حديث: وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (٢٤)﴾

عن أنس بن مالك أن ثمانين رجلا من أهل مكة هبطوا على رسول الله ﷺ من جبل التنعيم متسلحين يريدون غرة النبي ﷺ وأصحابه، فأخذهم سلْمًا فاستحياهم فأنزل الله عز وجل: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ﴾.

صحيح: رواه مسلم في الجهاد (١٨٠٨) عن عمرو بن محمد الناقد، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، فذكره.

عن أنس بن مالك أن ثمانين رجلا من أهل مكة هبطوا على رسول الله ﷺ من جبل التنعيم متسلحين يريدون غرة النبي ﷺ وأصحابه، فأخذهم سلْمًا فاستحياهم فأنزل الله ﷿: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ﴾.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونعلم.
الحديث الشريف:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن ثمانين رجلاً من أهل مكة هبطوا على رسول الله ﷺ من جبل التنعيم متسلحين يريدون غرة النبي ﷺ وأصحابه، فأخذهم سلْمًا فاستحياهم فأنزل الله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ﴾ [الفتح: 24].


1. شرح المفردات:


● هبطوا: نزلوا من مكان مرتفع (جبل التنعيم) بسرعة وبغتة.
● التنعيم: مكان قريب من مكة، وهو ميقات أهل مكة للإحرام، ويبعد عن المسجد الحرام نحو 6 كم.
● متسلحين: حاملين للسلاح.
● يُرِيدُونَ غِرَّةَ النَّبِيِّ ﷺ وَأَصْحَابِهِ: يقصدون مباغتة النبي ﷺ وأصحابه في وقت غفلة منهم وانشغال، ليقتلوهم أو يأخذوهم على حين غرة.
● فَأَخَذَهُمْ سِلْمًا: أسرهم دون قتال، من غير أن تُسفك دماؤهم أو تُراق.
● فَاسْتَحْيَاهُمْ: عفا عنهم وأطلق سراحهم، لم يقتلهم.


2. شرح الحديث:


السياق التاريخي:
وقع هذا الحدث عند عودة النبي ﷺ من غزوة الحديبية في السنة السادسة للهجرة، بعد إبرام صلح الحديبية الذي كان فيه بنود منها: "وأنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهده دخل فيه". فلما رأت بعض قبائل مكة هذا الصلح، ظنوا أن المسلمين قد ضعفوا، فخططوا للانقضاض عليهم.
وقائع الحادثة:
تآمر ثمانون رجلاً من مشركي قريش، خرجوا من مكة وتسللوا من جبل التنعيم (قرب مكة) متجهين إلى معسكر المسلمين، يريدون مباغتتهم والهجوم عليهم في وقت راحتهم وغفلتهم، مستغلين أن المسلمين في حالة عودة من سفر ويظنون أنهم في أمان بسبب الصلح.
ولكن الله تعالى سَلَّطَ على هؤلاء المشركين الرعب في قلوبهم، وأطلع نبيه ﷺ على مكرهم، فاستعد لهم المسلمون وأحاطوا بهم من كل جانب، وتمكنوا من أسرهم جميعاً دون قتال (سلمًا)، إذ لم ترفع سيوف ولا طُعِنَ برمح.
موقف النبي ﷺ المتسامح:
لم يأمر النبي ﷺ بقتلهم رغم أنهم جاءوا محاربين غادرين، ينوون الغدر والخيانة، بل عفا عنهم وأطلق سراحهم. هذا العفو كان له أثر كبير، حيث دخل بعضهم في الإسلام بعد ذلك، تأثراً بكرم الأخلاق وعظمة التسامح.
نزول الآية الكريمة:
فأنزل الله تعالى في سورة الفتح الآية 24 مُخبراً عن فضله وعنايته بعباده المؤمنين، حيث كف أيدي المشركين عن المسلمين، وكف أيدي المسلمين عن المشركين رغم القدرة عليهم، تحقيقاً لحكمة إلهية وعفواً نبويّاً عظيماً.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- عناية الله تعالى ونصره لأوليائه: فالله هو الذي كف الأذى عن المسلمين وحماهم من كيد الكائدين، قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾ [آل عمران: 120].
2- فضل العفو والصفح عند المقدرة: كان بإمكان النبي ﷺ أن يقتلهم شر قتلة لغلولهم وغدرهم، لكنه اختار العفو، وهذا من حكمته ﷺ ورفقه، لعل الله أن يهديهم. وهو درس عظيم في التعامل مع الأعداء بالحكمة والرحمة.
3- التثبت وعدم الغفلة: المسلم دائمًا يجب أن يكون يقظًا متثبتًا، حتى مع وجود معاهدات أو أوقات سلم، لأن العدو قد يغدر.
4- أن الغدر صفة من صفات الكفار: فهؤلاء جاءوا غادرين مع أن الهدنة قائمة، مما يدل على خبث طويَّتهم.
5- أن العفو قد يكون سبباً للهداية: فإطلاق سراح هؤلاء كان سبباً في إسلام بعضهم، فالعفو قد يفتح قلوباً غُلْفًا.
6- ثبات قلب النبي ﷺ وشجاعته: حيث واجه ثمانين مسلحاً بمجموعة أصحابه، ولم يخف أو يتردد.


4. معلومات إضافية:


● مصدر الحديث: رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، والحاكم في المستدرك، وقال عنه: صحيح الإسناد.
● الآية الكريمة: تقع في سورة الفتح، وهي السورة التي نزلت بعد عودة النبي ﷺ من صلح الحديبية، مبشرة بفتح قريب ومغفرة من الله.
● الغزوة المرتبطة: هذه الحادثة ليست غزوة مستقلة، بل هي حادثة وقعت أثناء عودة المسلمين من غزوة الحديبية.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الجهاد (١٨٠٨) عن عمرو بن محمد الناقد، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، فذكره.
وقوله: «سلما»، قال النووي: ضبطوه بوجهين: بفتح السين واللام وبإسكان اللام مع كسر السين وفتحها، قال الحميدي: ومعناه الصلح، قال القاضي: هكذا ضبطه الأكثرون، والرواية الأولى أظهر، أي: أسرهم، وجزم الخطابي بفتح اللام والسين، قال: والمراد به الاستسلام والإذعان، كقوله تعالى: ﴿وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ﴾ [النساء: ٩٠] أي: الانقياد وهو مصدر يقع على الواحد والاثنين والجمع، قال ابن الأثير: هذا هو الأشبه بالقصة، فإنهم لم يؤخذوا صلحا، وإنما أخذوا قهرا، وأسلموا أنفسهم عجزا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1456 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ

  • 📜 حديث: وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب