حديث: ثار من فراشه ووطائه إلى صلاته

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦)﴾

عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: «عجب ربنا عز وجل من رجلين: رجل ثار عن وطائه ولحافه، من بين أهله وحبّه إلى صلاته، فيقول ربنا: أيا ملائكتي، انظروا إلى عبدي، ثار من فراشه ووطائه، ومن بين حبه وأهله إلى صلاته،
رغبة فيما عندي، وشفقة مما عندي، ورجل غزا في سبيل الله عز وجل، فانهزموا، فعلم ما عليه من الفرار، وما له في الرجوع، فرجع حتى أهريق دمه، رغبة فيما عندي، وشفقة مما عندي، فيقول الله عز وجل لملائكته: انظروا إلى عبدي، رجع رغبة فيما عندي، ورهبة مما عندي، حتى أهريق دمه».

صحيح: رواه أحمد (٣٩٤٩)، وابن أبي عاصم في السنة (٥٦٩)، وصحّحه ابن حبان (٢٥٥٧، ٢٥٥٨)، والحاكم (٢/ ١١٢) كلهم من طرق عن حماد بن سلمة، أخبرنا عطاء بن السائب، عن مرة الهمدانيّ، عن عبد الله بن مسعود فذكره.

عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: «عجب ربنا ﷿ من رجلين: رجل ثار عن وطائه ولحافه، من بين أهله وحبّه إلى صلاته، فيقول ربنا: أيا ملائكتي، انظروا إلى عبدي، ثار من فراشه ووطائه، ومن بين حبه وأهله إلى صلاته،
رغبة فيما عندي، وشفقة مما عندي، ورجل غزا في سبيل الله ﷿، فانهزموا، فعلم ما عليه من الفرار، وما له في الرجوع، فرجع حتى أهريق دمه، رغبة فيما عندي، وشفقة مما عندي، فيقول الله ﷿ لملائكته: انظروا إلى عبدي، رجع رغبة فيما عندي، ورهبة مما عندي، حتى أهريق دمه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
الحديث: حديث صحيح رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، وصححه الألباني.
شرح المفردات:
* عَجِبَ رَبُّنَا: العجب هنا من صفات الأفعال، ولا يعني التعجب كعجب المخلوقين، بل هو تعجب يُليق بجلاله وعظمته، يُراد به الثناء والمدح والتفضيل لهذين العبدين.
* ثارَ: قام مسرعاً ونَهَضَ.
* وِطَائِهِ: فراشه الذي يوطَأُ ويُنام عليه.
* لِحَافِهِ: الغطاء الذي يتغطى به النائم.
* رَغْبَةً فِيمَا عِندِي: طمعاً في ثوابي وفضلي وجنّتي.
* شَفَقَةً مِمَّا عِندِي: خوفاً من عقابي وعذابي.
* انْهَزَمُوا: فَرُّوا من أرض المعركة.
* عَلِمَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْفِرَارِ: علم الإثم العظيم الذي يلحق به بسبب فراره من الزحف.
* وَمَا لَهُ فِي الرُّجُوعِ: وعلم الأجر العظيم والثواب الجزيل الذي أعده الله للشهداء والصابرين.
* حَتَّى أُهْرِيقَ دَمُهُ: حتى قُتِلَ واستُشْهِدَ.
شرح الحديث:
يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث موقفين عظيمين يعجب الله تعالى منهما، ويدعو ملائكته لمشاهدتهما والاعتبار بهما:
1- العبد القائم لليل: هذا الرجل يترك دفء فراشه ونعمة نومه، ويغالب شدة البرد (إذا كان شتاء) أو مشقة التعب (إذا كان صيفاً)، ويترك الأجواء المريحة بين أهله وأحبابه، ليقوم ويواجه وحشة الليل بمناجاة ربه وقيامه وصلاته. إنه يغالب طبيعة النفس البشرية التي تميل إلى الراحة والدعة، طمعاً في رحمة الله وثوابه، وخوفاً من عذابه وغضبه. فالله تعالى يتباهى به أمام ملائكته، لأنه قدم محبة الله وطاعته على محبة النفس والراحة.
2- المجاهد الثابت في المعركة: هذا المجاهد يجد نفسه في موقف عصيب، حيث يفرّ أصحابه من أرض المعركة، فيغلبهم الهلع والجبن. لكن هذا البطل يستحضر في ذهنه أمرين:
* الإثم المهين: الذي يستحقّه من يفر من الزحف وهو من كبائر الذنوب.
* الأجر الكريم: الذي ينتظر من يثبت ويقاتل في سبيل الله، إما النصر أو الشهادة.
فيوازن بين خزي الدنيا والآخرة بسبب الفرار، وبين عز الدنيا والآخرة بالثبات والرجوع إلى ساحة القتال. فيقرر العودة وهو يعلم أن مصيره الموت المحتم، فيقاتل حتى يُستشهد. يفعل ذلك طمعاً في فضل الله وجنته، وخوفاً من سخطه وعقابه. فيتباهى الله تعالى به أمام ملائكته لصدق إيمانه وعظيم ثباته.
الدروس المستفادة والعبر:
1- مشروعية وفضل قيام الليل: الحديث حافز عظيم على قيام الليل والتهجد، وبيان لأجرها العظيم عند الله.
2- ذمُّ الفرار من الزحف: الحديث يوضح عظم جريمة الفرار من المعركة، ويبين فضل الثبات فيها حتى الموت.
3- الترغيب والترهيب: العمل الخير لا يكمل إلا باجتماع الرغبة (الطمع في الثواب) والرهبة (الخوف من العقاب). فالعبد يعبد الله بين الرجاء والخوف.
4- مغالبة الهوى والنفس: الموقفان يمثلان انتصاراً لإرادة الإيمان على شهوات النفس ورغباتها الدنيوية.
5- التفاضل عند الله بالتقوى: المفاضلة عند الله ليست بالصور والأجساد، ولكن بتقوى القلوب وصدق الإيمان، فذلك العبد القائم وذاك المجاهد قد يكونان في أعين الناس عاديين، لكنهما عند الله من المقربين.
6- بيان كرم الله تعالى: أن الله يثني على عباده ويتباهى بهم أمام ملائكته، وهذا من أعظم أنواع التكريم.
خاتمة:
الحديث يرسخ في نفس المسلم معنى العبودية الحقيقية لله، التي تجعله يقدم رضا الله على كل غالٍ ونفيس، من راحة ومال وحتى الحياة نفسها، رغبة فيما عند الله وشفقة (خوفاً) مما عنده. وهو نموذج للتوازن بين الخوف والرجاء الذي يجب أن يكون عليه قلب المؤمن.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٣٩٤٩)، وابن أبي عاصم في السنة (٥٦٩)، وصحّحه ابن حبان (٢٥٥٧، ٢٥٥٨)، والحاكم (٢/ ١١٢) كلهم من طرق عن حماد بن سلمة، أخبرنا عطاء بن السائب، عن مرة الهمدانيّ، عن عبد الله بن مسعود فذكره.
وعطاء بن السّائب ثقة وثّقه جماعة من أهل العلم إلا أنه اختلط في آخره، وحماد بن سلمة ممن سمع منه قبل اختلاطه.
ومما تحمل عليه هذه الآية صلاة العشاء في جماعة كما جاء في الحديث:
عن أنس بن مالك: أن هذه الآية ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ نزلت في انتظار هذه الصلاة التي تُدعى العتمة.
حسن: رواه الترمذي (٣١٩٦) عن عبد الله بن أبي زياد، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن أنس بن مالك فذكره.
وإسناده حسن من أجل عبد الله بن أبي زياد فإنه حسن الحديث.
قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه».
وقال ابن كثير في تفسيره: «إسناده جيد».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1153 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ثار من فراشه ووطائه إلى صلاته

  • 📜 حديث: ثار من فراشه ووطائه إلى صلاته

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ثار من فراشه ووطائه إلى صلاته

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ثار من فراشه ووطائه إلى صلاته

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ثار من فراشه ووطائه إلى صلاته

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب