حديث: كل من مال يتيمك غير مسرف

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (٦)﴾

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رجلا سأل النبي ﷺ فقال: ليس لي مال، ولي يتيم؟ فقال: «كل من مال يتيمك غير مسرف» أو قال: «ولا تفدي مالك بماله» شك حسين.

حسن: رواه أبو داود (٢٨٧٢) والنسائي (٦/ ٢٥٦) وابن ماجه (٢٧١٨) وأحمد (٦٧٤٧) كلهم من حديث حسين بن ذكوان المعلم، حدثني عمرو بن شعيب، فذكره.

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رجلا سأل النبي ﷺ فقال: ليس لي مال، ولي يتيم؟ فقال: «كل من مال يتيمك غير مسرف» أو قال: «ولا تفدي مالك بماله» شك حسين.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يفتح لنا أبواب فضله وكرمه، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين وارض عنا يا أكرم الأكرمين.
هذا حديثٌ عظيمٌ من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يتعلق بمسألة مهمة من مسائل رعاية الأيتام وأموالهم، وسأشرحه لك على النحو التالي:
### أولاً. تخريج الحديث ومصدره
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، والدارقطني وغيرهم. وإسناده فيه خلاف بين المحدثين، ولكن العمل به قائم لدى الفقهاء لكثرة طرقه وشواهده.
### ثانياً. شرح المفردات
* ليس لي مال: أي أن السائل فقير لا يملك ما ينفقه على نفسه.
* ولي يتيم: أي لديَّ طفل صغير تحت كفالتي وقد مات أبوه، وهو ما يسمى (يتيمًا).
* كل من مال يتيمك: الأمر بالأكل والانتفاع من مال اليتيم.
* غير مسرف: الإسراف هو مجاوزة الحد في الإنفاق، وهو التبذير والتجاوز للحد المعتاد والضروري.
* (ولا تفدي مالك بماله): هذه رواية شك فيها الراوي (حسين، وهو ابن ذكوان المعلم)، والمعنى: لا تجعل مالك الذي أنفقه على اليتيم بدلاً عن ماله، أي لا تستبدل ماله بمالك فتأخذ منه بدل ما أنفقت.
### ثالثاً. شرح الحديث
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو فقير معدوم، لكنه يكفل يتيماً له مال (ورثه من أبيه). فسأل النبي: كيف أصنع؟ فإني فقير ولي يتيم عنده مال.
فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم أن يأكل من مال هذا اليتيم بقدر حاجته، بشرط ألا يكون في أكله هذا إسراف أو تبذير، بل يأكل بقدر ما يحتاج فقط من غير زيادة.
والرواية الثانية التي شك فيها الراوي توضح ضابطاً آخر مهماً، وهو أن هذا الأكل هو في مقابل النفقة والكفالة، وليس مقايضة أو استبدالاً، فلا يقول الوصي: "أنفقت على اليتيم كذا، فسآخذ من ماله كذا"، بل ينفق أولاً ثم يأكل بقدر حاجته من غير تحديد مقابل.
### رابعاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث
1- جواز أكل الوصي من مال اليتيم: إذا كان فقيراً لا يجد ما ينفقه على نفسه، جاز له أن يأكل من مال اليتيم الذي تحت كفالته بقدر حاجته فقط.
2- تحريم الإسراف في مال اليتيم: النهي عن الإسراف نهيٌ صريح، وهو يشمل كل تجاوز للحد المعتاد في الأكل والشرب واللباس، وليس فقط في الانتفاع.
3- ضابط الانتفاع هو الحاجة لا الترفه: المقصود هو سد حاجة الكافل، وليس التمتع أو التوسع في النفقات.
4- النية والضمير: المسألة تعتمد كثيراً على تقوى الله ومراقبته، فالكافل أمين على مال اليتيم، وعليه أن يتقي الله فيه.
5- رفع الحرج عن كافل اليتيم: من حكمة الشريعة أنها راعت ظروف الكافل الفقير، فلم تلزمه بالنفقة من غير مقابل، حتى لا تكون كفالة اليتيم عبئاً عليه فيتخلى عنها.
6- تفاضل أنواع الأكل: أجاز الفقهاء للكافل أن يأكل بالمعروف، والأفضل أن يكون أكله من مال اليتيم في حال الضرورة أو الحاجة الشديدة، وأن يتحرى أطيب المال وأنفعه إذا اضطر للأكل.

خامساً:

معلومات إضافية
* هذا الحكم خاص بكافل اليتيم الفقير، أما الغني فليس له أن يأكل من مال اليتيم إلا بإذن من القاضي أو ولي الأمر إذا رأى مصلحة في ذلك.
* يستحب للكافل الذي يأكل من مال اليتيم أن يحفظ له ما أنفقه ويُحصيه ليعوضه إذا استغنى، وهذا من كمال الأمانة.
* هذا الحديث يندرج تحت القاعدة الفقهية العظيمة: "الضرورات تبيح المحظورات"، فالحاجة هنا أباحت الانتفاع بمال الغير (اليتيم) الذي هو في الأصل محرم.
أسأل الله أن يرزقنا الأمانة والرحمة بالضعفاء، وأن يجعلنا ممن يقومون بحقوق الأيتام خير قيام.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٨٧٢) والنسائي (٦/ ٢٥٦) وابن ماجه (٢٧١٨) وأحمد (٦٧٤٧) كلهم من حديث حسين بن ذكوان المعلم، حدثني عمرو بن شعيب، فذكره. واللفظ لأحمد.
وإسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب.
وقوله: «لا تفدي مالك بماله» أي: لا تبقي مالك بصرف ماله في محل ينبغي فيه أن تصرف مالك.
واختلف أهل العلم في رد ما أخذه والي اليتيم إذا أيسر له، فالصحيح أنه لا يجب عليه رد ما أخذه إذا صار غنيا لأنه أخذه أجرة على عمله، إلا أن يشاء فله ذلك، كما جاء عن عمر بن الخطاب أنه قال: إني أنزلت نفسي من هذا المال بمنزلة والي اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن احتجت استقرضت، فإذا أيسرت قضيت. رواه البيهقي.
وقال ابن عباس: يأكل والي اليتيم من مال اليتيم قوته، ويلبس منه ما يستره، ويشرب فضل اللبن، ويركب فضل الظهر، فإذا أيسر قضى، وإن أعسر كان في حل. رواه البيهقي.
لأننا إذا قلنا بوجوب الرد ففيه تعطيل مصالح اليتيم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 265 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كل من مال يتيمك غير مسرف

  • 📜 حديث: كل من مال يتيمك غير مسرف

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: كل من مال يتيمك غير مسرف

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: كل من مال يتيمك غير مسرف

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: كل من مال يتيمك غير مسرف

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب