حديث: من ترك كلّا أو ضياعا فأنا وليه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (٦)﴾

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن مات وترك مالا فماله لموالي العصبة، ومن ترك كلّا أو ضياعا فأنا وليُّه فلأُدعى له».

صحيح: رواه البخاري في الفرائض (٦٧٤٥) عن محمود، أخبرنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة فذكره.

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن مات وترك مالا فماله لموالي العصبة، ومن ترك كلّا أو ضياعا فأنا وليُّه فلأُدعى له».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام مسلم في صحيحه، وغيره، عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو حديث صحيح متفق على صحته.

أولاً. شرح المفردات:


* أولى بالمؤمنين من أنفسهم: أي أحق بهم وأولى بتدبير أمورهم ومصالحهم من ذواتهم. فمحبة النبي صلى الله عليه وسلم وطاعته وتقديم قوله على هوى المرء نفسه هو عين المصلحة والنجاة.
* موالي العصبة: "الموالي" هنا هم الأقارب من جهة الرجال (العصبة)، وهم الورثة الذين يرثون بالتعصيب، كالابن والأب والأخ والعم ونحوهم.
* كلا: جمع "كَلّ" (بفتح الكاف وتشديد اللام)، وهو العيال والذرية الصغار الذين لا يستطيعون الكسب ولا يقومون بأمر أنفسهم.
* ضياعا: جمع "ضَيعة" (بفتح الضاد وكسر الياء)، وهم الأقارب الذين لا وارث لهم، أو الذين لا معيل لهم يكفيهم مؤونتهم.
* فأنا وليه: أي فأنا أقرب الناس إليه وأولى به، أتولى أمره وأقوم بشؤونه.
* فلأُدعى له: أي فسأكون خصمه يوم القيامة وأطالبه بحقوقه ممن ضيعه في الدنيا، أو سأدعو له وأرعاه.

ثانياً. شرح الحديث:


يؤسس النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد ولايته العامة على الأمة، فيقول:
1- «أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم»: هذه الجملة هي أصل الولاية النبوية. فكما أن الإنسان لا يختار لنفسه إلا ما فيه صلاحها، فالنبي صلى الله عليه وسلم أولى باختيار ما فيه صلاح المؤمن من نفسه، ولهذا وجب تقديم أمره ونهيه على أي أمر آخر، حتى على هوى النفس. وهذه الأولوية تشمل أمور الدين والدنيا.
2- «فمن مات وترك مالا فماله لموالي العصبة»: هذا بيان لموقف النبي صلى الله عليه وسلم من أمر الميراث. فالنبي صلى الله عليه وسلم يوضح أن نظام الميراث محكم من الله تعالى، وأنه ليس من حق أحد – حتى هو – أن يتصرف في أموال الورثة بعد موت أصحابها بغير ما شرع الله. فمن مات وله مال وله ورثة (العصبة)، فالمال لهم بحسب فرائض الله تعالى. فولاية النبي صلى الله عليه وسلم لا تلغي شرع الله، بل هي لتحقيق شرعه وحفظه.
3- «ومن ترك كلا أو ضياعا فأنا وليه فلأُدعى له»: هذا هو موضع الشاهد والعناية في الحديث. هنا يعلن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يتحمل مسؤولية خاصة عن فئتين ضعيفتين في المجتمع:
* اليتامى والصغار كلا») الذين لا والد لهم أو لا معيل.
* المنقطعين ضياعا») الذين لا وارث لهم ولا من ينفق عليهم.
فيعلن صلى الله عليه وسلم أنه هو الولي المباشر لهؤلاء، وأنه سيقوم بمؤونتهم والإنفاق عليهم من بيت مال المسلمين (الخزينة العامة). ثم يهدد ويتوعد بقوله «فلأُدعى له»، أي فسأكون خصيمًا يوم القيامة لكل من فرط في حق هؤلاء الضعفاء، أو من كان تحت ولايته فقصر في رعايتهم وكفالتهم. فمعنى "أدعى" هنا من الدعوى، أي أخاصم وأطالب بحقهم.
وفي رواية أخرى في الصحيحين: «مَنْ ترك مالًا فلِورثته، ومَنْ تركَ كَلًّا فإلينا»، وهي توضح المعنى أكثر.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- عظم منزلة النبي صلى الله عليه وسلم واتساع ولايته: فولايته تشمل قلوب المؤمنين وأبدانهم وأموالهم وعقودهم، وهو أولى بهم من أنفسهم.
2- وجوب محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتقديم طاعته: فمن كان أولى بالإنسان من نفسه، وجب عليه أن يقدم محبته وطاعته على كل شيء.
3- بيان كمال رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالأمة: حيث يتحمل مسؤولية الضعفاء والمنقطعين، ويدخل الطمأنينة على قلوبهم بأن وليهم بعد الله هو رسول الله.
4- مسؤولية الدولة الإسلامية عن رعاياها: فالحديث أسس لمبدأ التكافل الاجتماعي في الإسلام، فبيت المال مسؤول عن كفالة اليتامى والفقراء والمنقطعين الذين لا عائل لهم.
5- تحذير شديد لمن يتولى أمور الناس من التقصير في رعاية الضعفاء: فالنبي صلى الله عليه وسلم سيكون خصمًا يوم القيامة لكل ولي أمر (حاكم، أب، قاضي) قصر في حق من كان تحت ولايته.
6- إثبات أن نظام الميراث ثابت لا يُغَيَّر: وأنه لا وصية لوارث، فالأموال توزع حسب الفرائض الإلهية.

رابعاً. معلومات إضافية:


* هذا الحديث أصل في باب الولاية العامة، ويستدل به الفقهاء على وجوب نفقَةِ الصغير واليتيم والمنقطع على بيت المال إذا لم يكن لهم من ينفق عليهم.
* فيه دليل على أن الإمام (الحاكم) هو ولي من لا ولي له.
* قوله «فلأُدعى له» تظهر عظمة موقف النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، حيث يشفع لأمته ويخاصم عن المظلومين والضعف
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الفرائض (٦٧٤٥) عن محمود، أخبرنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1166 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من ترك كلّا أو ضياعا فأنا وليه

  • 📜 حديث: من ترك كلّا أو ضياعا فأنا وليه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من ترك كلّا أو ضياعا فأنا وليه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من ترك كلّا أو ضياعا فأنا وليه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من ترك كلّا أو ضياعا فأنا وليه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب