ما أحب أن أحدا لي ذهبا يأتي عليه ليلة أو ثلاث

حديث: ما أحب أن أحدا لي ذهبا يأتي عليه ليلة أو ثلاث

عن أبي ذر قال: كنت أمشي مع النبي ﷺ في حرة المدينة عشاء، استقبلنا أحد، فقال: «يا أبا ذر، ما أحب أن أحدا لي ذهبا، يأتي علي ليلة أو ثلاث، عندي منه دينار إلا أرصده لدين، إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا» وأرانا بيده، ثم قال: «يا أبا ذر» قلت: لبيك وسعديك يا رسول الله! قال: «الأكثرون هم الأقلون ...» الحديث.

متفق عليه: رواه البخاري في الاستئذان (٦٢٦٨)، ومسلم في الزكاة (٩٤: ٣٢) عقب الحديث (٩٩١) كلاهما من طريق الأعمش، عن زيد بن وهب، عن أبي ذر فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في الزهد في الدنيا والتقلل منها، وبيان خطر الاغترار بكثرة المال. وإليك الشرح الوافي له على النحو المطلوب:

1. شرح المفردات:

● حرة المدينة: أرض ذات حجارة سوداء كانت حول المدينة المنورة.
● عشاء: وقت المساء بعد غروب الشمس.
● أحد: جبل معروف في المدينة المنورة.
● دينار: عملة ذهبية كانت متداولة.
● أرصده لدين: أجعله عنده واحتفظ به لوفاء دين عليه.
● هكذا وهكذا وهكذا: إشارة إلى التصدق والإنفاق في سبيل الله في وجوه الخير المختلفة.
● الأكثرون هم الأقلون: أي أكثر الناس مالاً هم أقلهم أجراً وثواباً عند الله يوم القيامة.

2. شرح الحديث:

يحدث الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري رضي الله عنه أنه كان يمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة من ليالي المدينة، وفي طريقهم استقبلوا جبل أحد.
فبدأ النبي صلى الله عليه وسلم الموعظة بقوله: (يا أبا ذر، ما أحب أن أحدا لي ذهبا، يأتي علي ليلة أو ثلاث، عندي منه دينار إلا أرصده لدين، إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا).
● المعنى: يقول النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يحب أن يملك كنزاً من الذهب (ثروة طائلة) ويمضي عليه ثلاث ليال وبقي عنده منها دينار واحد (أي لم ينفقه كله) إلا إذا كان قد خصصه لوفاء دين عليه، وإلا فإنه سينفقه في وجوه الخير والبر المختلفة (هكذا وهكذا وهكذا)، وهي إشارة بيده الكريمة إلى اتجاهات متعددة للإنفاق في سبيل الله.
ثم أكد عليه الصلاة والسلام على هذه الوصية بقوله: (يا أبا ذر)، فأجابه أبو ذر قائلاً: (لبيك وسعديك يا رسول الله!) أي: أنا مقبل على طاعتك ومستعد لما تأمرني.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (الأكثرون هم الأقلون).
● المعنى: أن أكثر الناس مالاً ومتاعاً في الدنيا، هم أقل الناس أجراً وثواباً وحظاً في الآخرة، إلا من أنفق ماله في طاعة الله ووجوه البر.

3. الدروس المستفادة منه:

1- الزهد في الدنيا وعدم التكاثر بها: يحث النبي صلى الله عليه وسلم على عدم الاغترار بجمع المال والاكتفاء بما يكفي للحاجة الأساسية ووفاء الديون.
2- فضل الإنفاق في سبيل الله: أن خير ما يُصرف فيه المال هو وجوه الخير والبر، كالصدقة على الفقراء، والإنفاق في الجهاد، وبناء المساجد، وغير ذلك من الطاعات.
3- خطر كنز المال: إلا إذا كان للضرورة كوفاء دين أو حاجة أساسية، فإن الاحتفاظ بالمال دون إنفاقه في الخير مذموم.
4- الحكمة من قلة المال: أن قلة المال قد تكون سبباً في زيادة الأجر والثواب، إذا صبر الإنسان ورضي بما قسم الله له.
5- التحذير من التكاثر الدنيوي: فالكثرة في الدنيا لا تعني الكثرة في الآخرة، بل قد تكون سبباً للتقصير في الطاعة والانشغال عن الآخرة.

4. معلومات إضافية مفيدة:

● الحديث رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهو من الأحاديث الصحيحة المتعلقة بفضيلة الزهد.
● مناسبة الحديث: كان النبي صلى الله عليه وسلم يربي أصحابه على الزهد والتقليل من الدنيا، خاصة وأن أبو ذر رضي الله عنه كان معروفاً بالزهد والورع.
● هذا الحديث جزء من حديث أطول، ورد فيه أيضاً: (إلا من قال بالمال هكذا وهكذا وهكذا من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله)، مما يدل على شمولية الإنفاق في جميع وجوه الخير.
● يستفاد منه أيضاً: أن وفاء الدين من الأولويات الشرعية، فلا ينبغي للإنسان أن يتصدق وهو مدين إلا بعد وفاء دينه.
نسأل الله أن يرزقنا القناعة والزهد في الدنيا، والإنفاق في سبيله، وأن يجعلنا من الأكثرين أجراً يوم القيامة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الاستئذان (٦٢٦٨)، ومسلم في الزكاة (٩٤: ٣٢) عقب الحديث (٩٩١) كلاهما من طريق الأعمش، عن زيد بن وهب، عن أبي ذر فذكره.
واللفظ للبخاري وهو مذكور بطوله في الصدقات.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 714 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما أحب أن أحدا لي ذهبا يأتي عليه ليلة أو ثلاث

📜 حديث: ما أحب أن أحدا لي ذهبا يأتي عليه ليلة أو ثلاث

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ما أحب أن أحدا لي ذهبا يأتي عليه ليلة أو ثلاث

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ما أحب أن أحدا لي ذهبا يأتي عليه ليلة أو ثلاث

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ما أحب أن أحدا لي ذهبا يأتي عليه ليلة أو ثلاث

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية