حديث: كان النبي ﷺ، إذا نزل عليه الوحي اشتد ذلك عليه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١)﴾

عن عبد الله بن مسعود قال: أقبلنا مع رسول الله ﷺ زمن الحديبية، فذكروا أنهم نزلوا دهاسا من الأرض - يعني بالدهاس: الرمل - فقال رسول الله ﷺ: «من يكلؤنا؟» فقال بلال: أنا، فقال رسول الله ﷺ: «إذا تنمْ»، قال: فناموا حتى طلعت الشمس، فاستيقظ الناس، فيهم فلان وفلان، وفيهم عمر، قال: فقلنا: اهضبوا - يعني تكلموا -، قال: فاستيقظ النبي ﷺ، فقال: «افعلوا كما كنتم تفعلون»، قال: ففعلنا، قال: وقال: «كذلك فافعلوا، لمن نام أو نسي»، قال: وضلت ناقة رسول الله ﷺ فطلبها، فوجدت حبلها قد تعلق بشجرة، فجئت بها إلى النبي ﷺ، فركب مسرورا، وكان النبي ﷺ، إذا نزل عليه الوحي اشتد ذلك عليه، وعرفنا ذاك فيه، قال: فتنحى منتبذا خلفنا، قال: فجعل يغطي رأسه بثوبه، ويشتد ذلك عليه، حتى عرفنا أنه قد أنزل عليه، فأتانا، فأخبرنا أنه قد أنزل عليه: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾.

حسن: رواه أحمد (٤٤٢١) والبزار - كشف الأستار (٤٠٠) كلاهما من طريق محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن جامع بن شداد، عن عبد الرحمن بن أبي علقمة، قال: سمعت عبد الله بن مسعود، قال: فذكره.

عن عبد الله بن مسعود قال: أقبلنا مع رسول الله ﷺ زمن الحديبية، فذكروا أنهم نزلوا دهاسا من الأرض - يعني بالدهاس: الرمل - فقال رسول الله ﷺ: «من يكلؤنا؟» فقال بلال: أنا، فقال رسول الله ﷺ: «إذا تنمْ»، قال: فناموا حتى طلعت الشمس، فاستيقظ الناس، فيهم فلان وفلان، وفيهم عمر، قال: فقلنا: اهضبوا - يعني تكلموا -، قال: فاستيقظ النبي ﷺ، فقال: «افعلوا كما كنتم تفعلون»، قال: ففعلنا، قال: وقال: «كذلك فافعلوا، لمن نام أو نسي»، قال: وضلت ناقة رسول الله ﷺ فطلبها، فوجدت حبلها قد تعلق بشجرة، فجئت بها إلى النبي ﷺ، فركب مسرورا، وكان النبي ﷺ، إذا نزل عليه الوحي اشتد ذلك عليه، وعرفنا ذاك فيه، قال: فتنحى منتبذا خلفنا، قال: فجعل يغطي رأسه بثوبه، ويشتد ذلك عليه، حتى عرفنا أنه قد أنزل عليه، فأتانا، فأخبرنا أنه قد أنزل عليه: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وفيه قصة عظيمة من قصص السيرة النبوية، تتعلق بصلح الحديبية وما تلاه من نزول سورة الفتح، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً بإذن الله.

أولاً. شرح المفردات:


● زمن الحديبية: أي في وقت صلح الحديبية في السنة السادسة للهجرة.
● دهاسا من الأرض: الدهاس هو الرمل الكثير الذي يُدَهْسُ فيه، أي يُوطَأُ ويُسَارُ عليه.
● يكلؤنا: يحرسنا ويقوم على حراستنا ليلاً.
● تنم: نم (أمر من النوم).
● اهضبوا: كلمة تعني تكلموا أو انطقوا، ويقصد بها هنا أن يتحدثوا ليوقظوا غيرهم.
● منتبذا: متباعداً ومنفرداً.
● يغطي رأسه بثوبه: يلف رأسه بثيابه أو بردائه.


ثانياً. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن موقف حصل أثناء عودة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الحديبية.
1- الموقف الأول: النوم عن صلاة الفجر:
- نزل المسلمون في مكان رملي أثناء سفرهم، وخشي النبي صلى الله عليه وسلم أن يهاجمهم العدو ليلاً، فسأل: «مَنْ يَكْلَؤُنَا؟» أي من يحرسنا الليلة؟
- فتكفل بلال رضي الله عنه بالحراسة. ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن ينام هو أيضاً إِذَا تَنَمْ»)، فنام الجميع حتى طلعت الشمس.
- استيقظ الناس على شروق الشمس، ففزعوا لأنهم فاتتهم صلاة الفجر في وقتها. وكان ضمنهم عمر بن الخطاب وغيره من كبار الصحابة.
- بدأ الصحابة يهمهمون ويتحدثون ليوقظوا بعضهم اهْضِبُوا»)، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم.
- هنا جاءت الرخصة والتيسير من النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أمرهم أن يصلوا الصلاة كما كانوا يصلونها في أوقاتها (أي أن يقضوها الآن)، وقال: «كَذَلِكَ فَافْعَلُوا، لِمَنْ نَامَ أَوْ نَسِيَ». وهذه هي القاعدة الشرعية العظيمة: من نام عن صلاة أو نسيها، فليصلها بمجرد أن يتذكرها.
2- الموقف الثاني: نزول سورة الفتح:
- بعد ذلك، ضلت ناقة النبي صلى الله عليه وسلم، فذهب عبد الله بن مسعود يبحث عنها فوجدها وقد تعلق حبلها بشجرة، فأعادها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فركبها وهو مسرور.
- ثم جاءت لحظة عظيمة، وهي نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم. وكان الصحابة يعرفون أن الوحي ينزل عليه بعلامات، منها أنه كان «يَشْتَدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ» أي يثقل عليه الأمر جداً، ويتغير حاله، وكان في هذه المرة يغطي رأسه بثوبه.
- بعد أن انقطع الوحي، جاءهم النبي صلى الله عليه وسلم مسروراً مبشراً بأن الله قد أنزل عليه: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا} [سورة الفتح: 1]. وكان هذا إعلاناً بأن صلح الحديبية، الذي بدا للبعض أنه تنازل من المسلمين، هو في الحقيقة فتح عظيم ومقدمة لفتح مكة وانتصار الإسلام.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- التيسير في الدين ورفع الحرج: الحديث أصل عظيم في أن النائم أو الناسي للصلاة معذور، ولا إثم عليه، وعليه أن يقضي الصلاة فور استيقاظه أو تذكره. وهذا من رحمة الله تعالى بهذه الأمة ويسر شريعتها.
2- حرص الصحابة على الصلاة: يفهم من فزعهم عندما فاتتهم الصلاة مدى حرصهم على أداء الفرائض في أوقاتها، ومقدار مكانة الصلاة في قلوبهم.
3- طاعة النبي صلى الله عليه وسلم والانقياد لأمره: انظر كيف أنهم عندما استيقظوا لم يبادروا بالفعل حتى يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم، فامتثلوا لأمره على الفور.
4- البشارة بالفرج بعد الشدة: نزول سورة الفتح بعد أحداث الحديبية العصيبة درس في أن المؤمن يثق في نصر الله وتأييده، حتى لو بدت الأمور غير ذلك في الظاهر. فالله تعالى يقدّر الخير حيث لا ينتظره العباد.
5- أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم: تواضعه حيث كان يسير مع أصحابه، وفرحه برد ناقته، وحرصه على أمنهم وسلامتهم.
6- علامات نزول الوحي: الحديث يصف بعض ما كان يحدث للنبي صلى الله عليه وسلم عند نزول الوحي، مما يزيدنا يقيناً بأن القرآن الكريم هو وحي من الله تعالى وليس قول بشر.


رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


● صلح الحديبية: كان في السنة السادسة للهجرة، وسمي بذلك لأنه تم عند قرية تسمى "الحديبية" قرب مكة.
سورة الفتح: نزلت أثناء رجوع المسلمين من الحديبية إلى المدينة، مبشرة بنصر قريب وفتح عظيم.
- الحكمة من تأخير الصلاة هنا كانت الرخصة بسبب السفر والمشقة، وليس لأن النوم عن الصلاة سنة، بل الصلاة يجب أداؤها في وقتها، ومن فاتته يقضيها.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يفقهنا في ديننا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٤٤٢١) والبزار - كشف الأستار (٤٠٠) كلاهما من طريق محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن جامع بن شداد، عن عبد الرحمن بن أبي علقمة، قال: سمعت عبد الله بن مسعود، قال: فذكره.
وإسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي علقمة، روى عنه جمعٌ، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وقيل له صحبة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1439 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كان النبي ﷺ، إذا نزل عليه الوحي اشتد ذلك عليه

  • 📜 حديث: كان النبي ﷺ، إذا نزل عليه الوحي اشتد ذلك عليه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: كان النبي ﷺ، إذا نزل عليه الوحي اشتد ذلك عليه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: كان النبي ﷺ، إذا نزل عليه الوحي اشتد ذلك عليه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: كان النبي ﷺ، إذا نزل عليه الوحي اشتد ذلك عليه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب