حديث: النبي يأمر بشرب أبوال الإبل وألبانها للتداوي

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب التداوي بأبوال الإبل وألبانها

عن أنس أن ناسا اجتووا في المدينة، فأمرهم النَّبِيّ ﷺ أن يلحقوا براعيه يعني الإبل، فيشربوا من ألبانها وأبوالها، فلحقوا براعيه، فشربوا من ألبانها وأبوالها حتّى صلحت أبدانهم، فقتلوا الراعيّ، وساقوا الإبل، فبلغ النبيَّ ﷺ فبعث في طلبهم، فجيء بهم، فقطع أيديهم وأرجُلَهم، وسمر أعينَهم.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الطب (٥٦٨٦)، ومسلم في القسامة (١٦٧١: .

عن أنس أن ناسا اجتووا في المدينة، فأمرهم النَّبِيّ ﷺ أن يلحقوا براعيه يعني الإبل، فيشربوا من ألبانها وأبوالها، فلحقوا براعيه، فشربوا من ألبانها وأبوالها حتّى صلحت أبدانهم، فقتلوا الراعيّ، وساقوا الإبل، فبلغ النبيَّ ﷺ فبعث في طلبهم، فجيء بهم، فقطع أيديهم وأرجُلَهم، وسمر أعينَهم.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين. هذا الحديث الذي ذكر حديث صحيح رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 5686) ومسلم في صحيحه (رقم 1671)، وهو من الأحاديث التي تجمع بين بيان رحمة النبي ﷺ وشفقته على أصحابه، وبين شدته في تطبيق حد الله على المعتدين. وإليك الشرح المفصل:

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● اجْتَوَوْا: أي كرهوا المقام في المدينة لمرض أصابهم، أو ضعف أبدانهم، أو لسوء طبيعة هوائها على أجسادهم. والجوى: المرض أو ضعف البنية.
● راعيه: أي الراعي الذي يرعى إبل الصدقة التي كانت للمسلمين.
● صَلَحَتْ أَبْدَانُهُمْ: أي قَوِيَتْ أَجْسَادُهُمْ، وعَادَتْ إلَى صِحَّتِهَا.
● سَمَرَ أَعْيُنَهُمْ: أي طَعَنَهَا بِمِسْمَارٍ مُحْمًى بِالنَّارِ حَتَّى عَمِيَتْ. وهذا عقاب خاص بحرب الله ورسوله.


ثانياً. شرح الحديث:


1- السبب والعلاج:
حدث أن بعض الناس (وهم من الأعراب أو حديثي العهد بالإسلام) مرضوا أو ضعفت أجسادهم بسبب هواء المدينة الذي لم يألفوه، فشكوا ذلك للنبي ﷺ. فدلهم ﷺ على العلاج الطبيعي المتاح، وهو أن يلحقوا بإبل الصدقة (الإبل التي كانت تُرعى في outskirts المدينة للإنفاق منها على مصالح المسلمين)، فيشربوا من ألبانها وأبوالها.
● حكم استعمال أبوال الإبل وألبانها للعلاج:
هذا الحديث أصل في جواز التداوي بأبوال الإبل وألبانها، وهو خاص بالإبل، ولا يقاس عليها غيرها من الحيوانات إلا بدليل. وهذا الحكم ثابت بالشرع، وقد أثبت العلم الحديث فوائد طبية في أبوال الإبل، مما يظهر إعجاز السنة النبوية.
2- الخيانة والجريمة:
بعد أن شرب هؤلاء من ألبانها وأبوالها حتى قويت أجسادهم، غَدَرُوا وخَانُوا: فقتلوا الراعي (وهو مسلم مؤتمن على مال المسلمين)، وساقوا الإبل (أي سرقوها)، فهذه جريمة متعددة: قتل نفس معصومة، وسرقة مال عام للمسلمين، والخيانة بعد الإحسان.
3- العقوبة الشديدة:
بلغ النبي ﷺ خبرهم، فبعث في طلبهم، فلما أُحضِروا، أمر ﷺ بتطبيق الحد الشرعي عليهم.
● قطع الأيدي والأرجل:
هذا حد الحرابة (قطع الطريق) المذكور في قوله تعالى:
> {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: 33].
وقد اختار النبي ﷺ عقوبة القطع من خلاف (اليد اليمنى والرجل اليسرى، أو العكس) لأن جريمتهم جمعت بين القتل والسرقة.
● سمر الأعين (إ cauterization العين):
هذه عقوبة زائدة على الحد، اختلف فيها العلماء:
- فمنهم من قال: إنها لأنهم فعلوا شيئاً يستحقون به هذه العقوبة، كأن يكونوا قد استعملوا القسوة أو العين في جريمتهم.
- وقيل: إنها كانت عقوبة تعزيرية بسبب شناعة جريمتهم وخيانتهم العظيمة.
- والأظهر أن النبي ﷺ فعل ذلك تطبيقاً للحد الشرعي، لأن جريمتهم كانت من نوع "الحرب على الله ورسوله" التي ذكرت في الآية.


ثالثاً. الدروس المستفادة:


1- رحمة النبي ﷺ وشفقته:
حيث لم يبخل عليهم بالنصيحة والعلاج، مع أنهم قد يكونون حديثي عهد بالإسلام.
2- جواز التداوي بما أباحه الشرع:
والأصل أن التداوي جائز، ولا يعارض التوكل على الله.
3- شناعة الخيانة وجرمها العظيم:
خاصة إذا كانت بعد إحسان، وهؤلاء قُدِّم لهم العلاج مجاناً، ثم قابلوا الإحسان بالخيانة.
4- وجوب تطبيق حدود الله:
فالنبي ﷺ لم يُراعِ فيهم كونهم مرضى سابقين، بل طبق الحد عليهم ليكونوا عبرة لغيرهم.
5- حرمة مال المسلمين العام:
فهو أشد حرمة من مال الخاص، لأن فيه حقاً للجميع.
6- الحكمة في اختيار العقوبة:
حيث ناسب العقوبةَ الجرمَ، ليكون رادعاً لكل من تسوِّل له نفسه الاعتداء على أموال المسلمين وأنفسهم.


رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من الأحاديث التي يوردها العلماء في باب "حد الحرابة".
- فيه دليل على أن الإمام (الحاكم) يختار من العقوبات المناسبة ما يراه كافياً لردع الجريمة.
- وفيه رد على من يستنكر عقوبة القطع أو التشديد في الحدود، فإن في تطبيقها حماية للمجتمع من الفساد.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يرزقنا العمل بسنة نبيه ﷺ، وأن يحفظ بلاد المسلمين من كل سوء.
وصلى الله على نبينا
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الطب (٥٦٨٦)، ومسلم في القسامة (١٦٧١: ...) كلاهما من طريق همام، عن قتادة، عن أنس فذكره. والسياق للبخاريّ، ولم يسق مسلم لفظه، وإنما أحال على لفظ رواية قبلها.
وفي معناه ما رُوي عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ قال: «إن في أبوال الإبل وألبانها شفاء للذّربة بُطونهم».
رواه أحمد (٢٦٧٧)، والطَّبراني في الكبير (١٢/ ٢٣٨) كلاهما من حديث ابن لهيعة، حَدَّثَنَا
عبد الله بن هُبَيْرة، عن حنش بن عبد الله أن ابن عباس قال: فذكره.
وابن لهيعة معروف، ولم يتابع على هذا.
و«الذربة»: بفتح الراء - الداء الذي يعرض للمعدة فلا تهضم الطعام، ويفسد فيها فلا تمسكه. كذا في «النهاية».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 57 من أصل 128 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: النبي يأمر بشرب أبوال الإبل وألبانها للتداوي

  • 📜 حديث: النبي يأمر بشرب أبوال الإبل وألبانها للتداوي

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: النبي يأمر بشرب أبوال الإبل وألبانها للتداوي

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: النبي يأمر بشرب أبوال الإبل وألبانها للتداوي

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: النبي يأمر بشرب أبوال الإبل وألبانها للتداوي

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب