حديث: عن عائشة في قوله: إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (٩) إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (١٠)﴾
متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٤١٠٣) ومسلم في التفسير (١٢: ٣٠٢٠) كلاهما من حديث عبدة بن سليمان، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت فذكرته.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الأثر الذي ذكرتِه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها هو تفسير لها لآية كريمة من سورة الأحزاب، وليس حديثاً نبوياً مرفوعاً. وهو تفسير ثابت وصحيح عن السيدة عائشة، يُعرِّفنا بمناسبة نزول هذه الآية العظيمة، مما يزيد في فهم معناها وإدراك عظم الموقف الذي تصفه.
وفيما يلي شرح وافٍ لهذا الأثر:
1. شرح المفردات:
● جَاءُوكُمْ: أي أقبل عليكم وحاصروكم.
● مِنْ فَوْقِكُمْ: من جهة أعلى مكانكم (جهة الشمال في غزوة الخندق).
● مِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ: من جهة أسفل مكانكم (جهة الجنوب).
● زَاغَتِ الْأَبْصَارُ: مالت واشتدت من شدة الهول والخوف، حتى كاد الإنسان لا يبصر ما أمامه.
● بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ: ارتفعت القلوب من شدة الخوف والرعب حتى كأنها وصلت إلى الحلوق.
● وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا: يختلف ظنكم، فمنكم من يظن بالله غير الحق كالمنافقين، ومنكم من يظن به الظن الحسن كالمؤمنين.
2. شرح الأثر والسياق:
تشير السيدة عائشة رضي الله عنها إلى أن هذه الآية الكريمة (من سورة الأحزاب: 10) نزلت في غزوة الخندق (وتسمى أيضاً غزوة الأحزاب) التي وقعت في السنة الخامسة للهجرة.
وصف الموقف:
اجتمعت قوى الكفر على المسلمين من كل صوب؛ حيث تحالفت قريش مع عدد من القبائل العربية وحاصرت المدينة المنورة بقوة هائلة، بينما كان عدد المسلمين قليلاً. وكانت المدينة محصنة بحفر الخندق، فحاصرهم الأحزاب من جهتين:
● مِنْ فَوْقِكُمْ: وهم غطفان ومن معهم، وكانوا نزلوا بأعلى المدينة من جهة جبل أحد (جهة الشمال).
● مِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ: وهم قريش ومن معهم، وكانوا قد نزلوا بأسفل المدينة من جهة الجنوب عند جبل عير.
كان الموقف عصيباً جداً، وبلغ الخوف والرعب بالمسلمين مبلغاً عظيماً، حتى وصفته الآية بأبلغ وصف:
● وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ: من شدة الهول والرعب والتركيز في العدو، كانت الأبصار لا تستقر وتزيغ.
● وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ: من شدة الخوف، كادت قلوبهم تخرج من أفواههم.
● وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا: هنا انقسم الناس:
* المنافقون والضعفاء من الناس ظنوا بالله ظن السوء، وقالوا: "ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً"، وظنوا أنهم سيهلكون.
* المؤمنون الصادقون ظنوا بالله الظن الحسن، ووثقوا بنصره، وعلموا أن العاقبة للمتقين، وكان قولهم: "هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله".
3. الدروس المستفادة والعبر:
● بيان صدق القرآن: أن القرآن ينزل واقعاً يحكي الأحداث كما هي، مما يزيد المؤمنين يقيناً بصدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
● شدة ابتلاء المؤمنين: أن طريق الدعوة إلى الله والإيمان لا بد أن يعترضه الشدائد والاختبارات العظيمة، قال تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ}.
● الفرق بين ظن المؤمن والمنافق: في أشد الأوقات حرجاً يظهر حقيقة الإيمان والثقة بالله، ويظهر النفاق والضعف. فالمؤمن يظن بربه الخير، والمنافق يظن به السوء.
● العاقبة للمتقين: على الرغم من شدة الموقف، فإن الله نصر المؤمنين نصراً مؤزراً بدون قتال كبير، حيث أرسل عليهم الريح والجنود التي لم يروها، ففرقَت جمعهم وردتهم خائبين. {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا}.
● التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب: النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يقفوا مكتوفي الأيدي، بل أخذوا بالأسباب بحفر الخندق، ثم توكلوا على الله حق توكله.
4. معلومات إضافية مفيدة:
- هذه الغزوة كانت اختباراً عظيماً للمسلمين، وكانت فيها many miracles، مثل معجزة تكثير الطعام القليل على يد النبي صلى الله عليه وسلم، وإسلام نعيم بن مسعود الذي استطاع أن يفرق بين صفوف الأحزاب.
- انتهت الغزوة بانتصار المسلمين دون قتال كبير، تحقيقاً لوعد الله تعالى، وصَدَقَ ظنُّ المؤمنين بربهم.
نسأل الله أن يجعلنا من الذين يظنون به الظن الحسن في السراء والضراء.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 1172 من أصل 1947 حديثاً له شرح
- 1147 ما جعل الله ميتة عبد بأرض إلا جعل له بها...
- 1148 إذا قضى الله لعبد أن يموت بأرض جعل له إليها...
- 1149 كان النبي يقرأ في الجمعة في صلاة الفجر الم تنزيل...
- 1150 كان النبي ﷺ لا ينام حتى يقرأ الم تنزيل وتبارك...
- 1151 أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني من النار
- 1152 عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم
- 1153 ثار من فراشه ووطائه إلى صلاته
- 1154 من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل
- 1155 ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على...
- 1156 في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا...
- 1157 ما أدنى أهل الجنة منزلة وما أعلاها
- 1158 مصائب الدنيا والروم والبطشة أو الدخان
- 1159 ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه
- 1160 ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله
- 1161 كانوا يرون سالما ولدا وأنزل الله فيه ما علمت
- 1162 الاستسقاء بالنجوم، والنياحة
- 1163 من ادعى لغير أبيه وهو يعلمه فقد كفر
- 1164 من ترك دينا فعلي قضاؤه
- 1165 النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم
- 1166 من ترك كلّا أو ضياعا فأنا وليه
- 1167 فأيكم ما ترك دينا أو ضيعة فادعوني، فأنا وليه
- 1168 والذي نفس محمد بيده، إن على الأرض من مؤمن إلا...
- 1169 من ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي
- 1170 نسخ الارث بالحلف
- 1171 واخيت أنا كعب بن مالك وأورثونا وأورثناهم
- 1172 عن عائشة في قوله: إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ...
- 1173 دعاء: اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا
- 1174 أهلكت عاد بالدبور
- 1175 من يأتني بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة
- 1176 آية من سورة الأحزاب كنت أسمع رسول الله ﷺ يقرؤها
- 1177 من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه
- 1178 عن أنس بن مالك قال نزلت هذه الآية في أنس...
- 1179 السائل عمن قضى نحبه
- 1180 اهزم الأحزاب اللهم اهزمهم وزلزلهم
- 1181 حبسنا يوم الخندق عن الظهر والعصر والمغرب والعشاء
- 1182 عزة الله ونصره لعبده المؤمن
- 1183 قال حين أجلي الأحزاب: الآن نغزوهم، ولا يغزوننا
- 1184 أصيب سعد يوم الخندق وضرب النبي خيمة ليعوده
- 1185 عاقبة يهود بني قريظة بعد نقض العهد
- 1186 رسول الله ﷺ يخير أزواجه ويبدأ بعائشة
- 1187 سبب نزول: إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما
- 1188 أبو بكر وعمر يجآن عنق عائشة وحفصة يسألان النبي النفقة
- 1189 خيرنا رسول الله فاخترنا الله ورسوله
- 1190 عن ابن عباس: الآية نزلت في نساء النبي خاصة.
- 1191 خرج النبي وعليه مرط مرحل من شعر أسود
- 1192 اللهم هؤلاء أهلي
- 1193 رسول الله ﷺ مع علي وحسن وحسين آخذ كل واحد...
- 1194 نزول آية التطهير في بيت أم سلمة ودعاء النبي لأهل...
- 1195 النبي ﷺ يدعو لأهل بيته ويقول: اللهم هؤلاء أهل بيتي...
- 1196 ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرجال
معلومات عن حديث: عن عائشة في قوله: إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ
📜 حديث: عن عائشة في قوله: إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: عن عائشة في قوله: إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: عن عائشة في قوله: إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: عن عائشة في قوله: إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








