حديث: لا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٣)﴾

عن جابر قال: جاءت مسيكة - أمة لبعض الأنصار - فقالت: إن سيدي يُكرِهني على البغاء، فنزل في ذلك: ﴿وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ﴾.

حسن: رواه أبو داود (٢٣١١)، والنسائي في الكبرى (١١٣٠١)، والحاكم (٢/ ٣٩٧) كلهم من طريق ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابرا يقول: فذكره.

عن جابر قال: جاءت مسيكة - أمة لبعض الأنصار - فقالت: إن سيدي يُكرِهني على البغاء، فنزل في ذلك: ﴿وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ﴾.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإني أقدم لكم شرحًا لهذا الحديث النافع، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:


عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: جاءت مسيكة - أمة لبعض الأنصار - فقالت: إن سيدي يُكرِهني على البغاء، فنزل في ذلك: ﴿وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ﴾.
(أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره، والطبري في تفسيره، والحاكم في المستدرك، وقال: صحيح الإسناد)


1. شرح المفردات:


● مسيكة: اسم امرأة، وهي أمة (جارية) عند أحد الأنصار. وقيل إن اسمها يدل على ضآلة الشأن، مما يعكس وضعها المُهان.
● أمة: جارية مملوكة.
● يُكرِهني: يجبرني ويضغط عليّ قسرًا ضد إرادتي.
● البغاء: الفاحشة والزنا.
● فَتَيَاتِكُمْ: إماؤكم وجواريكم المملوكات. والفتاة في اللغة هي الأمة الشابة.


2. شرح الحديث:


سبب النزول والسياق:
يصور لنا هذا الحديث صورة حية من واقع المجتمع المدني في عصر النبوة، ويبين كيف كان القرآن يتنزل لمعالجة القضايا الاجتماعية بشكل فوري. فقد جاءت جارية (أمة) تسمى مسيكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشكو له أن سيدها (مالكها) من الأنصار يجبرها على ممارسة الفاحشة (البغاء) لكي يأخذ أجرها ويستفيد من دخلها.
فنزلت الآية الكريمة من سورة النور: ﴿وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [النور: 33].
المعنى الإجمالي:
نهى الله تعالى في هذه الآية الملاك عن إجبار إمائهم على الدعارة والفجور، حتى لو كان هدف المالك هو الكسب المادي الدنيوي ("عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا"). والآية تحمل في طياتها إعلاءً لكرامة الإنسان، حتى لو كان عبدًا أو أمة، وتؤكد على حرمة جسده وعرضه.
شرح الآية المرتبطة بالحديث:
﴿إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا﴾: أي إذا رغبن في العفة والطهارة ورفضن عمل الفاحشة. وهذا شرط مهم، فالأصل في الإنسان العفة، والإكراه هنا يناقض هذه الإرادة الفطرية.
﴿لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾: بيان لسبب هذا الإكراه القبيح، وهو طلب المتاع الزائل من المال في هذه الدنيا.
﴿وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾: هذه الجملة موجهة للفتيات المُكرهات. فهي تبشرهن بأن الله غفور رحيم، وأن الإثم على المكرِه، وأنهن معذورات في حالة الإكراه، مما يزيل عنهن وحشة الذنب وخوف العقاب.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- رفع الظلم وحماية الكرامة الإنسانية: الإسلام يساوي بين الناس في الحقوق الأساسية كالعرض والدماء. فلا يحق لأحد، حتى لسيد، أن ينتهك كرامة إنسان آخر حتى لو كان مملوكًا له.
2- تحريم الإكراه على المعاصي: يحرم الإسلام إكراه أي شخص على فعل معصية، سواء كانت بغاء أو غيرها. فالإيمان قائم على الاختيار والرضا، لا على الإجبار والقسر.
3- العدل والرحمة مع الخدم والضعفاء: الحديث والآية يأمران بالرفق بالخدم والعبيد ومعاملتهم معاملة إنسانية، فهم ليسوا مجرد أدوات للكسب.
4- القرآن واقعي وحكيم: نزول الآية بسبب شكوى أمة ضعيفة يدل على كيف أن التشريع الإسلامي جاء ليواجه مشاكل المجتمع الواقعية ويحلها، ويستمع لأصغر أفراده وأكثرهم ضعفًا.
5- بيان سبب النزول: فهم أسباب نزول الآيات (Asbab al-Nuzul) يساعد في استيعاب مقاصد التشريع بشكل أعمق وأدق.
6- التشريع التدريجي: هذه الآية كانت خطوة في طريق تحرير الرقيق وإلغاء هذه الظاهرة، حيث حرمت أحد أسوأ أشكال استغلالهم، وهو استغلال أعراضهم.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من الأحاديث التي تسمى "أحاديث أسباب النزول"، وهي مهمة جدًا لفهم القرآن.
- الفقهاء استنبطوا من هذه الآية والحديث أن الإنسان إذا أُكره على فعل معصية (ما لم تكن كفرًا) فإنه معذور ولا إثم عليه، والإثم يقع على المكرِه.
- القصة يظهر موقف النبي صلى الله عليه وسلم العدل، حيث فتح بابه للجميع، القوي والضعيف، الحر والعبد، ليستمع إلى شكواهم وينصر المظلوم
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٣١١)، والنسائي في الكبرى (١١٣٠١)، والحاكم (٢/ ٣٩٧) كلهم من طريق ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابرا يقول: فذكره.
وإسناده حسن من أجل أبي الزبير، فإنه حسن الحديث.
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم».
وفي معناه ما روي عن ابن عباس في قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ﴾ قال: نزلت في عبد الله بن أبي، كانت عنده جارية، فكان يُكرهها على الزنا، فأنزل الله تبارك وتعالى: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
رواه البزار في مسنده (٥١٢٠) عن إسحاق بن شاهين الواسطي، قال: نا خالد بن عبد الله، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره.
وفي إسناده عطاء بن السائب، وكان اختلط. وقد روى عنه خالد الطحان بعد اختلاطه.
ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٨/ ٢٥٨٩)، والطبراني في الكبير (١١/ ٢٨٤) كلاهما من طريق سليمان بن داود، ثنا سليمان بن معاذ، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كانت لعبد الله بن أبي جارية تزني في الجاهلية، فلما حرّم الزنى قال: ألا تزنين؟ . قالت: لا، والله لا أزني أبدا، فنزلت: ﴿وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ﴾.
وفي الإسناد سماك بن حرب، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وهذه منها.
وفي الآية الكريمة نهي عن إجبار الإماء على الفواحش للكسب، فإنه حرام، كما جاء في الصحيح

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1020 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ

  • 📜 حديث: لا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب