حديث: نهى رسول الله ﷺ عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن.

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٣)﴾

عن أبي مسعود الأنصاري أنّ رسول الله ﷺ نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن.

متفق عليه: رواه مالك في البيوع (٦٨) عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبي مسعود الأنصاري، فذكره.

عن أبي مسعود الأنصاري أنّ رسول الله ﷺ نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا، مستندًا إلى كلام أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة.

الحديث:


عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ».
(رواه البخاري ومسلم وغيرهما)

### أولاً. شرح المفردات
* نهى: أي حرّم وأمر بالترك والاجتناب.
* ثمن الكلب: الثمن هو المال المأخوذ في مقابل البيع. وثمن الكلب هو المال الذي يُؤخذ مقابل بيع كلب.
* مهر البغي: المهر هو الصداق الذي يُعطى للمرأة عند الزواج. والبغي هي الزانية التي تمارس الفحشاء مقابل المال.
* حلوان الكاهن: الحلوان في الأصل هو العطية أو الهبة التي تُعطى على سبيل المكافأة والرضا. والكاهن هو الذي يدعي معرفة الغيب والكشف عن المسروقات والمغيبات.

### ثانيًا. شرح الحديث
يُبيّن النبي ﷺ في هذا الحديث ثلاثة أنواع من الأموال التي هي من كسب السحت والخبث، ويحرم أخذها أو التعامل بها، لأنها قائمة على محرم أو تؤدي إليه.
1- ثمن الكلب: نهى النبي ﷺ عن أخذ ثمن بيع الكلب. واختلف العلماء في علة هذا النهي:
* الرأي الأول (وهو الأرجح): أن الكلب ليس من الطيبات، وهو نجس غالبًا، وليس من الأمور المباحة التي يُبتغى نفعها في الأصل إلا لضرورة (كالصيد أو الحراسة أو الزرع)، فبيعه واتخاذ ثمن منه هو أكل للمال بالباطل.
* الرأي الثاني: النهي خاص بالكلب الذي لا حاجة إليه، كالكلب الذي يُربى للزينة أو اللهو، أما الكلب المخصص للصيد أو حراسة الماشية أو الزرع فقد رخص بعض العلماء في بيعه وأخذ ثمنه، واستدلوا بأحاديث أخرى.
* والحكمة من النهي: سدّ الذرائع إلى إنفاق المال في غير منفعة حقيقية مشروعة، والتشديد في النهي عن التعامل بما هو نجس أو قذر.
2- مهر البغي: وهو المال الذي تأخذه المرأة مقابل الزنا. وهذا المال حرام بإجماع العلماء، لأنه ثمن لعمل محرم ومقابل لفاحشة. وهو من أشد أنواع الأموال الخبيثة، لأنه يجمع بين إثم أكل المال بالباطل وإثم الإعانة على الإثم والعدوان. فالأجرة على المعصية والمعاونة عليها محرمة.
3- حلوان الكاهن: وهو المال الذي يُعطى للكاهن أو العراف أو الدجال مقابل ادعائه معرفة الغيب أو الكهانة. وهذا محرم لعدة أسباب:
* أولاً: لأنه أجر على كذب وادعاء باطل، والكاهن كذاب بلا شك، كما قال ﷺ: «مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ».
* ثانيًا: لأنه إعانة له على ضلاله وكفره، وتشجيع له على الاستمرار في إضلال الناس.
* ثالثًا: لأن فيه تعاطيًا مع أسباب الشرك، فالذي يذهب إلى الكاهن ويصدقه يكون قد رضي بمنازعة الله في علم الغيب.

### ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر
1- تنقية الكسب والمطعم: يحرص الإسلام على تنقية أموال المسلمين ومكاسبهم من كل خبث، فكما أن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، فإن المسلم مأمور بأن يطلب الرزق الحلال الطيب.
2- تحريم الإعانة على الإثم: يحرم الإسلام كل طريق يؤدي إلى الإعانة على المعصية، سواءً بالمال أو بالقول أو بالفعل. فإعطاء المال للزانية أو الكاهن هو إعانة صريحة على نشر الفاحشة والضلال.
3- سد الذرائع: نهى الشارع عن أمور قد تكون في ظاهرها مباحة ولكنها تؤدي إلى محرم أو تكون ذريعة إليه. فبيع الكلب (إذا لم يكن للضرورة) قد يؤدي إلى الإسراف وتربية ما لا فائدة فيه.
4- الحفاظ على العقيدة: النهي عن حلوان الكاهن هو حماية لعقيدة المسلم من الانحراف والشرك، وتأكيد على أن علم الغيب لله وحده.
5- النهي عن إضاعة المال: الإسلام يحرم إضاعة المال وإنفاقه في غير وجهه المشروع، وثمن الكلب من مصاديق إضاعة المال إذا لم تكن هناك حاجة مشروعة.

### رابعًا. معلومات إضافية
* هذا الحديث من الأحاديث التي تدخل في باب "سَدِّ الذَّرَائِع"، وهو أصل عظيم في الشريعة الإسلامية يقتضي منع ما يُفضي إلى الحرام.
* ذهب جمهور العلماء (الحنفية والمالكية والشافعية) إلى تحريم ثمن الكلب مطلقًا، بينما ذهب الحنابلة إلى التفصيل (يحرم بيعه إلا لكلب الصيد أو الحراسة أو الماشية).
* هذه الأموال إذا حصلت للإنسان يجب عليه التوبة منها وردها إلى أصحابها إن أمكن، فإن تعذر ذلك يتخلص منها بالتصدق بها، على أن لا يأخذ أجرًا على ذلك الصدق، بل تكون كفارة عن ذنبه في أخذها.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في البيوع (٦٨) عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبي مسعود الأنصاري، فذكره.
ورواه البخاري في البيوع (٢٢٣٧)، ومسلم في المساقاة (٣٩: ١٥٦٧) كلاهما من طريق مالك به.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1022 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نهى رسول الله ﷺ عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن.

  • 📜 حديث: نهى رسول الله ﷺ عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن.

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: نهى رسول الله ﷺ عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن.

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: نهى رسول الله ﷺ عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن.

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: نهى رسول الله ﷺ عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن.

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب