإنما المطلوبُ ألا يقدِّمَها على الحبِّ الأعلى؛ حبِّ الله ورسوله. برهِن على إيمانك بتقديم ما يحبُّه الشرع، على ما يستحبُّه الطبع. كم يَجني الفسقُ على أهله! وكم يحرِمُهم من خيرٍ يُرتجى! فمَنعُ الهداية من أعظم الحِرمان. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡمُشۡرِكُونَ نَجَسٞ فَلَا يَقۡرَبُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ بَعۡدَ عَامِهِمۡ هَٰذَاۚ وَإِنۡ خِفۡتُمۡ عَيۡلَةٗ فَسَوۡفَ يُغۡنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦٓ إِن شَآءَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٞ ﴾ [التوبة: 28]
على قاصدِ البيت الحرام أن يطهِّرَ باطنَه وظاهره، فإنه مكانٌ لا تصلُح فيه النجاسةُ المعنويَّة ولا الحسِّيَّة. مَن تنجَّس بالشِّرك لا ينبغي أن يُقرَّب ويُحتفى به، ولو كان في ذلك فواتُ مصالحَ دنيوية؛ ألا تراه سبحانه نهى عن اقتراب المشركين من المسجد الحرام، مع ما يجُرُّه دخولهم مكةَ من منافعَ اقتصادية؟! لمَّا كان الرزَّاق هو الله تعالى، الذي ييسِّر للرزق ما شاء من الأسباب، ويفتحُ له ما يريد من الأبواب، فلا يخافنَّ العبدُ انقطاعَه. مَن خاف على رزقه بفعل طاعة ربِّه، فليُراجع قلبَه ورصيدَ إيمانه. مَن ترك الدنيا لأجل الدين أوصله اللهُ إلى مطلوبه منها، مع ما سَعِدَ به من أمر الدين. لا تبِع دينَك من أجل فقرٍ تخشاه؛ فما من عبدٍ إلا والغنيُّ مولاه، وهو الذي يتولَّى كِفايتَه، ويُذهب فاقتَه. بعلمِه تعالى وحكمتِه شرَع شرائعَ دينه التي بها يجتلب الناسُ منافعَ الدنيا والآخرة، فمَن ظنَّ أن العملَ بما شرَع اللهُ يفوِّت مصلحتَه فليتذكر أن الله عليمٌ حكيم. |
﴿إِنَّمَا ٱلنَّسِيٓءُ زِيَادَةٞ فِي ٱلۡكُفۡرِۖ يُضَلُّ بِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُۥ عَامٗا وَيُحَرِّمُونَهُۥ عَامٗا لِّيُوَاطِـُٔواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُۚ زُيِّنَ لَهُمۡ سُوٓءُ أَعۡمَٰلِهِمۡۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ﴾ [التوبة: 37]
كما أن الإيمان يزيدُ بأعماله، فالكفر يزيد بأعماله؛ فتغييرُ الأحكام الشرعيَّة والحدود القرآنيَّة بتحليل الحرام وتحريم الحلال زيادةٌ في الكفر. مهما زيَّن الناسُ من تبديل الشرع وتغييره، وألبسوا ذلك لباسَ المنفعة والتقدُّم، فلن يعدُوَ ذلك أن يكونَ إساءةً وضلالًا. إذا مرَدَ الكافر في كفره، واستمرَّ عليه بعد وعظه وزجره، فقد سدَّ على نفسه طريقَ هداية الله له. |
﴿وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِلَّ قَوۡمَۢا بَعۡدَ إِذۡ هَدَىٰهُمۡ حَتَّىٰ يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 115]
ما ضلَّ أحدٌ إلا بتركه الوحي، فلو اهتدى به لعلمَ ما يأتي وما يتَّقي. من رحمة الله بعباده أن بيَّن لهم ما يتَّقون به غضبَه، ويحذَرون به معصيتَه، فأين المتَّقون؟ بيانُ اللهِ لعباده قائمٌ على العلمِ المحيطِ الذي لا يُمكنُ أن يتطرَّقَ إليه الخطأُ، ولا لواقعٍ صحيح أن يخالفَه. |
﴿وَٱللَّهُ يَدۡعُوٓاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلَٰمِ وَيَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ﴾ [يونس: 25]
سبحانَ من دعا الناسَ إلى دار كرامته عدلًا، وخصَّ بالهدايةِ بتوفيقه مَن شاءَ فضلًا! اللهم اجعلنا ممن سلِمت قلوبُهم من الشِّرْك، وطَهُرت من علائق الإثم، عسى نحظى بدارٍ سلِمت من جميع الآفات، وحسُنت من كلِّ الجهات. |
﴿قُلۡ هَلۡ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلۡحَقِّۚ قُلِ ٱللَّهُ يَهۡدِي لِلۡحَقِّۗ أَفَمَن يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلۡحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّيٓ إِلَّآ أَن يُهۡدَىٰۖ فَمَا لَكُمۡ كَيۡفَ تَحۡكُمُونَ ﴾ [يونس: 35]
إن كان شأنُ المعبود أن يَهديَ عِبادَه إلى ما فيه صلاحُ أمرهم، فكيف يتَّبع ناسٌ مَن لا يَنهى عن غَيٍّ، ولا يَهدي إلى سبيل؟! الوحيُ هدايةٌ وإرشاد، فمَن اتَّبعَه نجا وسلِم، ومَن لم يتَّبِعه ضلَّ وندِم، وتاه في أودية الضلال. مَن يدعو إلى الحقِّ وينهى عن الباطل هو من يُتَّبع، وليس مَن يملكُ المالَ أو الجاهَ أو السلطان. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَتۡكُم مَّوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَشِفَآءٞ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ ﴾ [يونس: 57]
أبلغ موعظةٍ وأوقعُها في النفوس كلام الله العظيم. وقد أُثر عن بعض السَّلف: (مَن لم يردَعه القرآنُ والموت، ثم تناطحَت الجبالُ بين يديه؛ لم يرتَدِع). جِماعُ أمراض القلب الشُّبُهات والشَّهَوات، والقرآنُ شفاءٌ لهما، ففيه من البيِّنات والبراهين القطعيَّة، والدَّلالة على المطالب العليَّة ما لم يتضمَّنه كتابٌ سواه، فهو الشفاء بالحقيقة. الهدى أجلُّ الوسائل، وبه يكون كمال العلم والعمل، والرحمة أكمل المقاصد، وبها يحصُل الخير والإحسان، فإن اجتمعا في مؤمن نال السعادةَ والفلاح. يرحمُ الله بالقرآن مَن آمن به، فيُنجيه من ظلمات الضلال إلى نور الإيمان، ويخلِّصُه من درَكات النيران إلى درجات الجِنان. |
﴿وَمَا كَانَ لِنَفۡسٍ أَن تُؤۡمِنَ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَيَجۡعَلُ ٱلرِّجۡسَ عَلَى ٱلَّذِينَ لَا يَعۡقِلُونَ ﴾ [يونس: 100]
الكفـر رجسٌ يُدنِّسُ النفوسَ والأحـــوال، ويُخبِّــثُ الأقــوالَ والأعمـال. لا ينبغي لذي عقلٍ أن يُنكرَ دلائلَ الحق، فإنها بلغَت رتبةً عالية من البيان والإيضاح. |
﴿قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَكُمُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيۡهَاۖ وَمَآ أَنَا۠ عَلَيۡكُم بِوَكِيلٖ ﴾ [يونس: 108]
سبحانه من إلهٍ يحبُّ صلاحَ عباده، ويدعوهم إلى ما فيه نفعُهم! صنيعَ من يُربِّيهم فيسوسُهم ويدبِّرُ أمورَهم. يا من تعلَمُ أن الهدايةَ هي خيرٌ سيقَ لنفسك، هلَّا عرفتَ فضلَ رسولِ الله ﷺ عليك، وشكرتَ لله الذي أرسلَه إليك؟ |
﴿لَقَدۡ كَانَ فِي قَصَصِهِمۡ عِبۡرَةٞ لِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِۗ مَا كَانَ حَدِيثٗا يُفۡتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصۡدِيقَ ٱلَّذِي بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَتَفۡصِيلَ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ ﴾ [يوسف: 111]
ليس مقصودُ قِصصِ القرآنِ أن تكونَ سَمَرا، بل المقصودُ بها أن تكونَ عِبَرا. ما ترك القرآنُ تفصيلًا يُزكِّي به المرءُ نفسَه، أو يستوجبُ به رحمةَ ربِّه، أو ينيرُ به طريقَه، إلا وذكَره أو دلَّ عليه. لا يستفيدُ من قِصصِ القرآن إلا أصحابُ العقول المستنيرة التي تعتبرُ بما جرى لمَن قبلها، فتسلكُ طريقَ الناجين، وتَحذرُ طريقَ الهالكين. |
﴿أَفَمَنۡ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡۗ وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ قُلۡ سَمُّوهُمۡۚ أَمۡ تُنَبِّـُٔونَهُۥ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَم بِظَٰهِرٖ مِّنَ ٱلۡقَوۡلِۗ بَلۡ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكۡرُهُمۡ وَصُدُّواْ عَنِ ٱلسَّبِيلِۗ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ ﴾ [الرعد: 33]
سيدرك مَن اختار الضلالَ على الهدى أنه اختار عذابَ الدنيا، وأن عذابًا في الآخرة أشقَّ ينتظره بعد انقضاء حياته. لو يوقنُ الضالُّون بالعذاب الشاقِّ الذي ينتظرهم في الآخرة ما تمادَوا في ضلالهم. سبحان مَن لا يُحادُّه أحدٌ إلا قهره وغلبه، ولا يشفع عنده أحدٌ إلا بإذنه، وليس يأذَن بالشفاعة لمَن كفر به فمات على كفره! |
﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوۡمِهِۦ لِيُبَيِّنَ لَهُمۡۖ فَيُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ﴾ [إبراهيم: 4]
معرفة لسان المدعُوِّين، وخطابُهم بما يفهمون، من آلاتِ الدعوة المهمَّة. يكفي من البيان حصولُ البلاغ، ولا يَلزمُ من ذلك حصولُ الهداية، فثمَّةَ قلوبٌ أفسدها الهوى، لا تَعبأُ بالإيمان، ولا يقنعُها إلى جلالتِه البيان. لو أراد العزيزُ سبحانه بعبدٍ أمرًا، فلا رادَّ لأمره، ولكنَّه مع عزِّته تعالى لا يقضي إلا بحِكمة. |
﴿وَعَلَى ٱللَّهِ قَصۡدُ ٱلسَّبِيلِ وَمِنۡهَا جَآئِرٞۚ وَلَوۡ شَآءَ لَهَدَىٰكُمۡ أَجۡمَعِينَ ﴾ [النحل: 9]
أيظنُّ عاقلٌ أن مَن يسخَّر له ما يُعينه على وصوله إلى بغيته في دنياه، يغفُل عن أن يبيِّنَ له ما يُعينُه على وصوله إلى مبتغاه في أُخراه؟! حاشاه سبحانه. سبيل الحقِّ من صنع اللهِ تعالى، لكنَّ السبلَ الجائرةَ قد ابتدعها أهلُ الضلالة، فلا العقلُ يَشهدُ لها، ولا الفطرةُ تميلُ إليها. خلق اللهُ سبحانه في العبد الاستعدادَ للهدى والضلال، وجعلَ منه قادرًا على اختيار ما يُريد من قاصدِ السبيل أو جائره. |
﴿مَّنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيۡهَاۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۗ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبۡعَثَ رَسُولٗا ﴾ [الإسراء: 15]
يا حريصًا على نفسه، احرِص على تحصيل الهدى؛ فإن نفعه يعود عليها، وإيَّاك والضلال؛ فإنه يجلب البَوار لها. أنت مسؤولٌ عن عملك خيره وشرِّه، ولا يحمل ذنوبَك غيرُك، فتخفَّف منها اليوم قبل ورود الآخرة. لا يؤاخِذ الله عبادَه حتى يُقيمَ عليهم الحُجَّة، ويقطعَ عنهم المعذرة؛ بإرسال الرسُل، وبلاغ الدعوة، وهذا من رحمته بهم. |
﴿وَمَنۡ أَرَادَ ٱلۡأٓخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعۡيَهَا وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَٰٓئِكَ كَانَ سَعۡيُهُم مَّشۡكُورٗا ﴾ [الإسراء: 19]
قد ينال طالبُ الدنيا بعض حظوظه منها وقد يُحرَم، لكنَّ من يَصدُق في طلب الآخرة فسيجني يومًا ما ثمارَ ما رجاه. لا يمكنُ لعبدٍ أن يحظى بخيرِ الآخرة دون أن يسعى لها، فيتحمل تَبعاتِها، وينهض بأعبائها، ومن يبتغِها بالأماني فهو مغرور. قال قَتادة: (شكرَ اللهُ له اليسير، وتجاوزَ عنه الكثير). |
﴿قُلۡ كُلّٞ يَعۡمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِۦ فَرَبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِمَنۡ هُوَ أَهۡدَىٰ سَبِيلٗا ﴾ [الإسراء: 84]
العمل الظاهرُ قبيحُه وحسنُه دليلٌ على قبح الهيئة الباطنة للعامل أو حسنِها. إلى علم الله ينتهي الحُكمُ على الأعمال بالصلاح أو الفساد، والقَبول أو الرد، فاحرِص على صواب العمل وإخلاصه، تظفَر بصلاحه وقَبوله. |
﴿وَمَن يَهۡدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلۡمُهۡتَدِۖ وَمَن يُضۡلِلۡ فَلَن تَجِدَ لَهُمۡ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِهِۦۖ وَنَحۡشُرُهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ عُمۡيٗا وَبُكۡمٗا وَصُمّٗاۖ مَّأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ كُلَّمَا خَبَتۡ زِدۡنَٰهُمۡ سَعِيرٗا ﴾ [الإسراء: 97]
ليس موفَّقًا من الله تعالى مَن يُصرُّ على الكفر مع وضوح الدليل، ومَن يتَّخذُ هواه رائدًا له في مواقفَ يجب فيها تحرِّي الحق. لا يتعلَّق العبدُ بغير الله تعالى إلا خذله وأخزاه، ولا يضرُّ العبيدَ مثلُ البعد عن حقيقة التوحيد. مَن لم يستعمل جوارحَه في فهم الحق جُوزيَ بألا ينتفع في الآخرة بشيء منها، ويُحشر وقد حيلَ بينه وبين الانتفاع بها، فيكون حائرًا متخبِّطًا، كحاله يوم كان عن دينه معرضًا. ما أفظعَه من مكان! نارٌ لا يفرح ساكنُها بخُبُوِّها حتى تزيدَه غمًّا بمزيدها، فيا أيها العاقلُ اجعل بينك وبينه وقايةً، تنَل السلامةَ والأمان. |
﴿نَّحۡنُ نَقُصُّ عَلَيۡكَ نَبَأَهُم بِٱلۡحَقِّۚ إِنَّهُمۡ فِتۡيَةٌ ءَامَنُواْ بِرَبِّهِمۡ وَزِدۡنَٰهُمۡ هُدٗى ﴾ [الكهف: 13]
إذا جاءك القَصصُ عن الله فهو الحقُّ الذي لا باطل معه، والصدق الذي لا كذب فيه، والحَدث الذي تُستقى منه العِبرة والعظات. أيها الشاب؛ لتحملك قوةُ شبابك على البحث عن الحق، والتضحية من أجله، ولا تُصغِ لمَن ينادون باستفراغ الشباب في اللهو. ما أقبل عبدٌ على ربِّه بإيمان وعمل صالح إلا زاده هدًى وقُربًا، ومَن أتى ربَّه يمشي أتاه الله هرولة، فما أحرانا أن نخطوَ إلى رضا ربنا خطوات وخطوات! |
﴿۞ وَتَرَى ٱلشَّمۡسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَٰوَرُ عَن كَهۡفِهِمۡ ذَاتَ ٱلۡيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقۡرِضُهُمۡ ذَاتَ ٱلشِّمَالِ وَهُمۡ فِي فَجۡوَةٖ مِّنۡهُۚ ذَٰلِكَ مِنۡ ءَايَٰتِ ٱللَّهِۗ مَن يَهۡدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلۡمُهۡتَدِۖ وَمَن يُضۡلِلۡ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ وَلِيّٗا مُّرۡشِدٗا ﴾ [الكهف: 17]
انظر إلى لطف الله بهم، واجتباء الله لهم؛ فلا الشمسُ تؤذيهم، ولا ضيقُ المكان يزعجهم! مَن الذي جلب الهدايةَ لفتيةٍ في مستنقع الشِّرك والعدوان؟ ومَن الذي خذل بالضلالة قومًا تنزَّل فيهم القرآن؟ فاستهدِ بالله، فهو وحدَه الهادي. لا رادَّ لأمر الله تعالى، فمَن أعمى بصيرته، وأضلَّ عن الهدى قلبَه، لم يفلح ولو أعانه أهلُ الأرض جميعًا. |
﴿وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِۦ فَأَعۡرَضَ عَنۡهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتۡ يَدَاهُۚ إِنَّا جَعَلۡنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ أَكِنَّةً أَن يَفۡقَهُوهُ وَفِيٓ ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرٗاۖ وَإِن تَدۡعُهُمۡ إِلَى ٱلۡهُدَىٰ فَلَن يَهۡتَدُوٓاْ إِذًا أَبَدٗا ﴾ [الكهف: 57]
ما أظلمَ أعداءَ الحقِّ وأسرعَهم في الإعراض بعد التذكير! أوَما كان الأجدى بهم التريُّث والتأمُّل والتفكير؟ سبحان الله! إن المؤمنَ ليُخطئ فيستحيي من ربِّه كلَّما ذكر ذنبَه، فهل يَنسى المجرم قبيحَ ما يفعله إلا حين يهُون عليه؟! ادعُ إلى الله تعالى، واستمرَّ على ذلك، واعلم أن للهدى قلوبًا متفتِّحةً مستعدَّة للتلقِّي، وللضلال قلوبًا أقسى من الصخر، وحسبُك أنك قد أقمتَ الحجَّة، وبيَّنت للناس صحيحَ المَحَجَّة. |
﴿وَكَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّن قَرۡنٍ هُمۡ أَحۡسَنُ أَثَٰثٗا وَرِءۡيٗا ﴾ [مريم: 74]
إن الاغترارَ بمظاهر الحياة الدنيا سِمةُ مَن ليست لهم عقولٌ يعقلون بها أهواءهم وشهواتهم عن أن تنطلق بهم إلى مهالكهم. الأثاث الذي ربما تفاخر به المرء بإظهاره أو نشر صوره، ومرأى الإنسان الذي طالما زينه وحسَّنه، لم تُغن مَن هم أحسن أثاثًا ورئيًا حين هلكوا، فهل لاحقٌ يَعتبر بسابق؟ طِيبُ الحال، وزيادة المتاع، وحسن المنظر مع المعصية أقربُ إلى الهلاك منه إلى النجاة. |
﴿قُلۡ مَن كَانَ فِي ٱلضَّلَٰلَةِ فَلۡيَمۡدُدۡ لَهُ ٱلرَّحۡمَٰنُ مَدًّاۚ حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا ٱلۡعَذَابَ وَإِمَّا ٱلسَّاعَةَ فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ هُوَ شَرّٞ مَّكَانٗا وَأَضۡعَفُ جُندٗا ﴾ [مريم: 75]
يا مَن يعيش مغرورًا بشهَواته وحسنِ حاله، ويتقلَّب في رحمة الله وإمهاله، إنها لفرصةٌ عظيمة للتوبة والإنابة إلى ربِّك، قبل يومٍ تنقطع فيه المعاذير، وتحاسَب فيه على الصغير والكبير. |
﴿وَيَزِيدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱهۡتَدَوۡاْ هُدٗىۗ وَٱلۡبَٰقِيَٰتُ ٱلصَّٰلِحَٰتُ خَيۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابٗا وَخَيۡرٞ مَّرَدًّا ﴾ [مريم: 76]
من فضل الله تعالى على عبده المخلص أنه إذا سلك طريقًا في العلم والإيمان والعمل الصالح زاده الله تعالى منه، وسهَّله عليه، ويسَّره له. إنما يبقى ذِكر الله تعالى وطاعتُه، وأما الدنيا فصائرةٌ إلى يباب، ومتاعها آيلٌ إلى ذهاب، لا يبقى منه مقام ولا ناد، ولا سلطانٌ ولا أجناد. |
﴿أَفَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي كَفَرَ بِـَٔايَٰتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالٗا وَوَلَدًا ﴾ [مريم: 77]
عجبًا لكافرٍ حمله إعجابُه بنفسه وبعمله على أن يجزم بأن له مآلًا حسنًا إن كان ثمة مآب! |
﴿قَالَ ٱهۡبِطَا مِنۡهَا جَمِيعَۢاۖ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوّٞۖ فَإِمَّا يَأۡتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدٗى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشۡقَىٰ ﴾ [طه: 123]
العداوة تقتضي التحرزَ طلبًا للسلامة، ولا سبيل للتحرز من عداوة الشيطان، إلا باتباع هدى الرحمن. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أجار اللهُ تابعَ القرآن من أن يَضل في الدنيا، أو يشقى في الآخرة). لا يشعر القلبُ بطمأنينة الاستقرار إلا في رحاب الله، ولا يُحسُّ براحة الثقة إلا وهو مستمسك بالعروة الوثقى، ولَكَم تحلو الحياة بالإيمان، وكم تشقى إذا حُرمته! |
﴿وَكَذَٰلِكَ أَنزَلۡنَٰهُ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖ وَأَنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يُرِيدُ ﴾ [الحج: 16]
ليس في شأن البعث وحدَه يظهرُ كمالُ بيان الله تعالى، بل لو تدبَّرت آياتِه لوجدتَّها جميعها في أعلى أنواع البيان. إن الآيات وإن كانت بيِّنات، لكنَّ الهداية بيد ربِّ الأرض والسماوات، والموفَّق مَن لا يزال يسأل اللهَ تعالى أن يهديَه بها، ويأخذ بيده إليها. |
﴿أَوۡ كَظُلُمَٰتٖ فِي بَحۡرٖ لُّجِّيّٖ يَغۡشَىٰهُ مَوۡجٞ مِّن فَوۡقِهِۦ مَوۡجٞ مِّن فَوۡقِهِۦ سَحَابٞۚ ظُلُمَٰتُۢ بَعۡضُهَا فَوۡقَ بَعۡضٍ إِذَآ أَخۡرَجَ يَدَهُۥ لَمۡ يَكَدۡ يَرَىٰهَاۗ وَمَن لَّمۡ يَجۡعَلِ ٱللَّهُ لَهُۥ نُورٗا فَمَا لَهُۥ مِن نُّورٍ ﴾ [النور: 40]
ما أشبهَ تلاطمَ الشكوك والشبهات والعلوم الفاسدة في القلوب المظلمة التي تراكمت عليها سحب الغَيِّ والهوى والباطل بتلاطم أمواج البحر ومن فوقها سحاب مظلم! لمَّا كان الجهل والكفر والظلم والهوى ظلماتٍ بعضُها فوق بعض، كان المتقلِّب فيها منغمسًا في ظلمات القول والعمل، والمدخل والمخرج والمصير. |
﴿لَّقَدۡ أَنزَلۡنَآ ءَايَٰتٖ مُّبَيِّنَٰتٖۚ وَٱللَّهُ يَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ﴾ [النور: 46]
حين يتحاكم الناس إلى شريعة الله، فإنما يتحاكمون إلى شريعة مبيَّنة واضحة مضبوطة، لا شبهةَ فيها ولا إبهام، ولا التباسَ ولا غموض. جعل الله للهدى طريقًا، مَن اتصل به أوصله بمشيئة الله، ومَن حاد عنه فقد ولج في الضلال، وذلك حسب مشيئته تعالى في الهدى والضلال. |
﴿فَلَمَّا جَآءَ سُلَيۡمَٰنَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٖ فَمَآ ءَاتَىٰنِۦَ ٱللَّهُ خَيۡرٞ مِّمَّآ ءَاتَىٰكُمۚ بَلۡ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمۡ تَفۡرَحُونَ ﴾ [النمل: 36]
لا يمكن البتَّةَ أن يساوَمَ أمرُ العقيدة الصحيحة بالمال، وليس الداعية الحقُّ بالذي تَثنيه أعراضُ الدنيا عن هدفه في الحياة. ليت كلَّ مَن يولِّيه الله تعالى من أمر الأمَّة شيئًا يقنع بما آتاه ربُّه من الحلال، فلا تمتدُّ عيناه إلى الحرام، بل يحفظ دينَه وأمانته، وعِرضَه ومروءته. ما كلُّ هدية يُفرح بها، ولا كلُّ مال من الناس يُقبل، والمسلم الفطِن يميز بين هدية يُساوَم بها على شيء من دينه، وهدية يخلص صاحبها بها له التودُّدَ والتقدير. |
﴿وَأَنۡ أَتۡلُوَاْ ٱلۡقُرۡءَانَۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَقُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ ﴾ [النمل: 92]
لكلِّ داعية من توجيه هذه الآية نصيب؛ بأن يُبلِّغ وحيَ ربِّه، وينذرَ قومه، ولا يضرُّه بعد ذلك مَن لم يستجب له. تلاوة القرآن من أعظم أسباب الهداية، ومن أقوم الطرق لإيصال الرسالة، فما أحسنَ أن يكونَ ذلك مصحوبًا بتبيُّن مبانيها، وكشف أسرار معانيها! إن القرآن لعظمته وجلاله لا يستطيع أحدٌ أن يقفَ منه موقفَ حياد من غير أن يغنَم أو يغرَم، فالقرآن حجَّة لك أو عليك. شأن الأنبيـاء وأتباعِهـم أنهـم يوقظــون في النــاس الفطــرة، ويبلِّغونهم الوحي، دون أن يَحملوهم على الحقِّ كُرهًا، أو يسوقوهم إلى الدين مرغمين، فمَن آمن من الناس نجا، وإلا فحسابه على الله. |
﴿إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ ﴾ [القصص: 56]
هداية القلوب بيد الله، والحرص على هداية امرئ لا يُدخل الإيمان في قلبه، فقد آمن برسول الله بُعداء، ولم يؤمن به أقرباء! أكثِر من سؤال الله الهداية فإنها بيده لا بيد غيره، وهو أعلم بمَن يستحقها ممَّن لا يستحق. |
﴿وَمَن جَٰهَدَ فَإِنَّمَا يُجَٰهِدُ لِنَفۡسِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ ٱلۡعَٰلَمِينَ ﴾ [العنكبوت: 6]
فلتعلمِ القلوب التي تحتمل تكاليف الإيمان ومشاقَّ الدعوة بأنها إنما تجاهد لنفسها ولاستكمال فضائلها، وإلا فما لله من حاجة إلى أحد، وإنه لغني عن كل أحد. مَن لم يجاهد نفسه، وإنما يسعى لجلب راحتها بإعطائها شهواتها، فقد أضرَّ بها من حيث أراد إمتاعها وإسعادها. |
﴿ٱللَّهُ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ وَيَقۡدِرُ لَهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ ﴾ [العنكبوت: 62]
سبحان مَن يعلم ما يصلح العباد وما يفسدهم، فيعطي بحسب ذلك أو يمنع، وكم رامَ بعضُ الأقوياء إغناءَ فقير وإفقار غني، فما استطاعوا، وما شاء الله كان! |
﴿وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهۡدِيَنَّهُمۡ سُبُلَنَاۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69]
مجاهدة النفسِ التي يُعين الله صاحبَها عليها هي ما كانت فيه وفي مَراضيه. من أفرض الجهاد جهادُ النفس والهوى، والشيطان والدنيا، فمَن جاهدها كلَّها في الله هداه سبحانه سبُلَ رضاه الموصلةَ إلى جنَّته، وإلا فاته من الهدى بحسب ما عطَّل من الجهاد. مَن أراد معيَّة الله تعالى وتوفيقه، وحمايته وتسديده، فليكن من المحسنين في عبادة الله، المحسنين إلى عباد الله. |
﴿بَلِ ٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ أَهۡوَآءَهُم بِغَيۡرِ عِلۡمٖۖ فَمَن يَهۡدِي مَنۡ أَضَلَّ ٱللَّهُۖ وَمَا لَهُم مِّن نَّٰصِرِينَ ﴾ [الروم: 29]
لا ضابط للهوى ولا مقياس، وإنما هو شهوة متقلبة ونزوة مضطربة، فمَن جعله إمامًا له قاده إلى كل ما فيه مخالفة للعقل والعلم. المشركون الذين يتَّبعون أهواءهم قد جنَوا على أنفسهم؛ إذ حرموها من الهداية، وأوجبوا لها العذاب، فمَن الذي يهديهم وقد اختاروا الضلال؟! ومَن الذي يُنجيهم من العذاب على شركهم؟! فلا تحسبنَّهم رابحين. |
﴿قُلۡ إِن ضَلَلۡتُ فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَىٰ نَفۡسِيۖ وَإِنِ ٱهۡتَدَيۡتُ فَبِمَا يُوحِيٓ إِلَيَّ رَبِّيٓۚ إِنَّهُۥ سَمِيعٞ قَرِيبٞ ﴾ [سبأ: 50]
يعلِّمنا القرآن الردَّ بالرفق والنزاهة والحكمة، وتركَ ردِّ الشتيمة بمثلها. كلُّ ما هو وَبالٌ على النفس وضارٌّ بها فهو بسببها ومنها؛ لأنها الأمَّارة بالسوء، وكلُّ ما هو لها ممَّا ينفعها فبهداية ربِّها وتوفيقه إيَّاها. إذا كان هديُ المصطفى ﷺ إنما يحصُل بالوحي فما حجَّة مَن يرجو الهدايةَ بالآراء المختلفة والأقوال المضطربة؟ إن الله تعالى سميعٌ ما يقول عباده من الحقِّ والباطل، قريبٌ منهم، لا يخفى عنه من أقوالهم وأعمالهم شيء، وعلى ذلك يجازيهم عن علم. |
﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُۥ سُوٓءُ عَمَلِهِۦ فَرَءَاهُ حَسَنٗاۖ فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهۡدِي مَن يَشَآءُۖ فَلَا تَذۡهَبۡ نَفۡسُكَ عَلَيۡهِمۡ حَسَرَٰتٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِمَا يَصۡنَعُونَ ﴾ [فاطر: 8]
شقيَ مَن يعمل السوءَ عن عَمدٍ ويعلم أن فعله سوء، وأشقى منه مَن يرى سيِّئاته حسنات، ومعاصيَه قرُبات. يحبُّ الله تعالى لرسوله الكريم انشراحَ الصدر، وراحة النفس من الأحزان، فينهاه عن التحسُّر على مَن دعاهم إلى الحقِّ فأعرضوا عنه. لا تحزن على مَن بلغه الحقُّ فعاداه وحاربه حتى انتهى مآله إلى العقوبة، فإن الله تعالى عليمٌ بعمله، بصيرٌ بحاله، حين صارت عاقبته إلى ذلك المصير. |
﴿ٱلَّذِينَ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقَوۡلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحۡسَنَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَىٰهُمُ ٱللَّهُۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمۡ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ ﴾ [الزمر: 18]
النفس الطيِّبة تتفتَّح للقول الطيِّب فتتلقَّاه وتستجيب له، والنفس الخبيثة لا تتفتَّح إلا للخبيث من القول، ولا تستجيب إلا له. اعلم أيُّها المسلمُ أن الهداية من الله، فإيَّاك أن تغترَّ بطاعتك، واحمَدِ الله على ما وفَّقك إليه. |
﴿ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحۡسَنَ ٱلۡحَدِيثِ كِتَٰبٗا مُّتَشَٰبِهٗا مَّثَانِيَ تَقۡشَعِرُّ مِنۡهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمۡ وَقُلُوبُهُمۡ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهۡدِي بِهِۦ مَن يَشَآءُۚ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٍ ﴾ [الزمر: 23]
كيف لا يكون القرآن أحسنَ الحديث وهو كتابٌ لا ريبَ فيه هدًى للمتَّقين، وشفاءٌ ورحمة للمؤمنين؟ يا مَن تجد قَسوةً في قلبك، وبرودًا في مشاعرك، دونك الدواءَ الشافي، والبلسمَ الوافي، الذي يليِّن الجلود والقلوب؛ إنه كتاب الله؛ تدبَّر آياتِه، وتفكَّر بحِكَمه وأحكامه. |
﴿أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبۡدَهُۥۖ وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ ﴾ [الزمر: 36]
بلى، إن الله كافي عبدِه ومتولِّيه ما قام بحقِّ العبوديَّة لله وحده، فمَن ذا الذي يُخيفه، وأنَّى له، إذا كان القويُّ القاهر معه؟ متى أيقنتَ أيُّها العبدُ بعلوِّ ربِّك وعظيم كفايته لأوليائه المتَّقين المحسنين، لم تخَف أحدًا من خلقه، فكلُّ كبير مع الله صغيرٌ حقير. هذا ما ينبغي أن يكونَ عليه قلبُ المؤمن من ثقة ويقين وطُمَأنينة، حينما توزن القوى بميزانها الصحيح. |
﴿وَمَن يَهۡدِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن مُّضِلٍّۗ أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِعَزِيزٖ ذِي ٱنتِقَامٖ ﴾ [الزمر: 37]
مَن كان الله كافيَه وهاديَه فلن يضلَّ سبيلا. الهداية عطيَّةٌ من عطايا الله لعباده، وعلى المرء ألا يَركَنَ إلى عمله وصلاحه، وأن يبديَ افتقاره الدائم إلى مِنن ربِّه وهدايته وتثبيته. بلى، إن الله عزيزٌ لا يُغلَب، فمَن حادَّ دينه الذي ارتضاه لعباده، وحادَّ نبيَّه الذي أرسله رحمة للعالمين، انتقم منه شرَّ انتقام. |
﴿يَوۡمَ تُوَلُّونَ مُدۡبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ مِنۡ عَاصِمٖۗ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ ﴾ [غافر: 33]
لا عاصمَ يمنعهم، ولا شفيعَ يشفع لهم، فلا يُدبِّرون فرارًا من العذاب إلا إلى عذاب وعذاب، عصمَنا الله وإيَّاكم يومئذٍ من غضبه. |
﴿۞ شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحٗا وَٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ وَمَا وَصَّيۡنَا بِهِۦٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓۖ أَنۡ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُواْ فِيهِۚ كَبُرَ عَلَى ٱلۡمُشۡرِكِينَ مَا تَدۡعُوهُمۡ إِلَيۡهِۚ ٱللَّهُ يَجۡتَبِيٓ إِلَيۡهِ مَن يَشَآءُ وَيَهۡدِيٓ إِلَيۡهِ مَن يُنِيبُ ﴾ [الشورى: 13]
لن تجتمعَ كلمة المؤمنين حتى يجتمعوا على دين الله الواحد، فهو الكفيل بانتفاء الخلاف والشِّقاق فيما بينهم، وبثِّ السلام والوئام. إقامة الدين إنما تكون برفع أركانه، وإرساخ بنيانه، وحفظه من أن يَقَعَ فيه زيغٌ أو انحراف، فهنيئًا لمَن أقامه. شرُّ التفرُّق التفرُّقُ في الدين، فهو سبب الهلاك والبلاء، وعاقبته الخسارة والفناء، فلنكن في الحقِّ يدًا واحدة. سُنن الله في خلقه لا تزول ولا تحول؛ فمَن تقرَّب إليه بالطاعة زاده منه قربًا، ووفَّقه للثبات، ومنَّ عليه بحُسن الختام. |
﴿وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن وَلِيّٖ مِّنۢ بَعۡدِهِۦۗ وَتَرَى ٱلظَّٰلِمِينَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَ يَقُولُونَ هَلۡ إِلَىٰ مَرَدّٖ مِّن سَبِيلٖ ﴾ [الشورى: 44]
كما ترى الظالمين في الدنيا مستعلين على عباد الله قهرًا وعَسفًا، ستراهم في الآخرة أذلَّاء صاغرين، يودُّون لو يجدون إلى الفِرار سبيلا. |
﴿وَمَا كَانَ لَهُم مِّنۡ أَوۡلِيَآءَ يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِۗ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن سَبِيلٍ ﴾ [الشورى: 46]
أوَّل مَن ينفضُّ عن الظالم يوم القيامة مَن كانوا أنصاره وأولياءه، تقطَّعت بينهم الأسباب، ولا يجدون وليًّا ولا نصيرا. اللهم إنه لا يعِزُّ مَن عاديتَ، ولا يهتدي للحقِّ مَن أضللتَ، ولا يُوفَّق للصواب مَن خذلتَ، فاهدِنا اللهم فيمَن هَدَيت. |
﴿أَفَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلۡمٖ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمۡعِهِۦ وَقَلۡبِهِۦ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِۦ غِشَٰوَةٗ فَمَن يَهۡدِيهِ مِنۢ بَعۡدِ ٱللَّهِۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الجاثية: 23]
أيُّ هدًى يصل إلى مَن هواه إلهُه، وليس له سمعٌ يصغي به إلى الحقِّ، ولا بصرٌ ينتفع به في رؤيته له، ولا قلب يَصلُح لاستقبال نوره، فمَن أراد وصولَ الهدى فليَدَعِ الهوى، وليُحسِن استقبال مولود الحقِّ. لا تزال الذنوبُ بالعبد حتى تُغلقَ قلبه عن كلِّ هداية، فلا ينتفع بما يسمع، ولا يتأثَّر بما يبصر، فقد رانَ على القلب ما كسََََبَت يداه. |
﴿وَٱلَّذِينَ ٱهۡتَدَوۡاْ زَادَهُمۡ هُدٗى وَءَاتَىٰهُمۡ تَقۡوَىٰهُمۡ ﴾ [محمد: 17]
أقبِل على الله وسيُقبل عليك إفضالُه؛ فمَن اهتدى حقًّا رَقيَ به إلى زيادة الاهتداء، حتى يصلَ إلى نَيل التقوى. |
﴿مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ يَهۡدِ قَلۡبَهُۥۚ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ ﴾ [التغابن: 11]
قال عَلقَمة: (هو الرجُل تصيبه المصيبةُ فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلِّم). إن الله يعلم ما يُصيب عبدَه المؤمنَ من بلاء فيصبِّره ويثبِّت جَنانه، ويجازيه عن ذلك بما أعدَّه من كرامة للصَّابرين. لا يبلغ العبدُ اليقينَ حتى يعلمَ علمًا جازمًا أن ما أصابه لم يكن ليُخطئَه، وما أخطأه لم يكن ليُصيبَه، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وما وقعَ عليك فلن تدفعَه، وما ليس بواقع عليك فلن تجلبَه. إن رُمتَ راحةَ البال وطُمَأنينةَ الفؤاد فلتوطِّن نفسَك على الرِّضا بقضاء الله والتسليم لقدَره، مع الصَّبر والثبات. قال إبراهيمُ الحَربيُّ تلميذ الإمام أحمد: (أجمع عقلاءُ كلِّ ملَّة أنه مَن لم يجرِ مع القدَر لم يهنأ بعَيشه). ليس كالإيمان قائدٌ يقود صاحبَه إلى المبرَّات في أحواله كلِّها؛ «فإن أصابته سرَّاءُ شكرَ فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاءُ صبرَ فكان خيرًا له». |
﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ ﴾ [القلم: 7]
لو بلغ زعيقُ المنافقين عَنانَ السماء في وَصم المهتدين وعَيب المتَّقين ما ضرَّهم شيئًا؛ فإنَّ الله أعلمُ بالصالح والطالح، وبالمصلح والمفسد. ليس بمفتونٍ مَن أعمل عقلَه فانتفع به وبلغ طريقَ الهُدى والرَّشاد، ولكنَّ المفتون من عطَّل عقلَه عن قَبول الحقِّ وهو أظهرُ من الشمس في كبِد السماء! |
﴿إِنَّا هَدَيۡنَٰهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرٗا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾ [الإنسان: 3]
فضلُ الله علينا عظيم؛ إذ لم يترُكنا همَلًا، ولكنَّه بصَّرنا بطريق الحقِّ وبيَّنه لنا، فمَن آثرَ غيرَه عليه استحقَّ أشدَّ العقاب. ما أقلَّ الشاكرين لأنعُم الله العارفين فضلَه، وما أكثرَ الكافرين الجاحدين لها، فكن مع القلَّة الفائزة، ولا تكن مع الكثرة الهالكة. |
﴿ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُۥ ﴾ [عبس: 20]
اعلم أيها العاقلُ أن القبر ليس نهايةَ الطريق، ولكنَّه ممرٌّ إلى الحياة الأبديَّة في جنَّة أو نار؛ ﴿فمَن زُحزِحَ عنِ النَّارِ وأُدخِلَ الجنَّةَ فقد فاز﴾ . |
﴿وَهَدَيۡنَٰهُ ٱلنَّجۡدَيۡنِ ﴾ [البلد: 10]
آتاك الله أيها الإنسانُ قدرةً فِطريَّة على تمييز الحقِّ من الباطل، وإنما تضعُف هذه القدرةُ وتتلاشى بمُكابرة الحقِّ وجَحد البراهين. |
﴿فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا ﴾ [الشمس: 8]
لولا النفسُ التي بين جوانح الإنسان لكان الجسدُ صورةً لا فائدةَ منها، ولا حياة فيها، ولكنَّ النفس آيةٌ كبرى من آيات الله فينا، فما أحرانا أن نُصلحَها ونزكِّيَها. ما من إنسانٍ إلَّا وفي أعماق فِطرته إلهامٌ يُريه طريقَ الخير والشرِّ، ويُعينه على التمييز بين الحقِّ والباطل، والأهمُّ أن ينقادَ له ولا يفرَّ منه. |
﴿إِنَّ عَلَيۡنَا لَلۡهُدَىٰ ﴾ [الليل: 12]
تولَّى الله هدايةَ خلقه بأن بيَّن لهم كلَّ ما يلزمهم في العقيدة والعبادة والمعاملات والأخلاق، فيا خيبةَ من حاد عن هُداه. أيها المسلمُ، علِّق قلبك بربِّك ولا تعلِّقه بسواه، موقنًا أنه سبحانه له وحدَه ملكُ الآخرة والأولى، ولن يُنجيَك إلا رضاه. |
مواضيع أخرى في القرآن الكريم
قصة ذو القرنين رب العِزّة فتنة الثروة الوداعة الواقعة أموال الكفار أصحاب السبت إبراهيم رضى الله تعالى وحدانية الله
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 21, 2024
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب