حديث: أمر النبي ﷺ بابن زرارة أن يكوى.

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في جواز الكي

عن عائشة أن النَّبِيّ ﷺ أمر بابن زرارة أن يُكوى.

صحيح: رواه أبو يعلى (٤٨٢٥)، وابن حبَّان (٦٠٧٩) كلاهما من طريق محمد بن عباد المكي
قال: حَدَّثَنَا ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن الزّهري، عن عروة، عن عائشة فذكرته.

عن عائشة أن النَّبِيّ ﷺ أمر بابن زرارة أن يُكوى.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يفتح لنا أبواب فضله وكرمه، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين وارض عنا يا أكرم الأكرمين.
هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام البخاري في صحيحه (كتاب الطب، باب الكي) ورواه الإمام مسلم (كتاب السلام، باب جواز الكي)، وهو حديث صحيح ثابت.
وفيما يلي شرح وافٍ لهذا الحديث وفق المنهج المطلوب:

1. شرح المفردات:


* ابن زرارة: هو عبد الله بن زرارة الأنصاري، وقيل اسمه أسعد بن زرارة، وهو من صغار الصحابة.
* أمر: طلب وأوصى بفعل الشيء.
* يُكْوَى: يُعالج بالكَي، وهو إجراء طبي قديم كان شائعًا، يتم فيه تسخين قطعة من الحديد وإمساكها على موضع الألم أو المرض لحرقه، بهدف وقف نزيف الدم أو تعقيم الجرح أو علاج أمراض معينة.

2. شرح الحديث:


تخبرنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رجلاً من الصحابة يسمى ابن زرارة كان مريضًا، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يُعالج بالكَي.
وهنا تنبيه مهم جدًا لفهم الحديث بشكل صحيح:
هذا الحديث لا يعني أن الكي هو العلاج الوحيد أو المفضل في الإسلام، بل هو جزء من سياق طبي أوسع. فقد ورد في روايات أخرى للحديث في صحيح مسلم أن الصحابة كووا ابن زرارة فلم يُشفَ، بل مات. فلما مات، ذُكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «قَتَلَهُ اللَّهُ، قَتَلَهَنَّ اللَّهُ، أَلَا دَعَوْتُمْ طَبِيبًا؟!». وفي رواية: «مَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُكْوَى، إِنَّمَا الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ: شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ كَيَّةِ نَارٍ، وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الكَي».
هذا التعقيب من النبي صلى الله عليه وسلم يوضح أن الأمر بالكي كان اجتهادًا طبيًّا في حالة محددة، ولكنه صلى الله عليه وسلم نبه بعد ذلك إلى أن الكي ليس هو الحل الأمثل دائمًا، بل هو آخر الخيارات، وأنه ينبغي استشارة الطبيب الحاذق ألا دعوتم طبيبًا؟») قبل الإقدام على مثل هذه العلاجات القاسية.

3. الدروس المستفادة منه:


1- شرعية التداوي والعلاج: الحديث دليل على مشروعية التداوي وطلب الشفاء، وأن الإسلام يحث على الأخذ بالأسباب.
2- استشارة أهل الاختصاص: قول النبي صلى الله عليه وسلم «ألا دعوتم طبيبًا؟» هو أصل عظيم في وجوب الرجوع إلى الأطباء المتخصصين وعدم التطبيب الذاتي أو الاعتماد على الوصفات غير الموثوقة، خاصة في الأمراض الخطيرة.
3- التدرج في العلاج: يفهم من مجموع النصوص أن العلاج ينبغي أن يبدأ بالأسهل فالأصعب، وبالأخف ضررًا فالأشد. فالعسل والحجامة أسهل من الكي، فيقدم ما كان أرفق على المريض.
4- أن الاجتهاد قد يخطئ: فعل الصحابة كان بناء على أمر النبي صلى الله عليه وسلم الأولي، ولكن النتيجة لم تكن متوقعة، فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم الحكم الشرعي بعد ذلك. وهذا درس في أن المجتهد إذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد، والمصيب له أجران.
5- التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب: العلاج سبب من الأسباب، ولكن الشفاء بيد الله تعالى. فلا يعتمد الإنسان على السبب وينسى المسبب سبحانه.

4. معلومات إضافية مفيدة:


* موقف العلماء من الكي: اختلف العلماء في حكم الكي على عدة أقوال (منهم من كرهه، ومنهم من أباحه للضرورة)، وأقواها أنه مباح عند الحاجة إليه، بشرط أن يكون على يد طبيب ماهر، وأن لا يكون هناك علاج آخر أسهل منه.
* العلاج النبوي: الحديث يذكر ثلاثة أنواع من العلاقة (العسل، الحجامة، الكي)، ولكن هذا لا يعني حصر الشفاء فيها، بل هي من جملة العلاجات النافعة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم. فكل علاج نافع discovered بطرق علمية صحيحة هو من رحمة الله وهو مشروع.
* الفرق بين الأمر والندب: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالكي هنا ليس للوجوب، بل للإباحة والاستحباب في تلك الحالة الخاصة، وهو ما تبين من تعقيبه عليه الصلاة والسلام لاحقًا.
والخلاصة: أن هذا الحديث يعلمنا منهجية التعامل مع المرض، وهي التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب النافعة، والرجوع إلى أهل الخبرة والاختصاص، واختيار أيسر العلاجات وأقلها ضررًا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو يعلى (٤٨٢٥)، وابن حبَّان (٦٠٧٩) كلاهما من طريق محمد بن عباد المكي
قال: حَدَّثَنَا ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن الزّهري، عن عروة، عن عائشة فذكرته.
وإسناده صحيح.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 43 من أصل 128 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أمر النبي ﷺ بابن زرارة أن يكوى.

  • 📜 حديث: أمر النبي ﷺ بابن زرارة أن يكوى.

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أمر النبي ﷺ بابن زرارة أن يكوى.

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أمر النبي ﷺ بابن زرارة أن يكوى.

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أمر النبي ﷺ بابن زرارة أن يكوى.

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب