حديث: أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في إقالة زلّات أهل العلم والدّين
حسن: رواه أبو داود (٤٣٧٥) عن جعفر بن مسافر، ومحمد بن سليمان الأنباريّ، قالا: أخبرنا ابن أبي فديك، عن عبد الملك بن زيد -نسبه جعفر إلى سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل- عن محمد بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة، فذكرته.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فإليك شرح الحديث النبوي الشريف:
الحديث:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول اللَّه ﷺ: «أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلّا الحدودَ».
1. شرح المفردات:
● أقيلوا: من الإقالة، وتعني العفو والصفح عن الزلات، والتجاوز عن الأخطاء.
● ذوي الهيئات: هم أصحاب المروءة والوقار والسمعة الحسنة، الذين يعرفون بالخير والصلاح.
● عثراتهم: الزلات والأخطاء التي تقع منهم دون قصد أو عن غفلة.
● إلّا الحدودَ: يستثنى من ذلك الجرائم التي فيها حد شرعي مقرر، كالسرقة والزنا وشرب الخمر وغيرها.
2. المعنى الإجمالي للحديث:
يأمر النبي ﷺ بالتجاوز عن أخطاء وأوزار الأشخاص المعروفين بحسن السيرة والخلق، والذين يتمتعون بسمعة طيبة ومكانة اجتماعية مرموقة، وذلك إذا وقعوا في زلة أو هفوة غير متعمدة، بشرط ألا تكون هذه الزلة من الجرائم التي توجب الحدود الشرعية (العقوبات المقدرة شرعًا). ففي غير الحدود، يُستحب التغاضي عن هفوات أهل الصلاح تشجيعًا لهم على الاستمرار في الخير، وحفظًا لمكانتهم بين الناس.
3. الدروس المستفادة منه:
● التكريم لأهل الصلاح: ينبغي احترام وتقدير أصحاب السمعة الحسنة، والتجاوز عن هفواتهم غير المتعمدة، حفظًا لكرامتهم وتشجيعًا لهم.
● الفرق بين الحدود وغيرها: الحدود الشرعية ثابتة لا تسقط بالعفو الشخصي، لأنها حق لله تعالى أو للعباد، فلا يجوز التهاون فيها. أما غيرها من الأخطاء فيمكن العفو عنها.
● الحكمة في التعامل: التفريق في المعاملة بين من يعرف بالخير ومن يعرف بالشر؛ فصاحب الهيئة والصلاح يُعذر في زلاته لأنه غير معتاد عليها، بخلاف من اشتهر بالسوء.
● تعزيز التآلف الاجتماعي: هذا الأدب يزيد في تماسك المجتمع، ويشيع روح التسامح والتعاون على البر والتقوى.
● العدل والرحمة: الجمع بين تطبيق الحدود الشرعية (العدل) والعفو عن الهفوات (الرحمة) يدل على توازن الشريعة الإسلامية.
4. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث يدل على رحمة الإسلام ومراعاته للظروف الاجتماعية والنفسية للأفراد.
- يُستثنى من العفو "الحدود" لأنها حقوق عامة شرعها الله لحماية المجتمع، فلا يجوز إسقاطها إلا بشروطها الشرعية.
- من تطبيقات هذا الحديث: لو أخطأ عالم أو داعية في مسألة غير متعلقة بالعقيدة أو الحدود، فيُنصح سرًا ويتجاوز عن زلته، حفظًا لمقام العلم والدعوة.
- رواه أبو داود في سننه، وحسنه بعض العلماء، وهو من الأحاديث التي تدل على فقه النبي ﷺ في التعامل مع الناس.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يوفقنا للعمل بما علمنا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
ورواه الإمام أحمد (٢٥٤٧٤) عن عبد الرحمن بن مهدي، عن عبد الملك بإسناده. ونسبه المنذريّ للنسائيّ أيضًا.
قال الأعظمي: أي في السنن الكبرى (٧٢٩٤) وقال: «وفي إسناده عبد الملك بن زيد العدوي وهو ضعيف الحديث».
قال الأعظمي: عبد الملك بن زيد وإن قال فيه أبو حاتم: ضعيف الحديث، فقد قال فيه النسائي -وهو من المتشدّدين-: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في الثقات، واعتمد الحافظ في التقريب قول النسائيّ فقال فيه: «لا بأس به». وقد حسّن هذا الحديث في بعض كتبه.
ومع هذا فإنه لم ينفرد به، بل توبع، فقد أخرج ابن حبان في صحيحه (٩٤) من وجه آخر عن أبي بكر بن نافع العمري، عن محمد بن أبي بكر، بإسناده مرفوعًا ولفظه: «أقيلوا ذوي الهيئات زلّاتِهم».
وأخرجه غيره من أوجه أخرى، ولذا لا وجه لقول ابن عدي في هذا الحديث مع حديث آخر: هذان الحديثان منكران لم يروهما غير عبد الملك».
وللحديث شواهد عن عبد اللَّه بن مسعود، وعبد اللَّه بن عمر، وزيد بن ثابت، وغيرهم، وكلّها ضعيفة.
قوله: «أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم«أي سامحوا الصّالحين من ذوي الهيئات الحسنة من أخطائهم وسيئاتهم.
وذوي الهيئات: هم أهل العلم والدّين.
قال السِّنديّ: «قيل: هم الذين لم يظهر منهم ريبة، وقيل: هم الذين لا يُعرفون، وإنّما اتفق منهم زلًة، والهيئة شكل الشيء، والمراد ذوو الهيئات الحسنة الملازمون لها، ولا ينتقلون من حالة إلى حالة، وقيل: المراد أصحاب المروءات والخصال الحميدة، وقيل: ذوو الوجوه من النّاس.
والعثرات: قيل: الصغائر. والاستثناء بقوله: «إلّا الحدود». منقطع. وقيل: الذنوب مطلقًا. والمراد بالحدود ما يوجبها من الذنوب، والاستثناء متصل.
والخطاب مع الأئمة وغيرهم ممن يستحق المؤاخذة والتأديب عليها«أنتهي.
وقد جاء في الصحيحين -البخاري (٣٨٠١)، ومسلم (٢٥١٠) - عن أنس بن مالك، عن النبيّ ﷺ في فضل الأنصار: «الأنصار كَرِشي وعَيْبتي، والناسُ سيكثرون ويقلّون، فاقبلوا من مُحسنهم وتجاوزوا عن مُسيئهم». هذا لفظ البخاريّ، ولفظ مسلم: «واعفوا عن مُسيئهم».
قوله: «كرشي» أي بطانتي وخاصتي. قال القزّاز: «ضرب المثل بالكرش؛ لأنه مستقر غذاء الحيوان الذي يكون فيه نماؤه، ويقال: لفلان كرش منثورة - أي عيال كثيرة».
و«العيبة» بفتح المهملة، وسكون المثناة بعدها موحدة: ما يحرز فيه الرجل نفيس ما عنده - يريد أنهم موضع سرّه وأمانته. قال ابن دريد: «هذا من كلامه ﷺ الموجز الذي لم يُسبق إليه». انظر الفتح (٧/ ١٢١).
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 122 من أصل 207 حديثاً له شرح
- 97 لم يُقَصّ في زمن النبي ولا أبي بكر ولا عمر...
- 98 إذا سمعتم الحديث عني تعرفُه قلوبُكم وتلينُ له أشعارُكم
- 99 إن بني إسرائيل كتبوا كتابًا فاتبعوه وتركوا التوراة
- 100 الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا
- 101 يوسف نبي اللَّه ابن نبي اللَّه ابن خليل اللَّه
- 102 خيار الناس في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا
- 103 ليس الخبر كالمعاينة
- 104 ما كل ما نحدثكم عن رسول الله سمعناه منه
- 105 ما كل ما نحدثكموه سمعناه من رسول اللَّه
- 106 أبو ذر يتعلق بالأمر الشديد من الحديث
- 107 من حفظ شيئًا من مقام النبي ﷺ فكأنما رأى وجه...
- 108 خطبة النبي الطويلة من الفجر حتى غروب الشمس
- 109 ما تركنا رسول الله وما طائر يطير بجناحيه إلا عندنا...
- 110 يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيما فعل، وعن...
- 111 عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه
- 112 أيما رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بي، فله...
- 113 هلاك أمتي في الكتاب واللبن
- 114 خلف من بعد ستين سنة أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات
- 115 تعلّموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم
- 116 صلة الرحم محبة للأهل، ومنسأة للأجل
- 117 لا قرب بالرحم إذا قطعت وإن كانت قريبة
- 118 إن من البيان لسحرًا
- 119 إن من البيان سحرًا ومن الشعر حكمًا
- 120 البركة مع أكابركم
- 121 يُلْتَمَسُ العِلْمُ عِنْدَ الأَصَاغِرِ
- 122 أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود
- 123 تقديم الأكثر حفظا للقرآن في القبر
- 124 إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن
- 125 قوموا إلى سيدكم
- 126 توبة الله على كعب بن مالك في غزوة تبوك
- 127 فاطمة أسرع أهله لحوقا بالنبي ﷺ
- 128 إن صلّى قاعدًا فصلّوا قعودًا
- 129 من أحب أن يمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من...
- 130 ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله
- 131 من أشراط الساعة أن يقل العلم، ويظهر الجهل، ويظهر الزنا،...
- 132 بين يدي الساعة أياما يرفع فيها العلم وينزل فيها الجهل
- 133 إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ولكن يقبضه بقبض العلماء
- 134 إن الله لا ينتزع العلم انتزاعًا ولكن يقبض العلماء
- 135 يُقبض العلم وتظهر الفتن ويكثر الهرج
- 136 يذهب العلماء ويُرفع العلم
- 137 يأتي زمان يكثر القراء ويقل الفقهاء
- 138 إن الله لا ينزع العلم انتزاعًا ولكن يقبض العلماء
- 139 يُرفع العلم حتى لا ترى خاشعًا
- 140 هذا أوان يختلس العلم من الناس
- 141 من أفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه
- 142 ضربوا كتاب اللَّه بعضه ببعض، وإنما نزل كتاب اللَّه يصدق...
- 143 المِراءُ في القرآن كفر
- 144 فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمّى...
- 145 اقرأوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم
- 146 من كان قبلكم اختلفوا فأهلكهم
معلومات عن حديث: أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود
📜 حديث: أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








