حديث: فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٧)﴾

عن سعد بن أبي وقاص، قال: قلت: يا رسول الله! أيُّ الناس أشد بلاءً؟ قال: «الأنبياء، ثمَّ الأمثل، فالأمثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صُلبًا اشتدَّ بلاؤه، وإن كان في دينه رقَّة ابتُلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتَّى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة».

حسن: رواه الترمذي (٢٣٩٨)، وابن ماجه (٤٠٢٣)، وأحمد (١٤٨١)، وصحّحه ابن حبان (٢٩٠٠) كلهم من طريق حماد بن زيد، عن عاصم، عن مصعب بن سعد، عن أبيه سعد بن أبي وقاص، فذكره.

عن سعد بن أبي وقاص، قال: قلت: يا رسول الله! أيُّ الناس أشد بلاءً؟ قال: «الأنبياء، ثمَّ الأمثل، فالأمثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صُلبًا اشتدَّ بلاؤه، وإن كان في دينه رقَّة ابتُلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتَّى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه. هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يشرح حكمة الله تعالى في ابتلاء عباده.

الحديث بلفظه:


عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله! أيُّ الناس أشد بلاءً؟ قال: «الأنبياء، ثمَّ الأمثل، فالأمثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صُلبًا اشتدَّ بلاؤه، وإن كان في دينه رقَّة ابتُلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتَّى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة».
رواه الإمام الترمذي في سننه، وقال: حديث حسن صحيح.


شرح المفردات:


● أشد بلاءً: أكثر الناس اختباراً وامتحاناً بالمصائب والمكاره.
● الأمثل: الأفضل والأكمل (جمع مَثَل، أي المثل الأعلى في الخير والصلاح). وقيل: يعني الصالحين بعد الأنبياء، ثم الذين يلونهم في الفضل.
● صُلبًا: قوياً ومتيناً ثابتاً لا يضعف أمام الشدائد.
● رقَّة: ضعفاً وهشاشة.
● ما يبرح: لا يزال ولا يفارق.
● حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة: حتى يخرج منه نقياً طاهراً من الذنوب كما تخرج الفضة من الكير نقية.


شرح الحديث:


يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث القاعدة العظيمة التي تحكم الابتلاء في الدنيا، وهي أن مقدار البلاء مرتبط بمقدار الإيمان والصلاح في قلب العبد.
1- الأنبياء أشد بلاءً: أعلى مراتب الصبر وأعظمها أجراً هي مرتبة الأنبياء عليهم السلام، فهم قد بلغوا الذروة في الصبر على أنواع البلاء التي لا يتصورها غيرهم؛ من التكذيب، والأذى الجسدي، والهجرة، والفقر، وغير ذلك. فنبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو سيد الصابرين، وقد لاقى من قومه ما لاقى.
2- ثم الأمثل فالأمثل: بعد الأنبياء، كلما ازداد الإنسان صلاحاً وعلوّ مرتبة عند الله، ازداد بلاؤه وامتحانه في الدنيا. فالصالحون يبتلون أكثر من غيرهم، والصالحون الأكثر صلاحاً يبتلون أكثر من غيرهم، وهكذا. وهذا ليس عقاباً، بل هو تكريم وتطهير ورفعة في الدرجات.
3- فيبتلى الرجل على حسب دينه: هذه هي القاعدة الذهبية. مقياس شدة البلاء أو خفته هو قوة إيمان العبد أو ضعفه. فصاحب الإيمان القوي المتين يتحمل بلاءً أعظم، لأنه مؤهل له، وسيصبر عليه، وسيرفع به درجاته عند الله. أما ضعيف الإيمان فيبتلى بلاءً أخف يناسب حاله، لئلا ينقطع فيسقط.
4- فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة: هنا تظهر الحكمة النهائية من الابتلاء، وهي التطهير. فالبلاء يكفّر الذنوب ويغسلها، حتى يخرج العبد من دائرة الامتحان نقياً من الذنوب، كالذهب الذي لا يخرج من النار إلا وقد تخلص من كل شائبة. فالبلاء نعمة عظيمة تُذْهِبُ السيئات.


الدروس المستفادة والعبر:


1- الابتلاء سنة إلهية: لا يسلم منه أحد، خاصة الصالحون، فلا ينبغي أن نستغرب إذا نزل بنا بلاء ونحن على طاعة.
2- البلاء علامة على محبة الله للعبد: كما في الحديث: «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ». فشدة البلاء دليل على علو المنزلة عند الله.
3- البلاء مكفر للذنوب: فهو فرصة للتطهير ورفع الدرجات، وليس عقاباً محضاً.
4- الصبر على البلاء طريق للفلاح: فالثبات على الدين عند الشدائد هو غاية الامتحان، وهو الذي يخرج العبد نقياً.
5- تفاضل الناس عند الله بالصبر والإيمان: وليس بالمال أو الجاه أو الصحة، فأعظم الناس أجراً هم أشدهم بلاءً وأحسنهم صبراً.


خلاصة:


هذا الحديث يغير نظرتنا للبلاء تماماً، من نظرة تشاؤم وسخط إلى نظرة تفاؤل وشكر. فهو يخبرنا أن الدنيا دار امتحان وابتلاء، وأن الله يختبر عباده بحسب قوة إيمانهم، ليكفر عنهم سيئاتهم ويرفع درجاتهم، حتى يلتقوا به تعالى وليس عليهم ذنب. فنسأل الله أن يجعلنا من الصابرين الشاكرين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذي (٢٣٩٨)، وابن ماجه (٤٠٢٣)، وأحمد (١٤٨١)، وصحّحه ابن حبان (٢٩٠٠) كلهم من طريق حماد بن زيد، عن عاصم، عن مصعب بن سعد، عن أبيه سعد بن أبي وقاص، فذكره.
قال الترمذي: «حسن صحيح».
قال الأعظمي: إسناده حسن فقط؛ لأنَّ عاصما وهو ابن بَهدلة، حسن الحديث.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1139 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة

  • 📜 حديث: فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب