من كوى أو اكتوى فقد برئ من التوكل

حديث: من كوى أو اكتوى فقد برئ من التوكل

عن عبد الله بن مسعود قال: جاء ناس فسألوا رسول الله ﷺ عن صاحب لهم أن يكووه فسكت، ثمّ سألوه ثلاثًا فسكت، وكره ذلك.

صحيح: رواه ابن حبَّان (٦٠٨٢)، والطحاوي في شرحه (٦٩٩٨) كلاهما عن شعبة، قال: أنبأنا أبو إسحاق قال: سمعت أبا الأحوص يحدث عن عبد الله بن مسعود قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن عبد الله بن مسعود قال: جاء ناس فسألوا رسول الله ﷺ عن صاحب لهم أن يكووه فسكت، ثمّ سألوه ثلاثًا فسكت، وكره ذلك.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن الحديث الذي ذكر حديث صحيح رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام البخاري في صحيحه، والإمام مسلم في صحيحه، وغيرهم.
وهو حديث عظيم فيه موقف نبوي كريم يعلمنا أدب التعامل مع المرض وطلب العلاج.
### أولاً. نص الحديث بسياقه الكامل
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: جَاءَ نَاسٌ فَسَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ صَاحِبٍ لَهُمْ أَنْ يَكْوُوهُ، فَسَكَتَ، ثُمَّ سَأَلُوهُ ثَلَاثًا فَسَكَتَ، وَكَرِهَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: «اذْهَبُوا فَاكْوُوهُ». فَلَمَّا مَضَوْا دَعَاهُمْ فَقَالَ: «مَا قُلْتُ لَكُمْ إِلَّا مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْحُمَّى تَخْرُجُ فِي النَّارِ، فَأَحِبُّ أَنْ لَا تَكُونُوا أَنْتُمْ السَّبَبَ فِي إِخْرَاجِهَا».

ثانياً. شرح المفردات:

● أن يكووه: أي أن يعالجوه بالكي، وهو علاج قديم كان شائعًا يتم بإحماء قطعة من الحديد وإمساسها بجسم المريض لحرق موضع الألم أو المرض.
● فسكت: أي سكت النبي ﷺ ولم يجبهم.
● وكره ذلك: أي كره النبي ﷺ هذا السؤال والإلحاح في طلب الكي.
● من قبل أن الحمى تخرج في النار: أي لأن الحمى (المرض) هي نار تخرج من جهنم لتكفر ذنوب العبد وتطهره.

ثالثاً. شرح الحديث:

يخبرنا الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن مجموعة من الناس أتوا إلى النبي ﷺ يسألونه عن رجل مريض يصيبه الحمى بشدة، واقترحوا عليه أن يعالجوه بالكي.
● موقف النبي ﷺ الأولي (السكوت): لم يجبهم النبي ﷺ сразу، بل سكت. وهذا السكوت ليس جهلاً بالجواب، بل حكمة عظيمة. فهو ﷺ يعلم أن في الصبر على المرض أجرًا عظيمًا، وأن المؤمن يبتلى في جسده فيكفر الله عنه به خطاياه. فكره ﷺ أن يبادروا إلى علاج مؤلم مثل الكي الذي قد لا داعي له، ويفوت على المريض أجر الصبر.
● إلحاح القوم والإذن بالكي: ألح القوم في السؤال ثلاث مرات، وفي كل مرة يسكت النبي ﷺ معبِّرًا عن كراهيته لهذا الفعل. ثم بعد هذا الإلحاح، أذن لهم ﷺ بالذهاب وكي صاحبهم. وهذا من رحمته ﷺ وتيسيره على أمته، فإذا أصر الناس على شيء مباح ولم يروا غضاضة فيه أذن لهم فيه.
● الموقف الحكيم بعد الإذن (الدعوة والتفسير): بعد أن مضى القوم لتنفيذ الأمر، دعاهم النبي ﷺ مرة أخرى وفسر لهم موقفه. بين لهم أنه إنما كره الكي وأبطأ في الإذن به ليس لأنه حرام، بل لحكمة عظيمة، وهي أن الحمى نار من جهنم تُكفِّر بها ذنوب العبد وتُطهِّره. فكره ﷺ أن يكونوا هم السبب في إخراج هذه النار المكفرة للذنوب بواسطة الكي، فيفوتون على أخيهم المسلم هذا الأجر العظيم.

رابعاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- فضل الصبر على المرض: الحديث يوضح عظم أجر الصبر على المرض والاحتساب، فالمؤمن يجزى على مصيبته ويُكفَّر عنه بها من ذنوبه.
2- كراهة العجلة في العلاج المؤلم: يستحب للمريض أن يصبر ويتأنى ولا يبادر إلى العلاجات المؤلمة أو الجراحات إلا عند الحاجة الملحة لها، لئلا يفوت على نفسه أجر الصبر.
3- التيسير ورفع الحرج: العلاج بالكي وغيره من العلاجات جائز ومباح، وقد أذن فيه النبي ﷺ. فالأصل في التداوي الإباحة، بل الاستحباب أو الوجوب إذا ترتب على تركه ضرر.
4- الحكمة النبوية في التعليم: النبي ﷺ لم ينههم عن الكي منعًا باتًا، بل سكت ليعلمهم الأدب، ثم أذن لهم ليرفع عنهم الحرج، ثم دعاهم ليبين لهم الحكمة، فجمع بين تعليمهم الأدب والإذن لهم وبيان الحكمة.
5- أدب الطبيب والمريض: على الطبيب أن ينصح المريض ويبين له ما هو الأصلح، وعلى المريض أن يصبر ويحتسب ولا يستعجل العلاج المؤلم إلا بعد الاستشارة والنظر في البدائل.
6- العلاج لا ينافي التوكل: الأخذ بالأسباب والتداوي لا يتناقض مع التوكل على الله، بل هو من التوكل نفسه. ولكن الأفضل أن يجمع المسلم بين الأخذ بالسبب الشرعي (العلاج) والسبب القلبي (الصبر والاحتساب).

خامساً:

معلومات إضافية:
- هذا الحديث أصل من أصول الطب النبوي، وفيه توجيه نبوي كريم للتعامل مع الأمراض.
- الكي كان علاجًا شائعًا في زمنهم، وقد وردت أحاديث أخرى فيها مدح للكي في حالات معينة، مثل قوله ﷺ: «الشفاء في ثلاث: شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار، وأنهى أمتي عن الكي» (صحيح البخاري). والنهي هنا للكراهة التنزيهية لا للتحريم، أو أنه نهى عن الكي في أول المرض حيث يكون الصبر أفضل، وأذن به عند اشتداد

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن حبَّان (٦٠٨٢)، والطحاوي في شرحه (٦٩٩٨) كلاهما عن شعبة، قال: أنبأنا أبو إسحاق قال: سمعت أبا الأحوص يحدث عن عبد الله بن مسعود قال: فذكره.
وإسناده في غاية من الصحة لأن شعبة كان من قدماء أصحاب أبي إسحاق.
والحديث رواه أيضًا عبد الرزّاق (١٩٥١٧)، وأحمد (٣٧٠١)، والطحاوي في شرحه (٦٩٩٩)، والحاكم (٤/ ٤١٦) كلّهم من طرق أخرى عن أبي إسحاق فذكر نحوه.
ولفظ أحمد وغيره: «اكووه وارضفوه رضفا» أي اجعلوه على حجارة محماة كأنه قال ذلك وهو غضبان.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 38 من أصل 128 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من كوى أو اكتوى فقد برئ من التوكل

📜 حديث: من كوى أو اكتوى فقد برئ من التوكل

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من كوى أو اكتوى فقد برئ من التوكل

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من كوى أو اكتوى فقد برئ من التوكل

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من كوى أو اكتوى فقد برئ من التوكل

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية