حديث: ليس الخبر كالمعاينة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في زيادة العلم بالمعاينة

عن ابن عباس، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «ليس الخبر كالمعاينة، إنّ اللَّه عز وجل أخبر موسى بما صنع قومه في العجل، فلم يلقِ الألواح، فلمّا عاين ما صنعوا، ألقى الألواحَ فانكسرتْ».

صحيح: رواه أحمد (٢٤٤٧)، والطبراني في الأوسط (٢٥)، وفي الكبير (١١٨٣، ١١٨٤)، والبزّار -كما في كشف الأستار (٢٠٠) -، كلّهم من طريق أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكر نحوه.

عن ابن عباس، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «ليس الخبر كالمعاينة، إنّ اللَّه ﷿ أخبر موسى بما صنع قومه في العجل، فلم يلقِ الألواح، فلمّا عاين ما صنعوا، ألقى الألواحَ فانكسرتْ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما نعلم وبما نسمع.
هذا حديث شريف رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أولاً: شرح المفردات:
● لَيْسَ الخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ: أي أن سماع الخبر والإنباء عنه لا يساوي رؤية الشيء بعينك ومشاهدته بنفسك. فالفارق بين السماع والرؤية كبير في قوة التأثير وصدق التصديق.
● أَخْبَرَ مُوسَى: أي أوحى الله تعالى لنبيه موسى عليه السلام.
● قَوْمَهُ: هم بنو إسرائيل.
● فِي الْعِجْلِ: أي بعبادة العجل الذي صنعه السامري لهم من حليهم حين ذهب موسى لميقات ربه.
● فَلَمْ يُلْقِ الأَلْوَاحَ: لم يرمِ أو يطرح الألواح التي كان يحملها، وهي الألواح التي كتب الله فيها التوراة.
● فَلَمَّا عَايَنَ مَا صَنَعُوا: عندما رأى بعينيه حقيقة ما فعلوه من الشرك والضلال.
● أَلْقَى الْأَلْوَاحَ فَانْكَسَرَتْ: طرح الألواح من شدة الغضب والحزن على ما رأى، فتكسرت.
ثانيًا: المعنى الإجمالي للحديث:
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن هناك فرقاً عظيماً بين أن تسمع بخبر شيء، وبين أن تراه بعينك وتشاهده مباشرة. فالأول (الخبر) قد يترك أثراً في النفس، لكن الثاني (المعاينة) يهز المشاعر ويحرك القلوب بقوة لا تقارن.
ويضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً يؤكد هذه الحقيقة بنبي الله موسى عليه السلام. فقد أخبره الله تعالى وهو على الطور أن قومه قد ضلوا من بعده واتخذوا عجلاً جسداً يعبدونه من دون الله. فسماع موسى لهذا الخبر المؤلم من الله تعالى لم يدفعه لإلقاء الألواح (التوراة) التي كانت في يده. ولكن حين نزل من الجبل ورأى بأم عينيه المنظر المفزع: قومه قد تركوا التوحيد وهم يرقصون حول عجل من ذهب، انفعلت مشاعره انفعالاً شديداً، فلم يملك نفسه من الغضب لله والحزن على قومه، فألقى الألواح من يقه فانكسرت.
ثالثًا: الدروس المستفادة والفوائد العظيمة:
1- تفاوت تأثير الوسائل في إيصال المعلومة: فالخبر يصل إلى العقل، ولكن المعاينة تصل إلى العقل والقلب والحواس معاً، مما يجعل تأثيرها أعمق وأقوى. وهذا له تطبيقات في الدعوة إلى الله والتعليم، حيث تكون الوسائل البصرية والعملية أبلغ أثراً من الكلمات المجردة أحياناً.
2- غضب الأنبياء لله تعالى: يظهر الحديث شدة غضب موسى عليه السلام لانتهاك حرمات الله، وهذا غضب لله، لا غضب للنفس أو لحظوظها. وهو ما يجب أن يتحلى به الداعية، يغضب إذا انتهكت محارم الله.
3- عظم جريمة الشرك بالله: كان سبب هذا الموقف المهول هو ارتكاب القوم للشرك، وهي أعظم الذنوب وأكبرها، مما يدل على فظاعتها وعظم خطرها.
4- بشريّة الأنبياء: فهم بشر يغضبون ويفرحون، ولكنهم معصومون من أن يصدر منهم ما ينافي المقام النبوي. فإلقاء الألواح كان انفعالاً طبيعياً بشرياً أمام منظر مروع، ولم يكن عصياناً لله تعالى.
5- الحكمة من تقدير الأفعال بحسب مقامها: لم يعاتب الله موسى على إلقاء الألواح، بل قابل ذلك بالقبول، لأنها كانت في موقف يقتضي ذلك الغضب لله. فالأفعال تُقَدَّر بقدر أسبابها ومواقفها.
رابعًا: معلومات إضافية مفيدة:
- القصة مذكورة في القرآن الكريم في سورة الأعراف (الآيات 148-154) وسورة طه (الآيات 83-98)، ويذكر القرآن غضب موسى وحزنه على قومه بعد أن ألقى الألواح.
- ذكر بعض المفسرين أن الألواح كانت من زمرد أو ياقوت أخضر، وأن الله كتبها بيده، فتكسرت لحكمة عظيمة.
- يستفاد من الحديث أيضاً أهمية التحقق من الأخبار وعدم الاكتفاء بمجرد السماع، خاصة في عصر كثرت فيه وسائل نقل المعلومات وانتشرت فيه الشائعات.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٢٤٤٧)، والطبراني في الأوسط (٢٥)، وفي الكبير (١١٨٣، ١١٨٤)، والبزّار -كما في كشف الأستار (٢٠٠) -، كلّهم من طريق أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكر نحوه. وإسناده صحيح.
وصحّحه ابن حبان (٦٢١٣)، (٦٢١٤)، والحاكم (٢/ ٣٢١)، و(٢/ ٣٨٠) فأخرجاه من هذا الوجه. وقال الحاكم: «على شرط الشّيخين».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 103 من أصل 207 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ليس الخبر كالمعاينة

  • 📜 حديث: ليس الخبر كالمعاينة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ليس الخبر كالمعاينة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ليس الخبر كالمعاينة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ليس الخبر كالمعاينة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب