حديث: لَدَدْنا رسولَ الله ﷺ في مرضه فأشار أن لا تلدُّوني

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في اللدود

عن عائشة قالت: لَدَدْنا رسولَ الله ﷺ في مرضه فأشار أن لا تلدُّوني فقلنا: كراهيةُ المريض للدواء فلمّا أفاق قال: «لا يبقى أحد منكم إِلَّا لُدَّ غيرُ العباس فإنه لم يشهدكم».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الطب (٥٧١٢)، ومسلم في السّلام (٢٢١٣) كلاهما من طريق يحيى بن سعيد (هو القطان)، ثنا سفيان (هو الثوري)، حَدَّثَنِي موسى بن أبي عائشة، عن عبيد الله ابن عبد الله، عن عائشة قالت: فذكرته.

عن عائشة قالت: لَدَدْنا رسولَ الله ﷺ في مرضه فأشار أن لا تلدُّوني فقلنا: كراهيةُ المريض للدواء فلمّا أفاق قال: «لا يبقى أحد منكم إِلَّا لُدَّ غيرُ العباس فإنه لم يشهدكم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث صحيح رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وإليك شرحه الوافي:

أولاً. شرح المفردات:


● لَدَدْنَا: اللَّدُود هو الدواء الذي يُصَبُّ في أحد جانبي فم المريض. واللَّدُّ هو سقي المريض الدواء عن طريق إمالة رأسه وإدخال الدواء من جانب فمه.
● فأشار: أي أشار بيده أو بحركة تعبر عن الامتناع والرفض.
● كراهية المريض للدواء: أي ظننا أن هذا الرفض نابع من طبيعة المريض الذي ينفر من الدواء، وليس لأنه لا ينفعه.
● لمّا أفاق: عندما استعاد وعيه من شدة المرض أو الغشي.
● لُدَّ: صيغة أمر من اللَّدُّ، أي يجب أن يُسقى كل واحد منكم هذا الدواء.
● لم يشهدكم: أي لم يحضر فعلكم هذا معي.


ثانياً. شرح الحديث:


تصف لنا أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- موقفاً حدث في مرض النبي ﷺ الذي توفي فيه. فقد اشتد به المرض، فأراد الصحابة أن يسقوه دواءً (اللَّدود) على جانب فمه لعلاج ما به. فلما قدموه له، أشار لهم ﷺ بيده الكريمة أن يكفوا عن ذلك وأن لا يسقوه إياه.
ففهم الصحابة -وهم حوله يريدون الخير له- أن هذه الكراهية هي كراهية طبيعية كتلك التي تظهر من أي مريض ينفر من طعم الدواء المر، فلم يمتثلوا لإشارته وسقوه إياه رغبة في شفائه.
فلما أفاق النبي ﷺ من شدة المرض التي غاب فيها وعيه بعض الشيء، وعلم أنهم خالفوا إشارته، أخبرهم بأن ما فعلوه لا يجوز، وأن مخالفة أمره ولو بإشارة غير جائزة. ولكي يؤكد على هذا المعنى ويقرره في نفوسهم، أمر ﷺ بأن يُسقى كل من كان حاضراً وحاول سقيه ذلك الدواء (اللَّدود)، كعقوبة تأديبية وتنبيه على عظم الخطأ الذي وقعوا فيه، وهو مخالفة أمر النبي ﷺ.
ثم استثنى ﷺ عمه العباس -رضي الله عنه- من هذا العقاب، لأنه لم يكن حاضراً حينها ولم يشهد هذا الفعل، فلم يشارك في المخالفة، فلا ذنب عليه.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- وجوب طاعة النبي ﷺ وامتثال أمره: سواء كان هذا الأمر قولاً صريحاً أو إشارة مفهومة، خاصة في حال عدم النطق لعذر كالمرض. طاعته ﷺ من طاعة الله تعالى.
2- خطورة مخالفة أمر النبي ﷺ: حتى لو كان الدافع هو الخير والرحمة، كما ظن الصحابة أنهم يفعلون الخير بعلاجه. فليس لأحد أن يخالف أمره بتأويل أو ظن، فالشرع مقدَّم على الرأي والعقل.
3- الحكمة من العقوبة الجماعية: أن يكون الأمر وعظياً وتأديبياً، ليثبت المعنى في النفوس ولا يتكرر الخطأ، ويشعر الجميع بجسامة ما حدث.
4- العدل وعدم مؤاخذة أحد بغير ذنب: حيث استثنى النبي ﷺ العباس لأنه لم يشهد الفعل، فلم يعاقب بذنب غيره. وفي هذا دليل على عدل الإسلام.
5- جواز العلاج وتناول الدواء: والأخذ بالأسباب المشروعة، وهذا من كمال الدين.
6- بشريته ﷺ: فهو بشر يمرض ويُعالج، ولكن شرعه واجب الاتباع.


رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من الأحاديث التي تدل على عصمة النبي ﷺ ووجوب طاعته في كل ما يأمر به، حتى في الأمور الدنيوية التي يظن الناس فيها رأياً، إلا إذا قال فيها قولاً vinculantًا.
- فيه دليل على عناية الصحابة بالنبي ﷺ ومحبتهم له، حتى إنهم ليخاطرون بمخالفة إشارته حرصاً على صحته.
- يستدل الفقهاء بهذا الحديث على وجوب طاعة ولي الأمر فيما يأمر به إذا لم يكن معصية، وأن المخالفة تستوجب التأديب.
أسأل الله أن يرزقنا حب نبيه ﷺ واتباع سنته، والاستفادة من حديثه. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الطب (٥٧١٢)، ومسلم في السّلام (٢٢١٣) كلاهما من طريق يحيى بن سعيد (هو القطان)، ثنا سفيان (هو الثوري)، حَدَّثَنِي موسى بن أبي عائشة، عن عبيد الله ابن عبد الله، عن عائشة قالت: فذكرته.
قوله: «لا تلدُّني» اللدود: الدواء الذي يُصب من أحد جانبي فم المريض بغير اختياره، فأما ما يصب في الحلق فيقال له: الوجور.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 47 من أصل 128 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لَدَدْنا رسولَ الله ﷺ في مرضه فأشار أن لا تلدُّوني

  • 📜 حديث: لَدَدْنا رسولَ الله ﷺ في مرضه فأشار أن لا تلدُّوني

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لَدَدْنا رسولَ الله ﷺ في مرضه فأشار أن لا تلدُّوني

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لَدَدْنا رسولَ الله ﷺ في مرضه فأشار أن لا تلدُّوني

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لَدَدْنا رسولَ الله ﷺ في مرضه فأشار أن لا تلدُّوني

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب