حديث: لما انصرف المشركون عن أحد قالوا لا محمدا قتلتموه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٢)﴾

عن ابن عباس قال: لما انصرف المشركون عن أحد، وبلغوا الروحاء قالوا: لا محمدا قتلتموه، ولا الكواعب أردفتم، وبئس ما صنعتم ارجعوا. فبلغ ذلك رسول اللَّه ﷺ فندب الناس فانتدبوا حتى بلغوا حمراء الأسد وبئر أبي عِنَبَة، فأنزل اللَّه تعالى: ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ﴾.
وقد كان أبو سفيان قال للنبي ﷺ: موعدك موسم بدر حيث قتلتم أصحابنا، فأما الجبان فرجع، وأما الشجاع فأخذ أهبة القتال والتجارة، فلم يجدوا به أحدًا وتسوقوا، فأنزل اللَّه تعالى: ﴿فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ [آل عمران: ١٧٤].

صحيح: رواه النسائي في الكبرى (١١٠١٧) والطبراني في الكبير (١١/ ٢٤٧) كلاهما عن محمد بن منصور، عن سفيان، كلاهما عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.

عن ابن عباس قال: لما انصرف المشركون عن أحد، وبلغوا الروحاء قالوا: لا محمدا قتلتموه، ولا الكواعب أردفتم، وبئس ما صنعتم ارجعوا. فبلغ ذلك رسول اللَّه ﷺ فندب الناس فانتدبوا حتى بلغوا حمراء الأسد وبئر أبي عِنَبَة، فأنزل اللَّه تعالى: ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ﴾.
وقد كان أبو سفيان قال للنبي ﷺ: موعدك موسم بدر حيث قتلتم أصحابنا، فأما الجبان فرجع، وأما الشجاع فأخذ أهبة القتال والتجارة، فلم يجدوا به أحدًا وتسوقوا، فأنزل اللَّه تعالى: ﴿فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ [آل عمران: ١٧٤].

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن الحديث الذي طلبت شرحه يتعلق بأحداث ما بعد غزوة أحد، وهو حديث عظيم فيه من العبر والدروس ما ينبغي للمسلم أن يتأمل فيه. وسأشرحه لك جزءًا جزءًا معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

أولاً. شرح المفردات:


● انصرف المشركون: أي انسحبوا وتركوا ساحة القتال.
● الروحاء: مكان بين مكة والمدينة.
● الكواعب: جمع كاعب، وهي الفتاة الناهدة الصدر، والمقصود هنا الأسيرات.
● أردفتم: أي جعلتموهن رديفًا على الدواب خلفكم، أي لم تأسروهن.
● بئس ما صنعتم: ذمٌّ لفعلكم، أي قبح ما فعلتم.
● ندب الناس: حثَّهم ودعاهم للخروج.
● انتدبوا: استجابوا للندب وخرجوا مسرعين.
● حمراء الأسد: منطقة على بعد ثمانية أميال من المدينة.
● بئر أبي عنبة: بئر في منطقة حمراء الأسد.
● أخذ أهبة القتال: استعد واستعدادًا للحرب.
● تسوقوا: اشتروا وبيعوا في السوق.

ثانيًا. شرح الحديث:


يحدثنا ابن عباس رضي الله عنهما عن حدثٍ مهم بعد غزوة أحد، حيث انسحب المشركون بقيادة أبي سفيان بعد المعركة، فلما وصلوا إلى مكان يسمى "الروحاء" قال بعضهم لبعض: "لم تقتلوا محمدًا ﷺ، ولم تأسروا نساء المسلمين (الكواعب) لتكونوا قد حققتم نصرًا حاسمًا، فقبح ما فعلتم! ارجعوا لاستئناف القتال".
بلغ هذا الكلام رسول الله ﷺ، فدعا الناس للخروج لملاحقة المشركين وهم بعدُ مجروحون متألمون من آثار المعركة، فاستجاب الصحابة رضي الله عنهم مباشرة دون تردد، وخرجوا بسرعة حتى وصلوا إلى منطقة "حمراء الأسد".
وفي هذا الموقف، أنزل الله تعالى الآية الكريمة: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} [آل عمران: 172]، يمدح فيها هؤلاء المؤمنين الذين استجابوا لله ورسولهم رغم جراحهم وآلامهم.
ثم يذكر الحديث أن أبا سفيان كان قد قال للنبي ﷺ بعد أحد: "موعدنا موسم بدر القادم"، أي أنه يتوعد المسلمين بلقاء آخر في بدر. ولكن عندما خرج المسلمون إلى حمراء الأسد، خاف المشركون وتراجعوا، فلم يجدهم المسلمون. وقد نزلت في هذا الآية: {فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} [آل عمران: 174].

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- طاعة الله ورسوله في الشدة والرخاء: الصحابة رضي الله عنهم استجابوا للنداء رغم جراحهم وآلامهم، مما يدل على كمال إيمانهم وطاعتهم.
2- الشجاعة والإقدام: خروج المسلمين وهم في حالة ضعف لملاحقة العدو يعلّمنا أن القوة الإيمانية تتجاوز القوة المادية.
3- الحكمة النبوية في إرهاب العدو: خروج النبي ﷺ بالمسلمين جعل المشركين يخشون المواجهة، فانصرفوا دون قتال، مما حقق نصرًا معنويًا عظيمًا.
4- مدح الله للصابرين المجاهدين: الآيات نزلت تمدح هؤلاء الأبطال، مما يدل على أن الله يكرم من يضحّي في سبيله.
5- العبرة في الرد على التحديات: المسلم لا يستسلم للهزيمة، بل ينهض من جديد لمواجهة التحديات.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذه الحادثة تُعرف بـ "غزوة حمراء الأسد"، وقد حدثت في اليوم التالي لغزوة أحد.
- عدد المسلمين الذين خرجوا كان حوالي سبعمائة مقاتل، معظمهم جرحى.
- خروج المسلمين بهذه السرعة جعل أبا سفيان والمشركين يظنون أن المسلمين قد حشدوا قوة كبيرة، فآثروا الانسحاب.
- الآيات التي نزلت في هذه الواقعة هي من سورة آل عمران، وهي تُتلى إلى يوم القيامة تذكيرًا بفضل هؤلاء الصحابة.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستجيبون لنداء faith ويضحون في سبيله، وأن يوفقنا لاتباع سنة نبيه ﷺ والاقتداء بصحابته الكرام.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائي في الكبرى (١١٠١٧) والطبراني في الكبير (١١/ ٢٤٧) كلاهما عن محمد بن منصور، عن سفيان، كلاهما عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.
قال الهيثمي في المجمع (٦/ ١٢١): «رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن منصور الجواز، وهو ثقة».
قال الأعظمي: محمد بن منصور الجوَّاز الخزاعي ثقة، وثَّقه النسائي والدارقطني، وذكره ابن حبان في الثقات.
ولكن رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٨١٨) وغيره عن سفيان، عن عمرو، عن عكرمة، قال: هكذا مرسلًا. ولذا يرى الحافظ ابن حجر في الفتح (٨/ ٢٢٨) بأن هذا هو المحفوظ.
قال الأعظمي: محمد بن منصور ثقة، كما تقدم، وزيادة الثقة مقبولة عند جمهور أهل العلم، وحديث عائشة يشهد له.
وخلاصة القول: أن المشركين لما أصابوا ما أصابوا من المسلمين قصدوا الرجوع إلى بلادهم، ثم ندموا على فعلهم هذا، وعزموا الرجوع إلى المدينة لتدميرها. فلما بلغ ذلك رسول اللَّه ﷺ ندب المسلمين إلى الذهاب وراءهم لِيُرْعِبهم ويريهم قوة المسلمين وجلدهم، ولم يأذن لأحد
سوى من حضر الوقعة يوم أحد إلا جابر بن عبد اللَّه لما كلَّمه بأن أباه خلَّفه على أخواته السبعة، فأذن له بالخروج.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 245 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لما انصرف المشركون عن أحد قالوا لا محمدا قتلتموه

  • 📜 حديث: لما انصرف المشركون عن أحد قالوا لا محمدا قتلتموه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لما انصرف المشركون عن أحد قالوا لا محمدا قتلتموه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لما انصرف المشركون عن أحد قالوا لا محمدا قتلتموه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لما انصرف المشركون عن أحد قالوا لا محمدا قتلتموه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب