قائمة السور | مواضيع القرآن الكريم مرتبة حسب الآيات :آيات القرآن الكريم مقسمة حسب كل موضوع و فئة | لقراءة سورة كاملة اختر من : فهرس القرآن | - للاستماع للقراء : القرآن الكريم mp3
آيات قرآنية عن تنزيه الله عن الولد والشريك في القرآن الكريم
✅ مواضيع القرآن الكريم
﴿وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدٗاۗ سُبۡحَٰنَهُۥۖ بَل لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ كُلّٞ لَّهُۥ قَٰنِتُونَ ﴾ [البقرة: 116]
عند حكاية الأقوال الشنيعة التي قيلت عن الله سبحانه عوِّد لسانك تنزيهَه عمَّا لا يليق بعزَّته، ولا يغفُل قلبك طَرفةَ عينٍ عن إجلاله وتعظيمه. كلُّ الخلائق مملوكون لله تعالى، خاضعون لقضائه طوعًا أو كرهًا، لا يقدِرون على دفاع، ولا يقوَون على امتناع. |
﴿يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ وَلَا تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّۚ إِنَّمَا ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُۥٓ أَلۡقَىٰهَآ إِلَىٰ مَرۡيَمَ وَرُوحٞ مِّنۡهُۖ فَـَٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۖ وَلَا تَقُولُواْ ثَلَٰثَةٌۚ ٱنتَهُواْ خَيۡرٗا لَّكُمۡۚ إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ سُبۡحَٰنَهُۥٓ أَن يَكُونَ لَهُۥ وَلَدٞۘ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلٗا ﴾ [النساء: 171]
داء الغلوِّ متأصِّلٌ في الأمم من قديم، واستئصالُه مؤكَّدٌ في قوانين الشريعة الحميدة. لا يجوز لأحدٍ أن يتقوَّلَ على الله بلا علم، أو يقولَ على الله غيرَ الحق، فمَن فعل فقد غَلا وجاوز ما حُدَّ له؛ فإنَّ التقوُّلَ والغلوَّ صِنوان. ليس عيسى عليه السلام سوى رسولٍ من الله، وكلمةٍ منه إلى مريمَ، وروحٍ منه سبحانه، فمَن رفعَه إلى رتبة الإلهيَّة فقد كذَب وافترى إثمًا عظيمًا. قد ذُمَّ الغلوُّ في عيسى رسولِ الله، وهو المخلوقُ بكلمةٍ من الله، فكيف الغلوُّ في شيخ أو زعيم أو وجيه؟! لا ترفعَنَّ عبدًا مخلوقًا فوق قدره، فتُبلِغَه منزلةً لا تليقُ إلا بالمعبودِ الخالق؛ فإن ذلك خروجٌ عن الإيمان، ومَظهرٌ من مظاهر الطغيان. سبحانه من إلهٍ حليم؛ يُشركون به غيرَه وهو القادرُ على عقابهم، فيدعوهم إلى الانتهاء عن شركهم؛ ليحوزوا الخيرَ عنده! هل يكون محتاجًا إلى الولد مَن يملكُ السماواتِ والأرضَ وما فيهنَّ ومَن فيهنَّ، مع غناه عنها وعنهُنَّ؟! لو صدَقنا في اعتمادنا على الله وحدَه لكان سبحانه حسيبَنا، ومَن كان اللهُ حسبَه كفاه. |
﴿كَانُواْ لَا يَتَنَاهَوۡنَ عَن مُّنكَرٖ فَعَلُوهُۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ ﴾ [المائدة: 79]
اللعن جزاءٌ عظيم، ناتجٌ عن ذنبٍ جَسيم، وما لُعِنَ أولئك القومُ على لسان داودَ وعيسى عليهما السلام إلا لعِظَم ما ارتكبوه من المآثم، فليحذَر كلُّ إنسانٍ يرجو رحمةَ ربِّه أسبابَ لعنه. إن أُشرِبَت النفسُ حبَّ المعصية ففرَّط صاحبُها في الواجبات، ولم ينتهِ عن المعاصي والمحرَّمات، واعتاد الكذبَ والنفاق، فما له سوى الإبعاد. النهيُ عن المنكر صِمامُ أمانٍ للمجتمع، ومانعٌ واقٍ من نزول السخَط والنِّقَم، فمَن عمل بهذه الشَّعيرة بجِدٍّ وإخلاص حاز بها الوقايةَ والخلاص. يا حسرةً على مسلم يُعرِض عن النهي عن المنكر وهو قادرٌ على إنكاره! ألم يسمع ذمَّ اللهِ للمعصية وتركِ النهي عنها؟ السكوت عن المنكر لا يُنجي صاحبَه؛ فقد سمَّى الله التهرُّبَ من هذه المسؤوليَّة فعلًا بئيسًا، فكيف إن اجتمع إليه الرضا بالمنكر؟! |
﴿قُلۡ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّٗا فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَهُوَ يُطۡعِمُ وَلَا يُطۡعَمُۗ قُلۡ إِنِّيٓ أُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ أَوَّلَ مَنۡ أَسۡلَمَۖ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ﴾ [الأنعام: 14]
أيُّ عاقلٍ يدعُ خالقَـه الغنيَّ الجليل، ذا القدرة الباهـــرة التي شهـدت لها سماواتُه وأرضُه وينصرفُ إلى مخلوقٍ لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضَرًا، راجيًا وَلايتَه، وطالبًا نصرتَه؟! لا تُطمِـع الكافرين أن يستغلُّـوا ما وهبـك الله من لطف، وما أمرَك به دينُك من رحمةٍ ولينٍ وعطف، فيستميلوك إليهم. إعلان الانتماءِ الكامل للتوحيد والموحِّدين، والبراءةِ التامَّة من الشرك والمشركين، عنوانٌ صريح يقطع أطماعَ الكافرين. |
﴿بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُۥ وَلَدٞ وَلَمۡ تَكُن لَّهُۥ صَٰحِبَةٞۖ وَخَلَقَ كُلَّ شَيۡءٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ ﴾ [الأنعام: 101]
كمُلَ غناه فاستغنى عن الصاحبة والأولاد، واستقام مُلكُه فلم يكن له فيه شركاءُ ولا أنداد، فلا صاحبةَ له ولا شريك، ولا معبودَ معه ولا مليك. ظهور خَلقِه البديع من آثار علمه الوسيع، فما يراه الإنسانُ من إبداع الله تعالى في خلقه دليلٌ عقليٌّ على سَعة علمِه جلَّ جلاله. |
﴿قُلۡ هَلُمَّ شُهَدَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ يَشۡهَدُونَ أَنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَ هَٰذَاۖ فَإِن شَهِدُواْ فَلَا تَشۡهَدۡ مَعَهُمۡۚ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمۡ يَعۡدِلُونَ ﴾ [الأنعام: 150]
لا حُجَّةَ لضالٍّ عن الحقِّ يستطيع أن يجدَ لها شهودَ صدقٍ وشهادةَ عدل، فما أقطعَ حجَّتَهم وأبينَ كذبَهم! إذا شهد الناسُ بالباطل ووقفوا مع أهله فلا تشهد معهم، ولا تُداهنهم ضعفًا أو رجاءً أو خوفًا. مَن كان مكذِّبًا بالآيات، متَّبعًا للأهواء والشبهات، غيرَ مؤمن بربِّ الأرض والسماوات؛ فليس بأهلٍ للاتِّباع والتأسِّي. الإيمان بالله واليوم الآخر يحجُز صاحبَه عن الأهواء المضلَّة، والأعمالِ المنحرفةِ عن الحقِّ. |
﴿۞ هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَجَعَلَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا لِيَسۡكُنَ إِلَيۡهَاۖ فَلَمَّا تَغَشَّىٰهَا حَمَلَتۡ حَمۡلًا خَفِيفٗا فَمَرَّتۡ بِهِۦۖ فَلَمَّآ أَثۡقَلَت دَّعَوَا ٱللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنۡ ءَاتَيۡتَنَا صَٰلِحٗا لَّنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّٰكِرِينَ ﴾ [الأعراف: 189]
تذكير الإنسان بأصل خَلقه وأوَّل أمره، سبيلٌ إلى امتثاله أمرَ ربِّه، وقد خلقَه ليكونَ له عبدًا شكورًا، لا نِدًّا أو كفورًا. النفس واحدةٌ في أصلها ومَنشئها، وإن اختلفت في تكوينها ووظيفتها بين الذكر والأنثى، وقد كان هذا الاختلافُ المحمود ليسكنَ الزوجُ إلى زوجه، ويستريحَ إليه ويُكمِّلَه. باستقرار الحياة الزوجيَّة يؤهَّل الجيلُ الناشئ للقيام بواجب العبودية، واستمرار الحياة، وحمل تراث التمدُّن البشريِّ والإضافة إليه. متى اختلَّت الطُّمَأنينةُ في الحياة الزوجيَّة، وغدت حياةً قلِقة، فإن الخلل قد بلغ مبلغًا يقتضي إعادةَ النظر فيها، والحرص على إصلاحها. الزوجة الصالحة تُضفي على البيت المسلم الراحةَ والسَّكينةَ والأمان. العَلاقة الزوجيَّةُ عَلاقةٌ يجب أن تُبنى على السَّتر؛ فلذلك علَّمنا القرآنُ الأدبَ في انتقاء الألفاظ الأنيقة للحديثِ عنها. عند الطمع في الخير تستيقظ الفِطرة فتتوجَّهُ إلى الله وحدَه، مقرَّةً له بالربوبيَّة، وطامعةً في فضلِه وكرمه؛ لإحساسها العميق بمصدر القوَّة والإفضال الوحيد في هذا الوجود. الولد الصالح في خَلقه وخُلُقه نعمةٌ عظيمة، ومنحةٌ كريمة، تستوجب شكرَ الله عليها. |
﴿أَلَهُمۡ أَرۡجُلٞ يَمۡشُونَ بِهَآۖ أَمۡ لَهُمۡ أَيۡدٖ يَبۡطِشُونَ بِهَآۖ أَمۡ لَهُمۡ أَعۡيُنٞ يُبۡصِرُونَ بِهَآۖ أَمۡ لَهُمۡ ءَاذَانٞ يَسۡمَعُونَ بِهَاۗ قُلِ ٱدۡعُواْ شُرَكَآءَكُمۡ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ ﴾ [الأعراف: 195]
الله تعالى المستحقُّ للعبادة سميعٌ بصير، عليمٌ حيٌّ قدير، أمَّا الأصنامُ فهي فاقدةٌ لوسائل الإدراك والقدرة، فبانَ أنها ليست إلا أشكالًا. إنه تحدٍّ واضحٌ يُظهر عجزَ الأصنام، وعدمَ قدرتها على الإضرار بالأنام. |
﴿قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدٗاۗ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱلۡغَنِيُّۖ لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ إِنۡ عِندَكُم مِّن سُلۡطَٰنِۭ بِهَٰذَآۚ أَتَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ ﴾ [يونس: 68]
ما في الكونِ من شيءٍ إلا وهو في ملكِ اللهِ تعالى، فليس ثمَّةَ أغنى منه، فعلامَ يُشرِكُ به الجاهلون، وبأيِّ حُجةٍ على باطلهم يستدِلُّون؟ لا يجوزُ القولُ على الله بغيرِ علم، فكيف يُقالُ عليه ما هو ظاهرُ البطلان؟ |
﴿يَٰصَٰحِبَيِ ٱلسِّجۡنِ ءَأَرۡبَابٞ مُّتَفَرِّقُونَ خَيۡرٌ أَمِ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ ﴾ [يوسف: 39]
لقد بدا إحسانُ يوسفَ للسائلَين في التودُّد إليهما بالنداء، وذِكر ما بينه وبينهما من الصُّحبة، وهذا من أجمل ما يحبِّب المرءَ إلى مخاطبِه، ويغرس حبَّه في نفس مخالطه. الدعوة إلى التوحيد على رأس قائمة اهتمامات المؤمن في أيِّ مكان نزل فيه، فلا يَشغَل عنها همٌّ ولا غمٌّ، ولا ظلام ولا وَحشة. المحاججةُ العقليَّة أسلوبٌ من أحسن الأساليب للإقناع بتوحيد الله تعالى، وقد سلكه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في دعوة أقوامهم المشركين. استعلاء المؤمن بدينه لا يمنعُه سجنٌ ولا استرقاق، ولا ظلمٌ ولا قهر. تدرَّج في محاججةِ الجاهل، وانقُله بخُطا متَّئدة من درجةٍ إلى درجة، حتى يصلَ إلى الحقِّ. |
﴿مَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِهِۦٓ إِلَّآ أَسۡمَآءٗ سَمَّيۡتُمُوهَآ أَنتُمۡ وَءَابَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَٰنٍۚ إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ﴾ [يوسف: 40]
من فِقهِ المعلِّم أن ينتهزَ فرصةَ إقبال السائل عليه بمسألته، ويبلِّغَه ما تشتدُّ حاجته إليه، وإن لم يسأله عنه. الحكم بما أنزل اللهُ مرتبطٌ بتوحيد الله، فمَن وحَّدَ اللهَ حقًّا في عبادته فسيوحِّدُه في الحكم بما أنزله على عباده. شأنُ المؤمنين المخلَصين أنهم لا يفقِدون صفاءَ دينهم إن فقدوا صفاءَ دنياهم، بل لا يزالون يذكِّرون بالله، ويبصِّرون عبادَه بما لربهم عليهم. يمضي الداعيةُ في دعوته، ولا يُقعدُه عنها معرفتُه بأن أكثر الناس لا يعلمون، أو لا يعقلون، أو لا يشكرون. |
﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ﴾ [يوسف: 108]
من مزايا هذا الدين أنه يدعو إلى الإيمان به على بصيرة، وبرهانُ ذلك أنه عرضَ نظامَ الكون وما فيه من الإتقان على أنظارِ العقول، وطالبَها بالإمعان فيه لتصلَ إلى اليقين. سبيلُ محمَّد بن عبد الله ﷺ واضحةُ المعالم والغايات، قائمةٌ على أنصعِ البراهين والبيِّنات، فعلى كلِّ داعٍ إلى هذا الدين أن يتَّبعَ سيِّدَ المرسلين، ويقتديَ به على علم وهدى. على من تصدَّر للدعوة أن يدعوَ إلى الله مخلصًا، لا أن يدعوَ إلى نفسه لإيصالها إلى رُتبةِ إعجاب الناس ورضاهم. أيها الداعيةُ، نزِّه اللهَ تعالى عن كلِّ ما لا يليقُ به ممَّا ينسُبه إليه الجاهلون، وابرَأ إلى الله تعالى من جميع ما يفعلُه المشركون. |
﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ إِلَّا رِجَالٗا نُّوحِيٓ إِلَيۡهِم مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡقُرَىٰٓۗ أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۗ وَلَدَارُ ٱلۡأٓخِرَةِ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ ﴾ [يوسف: 109]
أرسل الله رسُلًا من أهل الحَضَر؛ لأن القُرى أوسع في المدعوِّين، وأعظم تأثيرًا في غيرها، وأجمع لموارد العلم ومصادره، وقد بُعث صفوةُ الرسُل في أمِّ القرى. تبصَّر السبيلَ الذي سلكه الأقوامُ من قبلك، فأيُّ طريقٍ أفضى إلى هلاكِ أصحابه فلا تَرِده، فالعاقل من اعتبرَ بما جرى لغيره، والجاهل من لا يعتبرُ إلا بنفسه. يا بشرى المتَّقين بالمستقبل المشرقِ الذي ينتظرُهم في الدار الآخرة! أحوال الأمم السالفة، وما أعدَّه اللهُ للأبرار في الآخرة، كلاهما مما يَبعثُ الناسَ على استعمالِ عقولهم، والتفكيرِ في مآلهم. |
﴿قُلۡ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ قُلِ ٱللَّهُۚ قُلۡ أَفَٱتَّخَذۡتُم مِّن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ لَا يَمۡلِكُونَ لِأَنفُسِهِمۡ نَفۡعٗا وَلَا ضَرّٗاۚ قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِيرُ أَمۡ هَلۡ تَسۡتَوِي ٱلظُّلُمَٰتُ وَٱلنُّورُۗ أَمۡ جَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلۡقِهِۦ فَتَشَٰبَهَ ٱلۡخَلۡقُ عَلَيۡهِمۡۚ قُلِ ٱللَّهُ خَٰلِقُ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُوَ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّٰرُ ﴾ [الرعد: 16]
مَن اعترفَ بالله خالقًا مدبِّرًا، ألا يدعوه ذلك إلى أن يعترفَ به إلهًا معبودًا لا شريك له؟ مَن كان لا يقدِرُ على الضَّرر ولا النفع، فأيَّ شيءٍ يستطيعُ، وأيَّ تعظيم يستحق، فضلًا عن عبادته؟ مَن لا يملكُ شيئًا لنفسِه، فهو أعجزُ عن أن يملك شيئًا لغيرِه. الإيمانُ نورٌ وضياءٌ يُرى به الطريقُ إلى الله، والكفرُ عمى وظلماتٌ يحولُ بين المرء وبين رؤيةِ تلك السبيلِ الهادية. احتجَّ سبحانه على تفرُّده بالإلهيَّة بتفرُّده بالخَلق، وعلى بطلان إلهيَّة ما سواه بعَجزهم عن الخلق، وعلى أنه واحدٌ بأنه قهَّار؛ إذ القهر التامُّ يستلزم الوحدة، فما أبدعَه من استدلال! |
﴿أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَسَالَتۡ أَوۡدِيَةُۢ بِقَدَرِهَا فَٱحۡتَمَلَ ٱلسَّيۡلُ زَبَدٗا رَّابِيٗاۖ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيۡهِ فِي ٱلنَّارِ ٱبۡتِغَآءَ حِلۡيَةٍ أَوۡ مَتَٰعٖ زَبَدٞ مِّثۡلُهُۥۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡحَقَّ وَٱلۡبَٰطِلَۚ فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذۡهَبُ جُفَآءٗۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمۡكُثُ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ ﴾ [الرعد: 17]
قال ابنُ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: (هذا مثَلٌ ضربه الله، احتملتِ القلوبُ من الوحي على قَدر يقينها وشكِّها، فأمَّا الشكُّ فما ينفع معه العمل، وأمَّا اليقينُ فينفع الله به أهلَه). بحسَب إقبالك على القرآن الكريم علمًا وعملًا يفتح اللهُ تعالى لك من هداياته وبيِّناته، وأسراره وأنواره. كلُّ ما وقع في قلب المؤمن من خواطرِ الكفر والنفاق فكرهَه وألقاه؛ ازدادَ به إيمانًا ويقينًا، وكلُّ مَن حدَّثته نفسُه بذنبٍ فكرهه ونفاه عن نفسه، وتركَه لله؛ ازدادَ به صلاحًا وبِرًّا وتقوى. لا تخشَ على الحقِّ، فإن اللهَ تعالى قد تولّاه بعنايته، فحفظَه كما حفظَ ما ينفعُ الناسَ، وما لا تقومُ الحياةُ إلا به. أيُّ دعوةٍ ليس مصدرُها وحيَ السماء فمصيرُ ما فيها من أقوالٍ واعتقادات، وأفكارٍ وادعاءات؛ الذهابُ والامِّحاء. لا شيءَ أنفعُ من العمل الصالح، فاحرِص عليه يَدُم لك خيرُه في عاجل أمرك وآجله. |
﴿لِلَّذِينَ ٱسۡتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَٱلَّذِينَ لَمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَهُۥ لَوۡ أَنَّ لَهُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا وَمِثۡلَهُۥ مَعَهُۥ لَٱفۡتَدَوۡاْ بِهِۦٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ سُوٓءُ ٱلۡحِسَابِ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ ﴾ [الرعد: 18]
بقدر استجابتك لربِّك يكون نصيبُك من الحسنى، فارفع حظَّك من الاستجابة يرتفع حظُّك في منازل الحسنى. افتداء عذابِ الآخرة بشيءٍ من الدنيا في الدنيا ينفع صاحبَه، والافتداءُ بذلك يوم القيامة غيرُ نافع، فقدِّم شيئًا من حُطام الدنيا اليوم ينفعك غدًا. يا من شغلَه عرَضُ الدنيا عن الاستجابة لله ورسوله، أما تعتبرُ بحال أقوامٍ يوَدُّون أن لو ملكوا الدنيا بأسرها ليبذلوها فداءَ ما ينتظرُهم من العذاب، فلم يُعطَوا ذلك؟ |
﴿وَٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَفۡرَحُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَۖ وَمِنَ ٱلۡأَحۡزَابِ مَن يُنكِرُ بَعۡضَهُۥۚ قُلۡ إِنَّمَآ أُمِرۡتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱللَّهَ وَلَآ أُشۡرِكَ بِهِۦٓۚ إِلَيۡهِ أَدۡعُواْ وَإِلَيۡهِ مَـَٔابِ ﴾ [الرعد: 36]
حُقَّ لأهل الكتاب المؤمنين أن يفرحوا بالقرآن الكريم، ويتَّسعوا سرورًا؛ لموافقته للحقِّ، ومجيئه بالصدق، ولنوره العظيم، وخيره الكريم. الذين تهتزُّ نفوسُهم بصدقٍ فرحًا وسرورًا بالهدى ووسائله يُبرهنون بذلك عن صدقِ إيمانهم. كم في القرآنِ من الآياتِ الحِسان الباهرات ما لا يسَعُ أحدًا إنكارُها حتى المُغرِقين في تحزُّبهم للباطل! أرضِ مولاك، وليكُن رضاه وحدَه مُبتغاك، ولا تبحث عن رضا الناس في سخَطه؛ فمَرَدُّك ومعادُك إليه سبحانه لا إليهم. |
﴿وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعۡضَكُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ فِي ٱلرِّزۡقِۚ فَمَا ٱلَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزۡقِهِمۡ عَلَىٰ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُمۡ فَهُمۡ فِيهِ سَوَآءٌۚ أَفَبِنِعۡمَةِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ ﴾ [النحل: 71]
تفاوتُ الناس في الأرزاق مبنيٌّ على حكمة الخلَّاق، فمَن رُزقَ فمن الله رزقُه، وليس بجِدِّه زيادتُه، ولا بحُمقه نقصانُه. إن من العجَب أن يأبى المشركون مشاركةَ مملوكيهم في أموالهم، ولا يأبَون أن يكونَ لله شريكٌ في عبادته! فإذا لم يرضَوا بالشركة لأنفسهم، فكيف رضوها لخالقهم؟ إن هذا لهو أعظمُ الظلم والجحود لِنعَم الله تعالى. |
﴿وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا رَّجُلَيۡنِ أَحَدُهُمَآ أَبۡكَمُ لَا يَقۡدِرُ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوۡلَىٰهُ أَيۡنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأۡتِ بِخَيۡرٍ هَلۡ يَسۡتَوِي هُوَ وَمَن يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ﴾ [النحل: 76]
أيها المربُّون والمعلِّمون، دونَكم أمثالَ القرآن، ضمِّنوها أحاديثَكم، وانسُجوا على مِنوالها في تعليمِكم، فنِعمَ أسلوبُ تربية الأجيال ضربُ الأمثال! إذا كنت تعلم أن الله تعالى هو القادرُ العليم، الهادي الكريم، وكلَّ ما سواه لا يملكُ لنفسه نفعًا ولا ضَرًّا؛ فلمَن توجِّه وجهَك؟ وممَّن تطلب حاجتَك؟ الله تعالى يأمرُ بالعدل، وهو عالمٌ به، معلِّمٌ له، راضٍ عنه، محبٌّ لأهله، وهو على الحقِّ في أقواله وأفعاله، لا يكونُ منه إلا ما يستحقُّ الحمدَ والثناء. |
﴿أَفَأَصۡفَىٰكُمۡ رَبُّكُم بِٱلۡبَنِينَ وَٱتَّخَذَ مِنَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ إِنَٰثًاۚ إِنَّكُمۡ لَتَقُولُونَ قَوۡلًا عَظِيمٗا ﴾ [الإسراء: 40]
عجيبٌ أن ينسُب امرؤٌ لربِّه ما هو منزَّهٌ عنه، وهو ذو الربوبيَّة والكمال، والغنى والجلال! فكيف ينسُب العبد لخالقه ما يكرهه هو لنفسه؟! لا يستهِن عبدٌ في كلمة يقولها في حقِّ الله تعالى وتوحيده، فقد تكون عظيمةً في شناعتها وجُرأتها، وضخامة الافتراء فيها، وخروجها عن التصوُّر والتصديق. |
﴿قُل لَّوۡ كَانَ مَعَهُۥٓ ءَالِهَةٞ كَمَا يَقُولُونَ إِذٗا لَّٱبۡتَغَوۡاْ إِلَىٰ ذِي ٱلۡعَرۡشِ سَبِيلٗا ﴾ [الإسراء: 42]
سبحان من تنزَّه أن يكون معه في عبادته شريك ينازعه، أو نِدٌّ يقاسمه حقَّه الذي انفرد به سبحانه وتعالى. الله سبحانه هو ذو العرش المجيد، الذي يجب التوجُّه إليه وعبادته وحدَه دون مَن سواه، وإن التفكُّر في عظمة عرشه داعٍ إلى توحيده. |
﴿سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّٗا كَبِيرٗا ﴾ [الإسراء: 43]
تبارك اللهُ ذو الأسماء الحسنى والصفات العُلا، الذي نزَّه نفسه أن يماثله أحدٌ من خلقه في ذلك. |
﴿قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِهِۦ فَلَا يَمۡلِكُونَ كَشۡفَ ٱلضُّرِّ عَنكُمۡ وَلَا تَحۡوِيلًا ﴾ [الإسراء: 56]
دعاء غير الله ممَّن لا يملك من أمره شيئًا نقصٌ في الدين، وسفَهٌ في الرأي، وقلَّةٌ في العقل. |
﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُورٗا ﴾ [الإسراء: 57]
الخوف والرجاء والمحبَّة من صفات المقرَّبين من الله تعالى، فمَن جمعها في قلبه فقد جمع الخير كلَّه، فطوبى له ثم طوبى له! مع رجاء المقرَّبين رحمةَ الله تعالى، فإنهم يخشَونه، وهذا شأن الأديب بين يديه، لا يزيده القربُ منه إلا إجلالًا له وخوفًا منه. إذا كان الملائكة والرسُل عليهم السلام يَحذَرون عذابَ الله، فنحن أجدرُ بالحذر. |
﴿وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ وَلِيّٞ مِّنَ ٱلذُّلِّۖ وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِيرَۢا ﴾ [الإسراء: 111]
يستحقُّ الحمدَ والثناء، والتعظيمَ والإجلال، مَن بلغت نعوتُه الغايةَ في حُسنها وكمالها، وذلك اللهُ جلَّ جلاله. مهما أثنيتَ على ربِّك، واجتهدتَّ في طاعته وحمده، ونزَّهته ومجَّدتَّه، فاعلم أنك مقصِّر، فإن العبدَ لا يُحصي على الله ثناءً. |
﴿قُلِ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا لَبِثُواْۖ لَهُۥ غَيۡبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ أَبۡصِرۡ بِهِۦ وَأَسۡمِعۡۚ مَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَلِيّٖ وَلَا يُشۡرِكُ فِي حُكۡمِهِۦٓ أَحَدٗا ﴾ [الكهف: 26]
اختصَّ اللهُ تعالى نفسَه بعلم الغيب، وأطلعَ مَن اختاره من رسله على شيء منه، فمَن ادَّعى من البشر سواهم معرفتَه فلا تصدِّقه، فإنه دجَّال كذَّاب. تعجَّب ما شئت أن تتعجَّبَ من كمال بصر الله تعالى وسمعه، وتمام إحاطته وعلمه، واجمع إلى العجب العمل، فحذارِ أن يرى منك أو يسمعَ ما لا يرضيه، فهو لا يحجُبه شيء، ولا يحول دونه حائل. ويلٌ لمَن علم أن الله وحده هو مَن يتولَّى أمور الخلق ويرعى شؤونهم، ثم يأبى إلا أن يتخذَ من دونه شريكًا في حُكمه وندًّا في تشريعه! |
﴿مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٖۖ سُبۡحَٰنَهُۥٓۚ إِذَا قَضَىٰٓ أَمۡرٗا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ ﴾ [مريم: 35]
إنما يطلب الولد مَن يستعزُّ به أو يتقوَّى، فأمَّا الذي يقضي الأمورَ العظام بكلمةٍ فإنه الغنيُّ سبحانه عن ذلك. |
﴿وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَلَدٗا ﴾ [مريم: 88]
جهلوا قدرَه، وتناسَوا فضله، فزعموا له الولد، فما أشنعها من كلمة، وما أسوأه من جهل صيَّرهم إلى هذا المنحدر السحيق! ليس الكفر بالله تعالى حريَّةً فكريَّة، ولا سَعة تعبيرية، بل هو الجرم الكبير، والذنب الخطير الذي تتنزه عنه وَحدانية الله تعالى، وتستنكره مخلوقاته. قال ابنُ عباس رضي الله تعالى عنهما: (إن الشرك فزعت منه السماوات والأرض والجبال وجميع الخلائق إلا الثقَلين، وكادت أن تزول منه لعظمة الله). إذا كانت الجبالُ تنهدُّ غيرةً على التوحيد والإيمان، فكيف بقلب المؤمن الذي يخاف الله تعالى ويرجو رحمته؟! أما إنه لأولى وأحرى. عجبًا للنصارى الذين يزعمون أن لله تعالى ولدًا صلبَه ليخلص سائر البشرية من خطاياها، مع أن رحمة الله تعالى ووَحدانيته تأبى ذلك! |
﴿لَّقَدۡ أَحۡصَىٰهُمۡ وَعَدَّهُمۡ عَدّٗا ﴾ [مريم: 94]
مَن أحاط علمًا بخلقه جميعًا، ولم تخفَ عليه حركاتهم ولا سكناتهم، فإنه -لا شكَّ- سيحاسبهم ويجازيهم. |
﴿أَمِ ٱتَّخَذُوٓاْ ءَالِهَةٗ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ هُمۡ يُنشِرُونَ ﴾ [الأنبياء: 21]
يا لسفهِ تلك العقول التي رضي أصحابها لأنفسهم آلهةً من أجزاء الأرض، وتركوا اللهَ العظيم في ذاته وصفاته! اللهُ تعالى وحده مَن يملك أمرَ العباد جميعه، حياتَهم وموتهم، أفيليقُ بهم أن يتجهوا إلى غيره؟ |
﴿يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَلَا يَشۡفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ٱرۡتَضَىٰ وَهُم مِّنۡ خَشۡيَتِهِۦ مُشۡفِقُونَ ﴾ [الأنبياء: 28]
جميع أنواع العبادة حقٌّ خالص لجناب المولى جلَّ وعلا، لا يُصرف منها شيءٌ لأحدٍ من خلقه، سواء كان عبدًا صالحًا، أو ملَكًا مقربًا، أو نبيًّا مرسلًا. |
﴿أَمۡ لَهُمۡ ءَالِهَةٞ تَمۡنَعُهُم مِّن دُونِنَاۚ لَا يَسۡتَطِيعُونَ نَصۡرَ أَنفُسِهِمۡ وَلَا هُم مِّنَّا يُصۡحَبُونَ ﴾ [الأنبياء: 43]
أمِنَ الحكمة أن يدع المرء عبادةَ مَن ينصره ويكفيه، ويتجه إلى عبادة مَن لا يحوطه بعناية، ولا ينفعه برعاية، ولا يمنع عنه بلية؟ مَن لم يستطع نفعَ نفسه فلن ينفع غيره، ومَن لم يقدر على حماية ذاته فلن يحمي سواه، وفاقدُ الشيء لا يعطيه. |
﴿يَدۡعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُۥ وَمَا لَا يَنفَعُهُۥۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلَٰلُ ٱلۡبَعِيدُ ﴾ [الحج: 12]
لقد خاب مَن يعبد اللهَ تعالى طامعًا في الكرامات، ومحامد العباد والأَعْطيات، فمتى وجد ذلك سكنَ إلى العبادة وإلا تركها أو تهاون فيها. المؤمن لا يجرِّب إلهه؛ إذ ليس الأمرُ صفقةً في السوق بين بائع ومشترٍ، وإنما هو إسلام المخلوق لخالقه، ومدبِّر أمره ورازقه. المتخلِّي عن دينه بسبب فواتِ مصلحته أو نزولِ مصيبةٍ عليه غيرُ مستفيدٍ من ارتداده، بل هو خاسر الدنيا بما يقاسيه من شقائها من غير أجر، وخاسر الآخرة بدخوله النار. إلى الله تعالى وحده توجَّه في عباداتك وتضرعاتك، وخضوعك وطلبِ حاجاتك؛ فإنه لا ينفعك ولا يبعد الضُّرَّ عنك سوى ربك تعالى. أعظمُ الضلال أن يتعلق العبدُ رغبًا ورهبًا بما لا يملك له نفعًا ولا ضَرًّا، بل لا يجلب له ذلك التعلق به إلا وصولًا إلى الضرَر، وبعدًا عن النفع. |
﴿يَدۡعُواْ لَمَن ضَرُّهُۥٓ أَقۡرَبُ مِن نَّفۡعِهِۦۚ لَبِئۡسَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَلَبِئۡسَ ٱلۡعَشِيرُ ﴾ [الحج: 13]
أيُّ ضُرٍّ أعظم من توزيع القلب وإثقاله بالوهم، وأسره في قيد الإذلال، وتشتيته في أودية الضلال، وإلحاق الخسران به في الدنيا والآخرة؟ |
﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ هُوَ ٱلۡبَٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ ﴾ [الحج: 62]
الله هو الحقُّ الذي يُحقُّ الحقَّ وينصره، ويُزهِق الباطلَ ويكسره، وهو الإله المعبود الواحد، وما سواه من المعبودات هو الباطل البائد. كمُلَ ربُّنا في ذاته وأسمائه، وصفاته وعَليائه، وهو القاهر فوق عباده، فلا يتصرَّف عبدٌ بغير مشيئته، ولا يتحرَّك أو يسكن إلا بإرادته. لن يدَعَ العليُّ سبحانه البغيَ يعلو، ولا الظلمَ يستطيل على الدوام؛ فإنه تعالى أعلى من الطغاة، وأكبر من الجبَّارين البغاة. |
﴿وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗا وَمَا لَيۡسَ لَهُم بِهِۦ عِلۡمٞۗ وَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٖ ﴾ [الحج: 71]
الدليل من الوحي هو الحجَّة القاطعة، والسلطان الذي له القهر والغلبة، والعلم الذي يُرجع إليه، وعند ظهوره تضمحلُّ الآراء، وتتلاشى الأقيسة والأهواء. ما لِوضعٍ ولا لشرع من قوَّة إلا أن يستمدَّ قوَّته من الله تعالى، فما لم ينزل به الله سبحانه قوَّةً من عنده فهو ضعيفٌ هزيل، خالٍ من عنصر القوَّة الأصيل. ليس للظالمين في الدنيا نصيرٌ ينصرهم على الحقِّ حتى يذهب؛ فإن الحقَّ ظاهر لا يُغلب، ولو اجتمع عليه كلُّ أهل الباطل، وليس لهم في الآخرة مَن ينصرهم بدفع العذاب عنهم، فيا خسارةَ الظالمين في الدنيا والآخرة! |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٞ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥٓۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخۡلُقُواْ ذُبَابٗا وَلَوِ ٱجۡتَمَعُواْ لَهُۥۖ وَإِن يَسۡلُبۡهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيۡـٔٗا لَّا يَسۡتَنقِذُوهُ مِنۡهُۚ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلۡمَطۡلُوبُ ﴾ [الحج: 73]
يا مَن تعظِّمون أربابَ الصناعات، هلَّا نظرتم في عظمة خلق الله تعالى، وهي تتجلَّى في أضعف الكائنات؟ كل مَن ترجوه من الناس وتطمع في سلطانه أو ماله هو ضعيفٌ مثلك، لا يملك لك شيئًا؛ فإنسانٌ لا يقوى على استرداد ما سلبه ذباب كيف سيلبِّي حاجةَ المضطرِّين من العباد؟ |
﴿عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ ﴾ [المؤمنون: 92]
سبحان مَن تنزه عن الصاحبة والأولاد، وتعالى عن الأمثال والأنداد، لكمال وَحدانيته، وغناه وقيوميته! ليس من مخلوقٍ شذ عن سلطان الله فيُقال فيه: خَلَقَهُ غيرُ الله، وليس من أحدٍ نازعَ الله في سلطانه فتكون له العظمة من دون الله، ﴿ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين﴾ . مَن تمَّ علمه تمَّت قدرته، وكملت قوته وقهره، فسبحان ربِّنا العليم بكل شيء، القادر على كل شيء، الذي لا شريك له ولا نظير. |
﴿قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ ﴾ [المؤمنون: 93]
على المؤمن أن يحرِص على النجاة من عذاب الله وسخطه بالبعد عن معصيته، ومفارقة أهل غضبه وعقوبته؛ فإن البعد عن الظالمين من دعاء المؤمنين، والعجَب ممن يتودَّد إليهم، ويحرِص على صحبتهم! أفلا يخشى أن يصير إلى مصيرهم، أو ينزِل به ما ينزل بهم؟ أكثر من الدعاء بالحماية من المكاره، ولا تأمن على نفسك، وأصلح عملك؛ لأنك لا تدري أتُقبِّل منك أم رُدَّ عليك؟ |
﴿وَمَن يَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ لَا بُرۡهَٰنَ لَهُۥ بِهِۦ فَإِنَّمَا حِسَابُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡكَٰفِرُونَ ﴾ [المؤمنون: 117]
كلُّ دعوى بألوهيَّة أحد مع الله هي دعوى ليس معها برهانٌ من الدلائل الكونيَّة، أو من منطق الفِطرة السويَّة، أو من حُجَّة العقل النقيَّة. ما يصيب المشركين من العذاب في الدنيا ليس هو الجزاءَ كلَّه، وإنما لهم حسابٌ عند ربِّهم هو أشدُّ وأخزى. ما أوسعَ ما بين فلاح المؤمنين الذي ابتدأت به السورة، وخسارة الكافرين التي انتهت بها! |
﴿ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيۡءٖ فَقَدَّرَهُۥ تَقۡدِيرٗا ﴾ [الفرقان: 2]
سبحان مَن ملكَ السماواتِ والأرضَ، وانفرد في تدبيرهما وتصريف شؤون مَن فيهما! أفيستحقُّ بعد هذا أن يُعبدَ غيره؟! كيف يكون له ولدٌ أو شريك وهو المالك وغيرُه مملوك، وهو القاهر وغيره مقهور، وهو الغنيُّ وكلُّ ما سِواه مفتقرٌ إليه؟! فمَن كان كذلك لم يجُز أن يُجعلَ له ندٌّ، ولا معه معبود. تدبَّر ما تراه في خلق الله تعالى تجد كل مخلوق قد أُعطيَ ما يليق به ويناسبه من الخلق، مما يدل على علمه تعالى وقدرته، ومشيئته وحكمته. |
﴿وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗ لَّا يَخۡلُقُونَ شَيۡـٔٗا وَهُمۡ يُخۡلَقُونَ وَلَا يَمۡلِكُونَ لِأَنفُسِهِمۡ ضَرّٗا وَلَا نَفۡعٗا وَلَا يَمۡلِكُونَ مَوۡتٗا وَلَا حَيَوٰةٗ وَلَا نُشُورٗا ﴾ [الفرقان: 3]
لا شُبهةَ لأحدٍ في اتخاذ غير الله تعالى إلهًا، ولا عذر له في جعل ذلك المألوه مع الله معبودًا؛ لأن مَن عقَل لن يعبد ما لا يملك شيئًا من خصائص الربوبيَّة. إن مَن لا يقدر على نفع نفسه، فهو عن نفع غيره أعجز. إنما يُخلِص التوحيدَ لربه تعالى مَن يعتقد أن لا شيء ينفع أو يضرُّ إلا بإذنه سبحانه. إذا تقرر أنه لا بد من الموت، وأن بعده حياةً أخرى، فإنه لا يكون إلهًا إلا مَن يَتوفى الأنفس، ويملك الحياة الدنيا والحياة الأخرى. |
﴿وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُهُمۡ وَلَا يَضُرُّهُمۡۗ وَكَانَ ٱلۡكَافِرُ عَلَىٰ رَبِّهِۦ ظَهِيرٗا ﴾ [الفرقان: 55]
أليس عجيبًا بعد كلِّ هذه المخلوقات الباهرة، وآيات خلق الله الظاهرة، أن يعبُدَ الإنسان غيرَ الله؟! كُن مع الله تعالى على نفسك وهواك وشيطانك وأعداء ربِّك، فإنه جلَّ وعلا ينصر أولياءه على أعدائه وعلى مَن يواليهم. |
﴿إِنَّمَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡثَٰنٗا وَتَخۡلُقُونَ إِفۡكًاۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَا يَمۡلِكُونَ لَكُمۡ رِزۡقٗا فَٱبۡتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزۡقَ وَٱعۡبُدُوهُ وَٱشۡكُرُواْ لَهُۥٓۖ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 17]
كيف أيقنت قلوبهم بوثنٍ يعبدونه، وقبلت عقولهم إفكًا يفترونه، وما عبدوه لا يرزقهم ولا يعطيهم، ولا يحفظهم ولا يحميهم، ولا يميتهم ولا يحييهم؟! ما يصلك من النعم فهو رزقٌ يسوقه الله إليك، وما يندفع عنك من النقَم فإنه رحمةٌ من الله بك، وأمَّا الأوثان فإنها لا ترزُق ولا ترحم، فأحسِن عبادة الله وحدَه، وأكثِر من شكره. جميع الخلق إلى الله تعالى عائدون، وعلى أعمالهم محاسبون ومجزيُّون، فمَن كان له عابدًا شاكرًا أثابه خيرًا، وإلا جوزي بما يستحقه. |
﴿مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡلِيَآءَ كَمَثَلِ ٱلۡعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتۡ بَيۡتٗاۖ وَإِنَّ أَوۡهَنَ ٱلۡبُيُوتِ لَبَيۡتُ ٱلۡعَنكَبُوتِۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ ﴾ [العنكبوت: 41]
هنالك قوَّة واحدة هي قوَّة الله، وما عداها من قوَّة الخلق فهو هزيلٌ واهن؛ مَن تعلَّق به أو احتمى فهو كالعنكبوت الضعيفة تحتمي ببيت واهٍ، فهي وما تحتمي به سواء. أشبهَ المشركون العنكبوت في الغرور بما أعدُّوه، وأشبهَ أولياؤهم بيتَ العنكبوت في عدم الغَناء عمَّن اتخذوها وقت الحاجة إليها، وزوالها بأقلِّ تحريك. أيُّ جهلٍ عند مَن يدَع عبادة الله تعالى القدير، الذي لا يفعل شيئًا إلا بحكمة وتدبير، ثم يعبد ما سواه ممَّن لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضَرًّا! مَن عرَف الله تعالى حقَّ معرفته لم يَركَن إلى غيره، ولم يلجأ إلا إلى عزيز جنابه، وأمَّا مَن احتمى بسوى الله فما أجهله بصفات مولاه! |
﴿ضَرَبَ لَكُم مَّثَلٗا مِّنۡ أَنفُسِكُمۡۖ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُم مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ فَأَنتُمۡ فِيهِ سَوَآءٞ تَخَافُونَهُمۡ كَخِيفَتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ ﴾ [الروم: 28]
أيجعلون لله تعالى شركاء من عبيده وهو الخالق الرازق وحده، ويأنَفون أن يجعلوا لأنفسهم من عبيدهم شركاء في مالهم، ومالُهم ليس من خلقهم، إنما هو من رزق الله؟! إن ذلك لتناقض عجيب في التصور والتقدير. مَن يقيم على شركه بالله سبحانه وتعالى فليس هو من أصحاب العقول، ولا ممن ينتفع بها. |
﴿ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ ثُمَّ رَزَقَكُمۡ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡۖ هَلۡ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَفۡعَلُ مِن ذَٰلِكُم مِّن شَيۡءٖۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ ﴾ [الروم: 40]
لمَّا كان الخلق خلقَ الله، والرزقُ رزقَه، والمرَدُّ إليه، والموقف بين يديه، والحساب عليه، فلمَ الجَورُ بنسبة الشريك إليه؟ تنزَّه الله تعالى عن شرك المشركين، وهو سبحانه الكامل في ذاته وصفاته، وسواه من المعبودات الباطلة ناقصٌ عن كل كمال. |
﴿هَٰذَا خَلۡقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ بَلِ ٱلظَّٰلِمُونَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ ﴾ [لقمان: 11]
أيُّ ظلمٍ وجهلٍ عند مَن يسوِّي المخلوق العاجز بالخالق العزيز الحكيم، الذي ظهرت في مخلوقاته آثارُ عزته وحكمته وإحسانه؟ |
﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِ ٱلۡبَٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ ﴾ [لقمان: 30]
هو الحقُّ سبحانه في ذاته وصفاته، ودينُه حقٌّ، ورسُله حقٌّ، ووعده حقٌّ، ووعيده حقٌّ، وعبادته حقٌّ، وما يدعو المشركون من دونه هو الباطل في ذاته وصفاته وعبادته. كلُّ ما دون الله تعالى فهو متذلِّل له، منقاد إليه، متصاغر له، لا يدانيه في عليائه ضد، ولا يباريه في كبريائه ند. |
﴿قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ لَا يَمۡلِكُونَ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا لَهُمۡ فِيهِمَا مِن شِرۡكٖ وَمَا لَهُۥ مِنۡهُم مِّن ظَهِيرٖ ﴾ [سبأ: 22]
يتعلَّق المشرك بمعبوده ظانًّا ملكه للأسباب أو شريكًا لمالكها، أو ظهيرًا أو وزيرًا أو معاونًا، أو وجيهًا ذا حرمة وقدر، فمَن علم أن كلَّ ذلك عنه منتفٍ فعلامَ يشرك بالله ويتعلَّق بغيره؟! |
﴿قُلۡ أَرُونِيَ ٱلَّذِينَ أَلۡحَقۡتُم بِهِۦ شُرَكَآءَۖ كـَلَّاۚ بَلۡ هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ﴾ [سبأ: 27]
ألا يُقنِع المشركين النظرُ إلى ما يعبدونه من الأصنام أنَّها غير جديرة بالاهتمام، فهي جمادات لا تضرُّ ولا تنفع، ولا تخفِض ولا ترفع. ما كانت الأصنام يومًا موصوفةً بالألوهيَّة، وإنما خلع أهل الأهواء عليها تلك الصفة وألحقوها بها ظلمًا وزورًا. كيف يُلحَقُ شريكًا مَن لا يوصف بعزة ولا غلبة ولا حكمة بالله سبحانه العزيز الحكيم؟! |
﴿يُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلّٞ يَجۡرِي لِأَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ لَهُ ٱلۡمُلۡكُۚ وَٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ مَا يَمۡلِكُونَ مِن قِطۡمِيرٍ ﴾ [فاطر: 13]
مَن أنعم بتسخير تلك الأجرام العظيمة حريٌّ بأن يُشكر فيُعبد وحده كما أبدع وحده. العبد له في كل نَفَس ولحظة وطَرفة عينٍ عدة حوائج، فليرفعها إلى الرب الذي له الملك كله، وما سوى الله فهو مملوك لا مالك، ومرزوق لا رازق. |
﴿قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ شُرَكَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ لَهُمۡ شِرۡكٞ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَمۡ ءَاتَيۡنَٰهُمۡ كِتَٰبٗا فَهُمۡ عَلَىٰ بَيِّنَتٖ مِّنۡهُۚ بَلۡ إِن يَعِدُ ٱلظَّٰلِمُونَ بَعۡضُهُم بَعۡضًا إِلَّا غُرُورًا ﴾ [فاطر: 40]
إذا كان المشركون مقرِّين بأن معبوداتهم الباطلةَ لم تخلُق شيئًا ممَّا في الأرض، وليس لها مشاركةٌ في خلق السماء؛ فلماذا يَدعُونها من دون الله ويعبدونها ويذَرون مَن خلق ما في الأرض جميعًا؟! البيِّنات والحُجَج المسطورة عمدةٌ في إحقاق الحقِّ وإبطال الباطل، وأعظمها حُجَج الوحي القطعيَّة. أهل الباطل يثبِّت بعضهم بعضًا على باطلهم بعظمة قوَّتهم وانتصار منهجهم وحسن عاقبتهم، ولكنَّ ذلك خداع إعلاميٌّ، وسراب يتبيَّن في نهاية الأمر أنهم كانوا به مغرورين مخدوعين. |
﴿وَمَالِيَ لَآ أَعۡبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ ﴾ [يس: 22]
الفطرة منجذبةٌ أبدًا إلى فاطرها؛ إقبالًا عليه، وإذعانًا للحقِّ بين يديه، فإن تنكَّبت عن صراطه فلِما استهانت به من ذنوب. لا مفرَّ من رجوع الخلائق جميعًا إلى خالقها العظيم، فلنعمل لساعة اللقاء، يوم لا يُغني عن المرء إلا عملُه. |
﴿ءَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةً إِن يُرِدۡنِ ٱلرَّحۡمَٰنُ بِضُرّٖ لَّا تُغۡنِ عَنِّي شَفَٰعَتُهُمۡ شَيۡـٔٗا وَلَا يُنقِذُونِ ﴾ [يس: 23]
أيها العبد، إنك خاضعٌ لمشيئة ربِّك، يصرِّف أمرك كيف يشاء، فلا ترجُ سواه، ولا تعلِّق أملك إلا به. إذا استعذتَ فاستعذ بمَعاذ، وإذا لجأت فالجأ إلى قويٍّ عظيم، وهو الله تعالى، وإيَّاك أن تكِلَ أمرك إلى مَن لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضَرًّا. |
﴿إِنِّيٓ إِذٗا لَّفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ ﴾ [يس: 24]
أيها العبد، إنك خاضعٌ لمشيئة ربِّك، يصرِّف أمرك كيف يشاء، فلا ترجُ سواه، ولا تعلِّق أملك إلا به. إذا استعذتَ فاستعذ بمَعاذ، وإذا لجأت فالجأ إلى قويٍّ عظيم، وهو الله تعالى، وإيَّاك أن تكِلَ أمرك إلى مَن لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضَرًّا. |
﴿أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا خَلَقۡنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتۡ أَيۡدِينَآ أَنۡعَٰمٗا فَهُمۡ لَهَا مَٰلِكُونَ ﴾ [يس: 71]
تذكيرُ الله لخلقه بنعمه وآلائه، وواسع فضله وعطائه، هو نعمةٌ منه أخرى، ومنَّةٌ جليلة كبرى، تستوجب منهم دوامَ الشكر له. لو تأمَّلنا في مأكلنا ومشربنا وملبسنا ومركبنا لاستشعرنا أننا مغمورون بفيض وافر من نعم الله تعالى، فما أعظمَ فضلَه سبحانه! وما أقلَّ شكرَنا! إن الذي ذلَّل الدوابَّ للبشر، فأسلس قيادها، ويسَّر ظهرها، لقادرٌ على تطويعك، فانقَد إليه حبًّا قبل أن تخضعَ له كُرهًا. |
﴿وَلَهُمۡ فِيهَا مَنَٰفِعُ وَمَشَارِبُۚ أَفَلَا يَشۡكُرُونَ ﴾ [يس: 73]
تذكيرُ الله لخلقه بنعمه وآلائه، وواسع فضله وعطائه، هو نعمةٌ منه أخرى، ومنَّةٌ جليلة كبرى، تستوجب منهم دوامَ الشكر له. لو تأمَّلنا في مأكلنا ومشربنا وملبسنا ومركبنا لاستشعرنا أننا مغمورون بفيض وافر من نعم الله تعالى، فما أعظمَ فضلَه سبحانه! وما أقلَّ شكرَنا! إن الذي ذلَّل الدوابَّ للبشر، فأسلس قيادها، ويسَّر ظهرها، لقادرٌ على تطويعك، فانقَد إليه حبًّا قبل أن تخضعَ له كُرهًا. |
﴿وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ ءَالِهَةٗ لَّعَلَّهُمۡ يُنصَرُونَ ﴾ [يس: 74]
ملَّة الكفر واحدة، فلا يقتصر الشرك على السجود للأصنام والأوثان، ولكن بالإقبال بالخوف والرجاء على سوى الملك الدَّيان. لا عصمةَ للبشرية إلا بالتوحيد الخالص الذي يُفرِد الله وحدَه بالألوهيَّة والعبادة، ويفرده وحده بالتوجُّه والاعتماد، ويفرده وحده بالتعظيم والطاعة. يحشر الله العابدين لغيره مع معبوديهم يوم الحساب، ليكونَ ذلك أبلغَ في خزيهم، وأدهى في ذلِّهم، فلينفعوهم حينئذٍ ولينصروهم إن كانوا صادقين! |
﴿لَا يَسۡتَطِيعُونَ نَصۡرَهُمۡ وَهُمۡ لَهُمۡ جُندٞ مُّحۡضَرُونَ ﴾ [يس: 75]
ملَّة الكفر واحدة، فلا يقتصر الشرك على السجود للأصنام والأوثان، ولكن بالإقبال بالخوف والرجاء على سوى الملك الدَّيان. لا عصمةَ للبشرية إلا بالتوحيد الخالص الذي يُفرِد الله وحدَه بالألوهيَّة والعبادة، ويفرده وحده بالتوجُّه والاعتماد، ويفرده وحده بالتعظيم والطاعة. يحشر الله العابدين لغيره مع معبوديهم يوم الحساب، ليكونَ ذلك أبلغَ في خزيهم، وأدهى في ذلِّهم، فلينفعوهم حينئذٍ ولينصروهم إن كانوا صادقين! |
﴿أَمۡ خَلَقۡنَا ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ إِنَٰثٗا وَهُمۡ شَٰهِدُونَ ﴾ [الصافات: 150]
كيف يزعمون أنوثةَ الملائكة ولم يشهدوا خلقهم؟! فدلَّ ذلك على أنهم قالوا هذا الزعمَ بلا علم، بل افتراءً على الله. |
﴿أَلَآ إِنَّهُم مِّنۡ إِفۡكِهِمۡ لَيَقُولُونَ ﴾ [الصافات: 151]
هل شيءٌ أقبح، وهل ذمُّ أكبر من أن يصف الربُّ العليم العدل عبدًا بأنه كاذبٌ وصفًا مؤكدًا بالمؤكِّدات ومسجَّلًا في الكتاب العظيم الخالد؟ |
﴿وَلَدَ ٱللَّهُ وَإِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ ﴾ [الصافات: 152]
هل شيءٌ أقبح، وهل ذمُّ أكبر من أن يصف الربُّ العليم العدل عبدًا بأنه كاذبٌ وصفًا مؤكدًا بالمؤكِّدات ومسجَّلًا في الكتاب العظيم الخالد؟ |
﴿وَجَعَلُواْ بَيۡنَهُۥ وَبَيۡنَ ٱلۡجِنَّةِ نَسَبٗاۚ وَلَقَدۡ عَلِمَتِ ٱلۡجِنَّةُ إِنَّهُمۡ لَمُحۡضَرُونَ ﴾ [الصافات: 158]
حينما لا يكون للاعتقاد أصلٌ صحيح من وحي يقوم عليه، فإن المعتقدات الباطلة ستطغى على أهله؛ وهاهم أولاء المشركون جعلوا بين الله وملائكته نسبًا وقرابة! تعالى الله عن إفكهم علوًّا كبيرًا. |
﴿سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الصافات: 159]
بعض الأقاويل الباطلة يكفي في ردِّها تعظيمُ الله، فهي أقلُّ من أن تكونَ حجَّة، بل إن تذَكُّر عظمة الله هو دليلُ إبطالها. |
﴿لَّوۡ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدٗا لَّٱصۡطَفَىٰ مِمَّا يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ ﴾ [الزمر: 4]
لا يكون قهَّارًا حتى يكونَ مستغنيًا عن الولد وسائر الخلق، أمَّا المحتاجُ إلى الولد فهو المقهورُ بالضعف والموت، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا. |
﴿ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا رَّجُلٗا فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَٰكِسُونَ وَرَجُلٗا سَلَمٗا لِّرَجُلٍ هَلۡ يَسۡتَوِيَانِ مَثَلًاۚ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ﴾ [الزمر: 29]
يعيش المؤمن الموحِّد الراحةَ والسلام لإقباله بكليَّته على ربٍّ واحد، أمَّا مَن تفرَّقت به الأهواء والشهَوات فيعيش ممزَّقَ النفس. بعض الحقائق لا تتطلَّب كثيرَ أخذ وردٍّ، ويكفي فيها مثَلٌ أو سؤال يُخاطب الفطرة ويُقيم الحُجَّة؛ كما في هذه الآية، وكما في قوله: ﴿أأربابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيرٌ أمِ اللهُ الواحِدُ القَهَّار﴾ . أكثِروا من حمد الله أيُّها الموحِّدون على ما وفَّقكم إليه وهداكم له من توحيدٍ خالص، فإنه نعمةٌ جليلة، وبالشكر تدوم النعم. |
﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلۡ أَفَرَءَيۡتُم مَّا تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنۡ أَرَادَنِيَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ هَلۡ هُنَّ كَٰشِفَٰتُ ضُرِّهِۦٓ أَوۡ أَرَادَنِي بِرَحۡمَةٍ هَلۡ هُنَّ مُمۡسِكَٰتُ رَحۡمَتِهِۦۚ قُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُۖ عَلَيۡهِ يَتَوَكَّلُ ٱلۡمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [الزمر: 38]
حتى المشركون الكافرون يُدركون في قرارة نفوسهم وعُمقِ فطرتهم أن الله تعالى هو وحدَه الخالق البارئ، ولكنَّه الزيغ واتِّباع الهوى! ما الذي يخشاه داعيةٌ إلى الله تعالى، وما الذي يرجوه؟ وليس أحدٌ من البشر بصارفٍ السوءَ عنه، ولا مانع الخير؛ إلا أن يشاء الله؟ قُل: (حسبيَ الله)، ولو كنتَ ضعيفًا فقيرًا، لا حولَ لك ولا قوَّة. قُلها بلسانك، وأيقِن بها بقلبك، تَحصُل لك بها الكفايةُ التامَّة والرعاية الخالصة. |
﴿أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُفَعَآءَۚ قُلۡ أَوَلَوۡ كَانُواْ لَا يَمۡلِكُونَ شَيۡـٔٗا وَلَا يَعۡقِلُونَ ﴾ [الزمر: 43]
استحسَنوا بعقولهم القاصرة ما اتَّخذوه دينًا والدين منه بَراء، فأضلَّهم الله وأبعدهم عن رحمته، وذاك جزاءُ المبتدِعين بلا دليل ولا برهان. أنَّى لمَن ليس له من الأمر شيء أن يَشفَع لغيره؟ ألا إن الشفاعة لجبَّار السماوات والأرض، لا يَشرَكه فيها أحد. اقطع حبالَ الطمع بكلِّ مَن يَخفِق قلبُك بالحاجة إليه؛ فإن الخلق جميعًا مهما بلغوا قوَّةً وقدرة، إنما هم ملكٌ لله، عبيدٌ لجبَروته. |
﴿وَٱللَّهُ يَقۡضِي بِٱلۡحَقِّۖ وَٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ لَا يَقۡضُونَ بِشَيۡءٍۗ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ ﴾ [غافر: 20]
إن الذي يسمعُك ويراك، ويعلم سرَّك ونجواك، قضاؤه حق، ووعده صدق، فإيَّاك أن تتوجَّه بعمل لسواه. الاستقامة على الإخلاص، والبراءة من الشِّرك والرياء، من حقائق الدعوة الكبرى التي ينبغي الاهتمامُ بها، وعلى الدوام استحضارها. |
﴿وَسۡـَٔلۡ مَنۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلۡنَا مِن دُونِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ءَالِهَةٗ يُعۡبَدُونَ ﴾ [الزخرف: 45]
أتباع الرسُل هم المبلِّغون عنهم، الحافظون لشريعتهم ورسالتهم، والرجوعُ إلى نور علمهم أمانٌ من الحَيرة والشكِّ وقتَ الفتن، فليتمسَّك المرء بالاستضاءة بأنوار العلماء العاملين. تَكرار ذكر اسم الرحمن يؤكِّد أن هذه الرسالةَ هي رسالةُ رحمة، لا تريد للناس شقاءً، وهي دعوةٌ لورود هذه الرحمة والانضمام إليها. |
﴿قُلۡ إِن كَانَ لِلرَّحۡمَٰنِ وَلَدٞ فَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡعَٰبِدِينَ ﴾ [الزخرف: 81]
الرسُل أسبقُ الناس للكمالات، وأبعدهم عن الشرور، فهم يأتمرون بأمر ربِّهم، لا يَحيدون عنه لمعرفتهم به، فما أسعدَ مَن اقتدى بهداهم! |
﴿سُبۡحَٰنَ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ رَبِّ ٱلۡعَرۡشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الزخرف: 82]
ما من شيء في السماوات أو في الأرض إلا ولله عليه فضلٌ ومِنَّة، فهو ربُّ العالمين، العالِم بأحوال عباده، المُمِدُّ لهم بأنواع العطايا والخيرات، فما أشقى مَن عصاه، وتنكَّر لفضله وآلائه! |
﴿قُلۡ أَرَءَيۡتُم مَّا تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ لَهُمۡ شِرۡكٞ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِۖ ٱئۡتُونِي بِكِتَٰبٖ مِّن قَبۡلِ هَٰذَآ أَوۡ أَثَٰرَةٖ مِّنۡ عِلۡمٍ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ﴾ [الأحقاف: 4]
قدرة الله عزَّ وجلَّ التي لا منتهى لها ولا حدَّ تُظهر عجزَ الخلائق الذين لن يستطيعوا خلقَ شيء ولو اجتمعوا له. إن مَن عبدَ غيرَ الله تعالى لا دليلَ له على صحَّة ما هو عليه من الضلال، بخلاف المؤمن الموحِّد الذي يمتلك الحججَ القاطعة على صدق عقيدته وسلامة منهجه، فما أحسنَ الحياةَ في اطمئنان التوحيد! وما أسوأها في حَيرة الشرك! |
﴿وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّن يَدۡعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لَّا يَسۡتَجِيبُ لَهُۥٓ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَهُمۡ عَن دُعَآئِهِمۡ غَٰفِلُونَ ﴾ [الأحقاف: 5]
إن العقل إذا كمَل أورث صاحبَه صحَّة المعتقد وسلامةَ العمل، فمَن دعا غيرَ الله من المعبودات الباطلة أو الأموات في أجداثهم فقد كشف عن جهله وقلَّة عقله ولو كان لديه أرقى شهادات الدنيا العلميَّة. |
﴿وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمۡ أَعۡدَآءٗ وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمۡ كَٰفِرِينَ ﴾ [الأحقاف: 6]
لو علم العابدُ ما سيلقاه من معبوده الباطل يوم القيامة من السوء ما عبده، فالمعبودات الباطلة تلعن عابديها يوم القيامة وتتبرَّأ منهم، وتُنكر علمها بعبادتهم إيَّاها، فما أسوأها من عاقبة! |
﴿أَمۡ لَهُمۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشۡرِكُونَ ﴾ [الطور: 43]
ما أضلَّها من عقول؛ تلك التي تأبى إلا أن تجعلَ لله ندًّا تُشركه في عبادته، مع أنه سبحانه المتفرِّد في الخَلق والرِّزق والتدبير! |
﴿قُلۡ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسۡتَمَعَ نَفَرٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَقَالُوٓاْ إِنَّا سَمِعۡنَا قُرۡءَانًا عَجَبٗا ﴾ [الجن: 1]
لنتأمَّل حالَ الجنِّ بعد إصغائهم إلى آيات القرآن، كيف امتلأت نفوسُهم بمعاني الإعجاب والتعظيم، لهذا البيان المحكَم الكريم، أوَ لسنا أولى بهذا منهم؟ ما أحرانا أن نجتهدَ وننشطَ في تبليغ القرآن وإسماعه للعالمين؛ لعلَّ الله يُجري الخيرَ على أيدينا ويجعلنا سببًا لهداية الناس بكلامه المبين. مَن لم يهدِه القرآنُ للحقِّ والتوحيد الخالص، فلن تنفعَه آلافُ كتب الجدل والفلسفة والمنطق، فاستمسك بالقرآن تُفلح. |
﴿يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلرُّشۡدِ فَـَٔامَنَّا بِهِۦۖ وَلَن نُّشۡرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَدٗا ﴾ [الجن: 2]
لنتأمَّل حالَ الجنِّ بعد إصغائهم إلى آيات القرآن، كيف امتلأت نفوسُهم بمعاني الإعجاب والتعظيم، لهذا البيان المحكَم الكريم، أوَ لسنا أولى بهذا منهم؟ ما أحرانا أن نجتهدَ وننشطَ في تبليغ القرآن وإسماعه للعالمين؛ لعلَّ الله يُجري الخيرَ على أيدينا ويجعلنا سببًا لهداية الناس بكلامه المبين. مَن لم يهدِه القرآنُ للحقِّ والتوحيد الخالص، فلن تنفعَه آلافُ كتب الجدل والفلسفة والمنطق، فاستمسك بالقرآن تُفلح. |
﴿وَأَنَّهُۥ تَعَٰلَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَٰحِبَةٗ وَلَا وَلَدٗا ﴾ [الجن: 3]
تنزَّه جلالُ الله وتعالت عظمتُه عن كلِّ نقص، فحاشاه سبحانه أن يكونَ له صاحبةٌ أو ولد؛ ﴿لم يَلِدْ ولم يُولَد، ولم يكُن له كُفُوًا أحَد﴾ . إن الله مُستغنٍ عن خَلقه، والكلُّ مفتقرٌ إليه، ولكنَّ الطغيان أعمى عيونَ المفترين فما عادوا يَميزون بين خالقٍ ومخلوق ﴿وما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِه﴾ ! أشقى السفهاء إبليسُ؛ إذ عرَّض نفسَه بكبريائه وخُيَلائه للطَّرد من رحمة الله، ومنازل القرب، ليبوء بالعذاب الأبديِّ، وإن مصير كلِّ مستكبر كمَصيره. دَيدَنُ السفهاء في القديم والحديث الافتراءُ على الله وشرعه بالأكاذيب والأباطيل، فلنحذَر من صُحبتهم والإصغاء إليهم. |
﴿قُلۡ إِنَّمَآ أَدۡعُواْ رَبِّي وَلَآ أُشۡرِكُ بِهِۦٓ أَحَدٗا ﴾ [الجن: 20]
هكذا هو الداعيةُ الصادق في دعوته، المخلصُ لدينه وأمَّته؛ لا يعبأ بوعيد، ولا يخشى من تهديد، ويرفع أبدًا رايةَ التوحيد. إيَّاك ومحبِطاتِ الأعمال، وأعظمُها شرًّا الشِّرك بالله؛ فإنه يذهب بالحسنات، ويضاعف السيِّئات، ويُودي بصاحبه إلى مهاوي الجحيم. |
﴿لَمۡ يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ ﴾ [الإخلاص: 3]
بعض الافتراءات يجب ردُّها ونقضها ولو بدَت مُتهافتةً هزيلة؛ إحقاقًا للحقِّ، وإبطالًا للباطل، وإقامةً للحُجَّة. يا له من كذب وافتراء؛ أن يكونَ لله ولد! ﴿أَنَّى يكونُ له وَلَدٌ ولم تكُنْ له صاحِبةٌ وخَلَقَ كلَّ شَيءٍ وهُوَ بكُلِّ شَيءٍ عَلِيم﴾ ! |
مواضيع أخرى في القرآن الكريم
الجبال التهديد والوعيد أماني أهل الكتاب جزاء المؤمنين في الدنيا والآخرة التنزيه عن الشعر اسم الله اللّطيف التوكل على الله الثروة اسم الله القُدّوس الكسب
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 21, 2024
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب