حديث: أمر النبي أصحابه أن يرملوا ثلاثة أشواط ليرى المشركون جلدهم.

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (٢٧)﴾

عن ابن عباس قال: قدم رسول الله ﷺ وأصحابه مكة، وقد وهنتهم حمى يثرب، قال المشركون: إنه يقدم عليكم غدا قوم قد وهنتهم الحمى، ولقوا منها شدة، فجلسوا مما يلي الحجر، وأمرهم النبي ﷺ أن يرملوا ثلاثة أشواط، ويمشوا ما بين الركنين، ليرى المشركون جلدهم، فقال المشركون: هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتم، هؤلاء أجلد من كذا وكذا، قال ابن عباس: ولم يمنع أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها، إلا الإبقاء عليهم.

متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٤٢٥٦) ومسلم في الحج (١٢٦٦) كلاهما من طريق
حماد بن زيد، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: فذكره.

عن ابن عباس قال: قدم رسول الله ﷺ وأصحابه مكة، وقد وهنتهم حمى يثرب، قال المشركون: إنه يقدم عليكم غدا قوم قد وهنتهم الحمى، ولقوا منها شدة، فجلسوا مما يلي الحجر، وأمرهم النبي ﷺ أن يرملوا ثلاثة أشواط، ويمشوا ما بين الركنين، ليرى المشركون جلدهم، فقال المشركون: هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتم، هؤلاء أجلد من كذا وكذا، قال ابن عباس: ولم يمنع أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها، إلا الإبقاء عليهم.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونفهم من سنة نبيه ﷺ.
الحديث الشريف: يروي لنا الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حدثاً من أحداث فتح مكة، أو عمرة القضاء، يحمل في طياته حكمة بالغة وعبرة عظيمة.
شرح المفردات:
* قَدِمَ: وصل وأتى.
* وَهَنَتْهُمْ: أضعفتهم وأتعبتهم وأثرت على قوتهم.
* حُمَّى يَثْرِب: المقصود بها الحمى التي كانت منتشرة في المدينة المنورة (يثرب) بسبب طبيعة أراضيها ذات المستنقعات في ذلك الوقت.
* يَرْمُلُوا: الرَّمَل هو الإسراع في المشي مع مقاربة الخطو، وهو أشبه بالهرولة.
* الأشواط: الجولات حول الكعبة، حيث كان الصحابة يطوفون ثلاثاً برمل (هرولة) وأربعاً بمشي عادي.
* ما بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ: المقصود الركنين اليمانيين، وهما الركن اليماني والحجر الأسود، وكان المشي بينهما بشكل طبيعي.
* جَلَدَهُمْ: قوتهم وصبرهم ومقدرتهم على التحمل.
* الإبْقَاءُ عَلَيْهِمْ: الحفاظ على قوتهم وعدم إرهاقهم وإتعابهم فوق طاقتهم.
شرح الحديث:
لما وصل النبي ﷺ وأصحابه إلى مكة لأداء العمرة، كانوا في حالة ضعف وإعياء بسبب الحمى التي أصابتهم في المدينة. فاستغل المشركون هذا الضعف لنشر الإشاعات والاستهزاء، قائلين لأهل مكة: استعدوا، سيأتي إليكم قوم أضعفتهم الحمى وأهلكتهم، فلا قوة لهم ولا منعة.
فما كان من النبي الحكيم ﷺ إلا أن أمر أصحابه – وهم يطوفون بالبيت – أن يقوموا بـ الرَّمَل (الهرولة) في الأشواط الثلاثة الأولى من الطواف، وكان هذا الأمر في الجانح الذي يرى فيه المشركون (أي عند الحجر الأسود)، وأمرهم أن يمشوا المشي الطبيعي بين الركنين اليمانيين.
النتيجة: عندما رأى المشركون الصحابة وهم يهرولون حول البيت بقوة ونشاط، انقلب كلامهم رأساً على عقب، وتعجبوا من قوتهم وقالوا: "هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد أهلكتهم؟! والله إنهم لأجلد وأقوى من كذا وكذا!"، معترفين بصلابتهم وقوتهم.
الدروس المستفادة والعبر:
1- الحكمة في الدعوة ورد الشبهات: لم يناقش النبي ﷺ المشركين بالكلام، بل رد عليهم بالفعل الحكيم الذي دحض ادعاءهم وزيفه أمام الجميع. وهذا درس في اختيار الوسيلة المناسبة للرد على الخصوم.
2- إظهار قوة المسلمين المعنوية: أراد النبي ﷺ أن يبعث برسالة قوية للمشركين مفادها أن ضعف الجسد بسبب المرض لم يؤثر على العزيمة والإرادة والإيمان، فالمسلم قوي بإيمانه بالله.
3- التدرج ومراعاة الظروف (رفع الحرج): من الحكمة النبوية البالغة أن النبي ﷺ لم يأمرهم بالرمل في جميع الأشواط السبعة، بل في ثلاثة فقط. وعلل ابن عباس ذلك بـ "الإبقاء عليهم"، أي الحفاظ على صحتهم وعدم تحميلهم ما لا طاقة لهم به. وهذا أصل عظيم في الشريعة وهو رفع الحرج وعدم المشقة.
4- مشروعية الرمل في الطواف: ثبت بهذا الحديث مشروعية الرمل في الطواف، خاصة في الأشواط الثلاثة الأولى، وقد كان هذا في العمرة الأولى للتقوية وإظهار القوة، ولكن بقي سنة متبعة في الطواف الأول (طواف القدوم) للحاج والمعتمر.
5- الاعتدال وعدم المغالاة: حتى في عبادة مثل الطواف، شرع النبي ﷺ الرمل ثم المشي، ليجمع بين تحقيق الحكمة (إظهار القوة) وبين التيسير على الصحابة وعدم إجهادهم.
معلومات إضافية:
* هذا الحدث كان في عمرة القضاء (أو القضية) في السنة السابعة للهجرة، بعد صلح الحديبية.
* الفعل النبوي هنا يجمع بين تحقيق مصلحتين: مصلحة إظهار قوة المسلمين ومصلحة الحفاظ على صحتهم (بعدم الرمل في جميع الأشواط).
* هذا الحديث من أبلغ الأمثلة على الحكمة العملية في سيرة النبي ﷺ، حيث استخدم أسلوباً غير مباشراً لكنه كان في غاية القوة والتأثير.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المغازي (٤٢٥٦) ومسلم في الحج (١٢٦٦) كلاهما من طريق
حماد بن زيد، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: فذكره.
وقوله: ﴿مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ﴾.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1460 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أمر النبي أصحابه أن يرملوا ثلاثة أشواط ليرى المشركون جلدهم.

  • 📜 حديث: أمر النبي أصحابه أن يرملوا ثلاثة أشواط ليرى المشركون جلدهم.

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أمر النبي أصحابه أن يرملوا ثلاثة أشواط ليرى المشركون جلدهم.

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أمر النبي أصحابه أن يرملوا ثلاثة أشواط ليرى المشركون جلدهم.

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أمر النبي أصحابه أن يرملوا ثلاثة أشواط ليرى المشركون جلدهم.

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب