حديث: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (١٤) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٥)﴾

عن أبي بكرة قال: قال رسول الله ﷺ: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟» قلنا: بلى يا رسول الله. قال «الإشراك بالله، وعقوق الوالدين» وكان متكئا، فجلس، فقال: «ألا وقول الزور وشهادة الزور، ألا وقول الزور وشهادة الزور» فما زال يقولها حتى قلت: لا يسكت.

متفق عليه: رواه البخاري في الأدب (٥٩٧٦)، ومسلم في الإيمان (٨٧) كلاهما من طريق سعيد الجريريّ، حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، فذكره.

عن أبي بكرة قال: قال رسول الله ﷺ: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟» قلنا: بلى يا رسول الله. قال «الإشراك بالله، وعقوق الوالدين» وكان متكئا، فجلس، فقال: «ألا وقول الزور وشهادة الزور، ألا وقول الزور وشهادة الزور» فما زال يقولها حتى قلت: لا يسكت.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يحذر فيه من أعظم الذنوب وأخطرها على الإنسان في دينه ودنياه وآخرته. وسأشرحه لك جزءاً جزءاً مستعيناً بالله، ومستنداً إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الراوي والمصدر:
الحديث رواه أبو بكرة نفيع بن الحارث الثقفي رضي الله عنه، وهو من الصحابة المشهود لهم. أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 2654، 5976، 6273) ومسلم في صحيحه (رقم 87)، وهذا مما يدل على عظم مكانته وصحته.
شرح المفردات:
* أَنْبِئُكُمْ: أخبركم.
* أكبر الكبائر: أعظم الذنوب وأكبرها إثماً عند الله تعالى.
* عُقُوق الوالدين: العقوق هو العصيان والإيذاء وقطع الإحسان، وهو ضد البر. وعقوق الوالدين يعني عصيانهما وإيذاءهما بقول أو فعل، وترك الإحسان إليهما.
* مُتَّكِئًا: متكئاً على وسادة أو جانب، في حالة استرخاء.
* فَجَلَسَ: انتقل من حالة الاتكاء إلى الجلوس معتمداً على نفسه. وهذا يدل على أهمية ما سيذكره بعده.
* قَوْل الزُّور: الزور هو الكذب والافتراء والباطل. وقول الزور هو النطق بالكذب والباطل في الحديث العادي أو في الشهادة أو في الوشاية وغيرها.
* شَهَادة الزور: أن يشهد الإنسان شهادة كاذبة يعلم أنها باطل، سواء كان ذلك في المحاكم أو في غيرها، لينصر باطلاً أو يبطل حقاً.
شرح الحديث:
1- الاستفتاح بأسلوب التنبيه: بدأ النبي صلى الله عليه وسلم كلامه بقوله: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟» وهذا أسلوب يستخدمه المعلم لجذب انتباه السامعين وشحذ أذهانهم لأمر عظيم سيبلغهم إياه، مما يدل على أهمية الموضوع وخطورته.
2- ذكر أول وأعظم الكبائر: أجاب النبي صلى الله عليه وسلم سؤاله بذكر الذنبين الأكبر على الإطلاق:
* «الإشراك بالله»: وهذا هو الكبير الأكبر، وهو أعظم الذنوب على الإطلاق لأنه ظلم عظيم، حيث يصرف العبد عبادة الخالق - الذي له كل الفضل والإحسان - إلى مخلوق مثله لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً. وهو الذنب الذي لا يغفره الله إذا مات صاحبه عليه.
* «وعقوق الوالدين»: جاء عقوق الوالدين مباشرة بعد الشرك لعظمه وخطره. وذلك لأن حق الوالدين يلي حق الله تعالى مباشرة، فبرهما من أعظم الطاعات، وعقوقهما من أقبح المعاصي والمفاسد، فهو قطع للرحم، وجحود للجميل، وتفكيك لأواصر المجتمع.
3- تغيير الهيئة للتنبيه على زيادة الأهمية: ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان متكئاً فجلس. هذا التغيير في الهيئة الجسدية (من الاتكاء إلى الجلوس) ليس عبثاً، بل هو من هديه صلى الله عليه وسلم في التعليم، حيث كان يغير هيئته لينبه السامعين إلى أهمية ما سيأتي بعده، وكأنه يقول: "انتظروا، فالأمر أعظم مما تتصورون".
4- التكرار للتأكيد والتحذير: ثم أردف صلى الله عليه وسلم متأكداًَ: «ألا وقول الزور وشهادة الزور». ثم كررها «ألا وقول الزور وشهادة الزور». والتكرار هنا للتحذير الشديد والتأكيد على عظمة هذا الذنب وخطر عواقبه. وقد بلغ من تأكيده وتكريره أنه استمر يقولها حتى قال الراوي أبو بكرة رضي الله عنه: «حتى قلت: لا يسكت»، أي تمنى الراوي أن يسكت النبي صلى الله عليه وسلم من شدة تأثره واستيعابه لخطورة ما يسمع.
الدروس المستفادة والعبر:
1- تفاضل الذنوب في الكبر: الذنوب ليست متساوية، بل منها كبائر وصغائر، وأكبر الكبائر هي ما ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث.
2- عظمة جرم الشرك: يظل الشرك هو الذنب الوحيد الذي لا يغفره الله إذا مات صاحبه غير تائب منه، وهو أس الخطايا كلها.
3- مكانة الوالدين وعظم عقوقهما: جعل النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين تالياً للشرك مباشرة، مما يوجب على المسلم أن يحرص كل الحرص على برهما وطاعتهما في غير معصية الله، ويحذر من إيذائهما ولو بكلمة "أف".
4- خطر الكذب وشهادة الزور: خص النبي صلى الله عليه وسلم "قول الزور وشهادة الزور" بهذا التحذير الشديد لأنها من الذنوب التي تهدم المجتمع وتضيع الحقوق وتسفك الدماء وتدمر الأسر. شهادة الزور خاصة من الكبائر لأنها كذب مقترن بحلف اليمين الكاذب أحياناً، يؤدي إلى ضياع حقوق العباد، والله لا يغفر حقوق العباد حتى يرضوا أو يستوفوا حقهم.
5- أسلوب النبي التعليمي: في الحديث دليل على حكمة النبي صلى الله عليه وسلم وحرصه على إيصال المعلومة بأفضل صورة، باستخدام أسلوب التشويق، وتغيير الهيئة، والتكرار للتأكيد، مما يثبت المعلومة في قلوب السامعين وأذهانهم.
6- اهتمام الصحابة بالتعلم: حرص
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الأدب (٥٩٧٦)، ومسلم في الإيمان (٨٧) كلاهما من طريق سعيد الجريريّ، حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، فذكره. واللفظ للبخاري.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1137 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟

  • 📜 حديث: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب