حديث: فأيكم ما ترك دينا أو ضيعة فادعوني، فأنا وليه
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب قوله: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (٦)﴾
صحيح: رواه مسلم في الفرائض (١٦١٩: ١٦) عن محمد بن رافع، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله ﷺ، فذكر أحاديث، منها هذا.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو حديث صحيح متفق على صحته، وفيه بيان عظيم لمنزلة النبي صلى الله عليه وسلم وعلاقته بأمته، وتوضيح لأحكام الميراث.
أولاً. شرح المفردات:
● أولى الناس بالمؤمنين: أي أقرب الناس إليهم وأحقهم بهم، وأولى بتدبير شؤونهم.
● في كتاب الله: أي في حكم الله تعالى وشرعه المنزل في القرآن.
● ديناً: ما يكون على الميت من ديون للآخرين.
● ضيعة: العيال والأهل الذين لا مال لهم ويتعذر عليهم الكسب، ويشمل الأولاد الصغار والنساء وغير القادرين.
● فادعوني: أي فليطلبني وليتوجه إليَّ لأقوم بسداد دينه أو الإنفاق على عياله.
● فأنا وليه: أي فأنا الذي يتولى أمره ويتحمل مسؤوليته.
● عصبته: هم أقاربه الذكور من جهة الأب كالإخوة وأبناء الإخوة والأعمام وأبناؤهم.
ثانياً. شرح الحديث:
يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث مكانته الخاصة تجاه المؤمنين، حيث أنه أولى بهم من أنفسهم، وأحق الناس بالقيام بمصالحهم بعد وفاتهم.
فالقسم الأول من الحديث: "فأيكم ما ترك ديناً أو ضيعة فادعوني، فأنا وليه"
هذا خطاب للمؤمنين، معناه: إذا مات أحدكم وترك ديوناً على عاتقه لا يستطيع ورثته سدادها، أو ترك عيالاً (ضيعة) لا مال لهم يعيشون به، فليطلبوني أنا -أي فليتوجهوا إليَّ- فأنا الذي أتحمل سداد هذا الدين والإنفاق على هؤلاء العيال. وهذا من كمال شفقته صلى الله عليه وسلم ورعايته لأمته.
ولكن هذا الحكم كان في حياته صلى الله عليه وسلم خاصة، حيث كان بيت المال تحت تصرفه، فكان يصرف من مال المسلمين في سداد ديون المعسرين والإنفاق على عوائلهم. وأما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، فقد انتقلت هذه المسؤولية إلى ولي الأمر المسلم (الحاكم أو الإمام)، الذي يجب عليه أن يقوم بهذا الواجب من بيت مال المسلمين، سداداً لدين المعسر والإنفاق على عياله.
القسم الثاني من الحديث: "وأيكم ما ترك مالاً فليؤثر بماله عصبته من كان"
أي: من مات وترك مالاً (أي ترك ورثةً وترك مالاً يزيد عن دينه)، فإن هذا المال يجب أن يذهب إلى ورثته الشرعيين كما بين الله في كتابه، وهم "عصبته" أي أقاربه الذكور الذين يرثون بالتعصيب (كالأبناء والآباء والإخوة وغيرهم)، وكذلك من يرث معهم من الإناث كالبنات والأخوات وغيرهن حسبما جاء في تفصيل آيات الميراث في سورة النساء. والمعنى: فليؤثر بماله (أي فليجعل ماله لورثته) وليس لغيرهم.
فهذا تأكيد على أن الميراث محكوم بالشرع، ولا يجوز التصرف فيه بالوصية لغير الوارث إلا في حدود الثلث، لأن الله تعالى قد عين لكل ذي حق حقه.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- علو منزلة النبي صلى الله عليه وسلم وشفقته على أمته: حيث جعل نفسه كافلاً لمن ترك ديناً أو عيالاً، مما يدل على كمال رحمته وحرصه على تخفيف المصائب عن أمته.
2- مسؤولية الدولة الإسلامية: حيث انتقلت هذه المسؤولية بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ولي الأمر، فيجب على الحاكم أن يتولى سداد ديون المعسرين والإنفاق على عيالهم من بيت مال المسلمين.
3- إبطال نظام التبني في الميراث: حيث بين النبي صلى الله عليه وسلم أن المال يورث للأقارب العصبة (أي الورثة الشرعيين) وليس لأي شخص آخر بغير حق، مما يبطل ما كان يفعله أهل الجاهلية من توريثهم للمتبنَّى.
4- التأكيد على أحكام الميراث الشرعية: وأنه لا يجوز الحرث إلا للورثة المستحقين كما بينهم الله تعالى في كتابه.
5- الحث على التكافل الاجتماعي: حيث شرع الإسلام نظاماً يكفل فيه المجتمع حاجة الفقراء والمدينين وعوائلهم، مما يحقق التماسك والتعاون بين أفراد الأمة.
رابعاً. معلومات إضافية:
- هذا الحديث أصل في موضوع "الولاية العامة" لولي الأمر، وأنه المسؤول عن رعاية شؤون الرعية.
- يستدل به العلماء على أن دين الميت مقدّم على حق الورثة، فيُبدأ بسداد الدين ثم يُوزع الباقي على الورثة.
- فيه دليل على أن الوصية للوارث لا تجوز إلا بإذن الورثة الآخرين، لأن الأصل أن المال للعصبة (الورثة).
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 1167 من أصل 1947 حديثاً له شرح
- 1142 الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه فإنك إن لا تراه...
- 1143 مفاتح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله
- 1144 السلام عليكم آدخل؟ لا يحسن الاستئذان
- 1145 أوتي نبيكم ﷺ مفاتيح كل شيء غير خمس
- 1146 إذا قضى الله لعبد أن يموت بأرض جعل له بها...
- 1147 ما جعل الله ميتة عبد بأرض إلا جعل له بها...
- 1148 إذا قضى الله لعبد أن يموت بأرض جعل له إليها...
- 1149 كان النبي يقرأ في الجمعة في صلاة الفجر الم تنزيل...
- 1150 كان النبي ﷺ لا ينام حتى يقرأ الم تنزيل وتبارك...
- 1151 أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني من النار
- 1152 عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم
- 1153 ثار من فراشه ووطائه إلى صلاته
- 1154 من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل
- 1155 ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على...
- 1156 في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا...
- 1157 ما أدنى أهل الجنة منزلة وما أعلاها
- 1158 مصائب الدنيا والروم والبطشة أو الدخان
- 1159 ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه
- 1160 ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله
- 1161 كانوا يرون سالما ولدا وأنزل الله فيه ما علمت
- 1162 الاستسقاء بالنجوم، والنياحة
- 1163 من ادعى لغير أبيه وهو يعلمه فقد كفر
- 1164 من ترك دينا فعلي قضاؤه
- 1165 النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم
- 1166 من ترك كلّا أو ضياعا فأنا وليه
- 1167 فأيكم ما ترك دينا أو ضيعة فادعوني، فأنا وليه
- 1168 والذي نفس محمد بيده، إن على الأرض من مؤمن إلا...
- 1169 من ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي
- 1170 نسخ الارث بالحلف
- 1171 واخيت أنا كعب بن مالك وأورثونا وأورثناهم
- 1172 عن عائشة في قوله: إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ...
- 1173 دعاء: اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا
- 1174 أهلكت عاد بالدبور
- 1175 من يأتني بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة
- 1176 آية من سورة الأحزاب كنت أسمع رسول الله ﷺ يقرؤها
- 1177 من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه
- 1178 عن أنس بن مالك قال نزلت هذه الآية في أنس...
- 1179 السائل عمن قضى نحبه
- 1180 اهزم الأحزاب اللهم اهزمهم وزلزلهم
- 1181 حبسنا يوم الخندق عن الظهر والعصر والمغرب والعشاء
- 1182 عزة الله ونصره لعبده المؤمن
- 1183 قال حين أجلي الأحزاب: الآن نغزوهم، ولا يغزوننا
- 1184 أصيب سعد يوم الخندق وضرب النبي خيمة ليعوده
- 1185 عاقبة يهود بني قريظة بعد نقض العهد
- 1186 رسول الله ﷺ يخير أزواجه ويبدأ بعائشة
- 1187 سبب نزول: إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما
- 1188 أبو بكر وعمر يجآن عنق عائشة وحفصة يسألان النبي النفقة
- 1189 خيرنا رسول الله فاخترنا الله ورسوله
- 1190 عن ابن عباس: الآية نزلت في نساء النبي خاصة.
- 1191 خرج النبي وعليه مرط مرحل من شعر أسود
معلومات عن حديث: فأيكم ما ترك دينا أو ضيعة فادعوني، فأنا وليه
📜 حديث: فأيكم ما ترك دينا أو ضيعة فادعوني، فأنا وليه
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: فأيكم ما ترك دينا أو ضيعة فادعوني، فأنا وليه
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: فأيكم ما ترك دينا أو ضيعة فادعوني، فأنا وليه
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: فأيكم ما ترك دينا أو ضيعة فادعوني، فأنا وليه
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








