حديث: وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (١٠٠)

عن ابن عباس قال: كانت بين الأوس والخزرج حرب في الجاهلية، فبينما هم يومًا جلوسا إذ ذكروا ما بينهم حتى غضبوا، فقام بعضهم إلى بعض بالسلاح، فنزلت: ﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ﴾.

حسن: رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٧٢٠) عن الحسين بن السكن، ثنا أبو زيد النحوي، أنبأ قيس بن الربيع، عن الأغر بن الصباح، عن خليفة بن حصين، عن أبي نصر، عن ابن عباس، فذكره.

عن ابن عباس قال: كانت بين الأوس والخزرج حرب في الجاهلية، فبينما هم يومًا جلوسا إذ ذكروا ما بينهم حتى غضبوا، فقام بعضهم إلى بعض بالسلاح، فنزلت: ﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ﴾.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي ذكر يرويه الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وهو حديث صحيح رواه الإمام أحمد في مسنده وغيره.
أولاً: شرح المفردات:
● الأوس والخزرج: هما قبيلتان من قبائل الأنصار في المدينة المنورة، وكانوا يُسمَّوْن قبل الإسلام "بني قيلة".
● حرب في الجاهلية: أي قبل الإسلام، وكانت بينهم حروب طويلة أخرها "حرب بُعاث".
● تتلى عليكم آيات الله: يُقرأ عليكم القرآن الكريم.
● وفيكم رسوله: أي بين أظهركم، تعيشون معه وتشهدون بعثته.
ثانياً: شرح الحديث:
يخبرنا ابن عباس رضي الله عنهما عن قصة وقعت في المدينة بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم. فقد اجتمعت قبيلتا الأوس والخزرج -اللتان صارتا تحت لواء الإسلام وأصبحتا إخوة في الله- وكانوا يذكرون أيام الجاهلية وحروبها، حتى ثارت أحقاد الماضي، وتذكر كل فريق ما كان من الآخر، فاشتد الغضب بينهم، وهمّوا بالقتال وأخذوا السلاح.
ففي هذه اللحظة الحرجة، حين كادت الفتنة أن تقع بين المسلمين، نزلت هذه الآية الكريمة من سورة آل عمران: ﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ﴾ [آل عمران: 101].
فكانت هذه الآية كالصاعقة على رؤوسهم، أيقظتهم من غفلتهم، وذكَّرتهم بنعمة الله عليهم، فما كان منهم إلا أن ألقوا السلاح من أيديهم، وأخذوا يبكون ويعتذر بعضهم إلى بعض، ويتصافون ويتصالحون.
ثالثاً: الدروس المستفادة والعبر:
1- قوة تأثير القرآن: ينزل القرآن في اللحظة المناسبة ليعالج الواقع، ويهدي القلوب، ويصلح الأحوال، فهو ليس مجرد كلمات تُتلى، بل هو موعظة وهدى ورحمة.
2- خطورة أحقاد الجاهلية: يحذر الحديث من إحياء روح الجاهلية والعصبية القبلية، ومن تذكر الماضي الأليم الذي يثير العداوة ويُفسد الأخوة الإيمانية.
3- نعمة الصحبة النبوية: يبين الحديث عظمة النعمة التي كانوا فيها، حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم، يسمعون كلامه ويقتدون به، فكيف يليق بهم مع هذه النعمة العظيمة أن يقعوا في ما يغضب الله؟
4- سرعة رجوع المؤمن: من أعظم صفات المؤمن أنه سريع الرجوع إلى الحق، فلم يتمادوا في غيهم، بل كما ذكر ابن عباس: "فتركوه وقاموا وأخذ بعضهم برأس بعض"، فاعترفوا بخطئهم وتراجعوا فوراً.
5- التحذير من الغضب: الغضب هو جمرة من الشيطان توقع الإنسان في الندم، وقد كاد أن يوقع هاتين القبيلتين في كارثة، فالعبرة في كظم الغيظ والعفو عند المقدرة.
رابعاً: معلومات إضافية مفيدة:
- هذه الحادثة من أعظم الأدلة على أن الصحابة رضوان الله عليهم بشر، قد يخطئون، ولكنهم سرعان ما يتوبون ويندمون ويصلحون، وهم القدوة في الرجوع إلى الحق.
- الآية نزلت توبيخاً وعتاباً لهم على ما همّوا به، وهو بمثابة الكفر بالنعمة، ولهذا استُعير له لفظ "الكفر" في الآية، قال المفسرون: "أي كيف تكفرون النعمة".
- هذه القصة تذكرنا بقوله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾ [آل عمران: 103]. فكانت هذه الآية التي تلي الآية المذكورة في الحديث مباشرة هي العلاج والشفاء من تلك الفتنة.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يحفظ علينا ديننا ويؤلف بين قلوبنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٧٢٠) عن الحسين بن السكن، ثنا أبو زيد النحوي، أنبأ قيس بن الربيع، عن الأغر بن الصباح، عن خليفة بن حصين، عن أبي نصر، عن ابن عباس، فذكره.
وإسناده حسن، قيس بن الربيع الغالب عليه الضعف؛ لأن ابنه أدخل عليه ما ليس من حديثه، فحدَّث به، ولكن رواه الطبراني في الكبير (١٢/ ٩٩) من وجه آخر عن سفيان الثوري، عن الأغر نحوه، فالظاهر أن هذا الحديث لم يغلط فيه قيس بن الربيع.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 226 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ

  • 📜 حديث: وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب