حديث: كيف يفلح قوم شجوا نبيهم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (١٢٨)﴾

عن أنس أن رسول اللَّه ﷺ كُسِرَت رباعيته يوم أحد، وشُجَّ في رأسه، فجعل يسلُت الدم عنه ويقول: «كيف يفلح قوم شجّوا نبيهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى
اللَّه؟» فأنزل اللَّه عز وجل: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾.

صحيح: رواه مسلم في الجهاد والسير (١٧٩١: ١٠٤) عن عبد اللَّه بن مسلمة بن قعنب، حدّثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، فذكره.

عن أنس أن رسول اللَّه ﷺ كُسِرَت رباعيته يوم أحد، وشُجَّ في رأسه، فجعل يسلُت الدم عنه ويقول: «كيف يفلح قوم شجّوا نبيهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى
اللَّه؟» فأنزل اللَّه ﷿: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النصي الذي ورد في صحيح مسلم وغيره، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كُسِرَت رَبَاعِيَّتُهُ يوم أُحُدٍ، وشُجَّ في رأسه، فجعل يَسْلُتُ الدم عنه ويقول: «كيف يُفْلِحُ قوم شَجّوا نَبِيَّهُمْ وَكَسَرُوا رَبَاعِيَتَهُ، وهو يَدْعُوهُمْ إلى الله؟» فأنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}.


١. شرح المفردات:


● رَبَاعِيَّتُهُ: السن التي تلي الثنية (السن الأمامي)، وهي من الأنياب. وكانت كسرها ألمًا شديدًا وحصل تشويه لوجهه الشريف.
● شُجَّ في رأسه: ضُرِبَ على رأسه فانشق وجُرح، والشجة هي الجرح في الرأس.
● يَسْلُتُ الدم: يمسح الدم ويجمعه ليزيله، من السلت وهو الإزالة والجمع.
● يُفْلِحُ: ينجح وينجوا ويظفر بالسعادة والنجاة في الدنيا والآخرة.
● شَجّوا: جرحوا وأصابوه بالشجاج (جمع شجة).
● لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ: هذه الآية من سورة آل عمران (آية 128)، ومعناها: ليس لك يا محمد من تدبير الأمر والانتقام من القوم شيء، بل الأمر كله لله تعالى يحكم فيه بما يشاء.


٢. شرح الحديث:


يصف هذا الحديث المشهد العظيم الذي جرى للنبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد، عندما انقلب tide المعركة بسبب مخالفة الرماة لأمره، فتعرض صلى الله عليه وسلم لهجوم شرس من كفار قريش.
● الحدث التاريخي: في غزوة أحد، تعرض الرسول صلى الله عليه وسلم لأذى جسدي بالغ؛ كُسرت سنه المباركة، وشُج رأسه حتى دخلت حلقتان من حلق المغفر (الخوذة) في وجنته، وسال الدم الكريم على وجهه.
● قول النبي صلى الله عليه وسلم: وهو يمسح الدم عن وجهه، يتعجب من حال القوم الذين يعادون من جاء لهدايتهم، فيقول: «كيف يفلح قوم شجوا نبيهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى الله؟». هذا القول ليس شكوى من القضاء والقدر، بل هو تعجب من حماقتهم وقسوة قلوبهم، وإظهار لعظم جرمهم حيث يعادون من جاء رحمةً لهم.
● نزول الآية: فأنزل الله تعالى ردًا على هذا التعجب: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}، أي أن النصر والهزيمة، والانتقام والعفو، والهداية والضلال، كلها بيد الله تعالى وحده. فهو الذي يتولى أمر عباده ويحكم بينهم بحكمته البالغة. وكان في هذا تسلية وتثبيتًا لقلب النبي صلى الله عليه وسلم، وتذكيرًا له بأن النتائج بيد الله، وواجبه هو البلاغ فحسب.


٣. الدروس المستفادة والعبر:


1- الصبر على الأذى في سبيل الدعوة: الموقف أعظم درس في الصبر على الأذى الذي يلحق الداعية. فالنبي صلى الله عليه وسلم تحمل الألم والجراح وهو صابر محتسب.
2- اليقين بأن العاقبة لله تعالى: الآية تذكر الدعاة بأن النتائج ليست بأيديهم، بل بيد الله. فمهما بلغ الأذى، فإن مهمة الداعي هي البلاغ المبين، والله يتولى الحساب والجزاء.
3- عظمة الجرم الذي ارتكبه الكفار: حيث تجرأوا على إيذاء شخص النبي صلى الله عليه وسلم، مما يدل على قسوة قلوبهم وعدم استعدادهم للهداية.
4- التسليم لقضاء الله وقدره: حتى في أقسى اللحظات وأصعبها، كان النبي صلى الله عليه وسلم يسلم لأمر الله، فجاءت الآية لتؤكد هذا المعنى وتوطده.
5- مكانة النبي صلى الله عليه وسلم: الحديث يظهر شفقة النبي على قومه ورغبته في هدايتهم، حتى بعد كل هذا الأذى، فهو لا يزال يدعوهم إلى الله.


٤. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، والإمام البخاري بمعناه.
- استشهد به العلماء في باب الصبر على الأذى، وفي أبواب العقيدة المتعلقة بالقضاء والقدر.
- كان هذا الأذى سببًا في زيادة محبة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم وغيرة عليهم، ومما روي أن سعد بن أبي وقاص قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني السهم الذي لا نصل له فأرمي به"، تعبيرًا عن حمايته والدفاع عنه.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يوفقنا للصبر على الأذى في سبيله كما صبر نبيه صلى الله عليه وسلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الجهاد والسير (١٧٩١: ١٠٤) عن عبد اللَّه بن مسلمة بن قعنب، حدّثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، فذكره.
وذكره البخاري في المغازي (٤٠٦٨) معلقا عن حميد وثابت، عن أنس به.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 237 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كيف يفلح قوم شجوا نبيهم

  • 📜 حديث: كيف يفلح قوم شجوا نبيهم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: كيف يفلح قوم شجوا نبيهم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: كيف يفلح قوم شجوا نبيهم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: كيف يفلح قوم شجوا نبيهم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب