حديث: أبو ذر يتعلق بالأمر الشديد من الحديث

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب في معرفة الناسخ والمنسوخ

عن شدّاد بن أوس، قال: كان أبو ذرّ يسمع الحديث من رسول اللَّه ﷺ فيه الشّدة، ثم يخرج إلى قومه يسلِّم عليهم، ثم إنّ رسول اللَّه ﷺ يرخِّص فيه بعدُ فلم يسمعه أبو ذرّ، فيتعلَّق أبو ذر بالأمر الشَّديد.

حسن: رواه أحمد (١٧١٣٧) عن حسن الأشيب، ثنا ابن لهيعة، ثنا عبيد اللَّه بن المغيرة، عن يعلى بن شدّاد بن أوس، قال: قال شدّاد بن أوس، فذكره.

عن شدّاد بن أوس، قال: كان أبو ذرّ يسمع الحديث من رسول اللَّه ﷺ فيه الشّدة، ثم يخرج إلى قومه يسلِّم عليهم، ثم إنّ رسول اللَّه ﷺ يرخِّص فيه بعدُ فلم يسمعه أبو ذرّ، فيتعلَّق أبو ذر بالأمر الشَّديد.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث شريف يحمل قصة وعبرة عظيمة. وإليك شرحه على النحو التالي:

1. شرح المفردات:


● يسمع الحديث من رسول اللَّه ﷺ فيه الشّدة: أي يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم حكماً شرعياً فيه تشديد وعدم تساهل، كان يكون في أمر من الأمور.
● يرخِّص فيه بعدُ: أي يبيح النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في ذلك الأمر، أو يخفف من الحكم، ويأتي بالرخصة الشرعية.
● فلم يسمعه أبو ذرّ: أي أن أبا ذر رضي الله عنه لم يحضر وقت إعلان النبي للرخصة أو التخفيف.
● فيتعلَّق أبو ذر بالأمر الشَّديد: أي يلتزم أبو ذر بالحكم الأول المشدد، ويتمسك به، ويعمل به، لأنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم.

2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبرنا الصحابي شداد بن أوس رضي الله عنه عن حال أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، وهو من كبار الصحابة المعروفين بالزهد والورع. فكان أبو ذر يحضر مجلس النبي صلى الله عليه وسلم فيسمع منه حكماً شرعياً في قضية ما يكون حكماً مشدداً (مثل تحريم شيء أو وجوب شيء بشروط صعبة). ثم يخرج أبو ذر من المجلس ليبلغ قومه أو لشغله.
بعد ذلك، يأتي النبي صلى الله عليه وسلم بالرخصة في تلك المسألة نفسها (أي يبيح الأمر أو يخفف التشديد) في مجلس آخر، ولكن أبا ذر لم يحضر ذلك المجلس الثاني فلم يسمع الرخصة. وعندما يعلم أبو ذر أن هناك من يعمل بالرخصة، يرفض ذلك ويتمسك بالحكم المشدد الذي سمعه أولاً، ويصر على العمل به، حرصاً منه على الاحتياط في دينه وتبعيته الكاملة للنبي صلى الله عليه وسلم فيما سمعه مباشرة.

3. الدروس المستفادة منه:


● الحرص على التمسك بالسنة: يظهر من فعل أبي ذر رضي الله عنه حرصه الشديد على التمسك بما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، وعدم التفريط فيه.
● فضل الاحتياط في الدين: كان أبو ذر من أشد الناس ورعاً وزهده، وهذا الموقف يدل على احتياطه وخوفه من أن يقع في شيء ليس له فيه علم أكيد.
● تفاضل الصحابة في الاجتهاد والورع: هذا الموقف يبين أن اجتهاد الصحابة في العبادة والورع كان متفاوتاً، وكان أبو ذر من أشدهم في هذا الباب، وهذا من فضائله رضي الله عنه.
● أهمية طلب العلم كاملاً: القصة تحثنا على ضرورة متابعة مجالس العلم وعدم الانقطاع عنها، lest نفوت علينا الرخصة أو التخفيف في أمر من الأمور.
● التسامح مع اجتهادات العلماء: يفهم من هذا أن من تمسك بالرخصة فهو مصيب، ومن تمسك بالعزيمة (الشدة) فهو أيضاً مصيب إذا كان ذلك عن علم واجتهاد، وهذا من سعة الشريعة الإسلامية.

4. معلومات إضافية مفيدة:


● أبو ذر الغفاري: هو جندب بن جنادة، من السابقين الأولين إلى الإسلام، معروف بزهده وورعه وصدقه في القول والعمل.
● هذا الفعل من أبو ذر لا يعني أنه كان يعترض على الرخصة: بل كان اجتهاداً منه للاحتياط، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقر أصحابه على مثل هذه الاجتهادات إذا كانت في فضائل الأعمال ولم تصل إلى درجة التحريم أو التشديد على الأمة.
● الفرق بين العزيمة والرخصة: العزيمة هي الحكم الأصلي المشدد، والرخصة هي الحكم المخفف الذي شرعه الله تعالى لعباده رحمة بهم وتيسيراً عليهم، مثل قصر الصلاة في السفر أو الفطر في رمضان للمريض.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يوفقنا للعمل بما علمنا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١٧١٣٧) عن حسن الأشيب، ثنا ابن لهيعة، ثنا عبيد اللَّه بن المغيرة، عن يعلى بن شدّاد بن أوس، قال: قال شدّاد بن أوس، فذكره.
وإسناده حسن فيه ابن لهيعة، والرّاوي عنه حسن الأشيب هو: الحسن بن موسى الأشيب أحد الثّقات، لكنه روي عن ابن لهيعة بعد الاختلاط، إلّا أنه توبع، فقد رواه الطبراني في كبيره (٧١٦٦)
من طريق ابن وهب، عن ابن لهيعة، به.
وعبد اللَّه بن وهب أحد العبادلة الذين تقبل روايتهم عن ابن لهيعة.
قال الأعظمي: وفيه اعتذار لأبي ذر أنّ ما يُذكر عنه من الشّدة في بعض الأمور إنّما كان ذلك لهذه العلّة، واللَّه أعلم. ولذا حذّر العلماء لمن تصدّى للعلم أن لا يكون عالمًا بالنّاسخ والمنسوخ.
يقول أبو عبد الرحمن السّلميّ صاحب علي بن أبي طالب: إنّ عليًا رضي الله عنه أتى على قاض يقضي فقال: أتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال: لا. فقال عليٌّ: هلكت وأهلكت.
رواه البيهقيّ في المدخل (١٨٤) من طريق شعبة، عن أبي حصين، قال: سمعت أبا عبد الرحمن، فذكره.
ورواه أبو خيثمة في العلم (ص ١٢٠) من طريق سفيان، عن أبي حصين، بإسناده، مثله. وجاء مثل هذا عن ابن عباس أيضًا. انظر: «المدخل» (١٨٥).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 106 من أصل 207 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أبو ذر يتعلق بالأمر الشديد من الحديث

  • 📜 حديث: أبو ذر يتعلق بالأمر الشديد من الحديث

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أبو ذر يتعلق بالأمر الشديد من الحديث

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أبو ذر يتعلق بالأمر الشديد من الحديث

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أبو ذر يتعلق بالأمر الشديد من الحديث

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب