حديث: عن اليهود الذين قالوا إن الله فقير

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (١٨١)﴾

عن ابن عباس قال: أتت اليهود محمدا ﷺ حين أنزل اللَّه: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ [البقرة: ٢٤٥] فقالوا: أفقير ربك يسأل عباده القرض؟ فأنزل اللَّه تعالى: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ﴾ الآية.

حسن: رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٨٢٨) عن أحمد بن القاسم بن عطية، ثنا أحمد بن عبد الرحمن، حدثني أبي، عن أبيه، ثنا الأشعث بن إسحاق، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره.

عن ابن عباس قال: أتت اليهود محمدا ﷺ حين أنزل اللَّه: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ [البقرة: ٢٤٥] فقالوا: أفقير ربك يسأل عباده القرض؟ فأنزل اللَّه تعالى: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ﴾ الآية.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله، خاتم النبيين وإمام المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن الحديث الذي أشرتم إليه حديث عظيم، ورد في سياق الرد على شبهات اليهود وتكذيبهم لآيات الله تعالى، وسأشرحه لكم شرحًا وافيًا بحسب الطلب، معتمدًا على كلام أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة.

الحديث ومصدره:


هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والحاكم في مستدركه، والبيهقي في دلائل النبوة، وغيرهم، عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهو حديث صحيح بشواهده.

شرح المفردات:


● "أتت اليهود محمدًا ﷺ": أي جاءت جماعة من يهود المدينة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
● "حين أنزل الله: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾": أي في الوقت الذي نزلت فيه هذه الآية الكريمة من سورة البقرة.
● "أفقير ربك يسأل عباده القرض؟": استفهام استنكاري بمعنى: هل ربك فقير حتى يطلب من عباده أن يقرضوه؟
● "فأنزل الله تعالى: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ﴾ الآية": أي رد الله عليهم بهذه الآية التي تليها في سورة آل عمران.

شرح الحديث:


يخبرنا ابن عباس رضي الله عنهما أن اليهود – وهم من أهل الكتاب الذين كانوا في المدينة – لما سمعوا قول الله تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾، استغربوا هذا الخطاب الإلهي، وافتروا على الله افتراءً عظيمًا، حيث قالوا: "أفقير ربك يسأل عباده القرض؟"، أي: هل الله فقير حتى يحتاج إلى قرض العباد؟ تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.
فكان رد الله تعالى عليهم سريعًا وحاسمًا، حيث أنزل قوله: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾ [آل عمران: 181].
ففي هذه الآية:
﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا﴾: تهديد ووعيد، حيث أخبر أن سمعه قد أحاط بقولهم.
﴿إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ﴾: هذا هو قولهم الكفري الذي اقترفوه.
﴿سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا﴾: أي سنجازيهم على هذا القول الباطل.
﴿وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾: وهذا من جملة ذنوبهم وكفرهم.
﴿وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾: وعيد لهم بعذاب النار.

الدروس المستفادة من الحديث:


1- عظمة الله تعالى وتنزيهه عن النقص: فالله غني عن العالمين، ولا يحتاج إلى أحد، بل الجميع محتاج إليه، وقوله: ﴿يُقْرِضُ اللَّهَ﴾ من باب التشريف والتكريم للعبد، حيث جعل الصدقة قرضًا لله يجزيه عليه أحسن الجزاء.
2- كمال علم الله وإحاطته: حيث سمع قولهم وأحاط به، ولم يخف عليه شيء.
3- الرد على أهل الباطل والشبهات: يجب الرد على الشبهات التي يثيرها الكفار والمنافقون، والرد يكون بالحجة والبرهان.
4- خطورة القول على الله بغير علم: فقد توعد الله الذين يفترون عليه الكذب، وهذا وعيد شديد.
5- بيان سوء أدب اليهود وقلة عقولهم: حيث فهموا الخطاب الإلهي فهمًا ماديًا قاصرًا، ولم يفهموا المعنى المجازي التشريفي في القرض.
6- أن القرآن يرد على المشككين في عصر النبوة: وهذا دليل على أن القرآن نزل محاجة للكافرين.

معلومات إضافية مفيدة:


- معنى "القرض الحسن" في الآية: هو الصدقة والإنفاق في سبيل الله، حيث جعل الله هذا الإنفاق كالقرض الذي يرده مضاعفًا، كما في قوله: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ﴾ [البقرة: 261].
- هذه القصة من دلائل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أنزل الله ردًا على كلام اليهود في الحال، مما يدل على أن القرآن من عند الله.
- يستفاد من الحديث أهمية فهم كلام الله تعالى وفق قواعد اللغة العربية وأصول التفسير، وعدم تحميل النصوص ما لا تحتمل.
أسأل الله تعالى أن ينفعنا بالقرآن العظيم، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٨٢٨) عن أحمد بن القاسم بن عطية، ثنا أحمد بن عبد الرحمن، حدثني أبي، عن أبيه، ثنا الأشعث بن إسحاق، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره.
وإسناده حسن من أجل الأشعث بن إسحاق وهو ابن سعد بن مالك بن هانئ الأشعري القمي.
وجعفر هو ابن أبي المغيرة مختلف فيه غير أنه حسن الحديث إذا لم يخطئ.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 249 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عن اليهود الذين قالوا إن الله فقير

  • 📜 حديث: عن اليهود الذين قالوا إن الله فقير

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: عن اليهود الذين قالوا إن الله فقير

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: عن اليهود الذين قالوا إن الله فقير

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: عن اليهود الذين قالوا إن الله فقير

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب