نهى النبي عن الكي فاكتوينا فما أفلحن ولا أنجحن

حديث: نهى النبي عن الكي فاكتوينا فما أفلحن ولا أنجحن

عن عمران بن حصين قال: نهى النَّبِيّ ﷺ عن الكي، فاكتوينا فما أفلحن ولا أنجحن.

صحيح: رواه أبو داود (٣٨٦٥)، وأحمد (١٩٩٨٩) كلاهما من طريق حمّاد (وهو ابن سلمة)، عن ثابت، عن مطرف (وهو ابن عبد الله بن الشخير)، عن عمران بن حصين فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن عمران بن حصين قال: نهى النَّبِيّ ﷺ عن الكي، فاكتوينا فما أفلحن ولا أنجحن.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من حديث نبيه الكريم.
الحديث: عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: (نهى النَّبِيّ ﷺ عن الكي، فاكتوينا فما أفلحن ولا أنجحن). رواه البخاري ومسلم.

1. شرح المفردات:

* نهى: أي حَظَرَ وأمر بالترك.
* الكي: هو معالجة المرض أو الجرح بحرق موضعه بمِكْوَةٍ (أداة معدنية ساخنة)؛ لوقف النزيف أو لعلاج أمراض أخرى، وهو ما يُعرف اليوم بالـ "Cauterization".
* فاكتوينا: أي فعلنا الكي بأنفسنا بعد النهي عنه.
* فما أفلحن ولا أنجحن: (أفلح) بمعنى نجح وظهرت فيه البركة، و(أنجح) بمعنى تحقق مراده وخير له. والمعنى: فما حققت لنا الكيةُ فائدةً ولا نجاحًا في الشفاء، بل ربما زادت الأمر سوءًا.

2. شرح الحديث:

يخبر الصحابي الجليل عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن علاج الأمراض بالكي، لكن بعض الصحابة – وكان عمران منهم – لم يصبروا على المرض واختاروا أن يكتووا (أي يعالجوا أنفسهم بالكي) مخالفين النهي النبوي، فكانت النتيجة أن هذا العلاج لم يُجْدِ معهم نفعًا، ولم يحقق لهم الشفاء المرجو، بل ربما نالهم ضرر منه.
ملاحظة مهمة في فهم النهي:
ليس النهي عن الكي على إطلاقه، بل هو نهي تنزيهي وكراهة، وليس نهي تحريم. والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أذن في الكي بل وأثنى عليه في حالات معينة. فقد روى البخاري ومسلم أيضًا أن النبي ﷺ قال: (الشفاء في ثلاث: شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أو شَرْبَةِ عَسَلٍ، أو كَيَّةِ نارٍ، وأنهى أمتي عن الكي).
وهذا يوضح أن الكي نفسه قد يكون شفاءً، ولكن النهي عنه كان لسببين رئيسيين:
1- كراهة الاعتماد على الأسباب الظاهرة وحدها مع إغفال التوكل على الله تعالى، فكأنه نهي عن اتخاذه عادة أولية دون لجوء إلى الله بالدعاء والصبر.
2- أنه كان منهيًا عنه في ذلك الوقت أو لتلك الأمراض بالذات التي أصابت الصحابة، لعدم مناسبتها لهذا النوع من العلاج، فكان النهي لعارضٍ لا لذات الكي.
فالحديث يدل على أن مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم ونهيه – حتى في الأمور الدنيوية والطبية – لا تحقق الخير والبركة، وقد تؤدي إلى نتائج عكسية.

3. الدروس المستفادة منه:

1- وجوب طاعة النبي ﷺ وترك مخالفة أمره: سواء في العبادات أو العادات والمعاملات، لأن في طاعته البركة والنجاح، وفي معصيته الحرمان والخسران.
2- التوكل على الله والأخذ بالأسباب مع عدم الاعتماد عليها وحدها: فالمسلم يتداوى ويأخذ بالأسباب ولكن قلبه متوكل على الله تعالى، يعلم أن الشفاء بيده وحده.
3- أن النهي لا يقتضي التحريم دائمًا: فقد يكون للكراهة، ويجب الرجوع إلى القرائن الأخرى لفهم مراد النبي ﷺ.
4- عدم العجلة وترك الصبر: فالصبر على المرض ودعاء الله هو أولى من العجلة إلى علاج قد لا يناسب الداء.
5- أن التجربة العملية تثبت صحة ما جاء به الشرع: فما نهى عنه النبي ﷺ proved practically أنه غير مفيد في تلك الحالة.

4. معلومات إضافية مفيدة:

* حال عمران بن حصين: كان رضي الله عنه ممن ابتلي بمرض شديد طويل الأمد (في بطنه أو رجله)، وهو من أسباب روايته لهذا الحديث.
* الفرق بين النهي عن الكي والإذن فيه: يجمع العلماء بين الأحاديث بأن النهي عن الكي كان في أول الإسلام للزوم الصبر والتوكل، أو أنه نهي عن الكي في حال الصحة أو لأمراض لا ينفع معها، أو أنه نهي كراهة لا تحريم. وأما الإذن فيه فلمن احتاج إليه وكان نافعًا في علته.
* العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب: فمع أن الحديث ورد في قصة خاصة، إلا أن العبرة بعموم النهي وعدم الفلح في مخالفة أمر النبي ﷺ.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٨٦٥)، وأحمد (١٩٩٨٩) كلاهما من طريق حمّاد (وهو ابن سلمة)، عن ثابت، عن مطرف (وهو ابن عبد الله بن الشخير)، عن عمران بن حصين فذكره.
ثمّ قال أبو داود عقبه: «وكان يسمع تسليم الملائكة، فلمّا اكتوى انقطع عنه فلمّا ترك رجع إليه. وإسناده صحيح.
ورواه الترمذيّ (٢٠٤٩)، وابن ماجه (٣٤٩٠)، وأحمد (١٩٨٣١)، وابن حبَّان (٦٠٨١)، والحاكم (٤/ ٢١٣) كلّهم من طرق، عن الحسن، عن عمران فذكره. وقال الترمذيّ: «هذا حديث حسن صحيح».
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد».
قال الأعظمي: الحسن هو البصريّ، وسماعه من عمران بن حصين محل خلاف، والجمهور على نفيه، منهم ابن المدينيّ، والبخاري ومسلم، وأبو حاتم الرازيّ، والبرديجيّ، والبيهقيّ، ثمّ هو عنعن ولم يصرح إِلَّا أنه توبع في أصل الحديث ولذا صحّحه الترمذيّ وغيره.
وقيل: استعمال الكي على وجه العلاج في أمر يحتاج إليه إنسان يجوز أن ينجح فيه، ويجوز أن لا ينجح فيه، فإذا غلب عليه النجاح جاز استعماله، وإذا غلب عليه الهلاك أو عدم النجاح كره ذلك، فكان النهي لعمران من هذا السبيل؛ لأن له علة الباسور وإن الكي يزيده خطرا على المرض، ولذا نهاه رسول الله ﷺ عن الكي.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 37 من أصل 128 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نهى النبي عن الكي فاكتوينا فما أفلحن ولا أنجحن

📜 حديث: نهى النبي عن الكي فاكتوينا فما أفلحن ولا أنجحن

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: نهى النبي عن الكي فاكتوينا فما أفلحن ولا أنجحن

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: نهى النبي عن الكي فاكتوينا فما أفلحن ولا أنجحن

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: نهى النبي عن الكي فاكتوينا فما أفلحن ولا أنجحن

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية