تعلّموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم

حديث: تعلّموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم

عن أبي هريرة، عن النّبيّ ﷺ قال: «تعلّموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم؛ فإنّ صلة الرّحم مَحبّة في الأهل، مَثراة في المال، مَنسأة في الأثر».

حسن: رواه الترمذيّ (١٩٧٩) عن أحمد بن محمد، أخبرنا عبد اللَّه بن المبارك، عن عبد الملك ابن عيسى الثقفيّ، عن يزيد مولى المنبعث، عن أبي هريرة، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام الترمذي في سننه، وغيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

نص الحديث:

«تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ؛ فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الْأَهْلِ، مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ، مَنْسَأَةٌ فِي الْأَثَرِ».

1. شرح المفردات:

* تَعَلَّمُوا: اطلبوا العلم بمعرفة أنسابكم، واهتموا بها.
* الأنساب: جمع "نسب"، وهو القرابة والصلات العائلية.
* ما تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ: القدر الذي يمكنكم من خلاله معرفة من تجب عليكم صلتهم من الأقارب.
* صلة الرحم: الإحسان إلى الأقارب بالمال والقول والفعل، وزيارتهم، والسؤال عنهم.
* مَحَبَّةٌ فِي الْأَهْل: سبب للمودة والمحبة بين أفراد العائلة والأقارب.
* مَثْرَاةٌ فِي الْمَال: سبب للبركة في المال وزيادته، وإن قل.
* مَنْسَأَةٌ فِي الْأَثَر: "مَنْسَأَة" من النَّسْء، وهو التأخير والإبطاء. و"الأثر" هنا يعني الأجل. فالمعنى: أنها تؤخر أجل صاحبها، أي تطيل في عمره.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن نتعلم من أنسابنا وقبائلنا القدر الذي يمكننا من معرفة أقاربنا، لنتمكن من صلتهم والإحسان إليهم. ثم يبين لنا النبي ﷺ الثمار العظيمة والفوائد الجليلة التي تعود على من يصل رحمه، وهي: تحقيق المحبة بين الأهل، وزيادة البركة في المال، وإطالة العمر.

3. الدروس المستفادة والفَوائد:

1- الحث على معرفة النسب: ليس المقصود التعصب للقبيلة أو التفاخر بالأنساب الذي نهى عنه الإسلام، بل المقصود هو المعرفة التي تؤدي إلى صلة الرحم، ومعرفة من لهم حق القرابة علينا.
2- فضل صلة الرحم وعظيم أجرها: صلة الرحم من أعظم القربات إلى الله تعالى، وهي من أسباب دخول الجنة، كما في الحديث: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ».
3- صلة الرحم تزيد المال بركة: البركة لا تعني بالضرورة كمية المال فحسب، بل تعني أن يكون المال قليلاً لكنه يكفي ويُبارَك فيه، ويُوفَّق صاحبه للإنفاق في الطاعات.
4- صلة الرحم تزيد في العمر: اختلف العلماء في معنى زيادة العمر هنا على قولين:
* القول الأول: أنها زيادة حقيقية، فيُزاد في عمر الواصل للرحم بأيام وسنين بأمر الله تعالى.
* القول الثاني: أنها زيادة معنوية، أي يُبارَك له في عمره، فيوفق فيه للطاعات، ويُذكر فيه بالخير بعد موته، ويكون عمره مثمراً نافعاً، وإن كان قصيراً في السنوات.
5- صلة الرحم تورث المحبة والألفة: الإحسان إلى الأقارب يمحو الضغائن، ويقوي أواصر المحبة، ويبني مجتمعاً متماسكاً يسوده التعاون والتراحم.
6- التحذير من قطيعة الرحم: كما أن صلة الرحم فيها هذه الفضائل، فإن قطيعتها من الكبائر التي تورث الشقاء في الدنيا والعذاب في الآخرة، لقوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ}.

4. معلومات إضافية مفيدة:

* الرحم: هم الأقارب من جهة الأب والأم. وأولى الناس بالصلة هم الأقرب فالأقرب، بدءاً بالوالدين، ثم الأولاد، ثم الإخوة، ثم الأعمام والأخوال، وهكذا.
* كيفية الصلة: تختلف باختلاف حال الشخص وحال قريبه. فقد تكون بالمال للفقير، وبالزيارة للغني، وبالهاتف للبعيد، وبالدعاء، وبإلقاء السلام، وبالإحسان بالقول والفعل.
* حكم صلة الرحم: هي فرض عين على القدر المستطاع، إذا كان القريب محتاجاً، وهي من أعظم الواجبات الاجتماعية في الإسلام.
نسأل الله تعالى أن يعيننا على صلة أرحامنا، وأن يبارك لنا في أموالنا وأعمارنا، ويجعلنا من الواصلين لا من القاطعين.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذيّ (١٩٧٩) عن أحمد بن محمد، أخبرنا عبد اللَّه بن المبارك، عن عبد الملك ابن عيسى الثقفيّ، عن يزيد مولى المنبعث، عن أبي هريرة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل عبد الملك بن عيسى، فإنه صدوق إن شاء اللَّه وإن كان الحافظ قال فيه: «مقبول»، فقد روى عنه جماعة من الثقات منهم عبد اللَّه بن المبارك الراوي عنه، ولم يتكلّم فيه أحد، وقال أبو حاتم: «صالح».
وأمّا قول الترمذيّ: «غريب من هذا الوجه». فلعله يقصد انفراد عبد الملك به.
وقد صحّحه الحاكم (٤/ ١٦١) فرواه من طريق ابن المبارك، به، ثم قال: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه».
وهو وهمٌ منه؛ فإنّ عبد الملك بن عيسى الثقفيّ لم يخرج له الشّيخان، وإنّما أخرج له الترمذيّ فقط حسب ما رمز له الحافظ في: التقريب».
قوله: «منسأة في الأثر«يعني زيادة في العمر.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 115 من أصل 207 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تعلّموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم

📜 حديث: تعلّموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: تعلّموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: تعلّموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: تعلّموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية